الصراع التركي الفرنسي.. الملامح والجبهات المفتوحة

12

طباعة

مشاركة

المحتويات

مقدمة

المحور الأول: تطور المواجهة في شرق المتوسط

المحور الثاني: المواجهة في لبنان

المحور الثالث: المواجهة في العراق

المحور الرابع: التطورات في ليبيا

المحور الخامس: المواجهة في سوريا

المحور السادس: الإستراتيجية التركية في إفريقيا

خاتمة: أسباب مساعي فرنسا لتوسيع نطاق المواجهة


مقدمة

حالة الفراغ الجيو – إستراتيجي التي تعاني منها دول المنطقة دفعت بالعديد من القوى الإقليمية لإعادة هيكلة التوازنات الإستراتيجية في أطر تخدم طموحاتها السياسية.

لم تكن الحالتان الفرنسية والتركية بعيدتين عن تصدر مثل هذا المشهد. فالأولى قوة كبرى تاريخية، ولها امتدادات استعمارية في المنطقة، سواء في شرق المتوسط أو في غربه، وتطمح للحلول محل الولايات المتحدة التي تبدي قدرا أكبر من الرغبة في الانسحاب من الإقليم.

وهناك الحالة التركية التي تمثل قوة صاعدة كبيرة، تحتل المرتبة 19 عالميا من حيث مؤشر "إجمالي الناتج المحلي"، كما تحتل المرتبة 13 عالميا من حيث "مؤشر تعادل القوة الشرائية بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي" في 2020 [1].

كما تحل تركيا في المرتبة السادسة عشرة بين الدول الأكثر تخصيصا للنفقات في المجال العسكري، وفق دراسات معهد ستوكهولم لدراسات السلام، وبينما يبلغ متوسط الإنفاق العسكري لدول حلف شمال الأطلسي "ناتو" 2.8%، يرتفع الإنفاق العسكري التركي إلى 5.8%[2]. هذا فضلا عن ارتفاع مستوى التعليم، وارتفاع تصنيف الجامعات التركية، والتزايد السريع في قدرات قوتها الناعمة في مسارات مختلفة.

أدى التنافس بين الدولتين إلى اشتعال منطقة شرق البحر المتوسط، وشهدت الفترة الأخيرة تطورات كبيرة تهدف لاحتواء المد التركي، وبخاصة مع اتجاه فرنسا لبناء محور عسكري شرق متوسطي، هدفه الأساسي احتواء تركيا. وهذه الدراسة تحاول استكشاف وجهات تحرك هذا المحور الجديد.


المحور الأول: تطور المواجهة في شرق المتوسط

المواجهة في شرق المتوسط ليست وليدة اليوم، بل بدأت في عام 1974، ذلك العام المرتبط بتقسيم قبرص إلى شطرين، إثر محاولة انقلابية كانت تهدف إلى إلحاق قبرص باليونان، الأمر الذي دفع تركيا للتدخل العسكري. وتصاعد الخلاف في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، إثر إعلان كل من تركيا وليبيا توقيع مذكرة تفاهم بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما[3]، وهو ما أعلنت تركيا في إثره  - في 30 مايو/أيار 2020- عن شروعها في التنقيب عن النفط في شرق المتوسط[4].

اصطدم هذا المشروع بطموح إسرائيل - اليونان – قبرص، في التنقيب عن الغاز شرق المتوسط، ونقله إلى أوروبا، وهي الخطوة التي نجحت خلالها الدول الثلاث في دفع مصر للتنازل عن حصة من ثرواتها في شرق المتوسط. وأملت منه الدول الثلاث توفير موارد مالية لها، فيما أملت أوروبا إيجاد بديل للغاز والنفط الروسيين، ولو كان ذلك على حساب تطلعات تركيا في توفير أمن الطاقة لأهلها. وتصاعد الخلاف بين الجانبين، وقررت فرنسا المدفوعة بجراحها في ليبيا التدخل لصالح اليونان ومصر وقبرص.

الحلقة الأخيرة في هذا الملف تضمنت أكثر من منحى، تتعلق جميعها بإنشاء محور عسكري في شرق متوسطي بزعامة فرنسية، يقوم هذا المحور على هدف واحد هو احتواء الوجود التركي في شرق المتوسط. المحور الجديد اصطلحت وزارة الدفاع الفرنسية على تسميته بمحور "3+1"، أي محور اليونان - مصر - قبرص برعاية إستراتيجية فرنسية. وفي إطار هذا المحور دارت في شرق المتوسط عدة تفاعلات.

فمن جهة، وقعت فرنسا اتفاقيتين سريتين مع اليونان في 3 يوليو/تموز 2020، لدعم بحريتها عن طريق الانتشار المباشر عبر 3 بوارج حربية، ما يعني إرسال رسالة مفادها أن أي منحى تركي للتنقيب حول الجزر اليونانية يعد تهديدا للأمن القومي اليوناني والفرنسي معا، وهو الاتفاق الذي أعلن معه رئيس الوزراء اليوناني أن بلاده مستعدة للمواجهة مع تركيا[5].

ويشير مراقبون لوجود اتجاه لتطوير لهذا الاتفاق السري، بلغ درجة التصنيع العسكري عبر محور يتضمن ما تسميه وزارة الدفاع الفرنسي محور "3+1"، في إشارة لكل من مصر واليونان وقبرص بالتعاون مع فرنسا، لإنشاء طاقة تصنيع عسكرية بحرية مشتركة، بتقنية فرنسية وتمويل إماراتي[6].

الاتفاق الذي تم توقيعه بين مجموعة "3+1" أعلن عن نفسه في 8 يناير /كانون الثاني 2020، مع إعلان الدول الأربع بطلان الاتفاق التركي الليبي، واعتبار أي قرار بإرسال قوات إلى ليبيا انتهاكا خطيرا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2259، وغيره من قرارات "المجلس" ذات الصلة، ومن ثم اعتباره تهديدا للأمن والاستقرار الإقليميين[7]، وانضم لهم الممول الإماراتي في اجتماع 11 مايو /أيار2020، الذي نتج عنه البيان الخماسي المندد بالتحركات التركية غير القانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص ومياهها الإقليمية[8].

أدى الولع الإماراتي بلعب دور إقليمي، وتصوراتها حول نشاط التصنيع العسكري، واهتمامها بالتقنية الأوروبية[9]، إلى تحفيز تطوير محور "3+1" باتجاه تطوير مشروع تصنيع عسكري بحري مشترك بتمويل إماراتي.

غير أن المشروع يرتبط كذلك بوجود تحالف مصري فرنسي تندرج بموجبه مصر ضمن "الإستراتيجية الفرنسية للمتوسط الجديد"، وهو التحالف الذي أعلن عن نفسه بالتدريبات المشتركة التي أجراها الجانبان المصري والفرنسي في منطقة قبرص[10]، باشتراك الفرقاطتين الشبحية المصرية "تحيا مصر" والشبحية الفرنسية "أكونيت"، وهو ما يعني وجود نوايا مصرية للانضمام لأية مواجهات قد تندلع في شرق المتوسط، والثأر للهزيمة التي مني بها خطها الأحمر في ليبيا.

من جهة أخرى، أعلنت فرنسا انتواءها زيادة حضورها العسكري في شرق المتوسط، على خلفية التوتر الحاصل هناك، مع إشارة "مصادر دفاعية" إلى أن الجيش الفرنسي أجرى تدريبات مع قوات يونانية قبالة جزيرة كريت الجنوبية في 13 أغسطس /آب 2020، نشرت خلالها فرنسا طائرتين مقاتلتين من طراز "رافال"، علاوة على الفرقاطة "لافايت"[11].

من جهة ثالثة، وقعت مصر واليونان اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بينهما في 6 أغسطس /آب 2020، ويقطع الترسيم بين البلدين ذلك الترسيم الذي اتفق عليه الأتراك والليبيون في الاتفاق الموقع بينهما في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وهو ما دفع الخارجية التركية لاعتبار الاتفاق المصري اليوناني لاغيا، لأن قطاعا منه يقع في نطاق الجرف القاري التركي، كما أنه ينتهك الحقوق البحرية الليبية[12].

