صحيفة إسبانية تكشف أوضاعا مأساوية لآلاف اللاجئين في اليونان

12

طباعة

مشاركة

بدأ العديد من اللاجئين في اليونان بالفرار نحو جبال "ليسبوس" لتجنب الاحتجاز في المخيم الجديد الذي بنته السلطات اليونانية، والذي يستضيف بالفعل مئات اللاجئين الآخرين.

وقالت صحيفة "إلموندو" الإسبانية في تقرير لها: إن "الشاب مرتضى والامي تابع سير العمل في معسكر الاستقبال الجديد في ليسبوس من تلة كانت في السابق موقعا عسكريا".

فذلك الموقع كان مليئا بالخنادق وبه مخبأ ومأوى، ووفقا للصحيفة، "توجّه دبابة في الموقع مدفعها نحو صفوف الخيام البيضاء، التي تصطف على طول ساحل ليسبوس، على بعد بضعة كيلو مترات من الأراضي التركية".

موقع عسكري

وأشارت إلى أنه في هذا الموقع العسكري السابق، كتب أحد المجهولين عبارة "لا للحدود" على أحد الجدران؛ وكتبت رسمة غرافيتي ثانية "لا يوجد إنسان غير قانوني".

وأوضحت الصحيفة أنه رغم لغته الإنجليزية غير المفهومة بالكامل، عبّر الشاب الأفغاني البالغ من العمر 16 عاما عن رأيه قائلا: "إن هذا المخيم مشكلة كبيرة. لقد جاءت الشرطة اليوم وأعلمتنا بضرورة الالتحاق بالمخيم الجديد وأكدت أنه لا يمكننا الخروج. لكن، هذا ليس مخيم لجوء، إنه سجن، وأنا أريد الحرية".

كان والامي وستة أفراد آخرين من عائلته يسيرون في اتجاه الجبال المحيطة بكارا تيبي، فارين من الازدحام والمعاناة التي واجهها ما يقرب من 12 ألف لاجئ من الذين اضطروا إلى مغادرة موريا بعد الحريق الذي دمرها.

الصحيفة الإسبانية أكدت أن الرحلة إلى الجبال القريبة من منطقة كارا تيبي، حيث تبني أثينا مخيم استقبال جديد؛ كانت الطريقة الأكثر وضوحا لعدد غير معروف من طالبي اللجوء للتعبير عن معارضتهم الكاملة للاعتقال مرة أخرى لفترة غير محددة من الزمن. وتجدر الإشارة إلى أن احتجاز اللاجئين في موريا قد يستغرق سنوات، وراء سياج محاط بأسوار وأسلاك شائكة.

وأضافت "إلموندو" الإسبانية أن لاجئين آخرين مثل، زكريا جافيت، ورفاقه لم يتمكنوا من فعل شيء، سوى البكاء بجوار الحاجز المعدني الذي يميز الحدود، حيث سيضطرون إلى الدخول إليها خلال الأيام القليلة المقبلة.

ونقلت الصحيفة أن "ممثلي الحكومة بقيادة رئيس الوزراء، كيرياكوس ميتسوتاكيس، أوضحوا أن عدة مئات من الأشخاص قد دخلوا بالفعل إلى المخيم الجديد الذي تفوق سعته ثلاثة آلاف شخص. وتم تثبيت هذا المخيم على الساحل، في ميدان رماية سابق للجيش، على بعد مسافة قليلة من مخيم صغير آخر يقع في كارا تيبي".

فقدان الأمل

وفي إحدى خطاباته، رفض ميتسوتاكيس معارضة المهاجرين وأهالي ليسبوس أنفسهم لقرار أثينا المصر على استبدال موريا بهذا المخيم الجديد. من ناحية أخرى، كرر وزير الهجرة، نوتيس ميتاراتشي، هذا الشعار أمام الصحفيين خلال زيارته للجزيرة في 13 سبتمبر/ أيلول 2020: "في غضون خمسة أيام سيكون الجميع في المخيم الجديد. وبالنسبة لمن يحلم بمغادرة الجزيرة، من الأفضل أن ينسى هذه الآمال".

ونوهت الصحيفة إلى أنه في مواجهة الخطاب السياسي لشخصيات مثل ميتاراشي، بذل زكريا جافيت جهدا لشرح شيء مهم للعالم الخارجي. وأكد أن "عددا قليلا للغاية فقط ممن يغادرون بلادهم من أجل المتعة. وبالنسبة له، فقد أقدم على هذه الخطوة بسبب الحرب التي اندلعت في أفغانستان منذ عقود، ثم اضطر إلى الفرار من المكان الذي استقر فيه، إيران، عندما حاولت السلطات في طهران إرساله للقتال في سوريا كعضو في ميليشيا".

