الاهتمام الإيطالي بالجزائر.. تخوفات أمنية أم تطلع للشراكة؟

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع ''إنسايد أوفر'' تقريرا سلط من خلاله الضوء على الزيارة المفاجئة لوزيرة الداخلية الإيطالية ''لوتشانا لامورجيزي'' إلى الجزائر، لبحث تعزيز الشراكة بين البلدين خاصة في مجال الأمن والمبادلات التجارية. 

قال الموقع الإيطالي: إن وزارة الداخلية في تأكيدها لخبر الزيارة التي جرت يوم 15 سبتمبر/أيلول، تحدثت عن "مقترح لإعادة تفعيل الشراكة في الشؤون الداخلية والأمن والتي تشمل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر وكذلك المزيد من التعاون المكثف بين قوات الشرطة ورجال الإطفاء في البلدين".

كما تطرقت إلى "الحاجة لإقامة حوار، على أسس إستراتيجية متجددة، مع الجزائر أيضا حول تدفقات الهجرة غير النظامية التي تؤثر بشكل خاص على إقليم سردينيا". 

وأورد الموقع أنه وفقا لبيانات وزارة الداخلية الإيطالية، دخل ما لا يقل عن 887 جزائريا بشكل غير قانوني إلى إيطاليا عن طريق البحر منذ بداية 2020 حتى صباح يوم 14 سبتمبر/أيلول، أي ما يعادل 4 ٪ من إجمالي الوافدين. 

ويبدو أن الرقم الجديد غير بعيد عن الأعداد المسجلة في عام 2019 (1009)، وفي عام 2018 (1213)، لكن هناك قلق كبير هذا العام  بسبب تفشي جائحة كورونا.

ظاهرة "الحراقة"

ذكر الموقع أن معدل الهجرة غير الشرعية من الجزائر انخفض في عام 2019، خاصة بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضد نظام عبد العزيز بوتفليقة.

 لكن تفشي وباء كوفيد 19 والإغلاق الشامل الذي استمر لأكثر من ثلاثة أشهر، زاد من تعقيد الأمور في الجزائر، أكبر دولة في القارة الإفريقية من حيث المساحة والتي يبلغ فيها متوسط ​​العمر 28 عاما. 

وبسبب تداعيات الجائحة، بات من الصعب كسب لقمة العيش في الجزائر، رغم أنها دولة مُصدرة للنفط والغاز. 

ويفرض القانون الجزائري عقوبة السجن ستة أشهر لمن يحاول الهجرة بشكل غير قانوني وخمس سنوات سجنا للمتاجرين بالبشر، ولكن ذلك لا يكفي للقضاء على ظاهرة الحراقة (المهاجرين غير الشرعيين) بين الشباب، وفق الموقع الإيطالي. 

وأشار إلى أن مراكب الهجرة تغادر من مدن شرق البلاد مثل عنابة وقسنطينة وسكيكدة والطارف وجيجل. ولا ينوي من يصل عبر السواحل الإيطالية البقاء في إيطاليا، لأن الهدف هو الوصول إلى فرنسا، حيث توجد أكبر جالية جزائرية في أوروبا (بما في ذلك العديد من البربر من منطقة القبائل).

 لكن الانتقال أصبح الآن أكثر صعوبة بسبب فحوصات فيروس كورونا، لذلك لا يزال الكثيرون عالقين في إيطاليا. 

ولفت الموقع إلى أن جزءا لا يستهان به من الرحلات البحرية غير النظامية الوافدة إلى إيطاليا لا يتم تسجيله. وتحمل تلك الرحلات على متنها "أشباحا حقيقية" لا تطلب اللجوء السياسي ولا تريد الكشف عن هويتها، تتراوح أعدادهم من بضع مئات إلى ما يزيد قليلا عن ألف كل عام. 

ومن المرجح، بحسب تعبير الموقع، أن  يكونوا أكثر المتسببين في المشاكل الأمنية المرتبطة بخطر "الإرهاب" وجائحة كورونا.

