مشروع استيطاني.. لماذا يتجاهل العالم الإسلامي وحشية الصين ضد الإيجور؟

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "ناشيونال إنترست" الأميركي، تقريرا سلط فيه الضوء على أسباب صمت العالم الإسلامي عن وحشية السلطات الصينية تجاه مسلمي الإيجور، مشيرا إلى أنه يمثل لغزا غاية بالغرابة في العلاقات الدولية، قد يطلق في يوم ما ألف رسالة دكتوراه للبحث.

وقال تقرير الموقع: إنه "في الآونة الأخيرة، فحص طبيب تركي نحو ثلاثمائة لاجئة من الإيجور ووجد أنه تم تعقيم ثمانين منهن (والتعقيم هنا عبارة ملطّفة لعملية طبية تنهي فرص الشخص- المعقّم- في الإنجاب)".

صمت محيّر

وأشار إلى أن الطبيب فكر للحظة ماذا لو حدث مثل هذا في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو الهند أو أستراليا، وتخيل الغضب الذي قد يلهمه هذا الفعل؟ أضف إلى ذلك مئات مقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي لآلاف الرجال المقيدين بسلاسل حراسة من رجال يرتدون الزي الرسمي تم نقلهم في القطارات إلى وجهات مجهولة، فستجد هذا الصمت يبدو محيرا أكثر.

وأضاف التقرير: أن "هناك بالطبع احتجاجات فردية متفرقة هنا وهناك، أما بالنسبة للدول الكبرى فلم يتغير شيء؛ فهذه تركيا، التي أعلنت نفسها زعيمة للعالم الإسلامي والأقرب عرقيا من الإيجور، وأيضا السعودية وإيران وباكستان، وآسيا الوسطى لا تزال تحافظ على العلاقات الدبلوماسية مع الصين. ليس هناك حرق للسفارات ولا احتجاجات جماهيرية ولا هجمات مسلحة على المصالح المادية الصينية المتزايدة والمؤسسات في جميع أنحاء العالم، ولا تهديدات بالحرب".

وتساءل الموقع: "لماذا هذا؟ هل ينبع هذا الخضوع الصريح من الرغبة في المزيد من الاستثمار والمال الصيني، أو الخوف المنطقي من الغضب الصيني، الذي قد يتحول إلى عقوبات أقسى بكثير من العقوبات الغربية التي لا تزال تطمح في كثير من الأحيان إلى اتباع حقوق الإنسان وتقليل الخسائر في صفوف المدنيين؟ يُخشى أن الصين لا تزال تتبع قواعد ما قبل الحرب العالمية الثانية؛ فحروبها عقابية وهيمنتها إمبريالية".

وفي السياق ذاته، أجرى مايكل دوران وبيتر روغ من "معهد هدسون" دراسة عن  الهيمنة الإمبريالية الصينية في الشرق الأوسط، والتي ينبغي أن تكون مصدر قلق كبير للغرب. ويجادل الخبيران بأن الصين مصممة بدون تردد على "إخراج" الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.

وذكر الموقع أن "هذه الورقة صاغت إستراتيجية حول العلاقات الصينية العربية وفتح الصين قاعدة بحرية في جيبوتي. ولكن ما هو الدليل على هذه الهيمنة؟ على ما يبدو، فإن الصين مصممة بما يكفي لتظهر نفسها كدولة مهيمنة في الشرق الأوسط بين العرب والفرس، لذا فهي ترتكب إبادة جماعية في شينجيانغ، وتقتل الإيجور (عرق تركي)".

مشروع استيطاني

ونوهت الدراسة إلى أن "هذه الإبادة الجماعية ما بعد الحداثية هي أيضا في جوهرها مشروع استيطاني؛ حيث يغمر المستعمرون الصينيون من عرقية الهان أراضي الإيجور التقليدية. وكل ذلك مرتبط بمشروع جوهرة التاج الصيني: الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الذي يمر عبر هذه المنطقة. وهذا بدوره سيمنح الصين بوابة لاستعراض القوة في الشرق الأوسط.

وذكرت أنه "من وجهة نظر بكين، فإن صراع القوى مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط هو امتداد مباشر للمنافسة العسكرية في غرب المحيط الهادئ". ثم تتناول الدراسة مسارات أخرى، مثل عدد السفن الحربية الصينية وقدرة تحملها والتهديد المحتمل للكيان الصهيوني من التوسع الصيني في المنطقة.

وتختم الدراسة بذكر نقطتين رئيستين في الإستراتجية الصينية القادمة، أولا، إن الصين بحاجة ماسة إلى النفط، وبالتالي فإن التدخل الصيني في الشرق الأوسط مهم.

وثانيا، ترسل الصين إلى حلفاء أميركا إشارة، على أمل أن يحتاطوا ويراجعوا مواقفهم منها. "رسالة الصين إلى اليابان وتايوان وكوريا الجنوبية (ناهيك عن السعودية وإسرائيل) واضحة: أميركا في تراجع،  والصين في صعود، وصعودها كقوة عالمية أمر لا مفر منه".

وأنهى خبراء "معهد هدسون" تحليلهم بشكل ينذر بالسوء، بالقول: "إذا نجحت الصين في خلافة الولايات المتحدة وأصبحت القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، فسوف ينتج عن ذلك تحول كبير في ميزان القوى العالمي، مما يقلل بشكل كبير من نفوذ الولايات المتحدة، وستصل النتائج إلى درجة احتمالية تقويض نمط الحياة التي يمارسها الأميركيون، كشعب حر يتحكم بمصيره".