وتتولى مصر حماية جنوب خط ترسيم الحدود بينها وبين كل من اليونان وقبرص باستخدام طائرات مسيرة، وتراقب الوضع عن كثب، بانتظار أن تطلق تركيا الطلقة الأولى. غير أن تركيا التي كانت قد أوقفت الاستشكاف مؤقتا بناء على طلب ألمانيا، من أجل الوساطة، سارعت لمعاودة التنقيب مجددا، بل أعلنت في 17 أغسطس /آب 2020،عن توسيع عمليات الاستكشاف شرقي المتوسط[13].

ومع عودة تركيا للتنقيب، حاولت الفرقاطة اليونانية "ليمنوس" الاصطدام بالسفينة "الريس عروج"، إلا أن فرقاطتين تركيتين قامتا بمزاحمتها باتجاه عجنها، إلا أن قبطان الفرقاطة اليونانية سرعان ما انسحب مقلصا الأضرار في الفرقاطة لأدنى درجة[14].

كان لافتا في حادث الفرقاطة "ليمنوس"، أن البحرية التركية فكرت في الاصطدام بالفرقاطة اليونانية، وليس إطلاق الطوربيدات عليها، وهو ما يعني أن رفض إطلاق الطلقة الأولى منهج تتبعه كل من تركيا واليونان ومصر لرغبة اليونان في منع أي رد فعل تركي يمس سيادة اليونان على أي من الجزر التي انتزعت من تركيا في أعقاب الحرب العالمية الأولى، كما أن تركيا لا تريد أن تبدأ بإطلاق النار، تجنبا لاحتشاد الناتو إلى جانب اليونان، وهو ما قد يعني انتصار فرنسا في المواجهة شرقي المتوسط.

الحوار المشروط الذي عرضته اليونان على تركيا، إثر حادث الفرقاطة "ليمنوس" لا يمكن النظر إليه بجدية،  فمن جهة، لن يقبل أردوغان بحوار مشروط بسبب طبيعته الشخصية، كما أن الشرط الذي سيق في إطار طلب الحوار كان شرطا ترفضه المؤسسة التركية إجمالا، لأنه يعني معاودة حبس تركيا، ومنعها من تعويض نقص الطاقة لديها.

وفي إطار مزيد من الضغط على تركيا، قامت وحدات تابعة للفيلق الرابع اليوناني المتمركز في منطقة "إسكجه"، بتدريبات عسكرية في محيط قرية ومقبرة "جوكتشه بينار" بمنطقة تراقيا، في 14 أغسطس /آب 2020، وهو ما اعتبره أتراك تراقيا رسالة موجهة إلى تركيا عبر تجاهل حقوق السكان في هذه المنطقة[15]. وهي خطوة تحمل رسالة لتركيا مفادها الإيجابي هو: دعوة تركيا لعدم استخدام ورقة "أتراك تراقيا" في الضغط على اليونان، ومفادها السلبي - في توقيتها - ربما يحمل هدف الاستفزاز والجرجرة إلى مواجهة تكون فيها تركيا من تطلق الرصاصة الأولى.

ويبقى المتغير الأخطر في شرق المتوسط متمثلا في السعي الوئيد للولايات المتحدة لتحويل منطقة ألكسندروبوليس على بعد 30 كم من الحدود التركية إلى قاعدة عسكرية[16]، وهو متغير يحتاج تناولا تفصيليا.


المحور الثاني: المواجهة في لبنان

أمور عدة كانت مستغربة في إطار زيارة ماكرون للبنان إثر انفجار مرفأ بيروت، لكن أمرين اثنين منها كانت لهما دلالة خاصة، أولهما: دعوة "رمزية" من لبنانيين لعودة الانتداب الفرنسي لبلادهم عبر عريضة إلكترونية نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وقعها قرابة 50 ألف شخص[17]، وثانيهما: أن تزور وزيرة الجيوش الفرنسية "فلورانس بارلي" لبنان إثر زيارة "ماكرون"، لتعلن من هناك، في 14 أغسطس/آب 2020، أن ثمة 700 جندي فرنسي يستعدون للانتشار في لبنان[18]. "بارلي" أتت لاستقبال حاملة المروحيات الفرنسية "تونير" "Tonnerre" المكلفة - بحسب بيان صادر عن مكتب الوزيرة - "بتقديم المساعدة وإزالة الأنقاض من مرفأ بيروت لجعله قادرا على العمل مرة أخرى"[19].

برفقة الحاملة "تونير"، كان ثمة باخرة الإمداد الفرنسية "كالاو"، وكان عليها جنود فرنسيون من خلفية عسكرية أخرى، وكان وصول الباخرة غير مصحوب بضجة إعلامية، وإن صرح بوجودها قائد فوج البر في إطار عملية الصداقة الفرنسية في الجيش الفرنسي الكولونيل "أنطوان دو لا باردوني".

أعقب هذا الانتشار صدور بيان وزارة الدفاع الفرنسية الذي وصف الانتشار في لبنان بأنه انتشار غير مسبوق، من حيث العدد والتشكيل، ليذكر البيان أن التشكيل المنتشر في لبنان يتضمن "الفيلق الأجنبي الفرنسي" أو "Légion étrangère"، وهو وحدة كونها الملك لويس فيليب من الأجانب الموجودين في فرنسا، ليتخلص من أضرار شبابهم عبر إفنائهم في الحروب.

وأشارت تقارير لضلوع بعض كوادر هذه الفرقة في جرائم حرب، وكانت مشاركتهم الأخيرة في العملية "برخان" في بوركينافاسو بخصوص مكافحة الإرهاب، بمثابة فضيحة لانضباط العسكرية الفرنسية والتزامها بالقانون الدولي[20].

كما تضمن التشكيل المرسل إلى لبنان قوات الكتيبة 519 قطارات، وكتيبة قناصة صيادي الألب، والكتيبتين 21 و27 من مشاة البحرية الفرنسية، وكتيبة مشاة مساعدين لوجستيين لقوات المظلات". وتدير البحرية الفرنسية هذه العملية بأكملها بحسب بيان لها[21]. هذا بالإضافة إلى نقل فرنسا مئات الأطنان من المساعدات عبر رحلات عسكرية في إطار جسر جوي داعم للبنان، وشملت المساعدات الجوانب الغذائية والأدوية والأجهزة الطبية، علاوة على طاقم بشري مؤلف من أطباء وممرضين وفرق إنقاذ وإطفاء،  إضافة للوعود المالية، بحسب تصريحات وزيرة الدفاع الفرنسية[22].

ويرى مراقبون أن الدافع الأساسي لتحريك فرنسا قواتها مرده إلى تخوفها من أن ينتقل النشاط التجاري الواسع من مرفأ بيروت إلى ميناء طرابلس، الذي يشهد نفوذا تركيا قويا ومتناميا، ما قد يؤدي إلى خلق بؤرة جديدة للصراع الإقليمي بين فرنسا وتركيا فى لبنان[23].

وزاد من قلق الفرنسيين أن تركيا قدمت عرضا أبعد من ذلك، حيث أعلن نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي، خلال زيارته إلى لبنان، أن "تركيا مستعدة لإعادة إعمار مرفأ بيروت والمباني المجاورة له"، وأن ميناء "مرسين" التركي يمكن أن يكون في خدمة  اللبنانيين حتى ترميم مرفأ بيروت، وقال: إن تركيا مستعدة عبر ميناء "مرسين" القريب من لبنان لاستقبال الفعاليات التجارية اللبنانية الضخمة، ومن ثم نقل السلع والبضائع بواسطة بواخر صغيرة إلى الموانئ اللبنانية الأخرى[24].

البعض فسر زيارة نائب الرئيس التركي كرد على زيارة ماكرون، بعد أن شعرت أنقرة أنها مهددة من لبنان هذه المرة. ويحيل مراقبون التزاحم التركي - الفرنسي إلى المبدأ الذي أقره رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داود أوغلو "حيث يرفرف علم فرنسي ستجدون قبالته علما تركيا"[25].

غير أن حجم القوات الفرنسية يبدو متجاوزا، كون المواجهة التركية - الفرنسية في لبنان محض صراع نفوذ بين البلدين.

