إعلام إسباني: التطبيع العربي مع إسرائيل ليس نجاحا عظيما لترامب 

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفتان إسبانيتان عن محاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تقديم اتفاقات التطبيع العربية الأخيرة مع إسرائيل على أنها "نجاحات عظيمة في السياسة الدولية" قبل حلول الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني.

وقالت صحيفة "أ بي ثي" الإسبانية: إن ترامب الذي أشرف على احتفال رسمي أقامت بموجبه الإمارات العربية المتحدة والبحرين علاقات مع إسرائيل؛ لا يعدو كونه "اتفاقا دبلوماسيا".

وقبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية، التي يشارك فيها ترامب رغم سوء إدارته لأزمة فيروس كورونا الصحية والاحتجاجات بعد وفاة الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد؛ يكافح الرئيس الحالي لنيل ميدالية نجاحه في الشرق الأوسط.

ومنذ بداية ولايته، احترمت سياسة ترامب في المنطقة القواعد الرئيسية التي بالكاد تغيرت: أولا، عزز الرئيس الأميركي علاقته مع دول الخليج وزاد من تعقيد علاقته مع إيران من خلال الانسحاب من الاتفاق النووي.

كما أبدى ترامب عداء حازما تجاه إيران، خاصة عندما أمر بالقضاء على قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في محيط مطار بغداد.  

اتفاقات التطبيع

وأضافت الصحيفة أنه داخل الكتل المتعارضة في منطقة الشرق الأوسط، هناك دول تتبنى أدوارا ذات فوارق دقيقة. وفي هذا السياق، تبرز قطر، المقربة من إيران وبطلة العلاقات المتوترة مع السعودية، أو عُمان، التي عملت كوسيط في المنطقة. 

وتجدر الإشارة إلى أن السلطان العماني، قابوس بن سعيد آل سعيد، الذي وافته المنية قبل بضعة أشهر، كان له لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في عام 2018، مما يدل على أن مسقط مستعدة لفتح علاقات مع إسرائيل دون إخفاء الكثير وذلك عندما يكون الوقت مناسبا. 

في هذا الصدد، ليس من المستغرب أن يشير العديد من المحللين إلى هذا الاتجاه عند الحديث عن دولة ثالثة تتبع المسار الذي فتحته الإمارات والبحرين.

ونوهت الصحيفة بأن سياسة ترامب في الشرق الأوسط تهدف في نهاية المطاف إلى دعم وتحقيق النفع لصالح إسرائيل وشركائها في منطقة الخليج، كإطار ضروري لموقف القوة الذي يحاول الرئيس الأميركي بناءه ضد إيران. 

وأضافت أنه مع النجاح الدبلوماسي الذي حققه ترامب، والذي يعتبره الأول من قائمة أطول يأمل أن تنضم إليها المملكة العربية السعودية، تمكن الرئيس الأميركي من مساعدة الدولة اليهودية على التوصل إلى اتفاق مع دولتين مسلمتين أخريين، بعد الاتفاقات التاريخية مع مصر (1978) والأردن (1994).

وفي الوقت الحالي، بينما رحب الدبلوماسيون في واشنطن بالاتفاق عبر التوقيعات والمصافحات، كانت هناك بعض الاحتجاجات المعارضة في غزة والضفة الغربية. 

في نفس السياق، أشارت صحيفة "إلموندو" الإسبانية إلى أن إلحاح ترامب على تحقيق نجاحات على مستوى سياسته الخارجية قبل الانتخابات، والمصالح الثنائية، والجبهة المشتركة ضد إيران؛ دفعت إسرائيل والدول العربية إلى إخراج علاقاتهم إلى النور بعد أن كانت في الظل. 

وفي هذا السياق، نجح مستشار ترامب، جاريد كوشنر، في تحويل الفشل المحتمل لخطة السلام الأميركية المزعومة المقدمة في الشتاء إلى إنجاز كبير في الصيف.

وأوضحت الصحيفة أن تعليق الضم الإسرائيلي الأحادي الجانب لحوالي 30 ٪ من الضفة الغربية المدرجة في خطة ترامب كان بمثابة الطعم الذي كان ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، ينتظره لاتخاذ خطوة تساعده على أن يصبح لاعبا إقليميا مهما.

