بسبب خاشقجي.. هل يقاطع قادة "مجموعة العشرين" قمة الرياض؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "بوبليكو" الإسبانية تقريرا، سلطت فيه الضوء على آخر حكم صدر بحق بعض المتورطين في مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول قبل عامين، واصفة إياها بأنها "محاكاة ساخرة ومهزلة".

وأشارت إلى أن خلف هذه المحاكمة، التي جرت في 7 سبتمبر/ أيلول 2020، يريد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تغطية تورطه في الجريمة، وأن يحضر القادة الأوروبيون قمة "مجموعة العشرين" التي ستنعقد قريبا بالرياض في 21 أكتوبر/ تشرين الثاني 2020.

خاشقجي يطارده

وقالت الصحيفة الإسبانية: إنه "بقدر ما يريد محمد بن سلمان أن يترك وراءه الحادثة المأساوية لمقتل خاشقجي خلال أكتوبر/ شهر تشرين الثاني/ 2018 في القنصلية السعودية بإسطنبول، فإن مقتل الصحفي السعودي سيطارده حتى القبر".

الصحيفة الإسبانية، أكدت أنه رغم محاولة ابن سلمان صرف الأنظار عن الجريمة، إلا أن أكثر من شخص سيتمردون على هذه التحركات. وعلى أية حال، بعد مرور عامين، تظل الإجابات على أبسط الأسئلة مجهولة؛ أولها من أمر بالقتل ومن نفذ العملية وأين توجد الجثة؟

وبينت الصحيفة أن "العديد من المنظمات والمنظمات غير الحكومية والشخصيات الدولية رفضت إلغاء خمسة أحكام بالإعدام بحق المتهمين في الجريمة، أعلنتها الرياض في 7 سبتمبر/أيلول 2020، كما لن يتم إسكات تلك الأصوات في المستقبل. وعموما، يتحمل مسؤولية هذه الجريمة محمد بن سلمان، الذي لولا أمره بتنفيذ هذه الجريمة لما قتل خاشقجي".

وأكدت أن إحدى أقوى الردود جاءت من صحيفة "واشنطن بوست"، الصحيفة التي عمل فيها خاشقجي، والتي أشارت في افتتاحية لها إلى أن إلغاء الحكم القضائي هو بمثابة مناورة ينوي محمد بن سلمان أن يمهد من خلالها الطريق لقمة مجموعة العشرين المنعقدة قريبا في الرياض والتي تمت دعوة القادة الرئيسيين للعالم الديمقراطي إليها.

ورأت الصحيفة أنه يجب على القادة مقاطعة القمة حتى يتضح ما حدث ومن المسؤول عن الجريمة. ومن الواضح أنه إذا عقدت القمة، سينجح محمد بن سلمان في إضفاء الشرعية على موقفه على الساحة الدولية. وتجدر الإشارة إلى أن "الأمير الجبار" ظل بعيدا عن الأضواء خلال الأشهر الأخيرة ويعتقد أن القمة قد تكون بمثابة حبل النجاة بالنسبة له.

شراء الصمت

وذكرت الصحيفة أن محمد بن سلمان منح ملايين الدولارات لأبناء خاشقجي لشراء صمتهم، إلى درجة أن أبناء الصحفي الراحل قالوا في أيار/ مايو الماضي: إنهم "سامحوا" قتلة والدهم. كما تفضل الأسرة عدم التعليق، رغم أنهم ألمحوا في بعض الأحيان إلى أنهم لن يخوضوا في جريمة القتل، وهو موقف لم تشاركه خطيبة خاشقجي التركية، التي لم تخضع للضغوط أو إغراءات المال وأصبحت الصوت الأكثر انتقادا للنظام السعودي.

وبينت أن بلد ابن سلمان سيكون أول بلد عربي ينظم على أراضيه قمة مجموعة العشرين. كما أنه يحظى بدعم إدارة ترامب؛ ليس فقط لتنظيم القمة ولكن أيضا في قضية جريمة إسطنبول. فضلا عن ذلك، أراد الرئيس الأميركي نفسه طي صفحة هذه القضية وعمد إلى حماية الأمير من خلال منع أجهزة المخابرات الأميركية من نشر ما تعرفه عن جريمة القتل.

من ناحية أخرى، ذكرت "بوبليكو" أن نقاد مقتل خاشقجي ليس السيف الوحيد المعلق على رأس محمد بن سلمان. ففي الواقع، هناك عدد غير قليل من القضايا التي تدين ولي العهد السعودي، مثل التفجيرات الممنهجة في اليمن، وقمع المعارضين في السعودية، أو الحصار المشدد على قطر لعدم امتثالها للسياسات المثيرة للجدل لحكام الرياض والإمارات.

وفي 7 سبتمبر/ أيلول 2020، لجأ النظام القضائي السعودي مرة أخرى إلى "تبييض سمعة محمد بن سلمان" من خلال إلغاء الأحكام الصادرة في حق المتهمين الثمانية بقتل وتقطيع خاشقجي، بحسب الصحيفة.

وذكرت أن الأدلة كانت تؤكد أن الحكم يفتقر إلى الحد الأدنى من معايير الشفافية؛ أبرزها أنه لم يتم الكشف عن هوية الجناة. في الآن ذاته، تم تبرئة المتهمين الرئيسيين، نائب مدير المخابرات، أحمد عسيري، والمستشار البارز، سعود القحطاني.

نقطة مفصلية

وذكر حكم المحكمة أنه لم يتم العثور على جثة خاشقجي، لكن طريقة القتل، فقد كانت عبر "الغرق متبوعا بالتقطيع بالمنشار". ولم تظهر هذه الحقائق إلا بعد تحقيق أجرته الفرنسية أغنيس كالامارد، المقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي توصلت إلى هذا الاستنتاج من خلال فحص التسجيلات التركية التي تورط محمد بن سلمان.

ونشرت كالامارد في يوم الحكم نفسه، تغريدة وصفت فيها المحاكمة بأنها "مهزلة تسيء للعدالة"، ولا توفر أي "شرعية قانونية أو أخلاقية" للقضية ولا تكشف حتى أسماء المحكوم عليهم". وتذكر المقررة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تغريدتها أن "كبار المسؤولين الذين نظموا إعدام خاشقجي كانوا أحرارا منذ البداية".

ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، فإن هذه "المسرحية" تستجيب بشكل مثالي لنية محمد بن سلمان لصرف النظر عن القضية وإغلاقها في أقرب وقت ممكن حتى يحضر القادة الكبار اجتماع مجموعة العشرين. لكن، سيتعين على القادة الأوروبيين أن يقرروا خلال الأسابيع المقبلة ما إذا كانوا سيستسلمون لضغوط واشنطن للمجيء أم سيقاطعون الأمير. وباختصار، هذا هو الجانب المفصلي في القضية في الوقت الراهن، دون أن ننسى مبيعات الأسلحة المثيرة للجدل للسعوديين.

وفي الختام، أوردت الصحيفة أن "غياب العدالة في قضية خاشقجي لن يمنع ترامب من حضور القمة. لكن على الأوروبيين إعادة النظر في مشاركتهم فيها. وعلى الرغم من أن صفقات الأسلحة توفر آلاف الوظائف في مصانع الأسلحة الأوروبية، إلا أنه يجب على أوروبا أن تتخلى، وإلى الأبد، عن الاستخفاف والسخرية التي تهيمن على علاقاتها مع الشرق الأوسط والتي تتعارض مع المبادئ التي تدعي الدفاع عنها".