إن حديث ماكرون لنظيره دونالد ترامب بقوله: "يتوجب الاستثمار مجددا في لبنان لكي لا يسيطر عليه الغير"[26]، وهو ما يمكن أن يحتمل إيران وتابعها حزب الله، كما يحتمل التصدي للنفوذ المتنامي لتركيا في شمال لبنان، بالإضافة لسعي الدبلوماسية الفرنسية للحصول على تأييد إيران للحضور الفرنسي في لبنان، وحصول "ماكرون" على تعهد من "روحاني" بتذليل الصعاب أمام رحلة الرئيس الفرنسي إلى لبنان[27]، وكذا تصور فرنسا للمرحلة المقبلة من مستقبل لبنان، والتي تتصورها في إطار "حكومة يرضى عنها الجميع"[28]، يمثل فيها حزب الله، ونجاح ماكرون في إقناع "واشنطن" التي كانت تريد حكومة تكنوقراط محايدة بالقبول بتمثيل غير فج لـ"حزب الله"[29].

كل هذه الاعتبارات تؤكد أن فرنسا تخطط لما هو أكبر من المساعدة في إعادة مرفأ بيروت للحياة. مرفأ بيروت قد يتجاوز، مع كل تلك القوة العسكرية النوعية الوافدة، ليصبح ميناء مزدوج الوظيفة، جزء منه عسكري لصالح البحرية الفرنسية، والجزء الآخر تجاري.

ويكشف حجم الانتشار الفرنسي في لبنان بعد تفجير مرفأ بيروت عن كونها المستفيد الأول من التفجير، كما يكشف وجود كتيبة قناصة الألب وفيلق الأجانب عن استبعاد قادم لحزب الله من بيروت، واتجاه لتحجيم حضوره شبه العسكري في سهل البقاع، حتى وإن أقرت فرنسا له بحضور سياسي "غير فج"، ما يعني أن إسرائيل هي ثاني المستفيدين من التفجير بعد فرنسا، وهو ما يرجح فرضية تورط تل أبيب في التفجير[30]، وهو الرأي الراجح لدى مراقبين فرنسيين أيضا[31].

التحرك في لبنان بدا تعبيرا عن سياسة المحاور الإقليمية، بعد إعلان تركيا عرضها إعادة بناء مرفأ بيروت، فخلال الأيام القليلة التالية كانت مصر قد انضمت إلى الركب، حيث أعلن سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية السابق عبر "تويتر"، أن مصر ساهمت بإصلاح الكهرباء والميناء في بيروت، وأنها تقدم مساعدات أخرى لإصلاح المنازل المدمرة[32]، فضلا عن عملية جسر الأمل الإغاثية[33]. كما سربت مصادر غير رسمية عن نية "حكومة دبي" إعادة إعمار ميناء بيروت[34].

التذرع بأن التنافس الإيراني التركي والخشية من تصاعده، ومركز فرنسا في لبنان، وعلاقتها بـ"محور الإمارات مصر"، والنفوذ السعودي في لبنان، كلها عناصر لا تصب في مصلحة تركيا، ومحاولاتها لتوسيع نطاق نفوذها في لبنان يصطدم بتجدد عدة عناصر، إلا أن هذه العناصر نفسها - من جهة أخرى - قد تعين النفوذ التركي، فالغضب من "خطاب عودة الانتداب"، وتآكل شرعية الحضور الدولي السعودي - الإماراتي، وتخوفات الشارع اللبناني من الدور المصري، والاتجاه نحو تهميش الحضور الميداني لحزب الله في وسط لبنان، كل هذه الاعتبارات لا تقطع بأن صراع النفوذ في لبنان محسوم تماما لصالح فرنسا، والبقية تتوقف على نجاعة النشاط الدبلوماسي التركي.


المحور الثالث: المواجهة في العراق

الخط الجغرافي الممتد من حلب السورية وحتى الموصل العراقية، يقع ضمن اهتمام الإستراتيجية التركية، إذ تعتبر أنقرة أن تجاوز هذا الخط يمثل تهديدا لأمنها القومي. وتنظر تركيا إلى الشريط الحدودي الرابط بينها وبين إيران والعراق وسوريا، أي مناطق تمركز الأكراد وانتشارهم، باعتباره أحد أبرز مهددات الأمن القومي التركي، والتي تعاظمت مع نشأة حزب العمال الكردستاني في أواخر السبعينيات[35]، وهو ما يفسر النشاط العسكري حول هذا الخط. ترمي الإستراتيجية التركية في هذا الصدد لتحقيق 3 أهداف من المواجهة في العراق[36]:

أولها؛ القضاء على وجود عناصر الحزب الكردستاني على طول الحدود العراقية التركية، وتدمير منظومات القيادة والسيطرة التابعة للحزب في مناطق سنجار وجبال قنديل.

ثانيها؛ العمل لقطع الشريط الحدودي الذي يربط الحزب بالجماعات الكردية في سوريا.

ثالثها؛ السعي لإنشاء منطقة آمنة داخل الحدود العراقية بعمق 50 كم، بما يمكن من ربط منطقة "حفتانين" الحدودية بمعسكر "بعشيقة" في سهل "نينوى" الذي توجد فيه القوات التركية.

آخر التطورات في هذا الملف، يتمثل في اقتحام فرنسا هذا المجال الجيوبوليتيكي بصورة نوعية، فقد بدأت إرهاصاتها مع زيارة وزيري الخارجية والدفاع الفرنسيين لبغداد في أغسطس/آب 2017 [37]. فاليوم، يشير مراقبون إلى أن فرنسا قامت بتسليح قوات "حزب العمال الكردستاني" - بصورة سرية - بسلاح متقدم، وهو ما مثل تحديا في مواجهة عملية "مخلب النمر" التي انطلقت في 17 يونيو /حزيران 2020، إذ ارتفعت الكلفة البشرية التركية في المواجهات البرية من 15 مسلحا كرديا مقابل جندي تركي واحد، إلى 5 مسلحين إرهابيين[38] مقابل جنديين تركيين[39]، على نحو يحرج الرئيس التركي أمام المعارضة، برغم النجاحات التي تبديها القوات التركية في الشريط الحدودي مع العراق.

كان ماكرون قد اجتمع في باريس بقيادات "وحدات حماية الشعب" الكردية، وتعهد بتسليحها، وقام بالتدخل بوجود مباشر في سوريا لمساندتها بعد قرار الانسحاب الأميركي من شمال سوريا[40]، وتعهد لقيادات هذه الوحدات، ضمن اجتماعه بقيادات "قوات سوريا الديمقراطية"، في باريس، بالعمل لإثناء تركيا عن التقدم الميداني في شمال سوريا[41].

لم تكتف فرنسا بذلك، فمما أثار الغضب التركي أن مقاتلين فرنسيين يقاتلون في صفوف "وحدات حماية الشعب" الكردية[42]، وبرغم علم فرنسا بأن هذه القضية تمثل تهديدا للأمن القومي التركي، وبرغم إعلان منظمة "حزب العمال الكردستاني" منظمة إرهابية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا= فإن النيابة العامة الفرنسية لم تباشر أي تحقيق تجاه هؤلاء المقاتلين، أسوة بما يحدث مع المقاتلين في صفوف تنظيم "الدولة" الإرهابي، وهو ما مثل إحدى إرهاصات الخلاف العميق التركي الفرنسي الراهن.

ومن جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية العراقية إلغاء زيارة مرتقبة لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى بغداد، وذلك بعد مقتل ضابطين عراقيين في هجوم تركي بطائرة مسيرة على اجتماع لقادة تنظيم حزب العمال الكردستاني، الموصوف إرهابيا في الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا، بشمال العراق.

وفي نفس السياق، استدعت الخارجية العراقية سفير أنقرة لديها، فيما وصف بأنه المرة الثالثة خلال أقل من 3 أشهر، وتسليمه مذكرة احتجاج "شديدة اللهجة"، هذا بالإضافة لإصدار رئاسة الجمهورية العراقية بيانا أدانت فيه "الاعتداء السافر"[43].

تصاعد حدة ردود الأفعال دفعت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق "يونامي" بالتصريح بأن "التصعيد على الحدود العراقية - التركية في الشمال، واستمرار الخسائر في الأرواح يعد مبعث قلق بالغ"[44]. وفي هذا الإطار، حرصت فرنسا على التدخل في هذا المشهد، حيث ندد وزير الخارجية الفرنسي بهذا التطور، الذي اعتبره "خطيرا"، وقال: إنه يجب توضيحه بشكل كامل[45].