أسئلة مهمة

وبحسب الموقع الأميركي، فإنه لقد صار للصين حاجة متزايدة للنفط. تستخدم الصين باكستان وجيبوتي كبوابة إلى البحار الغربية، وسيكون للصين في النهاية قوة بحرية مركزة أكثر من الولايات المتحدة، وسيؤدي الصعود الصيني إلى قيام بعض "الحلفاء" للولايات المتحدة بالابتعاد عنها، وأن يكونوا على مسافة متساوية من واشنطن وبكين.

وأشار الموقع إلى أن البحث لا يجيب على بعض الأسئلة الأساسية، مثل: لماذا من المهم بالنسبة للغرب أن يضمن تدفق النفط من الشرق الأوسط، في حين أن إنتاج النفط في أعلى مستوياته على الإطلاق والغرب على وشك تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة؟ أو ما هي الأهمية الإستراتيجية للشرق الأوسط ؟ أو، لماذا تعتبر موازنة الصعود الصيني مع باكستان أو إيران عبء الغرب وحده، وليس الهند أو دول الخليج العربي على سبيل المثال؟.

ومن الأسئلة أيضا: هو القلق من الدعم الصيني لإيران، والذي قد يجعل السعودية وإسرائيل غير مرتاحتين ولكن ليس له تأثير مادي على بريطانيا أو أوروبا أو الولايات المتحدة؟أو، ألا يجب أن يقع العبء الاجتماعي والسياسي المتمثل في معارضة الإبادة الجماعية الصينية في المقام الأول على عاتق القوى الإسلامية العظمى؟ وإذا لم يتحدثوا عن ذلك فما هو سبب صمتهم؟.

وبيّن أن "هذه الأسئلة مهمة لفهم وصياغة إستراتيجية مستقبلية. لقد عاد التنافس بين القوى العظمى، وسيشكل التنافس الصيني الأميركي المستقبل. لكن هذا التنافس لا يشبه حرب أجدادنا الباردة، أو الحرب الصليبية العالمية الشاملة بين الديمقراطية والاستبداد".

وتطرق الموقع إلى العقبات التي تواجه الإمبراطورية القادمة، بالقول: إن "الصين ليست الاتحاد السوفيتي. من بعض النواحي، هو أقوى بكثير وأكثر تقدما، لكنها أيضا تعاني من مشاكلها الخاصة تماما كما كان الاتحاد السوفيتي".

ورأى أن "الصين تفتقر إلى الحلفاء، ثم هي محاطة بدول قوية، مثل الهند واليابان وأستراليا. كما أنها تفتقر للجاذبية العالمية، حيث يتزايد عداء بريطانيا وأوروبا للمصالح المالية الصينية. ويعارض الشعب الأميركي بأغلبية ساحقة الصين، بسبب سياسة الحزب الواحد، على غرار المشاعر المعادية لألمانيا".

الجواب الوحيد

ورأى تقرير الموقع الأميركي أن "السبب الوحيد وراء صعود الصين دون أن تتحمل تكلفة مادية لهذا الصعود هو أنها لم تضطر أبدا إلى تحمل أي عبء أمني أو استقرار في العالم الإسلامي، وبالتالي لم تواجه رد فعل عنيف".

وتابع: صحيح أن الصين متوحشة بشكل علني مع سكانها المسلمين، لكن هذا لا يستفز القوى الإسلامية لأن التأثير الصيني بعيد عنهم، ولا تقوم القوات الصينية بدوريات في البصرة أو هلمند".

كما لا نجد السفن الصينية ومشاة البحرية في سوريا وليبيا، وبالتالي، لا تواجه الصين أي رد فعل عنيف من العالم الإسلامي لأن الأضواء العالمية تتجه باستمرار إلى الغرب الذي يحاول منذ مئتي عام الامتداد والسيطرة على هذه المنطقة من العالم، بحسب الموقع.

وبحسب الموقع الأميركي، فإن منطقة أوروبا الغربية ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، تظل مهمة للولايات المتحدة وبقاء الولايات المتحدة كقوة عظمى. أما إفريقيا والشرق الأوسط، فعلى الرغم من أهميتهما، إلا أنهما ليسا محوريين. هذا لا يعني أن الولايات المتحدة والغرب يجب ألا يكونا مستعدين لمنافسة أحد القوى العظمى الذي يهدد المصالح المباشرة لهما".

واستدرك: "ولكن لمجرد وجود تنافس كبير بين القوى، لا يعني ذلك أن المرء يحتاج إلى التنافس في كل مجال وفي كل مسرح. تحديد الأولويات أمر بالغ الأهمية. وتتمثل الإستراتيجية الذكية في السماح للصين بالدخول للمنطقة والتورط فيها. إذا كانت الصين تنخرط بالفعل في الشرق الأوسط، فهذا شيء يجب أن يسعد المرء أن ينقله إلى الصين. فقد عانت فرنسا والإمبراطورية البريطانية والاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة من أجل تنظيم تلك المنطقة. وعليه فدعوا الصين تنضم إلى الدول المتورطة وتستنزف نفسها".