الأقطاب المختلفة.. كيف تدفع المعارضة التركية نحو النموذج اللبناني؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "صباح" التركية، مقالا للكاتب محمود أوور، تحدث فيه عن صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك السابق لحزب "الشعب الديمقراطي"، مشيرا إلى أنه يريد أخذ مكانه في المشهد السياسي مع حزب يساري من جديد، واستدل على ذلك ببيان أصدره الأخير.

وجاء في البيان الذي نقله أوور، قول دميرطاش: مثلا، لو كنت خارج السجن، كنت لأطرق باب ميرال أكشنار (رئيسة حزب الجيد) ذات صباح مع باشاك وأقول "جئنا لتناول الإفطار"، وبصرف النظر عن إجابة أكشنار المربكة على هذا بتذكيره بـ"الثأر"، من الضروري النظر إلى ما هو مستهدف.

الأقطاب المختلفة

أوور، رأى أن القضية الرئيسية في التركيز على  معارضة الرئيس أردوغان من خلال وضع حزب الشعب الديمقراطي، والحزب الصالح في كفة واحدة. لهذا السبب، فإن الممثلين السياسيين والمجتمع الذي كان خائفا من الرجعية والتحول المحوري في الماضي، أصبح الآن خائفا من "نظام الرجل الواحد، والاستبداد".

وأضاف: هناك تعمية واضحة، فالذي يتهم الدولة بأنها قاتلة وأن السلطة السياسية "فاشية" وبعد استخدام اللغة الأكثر عنصرية، يعرض صورة دميرطاش "السلمي والذي ينادي للحوار" على المجتمع دون أي نقد ذاتي.

ليس ذلك فحسب بل هناك المزيد، يتابع الكاتب: فدميرطاش، الذي لم ينظر بإيجابية إلى الرئيس أردوغان الذي تحمل المخاطر من خلال اتخاذ مبادرات بشأن القضية الكردية الممتدة منذ قرن، ولم يقل له حتى "مرحبا" عندما جاء إلى ديار بكر مع مسعود البارزاني وشيفان، يرسل الآن الحب إلى "القومية" أكشنار. أليست هناك غرابة في هذا الأمر؟.

وأردف قائلا: "يمكن لدميرطاش الآن والذي سمح لأحداث 6 و8 أكتوبر/تشرين الأول 2014، بالحدوث للضغط على حكومة منتخبة وحرك ديناميك الانقلاب، بينما لم يحرك ساكنا في مرحلة الحل والذي أيضا استخدم الأصوات الـ13 بالمئة المعطاة للأكراد، وسلمها إلى قنديل (معقل حزب العمال الكردستاني شمال العراق)، وذلك بأن يعتلي المنصة كسياسي بسيط ويقول: "كان السيد أردوغان متحفظا في تطوير علاقة إنسانية سياسية معنا".

واستطرد: "لاحظوا أنه لا يتحدث عن المعاناة العميقة التي تسبب بها الإرهاب في البلاد، ولا عن الحصار الإقليمي للقوى العالمية كالولايات المتحدة، لأنه ليس لديه مثل هذه المشكلة. لهذا فإن حديث دميرطاش، وإجابات أكشنار المربكة، ودعم كيلجدار أوغلو لهذا الثنائي هو ناتج جهد هندسي سياسي. ولا تخفي الجهات الخارجية مثل جو بايدن في تأييد هذه الجهود، بل تدعمها بشكل علني".

النموذج اللبناني

ويرى أوور أن القصة بأكملها تدور حول ما يجب القيام به للحفاظ على وحدة هذه الأطراف. ويدرك الجميع أن العمل لا يجري في مجراه الطبيعي. فبالنسبة له هناك فرض، والذين لا يستطيعون إنتاج السياسة ينجرفون نحو المجهول رغما عنهم.

وزاد قائلا: إنه انجراف لدرجة أنه لم يعد أحد يشكك في المقاربات السياسية التي تحفز "القومية العرقية والدينية" والتي تعود إلى القرن العشرين، حتى أن بعضها يتم احترامها.

وذكر الكاتب أن العضو السابق في حزب الشعب الديمقراطي، حسيب كابلان،  أعرب عن أحد هذه الاقتراحات قائلا: "لكي تفوز أكشنار، يجب أن يكون مساعدها كرديا".

ومن المثير للاهتمام، يضيف الكاتب، أنه في الانتخابات الرئاسية قبل عامين، أدلت أكشنار بتصريح مماثل، بالقول: "إذا أصبحت رئيسا، فلماذا لا يكون نائب الرئيس الكردي؟".

وتساءل الكاتب، قائلا: "هل تم التفكير يوما في نتائج النظر إلى القضية الكردية من هذا المنظور، وما سيؤدي إليه تقاسم المؤسسات والمواقف والمكانة على الهويات العرقية والدينية والطائفية، أم أن تركيا ستتخذ نموذج الإدارة الذي تم تجربته وفشل في العراق وسوريا ولبنان في الـ70 سنة الماضية؟ فللأسف، أدت هذه الطريقة إلى تعميق الاختلافات بدلا من الاتحاد".