الرد الفرنسي أتى بعد اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مع نظيريه الفرنسي والألماني، بالإضافة لوزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في بريطانيا جيمس كليفرلي، الذي دعا - في تطور نوعي مفسر بالضغوط الفرنسية الخليجية الإيرانية - إلى أن تضطلع الحكومات الثلاث بدور فاعل لإيقاف الاعتداءات المتكررة من الجانب التركي[46].

وبصرف النظر عن قصف الضابطين، والخلاف بين المراقبين كونه مقصودا أو غير مقصود، فإن فرنسا التي تقصر غاراتها الجوية على تنظيم "الدولة" من دون أن تمده إلى سائر المنظمات الإرهابية في شمال العراق، قلقة من الهيمنة الجوية التركية على سماء شمال العراق، كون هذه الهيمنة تعيق مخططاتها بتكثيف انشغال تركيا بمحيطها المباشر، العراق وسوريا[47].

ومما يقلق تركيا - في هذا الصدد - ألا تكتفي فرنسا بوجودها الجوي في شمال العراق عبر قواتها المنطلقة من قاعدتي "العديد" القطرية، و"ميناء زايد" الإماراتية، وتقدم على الوجود البري أيضا، ما يمثل قيدا على مستقبل خطتها "مخلب النمر"، كما مثل قيدا على بعض خططها في مواجهة "وحدات حماية الشعب" بالشمال السوري.


المحور الرابع: التطورات في ليبيا

تطور الموقف في ليبيا من إعلان تركيا أن تسليم سرت والجفرة شرط لوقف إطلاق النار[48]، إلى وجود عرض دولي، ترعاه الولايات المتحدة، للوصول لحل منزوع السلاح في سرت والجفرة، وتحقيق انسحاب كامل ومتبادل للقوات الأجنبية والمرتزقة، وتسليم سرت والجفرة لحكومة الوفاق[49]، وانتهاء باتفاق جمع رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج في طرابلس (غربا) ورئيس برلمان طبرق (شرقا) عقيلة صالح، وهو الاتفاق الذي نص على الوقف الشامل لإطلاق النار، ونزع سلاح مدينة سرت ومنطقة الجفرة وسط ليبيا، وتعهد الجانبان - في إطاره - بالتوصل إلى اتفاق سياسي يفضي إلى تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية[50]، واستئناف إنتاج النفط مع إيداع الإيرادات في حساب خاص لدى المصرف الليبي الخارجي (تابع للبنك المركزي الليبي)، ولا يجري التصرف فيها إلا بعد التوصل إلى تسوية سياسية[51]. لتثور قضايا خلافية عدة قيد التسوية، قبل انخراط فرقاء ليبيا في مفاوضات الحل السياسي، وسط حالة اختناق في شرق ليبيا وجنوبها، بسبب انقطاع الكهرباء وحالة الفساد المالي والإداري[52].

أما عن فرنسا، فإنها وبعد تهميشها غير اللائق بمكانتها في الساحة الليبية، تعمل في اتجاهين:

الأول: تتبنى فرنسا نهج محور الثورة المضادة في ليبيا، حيث تتجه نحو خلق حالة من عدم الاستقرار في ليبيا، وذلك من خلال استغلال مسرح "تشاد" لترتيب حالة من عدم الاستقرار داخل ليبيا.

ففي مطلع شهر يوليو/تموز 2020، استبدلت فرنسا قياداتها العسكرية في تشاد، لتستقدم، ليس فقط الجنرال دومينيك تارديف في سلاح الجو الفرنسي، بل أيضا الكولونيل "أنيس" قائد "المجموعات التكتيكية لمعارك الصحراء"[53]، والتي طورت تكتيكاتها عبر تدريباتها المتوالية مع السعودية منذ عام 2014 [54]، وطورت خبراتها العملية في إطار عملية "برخان" بغرب إفريقيا، وهو ما يعني إمكانية فتح الباب أمام حرب برية واسعة في جنوب ليبيا عبر البوابة التشادية بغطاء جوي.

وكانت القوات الجوية الفرنسية في تشاد قد سببت إزعاجا لغرب ليبيا بعد التعيينات الجديدة عبر عدة عمليات[55]، ومن ضمنها عملية قصف قاعدة الوطية الجوية في 6 يوليو/تموز 2020، أي بعد تبديل القيادات بنحو أسبوع، ما دفع تركيا لتطوير منظومة الدفاع الجوي في غرب ليبيا[56]، ليبقى مستقبل جنوب ليبيا، الذي يوصف بأنه الحد الجنوبي لأوروبا[57] قيد قدرة التوافق الليبي التركي الإيطالي على حمايته.

الاتجاه الثاني: يأتي من خلال مصر تحت غطاء الإستراتيجية الفرنسية في شرق المتوسط، حيث سلمت مصر قدرات بحرية للواء المتقاعد خليفة حفتر[58] لحماية سواحل بني غازي، والسيطرة على جيوب الغاز القريبة من الساحل الليبي في شرق المتوسط، هذا فضلا عن القدرات الصاروخية المتمثلة في صواريخ "إس 22"، ويضاف لذلك بطبيعة الحال ما يملكه "حفتر" من قدرات دفاع جوي وردتها له روسيا بتمويل إمارتي[59]، علاوة على الطيران الروسي[60].

ما سبق يعني أن ثمة خطة لإقرار أمر واقع بمشاركة حفتر في مستقبل العملية السياسية. ولعل الترتيبات بهذا الصدد كانت وراء زيارة مدير المخابرات الحربية المصرية اللواء خالد مجاور إلى ليبيا، والتقائه بحفتر، إثر الترتيبات التركية القطرية الخاصة بميناء مصراتة[61].

هذا التوجه لدعم بقاء "حفتر" هو ما دفع المجلس الرئاسي الليبي لأن يعلن في أعقاب توقيع اتفاق "السراج - صالح" بأنه لا يمكن التفاوض مع "حفتر"[62]. غير أن هذا الإطار التسليحي الذي يفرضه محور الثورة المضادة، مقرون بالحديث عن تقاسم عوائد النفط، يعني إقرارا للتقسيم، وتسليما بأن القوة العسكرية للشرق ينبغي أن تولى عناية تكافئ ما تملكه من سلاح، وهو تصور يمثل عائقا أمام آمال التوصل لحل سياسي.

لكن اتفاق "صالح - السراج" قد يعني أن يكون هدف الاتفاق كسب مزيد من الوقت، لتوفير آلية للضغط على الشرق الليبي الذي بدأت عوامل سوء الإدارة تنهكه.


المحور الخامس: المواجهة في سوريا

تشهد سوريا تطورات مهمة تتعلق بدور محور "3+1". فمع اتساع نطاق التنقيب التركي، وبداية تشكل المحور الشرق متوسطي، أعلنت وزارة الخارجية اليونانية، أن وزير الخارجية نيكوس دندياس، عين السفيرة السابقة، تاسيا أثاناسيو، مبعوثة خاصة إلى سوريا. وكانت أثاناسيو سفيرة لليونان في دمشق خلال الفترة بين 2009 إلى 2012، عندما أشرفت حينها على تعليق عمل البعثة الدبلوماسية في أعقاب اندلاع الثورة في سوريا. وأشارت صحف يونانية إلى أن هذه الخطوة تمهد لإعادة العلاقات مع سوريا، وهو ما يؤدي لميل توازن القوى في شرق البحر المتوسط مرة أخرى ​​لصالح اليونان[63]. كانت هذه الخطوة تعني أن فرنسا قد حسمت أمر علاقتها بالملف السوري لصالح بشار الأسد، وأن اليونان تستثمر خبرات السفيرة السابقة في سوريا من أجل لعب دور دبلوماسي نشط في المحور الإقليمي القديم الجديد، "3+1".

