حكومة تكنوقراط.. احتمالات نجاح المشيشي في طي صفحة الماضي بتونس

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "معهد الأعمال الدولية" الإيطالي، تقريرا تحدث عن الظروف التي أحاطت بميلاد حكومة رئيس الوزراء هشام المشيشي المستقلة عن الأحزاب في تونس، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي وأبرز التحديات والصعوبات المستعجلة التي ينبغي حلها. 

وقال الموقع الإيطالي: إن الفريق الحكومي لهشام المشيشي حصل على ثقة البرلمان بعد جلسة استمرت لأكثر من 15 ساعة، بأغلبية 134 صوتا مقابل 67 صوتا رافضا، وهو ما يتجاوز بكثير الحد الأدنى المطلوب وهو 109 أصوات. وفي الثاني من سبتمبر/أيلول 2020، أدت الحكومة التونسية الجديدة اليمين في القصر الرئاسي بقرطاج. 

ويبلغ  المشيشي 46 عاما وهو مستقل، خريج كلية الحقوق، وحاصل على شهادة الماجستير في الإدارة العامة من المدرسة الوطنية للإدارة بفرنسا، وكان أول مستشار للشؤون القانونية للرئيس قيس سعيّد وشغل منصب وزير الداخلية في الحكومة السابقة. 

وهو ثالث رئيس حكومة يتولى هذا المنصب منذ الانتخابات التشريعية الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، بعد استقالة إلياس الفخفاخ في يوليو/تموز 2020، بسبب تهم بتضارب المصالح. وفرض الرئيس قيس سعيّد اسمه وسط استياء من الأحزاب.

حكومة تكنوقراط

أشار الموقع الإيطالي إلى أن الحكومة الجديدة مختلفة عن الحكومات السابقة، إذ تضم عددا أقل من الأعضاء (25 وزيرا وثلاثة كتاب دولة)، كما أن معظمهم تكنوقراط (قضاة وأكاديميون وموظفون حكوميون ومدراء خاصون). 

ووصف الخبير الفرنسي في الشأن التونسي، فنسنت جيسر، في حوار مع الموقع الإيطالي، أعضاء الحكومة الجديدة بأنهم "مجهولون" تماما وغير معروفين  لدى الجمهور، وبين العديد من زملائهم.

وأكد الموقع أنه بهذه الطريقة، هناك رغبة في القطع مع الطبقة الحاكمة في السنوات الأخيرة، بعد تراجع ثقة الرأي العام، واستعادة "تقليد" تعيين كبار المسؤولين الحكوميين الذي تميزت به حقبة ما قبل الثورة. 

وفي هذا الظرف، أعيد اقتراح معادلة "الكفاءة الفنية والإدارية" مع "الفاعلية والنجاح"، على عكس الطبيعة "السياسية" الحصرية التي تعتبر في جوهرها مثيرة للجدل، ومدعاة للانقسام وغير المؤثرة، وفق الموقع.

وشدد المشيشي في كلمته الافتتاحية على أن تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد يتطلب وجود شخصيات مختصة قادرة على التدخل بسرعة وفاعلية لإيجاد حلول للتحديات الحالية، خاصة وأن صبر التونسيين بدأ ينفد من حالة عدم الاستقرار السياسي المستمر.

استياء شعبي

وأشار الموقع إلى أن الحملة الانتخابية للقوائم المستقلة في الانتخابات البلدية في مايو/أيار 2018، ركزت على الطبيعة "الإدارية" و"غير السياسية" للمرشحين والبرامج الخاصة بهم، ورغم عدم اختلافها كثيرا عن برامج الأحزاب، حققت نجاحا بعدما استفادت من موجة الاستياء الشعبي. 

وفي الانتخابات الرئاسية أعيد إنتاج ديناميكية مماثلة شهدت، بشكل غير مفاجئ، تنافس شخصيتين، هما: قيس سعيّد وقطب الإعلام نبيل القروي، والذين بالإضافة إلى اختلافهما الشديد، يُعدان غريبين عن المؤسسة السياسية. 

وفي الأسابيع الأخيرة، أورد الموقع أن "المواطن الرئيس" سعيّد، فرض صلاحياته دون الانصياع لمطالب البرلمان الذي ضغط من أجل حكومة أقل راديكالية في إقصائها لشخصيات حزبية، تعبيرا عن توازن القوى في الميدان بعد الانتخابات. وعلى رأسها، حزب حركة النهضة، حزب الأغلبية، الذي أعلن أخيرا دعمه للحكومة الجديدة، وإن كان ذلك بتحفظات، على الرغم من تردده في البداية وينطبق الأمر نفسه على حلفائه في البرلمان، "قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة".

وعرّج الموقع على الشائعات التي تحدثت عن وجود خلافات بين سعيّد ورئيس الحكومة الجديدة حول بعض التعيينات الوزارية مما دفع الرئيس التونسي إلى الدعوة إلى عدم التصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة بعد أن كلف بنفسه المشيشي بتشكيلها، متعهدا بعدم حل البرلمان. وتدخل سعيّد ليدفع عن نفسه الاتهامات الموجهة إليه مؤكدا مسؤولية البرلمان في اختيار الحكومة.

تحديات هائلة

أوضح الموقع الإيطالي أن من أولويات الحكومة الجديدة على المدى القصير، العمل على الحد من نزيف المالية العامة، واستئناف إنتاج الفوسفات والنفط الذي أوقفته الاحتجاجات الأخيرة وإصلاح الإدارة التونسية ومحاربة الفقر.

وتابع: من الأهمية بمكان التعامل مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحرج المتفاقم بسبب آثار الموجة الأولى من تفشي جائحة كورونا على المستوى العالمي وإجراءات الاحتواء ذات الصلة، والتي أحبطت آمال التعافي في قطاع السياحة، المحرك الأساسي للاقتصاد التونسي، مما تسبب في ارتفاع نسبة البطالة إلى 18 بالمئة في الربع الثاني من السنة.

وتعقد الوضع أكثر بسبب الارتفاع الكبير في أعداد الإصابات المؤكدة بعدوى فيروس كورونا، وما أثاره الهجوم المسلح ضد الحرس الوطني في محافظة سوسة في 6 سبتمبر/أيلول 2020، من مخاوف تجدد "الأعمال الإرهابية"، بحسب الموقع الإيطالي. 

في هذه الأثناء، ذكر الموقع أن عودة الحنين والموالين للنظام القديم لا يتوقف، فقد أظهر آخر استطلاع أجراه معهد ''إمرود كنسلنتغ'' التونسي لاستطلاعات الرأي، صعودا مطردا للحزب الدستوري الحر، القومي اليميني المناهض للإسلاميين بقيادة البرلمانية عبير موسي.

 ووفق هذا الاستطلاع يتصدر "الحزب الدستوري" المركز الأول في نوايا التصويت لدى الناخبين التونسيين بحصوله على 36 بالمئة يليه حزب النهضة 23 بالمئة. بينما تحتل موسي المركز الثاني خلف الرئيس سعيّد في نوايا التصويت بالانتخابات الرئاسية، مما يفتح المجال لسيناريوهات لا تعتبر وردية بالنسبة للديمقراطية التونسية، وفق تقدير الموقع.