حال فوز بايدن.. هل تعود واشنطن إلى الاتفاق النووي الإيراني؟

12

طباعة

مشاركة

تحدثت كاتبة أميركية عن فرص إيران في إحراز تقدم بملفاتها الكبرى، حال فوز الديمقراطيين بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

ونشر موقع "ديبلوماسي" الإيراني مقالا مترجما كتبته الأستاذة في جامعة جورج تاون الأميركية شيرين هانتر قالت فيه: إنه "منذ عام 2017، حين أصبح دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة وهناك حالة من التدهور المستمر في العلاقات بين إيران وأميركا".

وتابعت: "تسارع التدهور بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في مايو/ أيار 2018، حيث فرضت عقوبات على بيع النفط الإيراني والكثير من القطاعات الاقتصادية الأخرى، حتى أن تفشي كورونا الذي أزهق أرواح أكثر من 20 ألف إيراني لم يخلق الدافع لدى ترامب لتخفيف حملة الضغط أو الموافقة على استيراد طهران المزيد من السلع".

فشل أممي

وأكملت هانتر مقالها بالحديث عن رد الفعل الإيراني تجاه تلك السياسة والمساعي الأميركية الأخرى مضيفة: "في بداية الأمر أظهرت طهران ما أسمته الصبر الإستراتيجي وحاولت أن تقنع الدول الأوروبية الأعضاء في الاتفاق النووي أن تجد حلا لخفض المشاكل الاقتصادية والمالية الناشئة عن العقوبات".

وقالت: "حتى أن إيران تعاملت بحذر في ردها على اغتيال قائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، إلا أن هذه الإستراتيجية لم تؤت ثمارها، ومن هذا المنطق فقد بدأت عملية زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب خطوة بعد خطوة لخلق المزيد من المشاكل للولايات المتحدة".

وعلى الرغم من صبر وحذر إيران إلا أن واشنطن قابلتها بزيادة الضغوط. ليس هذا فحسب بل تسعى حاليا لتمديد حظر التزود بالسلاح المفروض على طهران من قبل الأمم المتحدة.

ولكن المساعي الأميركية في مجلس الأمن باءت بالفشل وحتى حلفاؤها الأصليون أي بريطانيا وألمانيا وفرنسا قد صوتوا بالرفض على مذكرة مشروعها.

وأظهر الفشل الأميركي في مجلس الأمن مدى معارضة الدول الأخرى لسياسة الولايات المتحدة تجاه طهران، وهي السياسة التي لا تتمحور حول شيء سوى الضغط ولا تخلق أي دافع لإيران من أجل التصالح.

وتابعت الكاتبة: "مؤخرا أقدم وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو على محاولة إعادة فرض العقوبات الأممية (العقوبات السابقة للاتفاق النووي) مستندا إلى -آلية عودة العقوبات الأممية- المنصوص عليها في الاتفاق".

ولكن بالنظر إلى الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، فقد اعتبرت مساعي بومبيو غير قانونية وتم رفضها، ومع ذلك فقد أعلن الرجل أنه سيتم إعادة فرض العقوبات على إيران بدءا من 20 سبتمبر/ أيلول 2020 سواء وافقت الأمم المتحدة أم لم توافق".

موقف الديمقراطيين

وتطرقت الكاتبة في مقالها إلى موقف الديمقراطيين في أميركا من سياسات ترامب ومدى الأضرار الإنسانية التي تعرضت لها إيران بعد أزمة كورونا وطريقة تعاملهم معها حال وصولهم للبيت الأبيض.

ونوهت إلى أنه على الرغم من أن حكومة ترامب قد صعدت من تصريحاتها وإجراءاتها المعادية لإيران، إلا أن الديمقراطيين لم يكونوا واضحين في انتقاد سياساتها.

وكان انتقادهم الأصلي هو أن سياسات ترامب لم تؤثر أبدا ولم تؤد إلى سقوط الحكومة الإيرانية أو حتى تجبرها على قبول مطالب الولايات المتحدة أو التوقف عن أنشطتها في الشرق الأوسط، وهم منزعجون من أن سياسات حكومته، جعلت أميركا منعزلة على المستوى الدولي أكثر من إيران.

لم يُشر الديمقراطيون إلى الأضرار الإنسانية الإيرانية التي تسببت فيها العقوبات حتى بعد أزمة كوفيد-19، هذا بالإضافة إلى أنهم لم يقدموا أي برنامج واضح ومحدد حول كيفية تنفيذ الأعمال في حال دخولهم البيت الأبيض. وخلاصة الأمر أن ردود أفعالهم حول قضية طهران كان أكثرها انتقادا لترامب وليس تقديم بدائل مناسبة لسياساتها.

وتابعت: "عند الحديث عن التفاصيل، نرى أن تصريحات مستشاري السياسة الخارجية للمرشح الديمقراطي للانتخابات جو بايدن أقرب ما تكون لمواقف حكومة ترامب، فعلى عكس ما يتوقعه الكثيرون، حال فوز بايدن، لم يكن موقفهم مبنيا على أساس عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي".