غير أن الجديد المرتبط بنشاط المبعوث الخاص لسوريا، ما أعلنه متابعون للشأن الفرنسي اليوناني من أن اليونان قامت بتسليم دمشق شحنات أسلحة متطورة من قدرات الناتو المخصصة لليونان، وهو الأمر الذي استدعى تحقيقا أميركيا حول طبيعة هذه الأسلحة، وأسباب توريدها لدمشق[64]. ويندرج المسلك اليوناني في هذا الصدد تحت مسمى إنهاك تركيا عبر فتح وتسخين مزيد من الجبهات أمام قواتها المسلحة، وهو ما سنتعرف على أهدافه تاليا.

التسليح لم يكن وحده أحد مظاهر نشاط المحور الشرق متوسطي في سوريا. ففي 31 يوليو /تموز 2020، نشر موقع "عربي 21" تسجيلا صوتيا مسربا عن طريق الرائد يوسف حمود، القيادي البارز في الجيش الوطني السوري المعارض، رصد في ريف حلب الغربي[65].

كان تقرير نشرته "وكالة أنباء الأناضول" أشار إلى وجود 150 جنديا مصريا ينتشرون حاليا في ريفي حلب الغربي وإدلب الجنوبي بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، وأن هؤلاء الجنود "دخلوا سوريا عبر مطار حماة العسكري"[66]. وثمة اتجاهان بين المراقبين في تفسير هذا الوجود.

بعض المراقبين يرون أن الوجود المصري في سوريا رسالة من النظام المصري لتركيا بسهولة نقل القوات المصرية إلى منطقة الصراع في سوريا أسوة بإرسال تركيا جنودها إلى ليبيا المجاورة لمصر[67]. غير أنه بالنظر لضعف العدد المرسل، حتى وإن كان من القوات الخاصة، فقد لفت فريق من الخبراء إلى أن الخطوة تأتي من جانب مصر لطمأنة إيران، في أعقاب صفقة تخطط الولايات المتحدة بموجبها لإدخال طائرات "إف 35" إلى مصر والإمارات، مع تجهيز الطائرات الإماراتية بتجهيزات خاصة لضرب أهداف إيرانية حساسة.

وأتى حصول مصر على 9 من هذه الطائرات لدفعها لعدم إنجاز صفقة حصولها على طائرات "سو 35"، غير أن مصر لن تشارك في المواجهة المحتملة مع إيران على مستوى العمليات، بل على المستوى اللوجيستي العام فقط، وهو ما دفع القوات المسلحة المصرية لإرسال هذا العدد الرمزي لطمأنة إيران بأنها لا تعمل ضدها عبر الصفقة المشار إليها[68].


المحور السادس: الإستراتيجية التركية في إفريقيا

الحضور التركي في إفريقيا ليس ردود فعل حيال الحضور الفرنسي المشبوه هناك، بقدر ما هو تصور يتعلق بإستراتيجية تركيا المستقبلية وموقع القارة الإفريقية فيها، وإن لم يمنع هذا من توجه تركيا لموازنة النفوذ الفرنسي المحيط بليبيا، وهو ما دفع تركيا للاتجاه نحو عدد من الدول الإفريقية، منها النيجر وتشاد، وهما أحد منطلقي العمليات العسكرية الفرنسية في إفريقيا. وبغض النظر عن العلاقات التاريخية القديمة بين تركيا والقارة الإفريقية في العهد العثماني، فإن إفريقيا باتت تمثل خيارا إستراتيجيا مهما بالنسبة لتركيا، لما تتميز به القارة من ثراء في الثروات الطبيعية الهائلة، وكذلك لأهمية هذه القارة من الناحية الإستراتيجية في سياق السباق الجيوستراتيجي بين القوى الإقليمية والدولية، لأهمية ما تشرف عليه من مضائق مائية[69].

ونتيجة لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الناتجين عن استمرار علاقة الدول الإفريقية بفرنسا، فإن حالة من الغضب والقلق تسري بين الدول الإفريقية حيال فرنسا، وهو ما يفيد تركيا التي تقدم نفسها بديلا عن فرنسا في دعم القارة الإفريقية اقتصاديا وعسكريا، بصورة تدفع بهذه الدول نحو مزيد من الاستقرار[70].

انتهت تركيا مؤخرا من توقيع اتفاقية للتعاون العسكري بينها وبين النيجر في 21 يوليو/تموز 2020، وتهدف الاتفاقية لدعم التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب بصورة خاصة. غير أن ثمة اعتبارات أخرى وراء الاتفاقية، حيث تهدف النيجر لعزل النفوذ الإماراتي الذي يلح من أجل توقيع اتفاق تعاون عسكري معها[71]، وهو ما يثير قلق الأخيرة، بالنظر للصيت السلبي للإمارات في الدول التي تتسلل إليها.

كما أن النيجر - التي تبذل جهودا كبيرة في مكافحة الإرهاب - تحتاج عونا تركيا يساند الدور الفرنسي فيها ويوازنه في هذا الصدد. ولا يفوت في هذا الإطار أن النيجر تسعى لحزمة متكاملة من العلاقة مع تركيا، تأتي فيها المساعدة الإنمائية جنبا إلى جنب مع الاحتياجات العسكرية، وهو ما يفسر الحضور القوي لمؤسسة "تيكا" الإنمائية التركية في النيجر، ومساعداتها الغذائية والطبية والزراعية[72] والبيطرية والمقاولاتية والتعليمية[73].

ويختلف المراقبون حول دلالة اتفاقية التعاون العسكري بين كل من تركيا والنيجر، حيث يرى البعض أن الوجود التركي في النيجر يحمل عنوانا مستقلا عن العنوان الليبي وأكبر منه. فهذه الخطوة - من وجهة نظر هذا الفريق - تأتي في إطار اتجاه تركيا لتوسيع نطاق علاقتها الدبلوماسية بشكل عام، وتطبيق الدبلوماسية النشطة في إفريقيا، وقد يأتي الملف الليبي ضمن ذلك أو لا يأتي، لكنه ليس هو العنوان الرئيس[74].

فيما يرى مراقبون من اتجاهين مختلفين رؤية أخرى مفادها أن الحضور التركي في النيجر يستهدف محاصرة الوجود الفرنسي[75]. في حين يرى مراقبون آخرون أن النيجر هي التي ستستفيد بالطموح التركي، لأنه سيمكن النيجر من لعب دور أكبر في ليبيا، بعد أن كانت قد تضررت كثيرا جراء الاضطرابات التي شهدتها ليبيا[76].

أما عن المشهد في تشاد، والذي يتسم بكونه أكثر حساسية من جهة الوجود الفرنسي، وبخاصة في شمال تشاد. فإن تركيا اتجهت للنشاط في هذه المساحة بصورة إنمائية واسعة النطاق. ومن اللافت في هذا الإطار، أنه بعد نجاح دول "محور الثورة المضادة" في الحصول على دعم تشاد في جهود "حصار قطر"، تمكنت الدبلوماسية التركية القطرية من العودة إلى هذا البلد في مارس/آذ   ار 2020، وذلك من خلال اتفاق السلطات التشادية مع كونسورتيوم "بارير هولدينج" التركي - القطري، للتنقيب عن الذهب في منطقة "تيبستي" الواقعة في أقصى شمال غربي البلاد على الحدود مع ليبيا في الشمال والنيجر في الغرب، والمعروفة تقليديا بأنها منطقة تمرد، وهو ما يسمح لتركيا بخلق فضاء إستراتيجي تحت سيطرتها على الحدود مع ليبيا والنيجر[77].

ويؤثر هذا الفضاء استخباراتيا على النشاط العسكري الفرنسي في شمال تشاد، والذي يخطط لخنق الوجود التركي في ليبيا من جهة الجنوب على نحو ما رأينا عاليه. التعاون بين تركيا وتشاد لم يبدأ بمشروع التنقيب عن الذهب، بل بدأ بالتنقيب التركي عن النفط[78].

وخلال الأعوام القليلة الماضية، بدأت تركيا في مباشرة حضور قوتها الناعمة في تشاد، لبناء جسور ثقة بين البلدين، فوفرت تركيا منحا دراسية لنحو 500 طالب تشادي سنويا[79]، وقدمت تركيا الدعم الطبي لتشاد خلال أزمة فيروس "كوفيد 19"[80]، وتعززت هذه العلاقات عبر زيارات متبادلة للرئيسين.