وقال "الخياط الأفغاني" البالغ من العمر (33 عاما) في حديثه للصحيفة: إن إيران "طلبت منه الانضمام إلى إحدى المليشيات، لأنه شيعي". واستدرك قائلا: "لا نريد طعاما أو خيمة أخرى، نريد الحرية".

وأضافت الصحيفة أن عشرات النساء تظاهرن في كارا تيبي أمام قوات الشرطة التي تحيط بالتكتل البشري، وحملن لافتات مثل تلك التي كتب عليها: "أخرجونا من هنا" أو "لا نريد مخيما جديدا".
يأس مطلق

ونقلت الصحيفة عن جيزيلا تاتو، وهي كونغولية تبلغ من العمر 19 عاما، أن "اللاجئين لا يريدون الذهاب إلى سجن آخر". وأضافت بمرارة: "ألم نعاني بما فيه الكفاية في موريا؟ هل نحن خنازير أم خيول بالنسبة لهم؟ هل يجب وضعنا في قفص؟ لقد اعتقدت دائما أن أوروبا كانت أرض حقوق إنسان".

"إلموندو" أضافت، أنه من داخل المخيم الجديد، لخصت ياسيرا المهاجرة غير الشرعية من جمهورية الدومينيكان في حديث للصحيفة، حالة إقامتها الجديدة، بالقول: "ليس هناك الكثير. لقد صنعوا العديد من المنازل الصغيرة (الخيام) ولكن لا توجد أسرة أو بطانيات أو أي شيء. نتيجة لذلك ينام المهاجرون على الأرض. كما أقيم رفقة تسع نساء في خيمتي".

وبينت الصحيفة أن الأزمة الحالية تهدد بتفاقم الوضع الذي تندد به المنظمات غير الحكومية منذ شهور. كما يؤكد الإسباني ماريو لوبيز، وهو أخصائي علم النفس في منظمة أطباء بلا حدود في ليسبوس أن "الحريق دمر موريا وزاد من معاناة العائلات أيضا. كما توجد حالة يأس مطلقة".

في الأثناء، تمكنت المنظمة غير الحكومية من إعادة فتح العيادة التي كانت أمام مخيم موريا- والتي تجنبت أن تدمرها النيران - ومركز صحي آخر وسط الفوضى البشرية التي نشأت حول كارا تيبي.

خطورة الوضع

وبالقرب من هذه المرافق الطبية، ودليل على أن غريزة البقاء في بعض الأحيان أقوى من سوء الحظ، بدأ النازحون في إنشاء الأمور اللوجستية الخاصة بهم؛ والتي كانت في شكل مطابخ مصنوعة من الحجارة والعصي. في الأثناء، استغل آخرون الخراطيم التي تروي الحقول المحيطة بهمة للحصول على بعض الماء.

ونقلت الصحيفة عن لوبيز أنه "خلال الأيام الأولى التي تلت الحريق، كان لدى الناس بعض الأمل، اعتقدوا أن نهاية موريا ستمهد إلى وضع أفضل. لكن، عندما اكتشفوا أنه يتعين عليهم الذهاب إلى مخيم آخر، خيم على نفوسهم القلق، وهو ما يمكن أن يزيد الوضع سوءا ويحث على العنف".

وبينت "إلموندو" أن زيادة تعقيد هذا الوضع، أمر خطير للغاية. يتذكر لوبيز أنه بسبب الحجر الصحي الذي فرض على اللاجئين في مخيم موريا منذ شهر آذار/ مارس 2020، ارتفعت حالات إيذاء النفس ومحاولات الانتحار بشكل كبير.

وزاد، قائلا: "لقد انتقلنا من تسجيل حالتين طارئتين في الأسبوع والتدخل من أجل إنقاذ اللاجئين، إلى التدخل بمعدل مرتين في اليوم".

وبينت الصحيفة أن المجموعات الإنسانية والناشطين العاملين في موريا يحاولون جمع المعلومات حول مكان وجود مرضاهم، حيث انتشر معظمهم حول كارا تيبي وفي الجبال المجاورة.

وفي السياق ذاته، يقول أنطونيو، وهو طبيب إسباني لا يرغب في الكشف عن اسمه الأخير: "هناك أشخاص مرضى للغاية فقدنا أثرهم. هناك مرضى انفصام الشخصية يتجولون هناك".

وأكد أنطونيو أن مجتمع المتطوعين الأجانب الموجودين على الجزيرة اليونانية التقوا مؤخرا بممثلين عن حكومة البلاد وكانت الرسالة التي تلقوها متوافقة مع الرسالة التي يرسلها ميتسوتاكيس.

وأشار إلى أنهم أكدوا أن هذه الجهات الحكومية قد "قالوا لهم بالحرف: أوروبا لا تبتز. كما سينال المهاجرون الفارون من موريا عقابهم". وأضافوا: أنهم "لا يتركونهم هكذا لأيام بسبب عدم القدرة على إعانتهم، بل إنه عقاب جماعي ضدهم لأنهم يتهمونهم بحرق موريا".