هل الجزائر متعاونة؟

أكد الموقع أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي وصل إلى السلطة في يناير/كانون الثاني 2020 بعد نهاية عهد بوتفليقة وفترة انتقالية قصيرة، على علاقة ممتازة مع إيطاليا. 

وفي حديث للصحافة في بداية السنة الحالية، وفقا لما أوردته وكالة نوفا الإيطالية للأنباء، أكد أن الجزائر مستعدة للتعاون مع السلطات في روما "لإعادة الجزائريين غير النظاميين إلى الوطن"، لكنه طلب في المقابل من "سلطات البلدان التي يوجدون فيها باحترام حقوقهم". 

وقال تبون: "لقد تحدثت شخصيا مع رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، وطلبت منه تطبيق قوانين بلاده دون إذلال أو انتهاك لحقوق مواطنينا (...) لا أفقد الأمل، أريد أن أبني جزائر يرغب المواطنون فيها بالعيش بسلام". 

وكما هو الحال في تونس، يمكن لإيطاليا إبرام اتفاق مع الجزائر لترحيل عدد محدد من المهاجرين غير الشرعيين كل أسبوع. 

وبما أن هذا الأمر محل تفاوض بين الطرفين، تساءل الموقع الإيطالي عما تريده الجزائر في المقابل، مرجحا أن يكون الجواب الأموال وتدريب قوات الأمن وتزويدها بالمعدات.

لكن المسألة أكثر تعقيدا بحسب الموقع، في إشارة إلى تجديد إيطاليا والجزائر عقود توريد الغاز في 2019، حتى عام 2027. وتستورد روما حاليا حوالي مليار متر مكعب سنويا من الجزائر، ورغم أنها تمثل نصف العقود السابقة التي تم التفاوض عليها في عام 2008، إلا أنها لا تزال  تشكل حصة كبيرة.

بالإضافة إلى ذلك، تنقب شركتا "إيني" و"توتال" عن المواد الهيدروكربونية في مياه الجزائر مع شركة "سوناطراك" الجزائرية. لذلك عندما يتشابك ملف المهاجرين مع قضية الطاقة، يصبح من الصعب حل هذه المعضلة، يشرح الموقع.

شمال إفريقيا

أشار الموقع إلى أن زيارة وزيرة الداخلية الإيطالية إلى الجزائر هي  الرابعة التي تجريها إلى شمال إفريقيا في غضون شهرين. 

ففي 16 يوليو/تموز، ذهبت وزيرة الداخلية في مهمة إلى طرابلس بليبيا برفقة مدير المخابرات ''جياني كارافيلي''. وفي 27 من نفس الشهر، توجهت ''لامورجيزي'' إلى تونس العاصمة للتعبير عن "قلق إيطاليا" من الارتفاع الكبير في أعداد المهاجرين غير الشرعيين الوافدين إليها.  

وفي 16 أغسطس/آب، عادت "لامورجيزي" إلى تونس برفقة زميلها وزير الخارجية "لويجي دي مايو'' والمفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية ''إيلفا يوهانسون'' والمفوض المكلف بسياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسع "أوليفر فاريلي"، من أجل التأكيد على أن تدفقات الهجرة غير النظامية لا تتعلق بإيطاليا فقط وإنما بكامل أوروبا. 

وفي الختام، أكد الموقع أن هذا الضغط الأوروبي من المُعقد استخدامه في الجزائر لاسيما وأن الأخيرة تنوي مغادرة المفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة مع المجموعة الأوروبية، والتي تعتبرها غير متوازنة. 

وستعرض هذه المسألة للنقاش في مجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر والمتوقع عقده في أكتوبر/تشرين الأول 2020. 

إلى ذلك الحين، يمكن لإيطاليا أن تعرض مساعيها الحميدة لإقناع الزملاء الأوروبيين بالالتزام أكثر بجوانب الاتفاقية التي تتجاوز التجارة، مثل تشجيع الاستثمارات، وفي الأثناء، تُجرى المفاوضات لكن النتيجة غير مؤكدة، يقول الموقع.