خاتمة: أسباب مساعي فرنسا لتوسيع نطاق المواجهة

كثيرة هي الملفات التي تثير التوتر بين تركيا وفرنسا، بدءا من إحباط تركيا للتصورات الفرنسية للحل في ليبيا، إلى محاولات التمدد في غرب المتوسط عبر المناورات البحرية المرتقبة بينها وبين البحرية الجزائرية، مرورا بملفات الدعم الفرنسي لمليشيات "حزب العمال الكردستاني"، وقضية التنقيب التركي في شرق المتوسط، علاوة على اتجاه تركيا لمنافسة الحضور الفرنسي في غرب إفريقيا عبر النيجر وتشاد وجامبيا والسنغال، بالإضافة للملفين الرمزيين الذين يتعلق أحدهما بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، وملف استغلال فرنسا للدعاية حول الأرمن، والتي تقابلها تركيا بالتذكير بمذابح فرنسا في الجزائر ورواندا وغيرهما.

هذه الملفات جميعها، دفعت مراقبين للتأكيد على أن تركيا قد أصبحت هدفا إستراتيجيا لخصومها الإقليميين الذين بدؤوا جهودا دبلوماسية مكثفة لإعاقة تركيا على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري، وبخاصة في سوريا والعراق، والعمل على إضعاف محور تركيا - قطر[81].

ومن خلال تحليل الخبرات السابقة يمكن أن نستكشف إستراتيجية مركبة من 3 محاور لاحتواء التمدد الإقليمي والاقتصادي التركي:

فمن جهة، تشرع فرنسا في تشكيل تكتل واسع من دول قوية أو ثرية لتشكيل محور مواجهة شرق متوسطي، هدفه الأساسي احتواء تركيا. التكتل الذي تشكل بالفعل، "تكتل 3+1" ليس مخصصا للردع فقط، بل تحاول فرنسا تجهيزه عبر التسليح والتدريب، وحتى التصنيع، ليمتلك قوة قادرة على السيطرة الكاملة على شرق المتوسط.

بلغت التفاعلات حد الرد على الإصرار والتحدي التركيين بالتنقيب، بالتحرش الرباعي بتركيا، على نحو ما حدث في واقعة الفرقاطة اليونانية "ليمنوس"، فضلا عن التدريبات الفرنسية المصرية على سواحل قبرص، والتدريبات الفرنسية اليونانية على سواحل كريت.

الترتيبات الفرنسية يتوفر لها غطاء قانوني عبر سلسلة معاهدات، بدأت باتفاق ترسيم الحدود البحرية المصرية القبرصية في 2003، وحتى اتفاق ترسيم الحدود البحرية المصرية اليونانية في 2020، والذي أسبغ شرعية على الاتفاق الإيطالي اليوناني لعام 1998، والخاص بمنح جزر "بحر إيجة" نطاقا بحريا اقتصاديا، ما يمنح النطاقات البحرية للجزر اليونانية في المتوسط مشروعية قانونية وإن كانت محدودة، هذا علاوة على الغطاء السياسي الذي توفره فرنسا عبر عضويتها الدائمة في مجلس الأمن.

ومن جهة ثانية، فإن فرنسا تدفع شركاءها - كما تشارك بنفسهاـ في جهود إشعال جبهات التوتر حول تركيا، وذلك عبر تزويد هذه الجبهات بالمال والسلاح والدعم الدبلوماسي، وفي هذا الإطار، تزود مصر والإمارات العسكري الليبي المتمرد "حفتر" بالسلاح، على مستويات الدفاع الجوي والقدرات البحرية والجوية، كما تزود اليونان دمشق بسلاح نوعي من مخزون الناتو المخصص لها، وتتولى فرنسا بنفسها إشعال الجبهة العراقية عبر الدخول بثقلها الدبلوماسي والعسكري لتأليب بغداد على نفوذ أنقرة في شمال البلاد.

وبخلاف اتجاه تأثير العامل السابق، فإن الرؤية في هذا المحور تتعلق بالتأثير السياسي، حيث يطمح اللاعب الفرنسي، وبقية دول محور شرق المتوسط "3+1" إلى رفع تكلفة الاقتتال على هذه الجبهات، وهو ما يعني احتمال النجاح في الخصم من رصيد شعبية حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم على المستويين الرئاسي والنيابي القادمين، ما يعني - بمنظورهم - النجاح في منح الفرصة للاعب سياسي آخر، ربما من "حزب العدالة والتنمية" نفسه للقدوم لسدة السلطة، ومن ثم العمل على خفض مستوى التصعيد الإقليمي، وهو ما يعني إغلاق ملف التنقيب شرق المتوسط.

ومن جهة ثالثة، تجتهد كل من فرنسا واليونان داخل أروقة الناتو والاتحاد الأوروبي لوضع سياسة تكاملية تمثل دليلا للعمل في البحر المتوسط، مشفوعا بإطار إجرائي يتعلق بمخالفة هذا الدليل، وهوما يمكن أن يمثل قيدا على السلوك التركي.

غير أن فرنسا - فيما يبدو - ما زالت متعثرة في هذا الإطار على صعيدي حلف "الناتو" والاتحاد الأوروبي. ففى 13 يوليو /تموز 2020، عقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعا، وطلبوا من أنقرة تقديم "إيضاحات" بشأن تصرفاتها في شرق البحر المتوسط، وليبيا، وسوريا، كما طلبوا من الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تقديم خيارات لتعزيز العقوبات المفروضة على تركيا بسبب أنشطتها الخاصة بالتنقيب عن الغاز والنفط في المنطقة الاقتصادية الخاصة لقبرص.

وبرغم وصف وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، تنقيب تركيا في مياه قبرص بأنه غير المشروع «غير مقبول»، فإن مراقبين[82] يرون أنه من غير المحتمل أن يتبع ذلك إجراء ملموسا، على نحو ما حدث في قضايا أخطر، مثل عدم فرض إدارة ترامب عقوبات كبيرة على تركيا بعد شرائها نظام الدفاع الصاروخي "إس 400" من روسيا.

ويبدو في هذا الإطار، ومع وجود حلفاء لهم سوابق في إنهاء تنظيمات الأمن الجماعي، مثل الإمارات، التي سبق لها أن عصفت بـ"مجلس التعاون الخليجي"، يبدو محتملا أن تدفع كل من مصر والإمارات فرنسا إلى عمل كبير خارج إطار الناتو، وهو ما يتطلب استفزازا قويا لتركيا من أجل تمرير هذه الترتيبات على كل من "الناتو" و"الاتحاد الأوروبي".