وأراد ابن زايد من ذلك، الحصول على الإشارة الخضراء من الولايات المتحدة لشراء مقاتلات الشبح أف 35، التي عارضها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بنشاط في السابق. 

من جهته، يعتبر النظام الملكي البحريني إسرائيل حليفا إستراتيجيا حيويا في مواجهة إيران.

حقبة جديدة

ونقلت صحيفة إلموندو عن الرئيس السابق لجهاز الموساد المسؤول عن التعاون مع أجهزة المخابرات الأخرى، حاييم تومر، قوله: "نحن أمام حقبة جديدة في المنطقة".

وتابع: "من جهة، نشهد توافق مصالح بين دول الخليج وإسرائيل، ومن ناحية أخرى، تعتبر عدة دول عربية أن التهديدات الرئيسية التي تواجهها تتلخص في إيران وخطتها النووية، وفي الإسلام المتطرف". 

لهذا السبب، وبسبب الرفض الفلسطيني لقبول أي اتفاق في عامي 2000 و2008، لم تعد القضية الفلسطينية ذات أهمية كبيرة على جدول الأعمال العربي، يقول تومر. 

ونظرا لأن إحدى المهام الرئيسية للموساد هي إجراء اتصالات مع الدول التي ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فقد زار تومر الخليج العربي خلال مناسبات عديدة.

وفي اتصاله عبر الهاتف مع صحيفة إلموندو، أوضح تومر قائلا: "أستطيع أن أقول لكم على سبيل المثال إن البحرين لديها الكثير من الحماس والاهتمام بالتكنولوجيا الإسرائيلية". 

وأضافت الصحيفة أن العلاقات بين الإمارات وإسرائيل ستكون أكثر دفئا بكثير من تلك التي يحتفظ بها الإسرائيليون والمصريون، والتي تظل بالأساس اتفاقية أمنية وليس بين الشعوب، منذ عام 1979.

يبرهن على ذلك ردود فعل سكان الإمارات الذين ملؤوا حساباتهم على الشبكات الاجتماعية، منذ إعلان 13 أغسطس/ آب، بالتهاني بالعبرية ورسائل مثل "يمكننا أخيرا أن نكون أصدقاء مع الإسرائيليين دون طلب إذن من الفلسطينيين".

وبينت الصحيفة أن العلاقة ستكون أيضا أكثر مرونة لأن الإماراتيين والإسرائيليين لا يحملون إرثا مليئا بالمواجهات أو يحافظون على نزاعات إقليمية. وأكدت وسائل إعلام إماراتية أن "الاتفاق" سيعزز التعاون في قضايا مثل التكنولوجيا والسياحة. 

ويتنافى هذا الموقف تماما مع ما حدث في مصر في السابق، حيث اغتيل الرئيس أنور السادات عام 1981 بعد توقيع اتفاق سلام مع العدو. وفي البحرين، التي يعد غالبية سكانها من الشيعة، فإن معارضة الصفقة مع إسرائيل أكبر بكثير مما هي عليه في الإمارات.

وحول المرشح الموالي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، أوردت إلموندو أن هناك عدة مرشحين. لكن المرشح القادم قد يكون عمان التي زارها نتنياهو قبل عامين أو السودان.

وبعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير، تدرك هذه الدولة الإفريقية (السودان) أنها إذا توصلت إلى اتفاق مع إسرائيل، فسيكون لديها العديد من الخيارات أمام الولايات المتحدة لإزالتها من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب.

وأضافت الصحيفة أن الإمارات، وبالطبع البحرين، لم تتخذا هذه الخطوة الدراماتيكية دون إذن مباشر أو صامت من الرياض.

مع ذلك، فإن المملكة السنية الثرية لا تخطط لتطبيع علاقاتها مع الدولة اليهودية في الأسابيع المقبلة. لكن هذا لا يمنعها من اتخاذ قرار بفتح مجالها الجوي أمام الرحلات الجوية القادمة من إسرائيل.