وأضافت هانتر أن التمعن في تصريحات مستشاري بايدن يجعلنا لا نتفاءل كثيرا بقدومه. على سبيل المثال قال المرشح المحتمل لمستشارية الأمن القومي لبايدن، توني بلينكن: إن الولايات المتحدة لن تعود إلى الاتفاق النووي إلا إذا عادت إيران لتعهداتها في الاتفاق ذاته.

وأردفت: "ما نفهمه من هذه التصريحات أن إيران يجب أن تعكس عملية زيادة مخزونها من اليورانيوم المخصب قبل عودة أميركا إلى الاتفاق النووي، هذا بالإضافة إلى أن بلينكن قد أشار إلى أن كل العقوبات ستظل كما هي في فترة الاتفاق المؤقت، ونسبة موافقة طهران على اقتراح كهذا ضئيلة للغاية".

وزادت الكاتبة: "بما رأته إيران من تعامل أميركا في الاتفاق النووي، فإنها لن تُقدم على عكس خطواتها في التراجع عن تعهداتها في الاتفاق النووي إلا إذا اطمأنت من عودة واشنطن إلى الاتفاق وخفض العقوبات".

كما قال بلينكن: إن الولايات المتحدة تريد أن تتفاوض حول اتفاق أطول وأفضل مع إيران، ولكنه لم يقدم أي توضيحات حول مقصده من كلمة "أفضل"، هل ما يقصده هو أن يلغي حق طهران في التخصيب؟ أم مقصودة هو عقد اتفاق جديد يشمل الصواريخ الإيرانية وأنشطتها الإقليمية؟

لو كان هذا التفسير صحيحا، فلا يمكننا التوقع بتحسن الأوضاع وحل الخلاف بين الجانبين في رئاسة بايدن، فإيران لن تتراجع عن حقها في التخصيب أو الصواريخ إلا لو جاءت هذه المطالب في إطار برنامج أكثر شمولا ينص على خفض ترسانة الأسلحة في المنطقة، حيث تُعد الصواريخ الإيرانية هي القدرة الرادعة الأصلية لها، بحسب الكاتبة.

فيما أكد بقية مستشاري بايدن وخاصة جيك ساليفان على دبلوماسية الإبقاء على الضغط الحالي المفروض على إيران.

قيود دبلوماسية

كما تحدثت هانتر في نهاية مقالها عن الدبلوماسية الناجحة لإتمام التصالح والتسوية وقارنت بين الرئيس السابق باراك أوباما ونائبه بايدن.

وقالت في السياق: "يبدو أن مستشاري بايدن يعتقدون أن الدبلوماسية تستطيع أن تحل القضايا من تلقاء نفسها، ولكن الأمر ليس كذلك، تنجح الديمقراطية إذا ما كان هناك ميول لعقد التسوية لدى الطرفين، وحينما تستخدم الدبلوماسية للتحذير فقط حتى ولو كانت تحمل لهجة محترمة ولينة، فسوف تفشل أيضا".

وأضافت أن باراك أوباما قد نجح في التوصل إلى اتفاق مع طهران لأنه كان لديه ميول للتصالح وخلق الدوافع لإيران للمصالحة، ولكن تصريحات بايدن لا يوجد بها أي دليل على استعداده أو ميوله نحو التسوية.

وأردفت: "قد لا تعطينا تفسيرات تصريحات مستشاري بايدن توقعا قطعيا عن طريقة تعامل بايدن ومن الأفضل أن تكون هكذا، ولكن لو كانت هذه التصريحات تعكس في حقيقتها آراء وميول بايدن فلا يوجد أمل كبير في تحسن علاقات الولايات المتحدة وإيران".

وترى أن النهج الأكثر إيجابية من قبل الحكومة الديمقراطية المحتملة للاقتراب من طهران هو عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي وإلغاء جزء من العقوبات على الأقل، وبعدها تطلب من إيران العودة إلى تعهداتها في الاتفاق النووي.

وقالت: "يجب على حكومة بايدن أن تعطي للشركات الأميركية تصريحا بالتعاون مع إيران بشكل تدريجي، وأن تسوي الخلافات حول القضايا الإقليمية وبقية المواضيع عن طريق الحوار".

واختتمت مقالها قائلة: "لكي يكون أي انفتاح في العلاقات ممكنا، يجب على إيران أيضا أن تقوم بدورها. ستدرك طهران عاجلا أم آجلا أنه يتعين عليها التحدث عن القضايا الإقليمية والاهتمامات المشتركة مع الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى".

بدون مثل هذه المحادثات، وحتى لو عادت الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، لا يمكن توقع عودة العلاقات الاقتصادية بالكامل على الصعيدين الإقليمي والدولي إلى حالتها الطبيعية، تخلص الكاتبة.