وكشف الكاتب أن "هناك نقاشا جادا حول هذه المسألة داخل وحول حزب الشعب الجمهوري". وتساءل: "هل ستكمل تركيا تاريخها ذا الألف سنة من وحدة الترك والكرد بتطبيق نموذج لبنان، أم أنها ستقوم بالوصول إلى حل جديد؟".

الإيقاع بتركيا

من جهته، قال الكاتب ويدات بيلغن في مقال نشرته صحيفة "أكشام" التركية: إنه "حتى لو تركنا ما يقول بايدن جانبا، لا يكفي أن يكون الإنسان أحمقا حتى لا يفهم أن هناك عملية تجري ضد تركيا، بل يجب أيضا أن يكون سيئ النية".

ورأى بيغلن أن "هذه العملية ليست ضد سياسي معين، بل هي ضد النظام السياسي الجديد في الشرق الأوسط، وضد تركيا التي لا تقبل بالدور والمكان المرسومين لها، وضد أردوغان رئيس هذه الدولة، التي ترفض كل هذا صراحة بشكل مباشر".

واستطرد قائلا: "يبدو واضحا أن شأن تركيا مطروح على الطاولة المظلمة لجميع العواصم الغربية من واشنطن إلى باريس، حيث أن تركيا لم تكتف باتخاذ موقف واضح ضد سياسة الغرب بشأن الشرق الأوسط من تفرقة عرقية أو طائفية أو دينية للبنى السياسية، بل تقدمت بتدخل فعلي مدافعة عن وحدة وتكامل الدول في المنطقة، وأثبتت وجودها أيضا في البحر الأبيض المتوسط".

ونوه بيلغن إلى أنه "يجب ألا ننسى أنهم في البداية فوجئوا ثم سألوا بعضهم بعضا: كيف تخرج تركيا عن سيطرة الغرب؟، ثم حاولوا إعادة السيطرة على تركيا بشتى الوسائل وعند فشلهم في هذا استخدموا آخر ما في جعبتهم وجعلوا جماعة فتح الله جولن تقوم بانقلاب فاشي فشل أيضا. وبعدما فشلت جميع هذه الخطط اتخذوا هدفا جديدا وهو ما جاء على لسان بايدن: إنهاء سلطة أردوغان عن طريق المعارضة".

وتابع الكاتب: "بما أنه لم يكن من الممكن هزيمة أردوغان في النظام الديمقراطي حتى اليوم، فعليهم وضع خطة لعبة جديدة ويجري الإعداد لها الآن. فلتحقيق هذا الهدف عليهم زيادة عدد التيارات، والأحزاب، والمجموعات السياسية في المعارضة".

وأردف: "لكن هناك مشكلة مهمة هنا، فتشكيل حزب الشعب الجمهوري أو الأحزاب المتحالفة معه تحالفا صريحا مع حزب سياسي له امتداد مع منظمة إرهابية تستمد سلاحها من أميركا وتهاجم في تركيا أمر لا يبدو أن الجماهير التي تصوت لهذه الأحزاب ستقبل به. لذا فإن أول شيء يجب فعله هو إيجاد طريقة لتحقيق هذا التحالف".

قوة الشعب

وبحسب الكاتب، فإن "البحث يستمر في هذا الموضوع. وفي هذه المرحلة يمكن تأسيس حزب جديد من شخص من الرؤساء السابقين لهذا الحزب بدلا من الحزب القائم، والذي يُنظر إليه على أنه الممثل السياسي لمنظمة العمال الكردستاني الإرهابية".

وزاد: "بالقول: إن حزب العمال الكردستاني/ حزب الاتحاد الديمقراطي، قد فصلا طريقيهما، يتشكل رأي عام بأن مثل هذا التشكيل قد حدث، وهكذا يستمر البحث عن حزب جديد يمكنه أن يتحالف مع حزب الشعب الجمهوري، وأحزاب المعارضة الأخرى يفتح الطريق لتشكيل تحالف واسع".

وفي ختام مقاله، قال بيلغن: إن "ما لا يضعه هذا النوع من صانعي المشاريع في الاعتبار، وهذا يمثل ذات الأسباب في فشل المشاريع الخارجية، هو: أولا، الحدس السياسي والحس السليم للشعب التركي، قويان بما يجعلهم يقفون بجانب دولتهم بغض النظر عن التوجه السياسي لهم. أما الأمر الثاني، فهي القيادة السياسية للرئيس، فبغض النظر عمن تحالف ضده، فإن سياسة الاستقلال تمثل وجود تركيا اليوم، ومشكلة المعارضة هي عدم امتلاكها لشخصية في هذا السياق. الأمر الثالث، هو أنه بغض النظر عمن يحاول تنظيف وتحسين الأسماء المرتبطة بالإرهاب، فإن دماء القتلة تلوث أيديهم ويتعرف عليهم شعب هذا البلد، وأمهات ديار بكر لهم لبالمرصاد".