المصادر:
[1] المحرر، تركيا ونادي الاقتصاديات العشر الأولى عالميان موقع "تركيا الآن"، 28 يوليو 2020. https://bit.ly/2EvhVMN
[2] رفعت أونشيل، خمسة أسئلة: اتجاهات الإنفاق العسكري العالمي لعام 2019، موقع مؤسسة "سيتا"، 10 أغسطس 2020. https://bit.ly/31l4Len
[3] الباحث، مذكرة التفاهم الليبية – التركية: أبعادها وتداعياتها المحلية والإقليمية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 17 ديسمبر 2019. https://bit.ly/31ggcnA
[4] المحرر، تركيا تعلن نيتها بدء عمليات تنقيب عن النفط في شرق المتوسط، موقع "قناة يورونيوز" العربية، 30 مايو 2020. https://bit.ly/2YnmpfO
[5] عامر مصطفى، وزير الدفاع اليونانى: مستعدون لمواجهة عسكرية مع تركيا لأن سلوكها عدوانى، صحيفة "اليوم السابع" المصرية، 5 يونيو 2020. https://bit.ly/3hlJfvx
[6] عبد الحميد العوني، تنازل مصر : أردوغان يعلن الحـ ـرب على السيسي، قناة "أسرار شرق أوسطية" بموقع "يوتيوب"، 9‏ أغسطس 2020. https://bit.ly/31kXlYM
[7] أحمد جمعة، مصر وقبرص واليونان وفرنسا يعتبرون اتفاق السراج وأردوغان لاغياً وباطلا، صحيفة "اليوم السابع" المصرية، 9 يناير 2020. https://bit.ly/2EghvKE
[8] محمد الزهار، مصر والإمارات وقبرص واليونان وفرنسا تدين تحركات تركية، موقع "قناة سكاي نيوز العربية"، 11 مايو 2020. https://bit.ly/2EimeLJ
[9] قسم البحوث، الإمارات وشركات السلاح.. سياقات العلاقة وأسباب التوجه، صحيفة "الاستقلال"، 10 مايو 2020. https://bit.ly/3gmTpuA
[10] زكى القاضي، البحرية المصرية والفرنسية تنفذان تدريباً عابراً فى البحر المتوسط، صحيفة "اليوم السابع" المصرية، 25 يوليو 2020. https://bit.ly/3j07waU
[11] وكالات، اليونان تجرى تدريبات عسكرية مشتركة مع فرنسا وسط توتر مع تركيا، صحيفة "اليوم السابع" المصرية، 13 أغسطس 2020. https://bit.ly/3gm5vUX
[12] أشرف عبد الحميد، بالتفاصيل.. لماذا أثار اتفاق مصر واليونان حفيظة تركيا؟، موقع "قناة العربية"، 8 أغسطس 2020. https://bit.ly/2YpIdap
[13] المحرر، تركيا تعلن توسيع عمليات الاستكشاف شرقي المتوسط، موقع "قناة سكاي نيوز العربية"، 17 أغسطس 2020. https://bit.ly/3hoagyx
[14] المحرر، بعد حادث التصادم.. اليونان تعرض الحوار على تركيا بشروطن موقع "قناة سكاي نيوز العربية"، 19 أغسطس 2020. https://bit.ly/2Qj9o2e
[15] مراسلون، اليونان تجري تدريبات عسكرية بمحيط قرية للأقلية التركية، وكالة أنباء الأناضول، 14 أغسطس 2020. https://bit.ly/31pWlCN
[16] عماد أبو الروس، مخطط أميركي لإنشاء قاعدة عسكرية بين تركيا واليونان، موقع "عربي 21"، 25 يوليو 2020. https://bit.ly/34qK0A8
[17] محمد لمين يزاز، لبنانيون لماكرون "تعا وجيب معك الانتداب" و50 ألف توقيع على عريضة لعودة الانتداب الفرنسي، موقع "قناة "يورونيوز"، 6 أغسطس 2020. https://bit.ly/2YdVu5O
[18] وكالات، 700 جندي فرنسي يتجهون إلى لبنان، موقع "قناة روسيا اليوم"، 14 أغسطس 2020. https://bit.ly/3kZfdQu
[19] وكالات، حاملة مروحيات فرنسية إلى لبنان وسفينة مسح بحري بريطانية، صحيفة "الشرق الأوسط"، 14 أغسطس 2020. https://bit.ly/34dmjef
[20] محمد علوش، جنود من "Légion étrangère" في لبنان... من هم هؤلاء وما هي مهمتهم؟، موقع "النشرة"، ١٢ أغسطس ٢٠٢٠. https://bit.ly/3gkJshe
[21] عبد الحميد العوني، بالأرقام الانتشار الفرنسي في بيروت، قناة "أسرار شرق أوسطية" بموقع "يوتيوب"، 17 أغسطس 2020. https://bit.ly/2FCxCT1
[22] وكالات، وزيرة فرنسية: ماكرون عمل على توفير الدعم المالي الدولي للبنان، صحيفة "الوطن" المصرية، 15 أغسطس 2020. https://bit.ly/2FGRtAt
[23] سمير العيطة، من رحم الأحزان، صحيفة "الشروق" المصرية، 9 أغسطس 2020. https://bit.ly/3gcWHkb
[24] المحرر، ماذا يخفي التنافس الفرنسي التركي على مساعدة لبنان؟، موقع "قناة دويتشه فيله"، 11 أغسطس 2020. https://bit.ly/2Q8dz0P
[25] المحرر، ، موقع "قناة دويتشه فيله"، ماذا يخفي التنافس الفرنسي التركي على مساعدة لبنان؟، 11 أغسطس 2020. https://bit.ly/2Q8dz0P
[26] خطار أبو دياب، لبنان بين رهان التدويل واستمرار المأزق، صحيفة "العرب" اللندنية، 15 أغسطس 2020. https://bit.ly/3hgp2rg
[27] المحرر، ماكرون يحذر في محادثة هاتفية مع روحاني من التدخل في شؤون لبنان، صحيفة "الشروق" المصرية، 12 أغسطس 2020. https://bit.ly/32dNRxE
[28] هيام القصيفي، باريس لحكومة «يرضى عنها الجميع».. لا «حكومة وحدة»، صحيفة "الأخبار اللبنانية، 12 أغسطس 2020. https://bit.ly/2FMHiKV
[29] الإشارة السابقة. https://bit.ly/3hgp2rg
[30] عباس ضاهر، فرضية إسرائيل في تفجير مرفأ بيروت!، موقع "النشرة"، ٦ أغسطس ٢٠٢٠. https://bit.ly/3l6agW5
[31] المحرر، شبكة فولتير: تتهم إسرائيل بتفجير مرفأ بيروت بسلاح جديد، موقع "الجزائر تايمز"، 9 أغسطس 2020. https://bit.ly/34lly31
[32] حساب سعد الحريري: https://bit.ly/2EfZUCm
[33] إبراهيم رمضان، جسر "الأمل" هدية السيسي لـ"باريس" الشرق، صحيفة "روز اليوسف"، 16 أغسطس 2020. https://bit.ly/32fkwCT
[34] حساب المحلل اللبناني جليل حرشاوي: https://bit.ly/3aGnCnt
[35] المحرر، حزب العمال الكردستاني وتركيا: حرب دامية وعشرات آلاف الضحايا وآلاف القرى المدمرة، موقع "قناة بي بي سي"، 17 يونيو 2020. https://bbc.in/3gfTTTx
[36] أمجد إسماعيل الآغا، شمال العراق.. بين الجغرافيا والسياسة و«الجيوبولتيك» التركي، صحيفة البناء اللبنانية، 21 يوليو 2020. https://bit.ly/32e7u8V
[37] أليكسي فيلوبوف، جان إيف لودريانوزيرا الخارجية والدفاع الفرنسيان يصلان بغداد، وكالة "سبوتنيك" الإخبارية الروسية، 26 أغسطس 2017. https://bit.ly/3aLdPwn
[38] المحرر، الدفاع التركية: تحييد 5 إرهابيين من "بي كا كا" شمالي العراق ضمن عملية "مخلب النمر"، وكالة أنباء الأناضول، 21 أغسطس 2020. https://bit.ly/2En6qHm
[39] المحرر، قوات الكريلا تواصل عملياتها ضد جيش الاحتلال التركي، موقع "إيه إن إف نيوز"، 20 أغسطس 2020. https://bit.ly/2EeXsMG
[40] المحرر، موقف فرنسي "غامض" حيال دعم "قسد".. وتركيا: "لا طائل" من بقائها لحماية الوحدات، شبكة "شام" الإخبارية، 26 نوفمبر 2018. https://bit.ly/3ggHeiZ
[41] المحرر، تركيا ترفض عرضا فرنسيا للوساطة مع وحدات حماية الشعب الكردية، موقع "قناة دويتشه فيله" الألمانية، 30 أغسطس 2018. https://bit.ly/2ErIOBi
[42] مراسلون، المغامرون الفرنسيون في صفوف أكراد سوريا تحد يؤرق سلطات بلادهم، صحيفة "العرب" اللندنية، 18 مايو 2019. https://bit.ly/3grFxzz
[43] المحرر، العراق: إلغاء زيارة لوزير الدفاع التركي واستدعاء سفير أنقرة احتجاجا على مقتل ضابطين عراقيين، موقع "قناة فرانس 24"، 12 أغسطس 2020. https://bit.ly/3hifkog
[44] المحرر، الأمم المتحدة تحذر من التصعيد بين العراق وتركيا، موقع "قناة العربية"، 13 أغسطس 2020. https://bit.ly/3j3X2HC
[45] وكالات، فرنسا تطلب توضيحات بشأن مقتل ضابطين عراقيين بهجوم تركي شمال العراق، موقع "قناة إكسترا نيوز"، 13 أغسطس 2020. https://bit.ly/34m51vv
[46] وكالات، العراق يدعو فرنسا وألمانيا إلى دور فاعل لإيقاف اعتداءات تركيا، صحيفة "الوطن" المصرية، 15 أغسطس 2020. https://bit.ly/3hlz4aj
[47] المحرر، المونيتور: تركيا أصبحت هدفا إستراتيجيا لخصومها الإقليميين، موقع "ترك برس"، 5 أغسطس 2020. https://bit.ly/2COzBCR
[48] المحرر، أنقرة: تسليم سرت والجفرة شرط لوقف النار، موقع "قناة روسيا اليوم"، 28 يوليو 2020.  https://bit.ly/2FGweyK
[49] وكالات، واشنطن وأنقرة تناقشان "حلا سياسيا" لسرت والجفرة، موقع "عربي 21"، 12 أغسطس 2020. https://bit.ly/3l7p8nf
[50] المحرر + وكالات، بعد اتفاق السراج وصالح.. المجلس الأعلى: لا حوار مع حفتر والهيئات المنتخبة هي المعنية به، "الجزيرة نت"، 22 أغسطس 2020. https://bit.ly/34mHTgA
[51] وكالات، بعد إعلان وقف إطلاق النار بليبيا.. 6 أوجه للتوافق والاختلاف بين بياني حكومة الوفاق وبرلمان طبرق، "الجزيرة نت"، 21 أغسطس 2020. https://bit.ly/34omDXL
[52] مراسلون، 4 أسباب وراء فتح حفتر الموانئ النفطية (تحليل)، وكالة الأناضول للانباء، 21 أغسطس 2020. https://bit.ly/3aVUclm
[53] عبد الحميد العوني، المواجـ ـهة البحريـ ـة بين مصر وتركيا في قبرص، قناة "أسرار شرق أوسطية" بموقع "يوتيوب"، 26 يوليو 2020. https://bit.ly/2QhzWRA
[54] المحرر، «نمر 3» .. تدريبات تكتيكية مشتركة بين القوات الجوية السعودية ونظيرتها الفرنسية، صحيفة "الاقتصادية" السعودية،
27 نوفمبر 2014. https://bit.ly/3aPZwqj
[55] محمد صلاح، طائرات مجهولة تحبط تحركات ليلية لمرتزقة أردوغانن موقع "الموجز" المصري،  14 يوليو 2020. https://bit.ly/3j6kJ29
[56] المحرر، تركيا تغير منظومة دفاعها بالوطية بعد ضرب الجيش الليبي لها، موقع "قناة العربية"، 7 يوليو 2020. https://bit.ly/3l9P3uB
[57] باحثون، كيف أصبح إقليم فزان الليبي أحد الحدود الجديدة لأوروبا، موقع "مجموعة الأزمات الدولية"، 31 يوليو 2017. https://bit.ly/32jVouC
[58] وكالات، قوات حفتر تبدأ بتسيير دوريات بحرية لضرب سفن تركيا العسكرية، 20 مايو 2019. https://bit.ly/2Ysd0n3
[59] مراسلون، فيديو يظهر ضباطا إماراتيين رفقة مليشيا حفتر بمنظومة دفاع جوي، وكالة أنباء الأناضول، 9 يونيو 2020. https://bit.ly/3j0GCQc
[60] المحرر + وكالات، الجيش الأميركي: روسيا أرسلت 14 طائرة إلى ليبيا لدعم حفتر، موقع "الجزيرة مباشر"، 28 مايو 2020. https://bit.ly/3lcMJCU
[61] مراسلون، حفتر يلتقي مدير المخابرات المصرية بمقر قيادة الجيش، صحيفة "العرب" اللندنية، 19 أغسطس 2020. https://bit.ly/2QnKNJz
[62] المحرر + وكالات، بعد اتفاق السراج وصالح.. المجلس الأعلى: لا حوار مع حفتر والهيئات المنتخبة هي المعنية به، "الجزيرة نت"، 22 أغسطس 2020. https://bit.ly/34mHTgA
[63] وكالات، اليونان تتخذ خطوة "طال انتظارها" تجاه سوريا!، موقع "قناة روسيا اليوم"، 8 مايو 2020. https://bit.ly/3le7FK6
[64] عبد الحميد العوني، تنازل مصر : أردوغان يعلن الحـ ـرب على السيسي، قناة "أسرار شرق أوسطية" بموقع "يوتيوب"، 9‏ أغسطس 2020. https://bit.ly/31kXlYM
[65] صلاح الدهني، "عربي21" تنشر تسجيلا يثبت تواجد جنود مصريين بسوريا، موقع "عربي 21"، 31 يوليو 2020. https://bit.ly/34ogsmt
[66] وكالات، لحرب في سوريا: تقارير تركية تفيد بأن مصر أرسلت قوات إلى مناطق شمالي الأراضي السورية، موقع "قناة بي بي سي"، 30 يوليو 2020. https://bbc.in/3aQ8Eez
[67] صلاح الدهني، "عربي21" تنشر تسجيلا يثبت تواجد جنود مصريين بسوريا، موقع "عربي 21"، 31 يوليو 2020. https://bit.ly/34ogsmt
[68] عبد الحميد العوني، إف 35 في مصر، قناة "أسرار شرق أوسطية" بموقع "يوتيوب"، 16 أغسطس 2020. https://bit.ly/2YllBYP
[69] زبير خلف الله، إفريقيا العمق الإستراتيجي الجديد لتركيا في المرحلة القادمة، موقع "ترك برس، 26 ديسمبر 2017. https://bit.ly/32gdcaa
[70] علاء فاروق، تركيا توقع اتفاقية عسكرية مع النيجر.. ما علاقة ليبيا؟، موقع "عربي 21"، 23 يوليو 2020. https://bit.ly/31lYL54
[71] وكالات، توقيع اتفاقية للتعاون العسكري بين تركيا والنيجر.. ماذا وراءه؟، موقع "ترك برس"، 26 يوليو 2020. https://bit.ly/32jN3HE
[72] المحرر، “تيكا” التركية تنظم دورة تدريبية لمزارعين من النيجر، موقع "تركيا الآن"، 21 أغسطس 2017. https://bit.ly/3ld0qlt
[73] جهاد عودة، الكولونالية التركية.. وجيوبلولتكس الصراع في النيجر، موقع "قناة صدى البلد"، 31 يوليو 2020. https://bit.ly/31qLwAl
[74] علاء فاروق، تركيا توقع اتفاقية عسكرية مع النيجر.. ما علاقة ليبيا؟، موقع "عربي 21"، 23 يوليو 2020. https://bit.ly/31lYL54
[75] أيمن سمير، الوجود العسكري التركي في النيجر، موقع "قناة الغد"، 29 يوليو 2020. https://bit.ly/34tUEWA
[76] وكالات، توقيع اتفاقية للتعاون العسكري بين تركيا والنيجر.. ماذا وراءه؟، موقع "ترك برس"، 26 يوليو 2020. https://bit.ly/32jN3HE
[77] خوسيه لويس مانسيا، قطر وتركيا تعودان إلى تشاد، موقع "العين" الإخباري، 27 مارس 2020. https://al-ain.com/article/qatar-turkey-return-chad
[78] مراسلون، تشاد تسعى لاستخراج النفط بمساعدة تركيا، وتمنحها شارعاً في أنجمينا، صحيفة "أحوال تركية"، 29 ديسمبر 2017. https://bit.ly/3gqVt4K
[79] المحرر، تركيا توفر منحة دراسية لـ500 طالب تشادي، موقع "ترك بوست"، 3 سبتمبر 2018.  https://bit.ly/3j6fcbV
[80] المحرر، وزير الصحة التشادي: لدينا 25 جهاز تنفس فقط أرسلتها تركيا لنا مع مساعدات طبية، موقع "ترك برس"، 19 يونيو 2020. https://bit.ly/32ng0SS
[81] المحرر، المونيتور: تركيا أصبحت هدفا إستراتيجيا لخصومها الإقليميين، موقع "ترك برس"، 5 أغسطس 2020. https://bit.ly/2COzBCR
[82] مراسلون، محللون: تركيا تواجه قدراً ضئيلاً من المقاومة من أوروبا و«الناتو»، صحيفة "الشرق الأوسط"، 26 يوليو 2020. https://bit.ly/31mvAPe