جهود للوساطة.. هل ينجح الناتو في نزع فتيل الحرب بين أنقرة وأثينا؟

12

طباعة

مشاركة

تدرك قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" أن مهمتها الرامية لخفض التوتر الجاري بين تركيا واليونان ليست سهلة، فالألغام والمطبات اعترضت طريق المساعي الألمانية للتهدئة، فيما تصر أثينا على رفض الدخول في مفاوضات مع أنقرة قبل "وقف تهديدها"، حسب وصفها.

وفي مقال للكاتب محمد بارلاس، نشرته صحيفة "صباح" التركية، قال: إن "الدخول في حل وسط بين اليونان وتركيا يعد أمرا دقيقا للغاية وواقعيا جدا لحلف الناتو، وذلك لأن السياسيين الرخيصين بشكل خاص، مثل (مانويل) ماكرون، (الرئيس) الفرنسي، يستمتعون بالصيد في المياه العكرة. كما لو أن اليونان ليس لديها عيوب أخرى، فإنهم يعتبرون استفزازها أمرا صعبا؛ إنهم يتجاهلون الماضي الاستعماري لفرنسا ويتظاهرون وكأنهم يتبعون خطا عادلا".

ترحيب تركي

ونقل الكاتب عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قوله: إن "الأمين العام لحلف الناتو أعلن مبادرة لعقد اجتماعات بين العسكريين الأتراك واليونانيين على خلفية التوتر شرقي المتوسط، وإن بلاده تدعم هذه المبادرة".

وشدد أكار، على أن "القوات المسلحة ستحمي حقوق ومصالح تركيا وفقا للقوانين الدولية"، مشيرا إلى أن "اليونان سلّحت 16 جزيرة في بحر إيجة في خطوة تعد انتهاكا لاتفاقية لوزان".

ومع ذلك، يضيف الكاتب: "نحن نعلم بناء على وقائع مشابهة في التاريخ، أن الحرب في بعض الأحيان هي مسألة وقت وعلى سبيل المثال لو تساءلتم أين الأرجنتين وأين إنجلترا، سترى أن الأولى دخلت في حرب مع الأخيرة بسبب فوكلاند، ومن باب أولى أن نعرف أن جزيرة ميس أو الجزر الـ12 ليسوا أبدا بعيدة كبعد فوكلاند ومع ذلك نشبت الحرب، فكيف بظروف جيوسياسية مثل الحاصلة اليوم بين تركيا واليونان؟".

وتعتبر حرب فوكلاند حربا غير معلنة اشتعلت في عام 1982 بين الأرجنتين والمملكة المتحدة على إقليمين اثنين واقعين في جنوب المحيط الأطلسي، تابعين لبريطانيا، وهما: جزر فوكلاند وأقاليم جورجيا الجنوبية، وساندويش الجنوبية الملحقة بها.

وبدأ النزاع عندما غزت الأرجنتين -في 2 أبريل/نيسان في عام 1982- جزر فوكلاند واحتلتها، وتلا ذلك غزوها لجورجيا الجنوبية في اليوم التالي، في محاولة لإثبات سيادتها -التي طالبت بها- على هذه الأقاليم.

وفي 5 أبريل/ نيسان من العام ذاته، أرسلت الحكومة البريطانية فرقة عمل بحري للاشتباك مع سلاح الجو والقوات البحرية الأرجنتينية، قبل شن هجوم برمائي على الجزر. استمر النزاع لمدة 74 يوما، وانتهى باستسلام الأرجنتين في 14 يونيو/ حزيران 1982، وعادت جزر فوكلاند للسيطرة البريطانية.

خطوط حمراء

وبحسب الكاتب، فإن الأمر نفسه بالنسبة لتركيا التي لديها خطوط حمراء وإذا كان الاقتراب اليوناني من مياهها الإقليمية حتى 12 ميلا، فهذا يعني نقطة اللا عودة بالنسبة لها.  

وخلال الأيام الماضية جرى رصد تحركات عسكرية يونانية غير معتادة في جزيرة ميس، وتقع هذه الجزيرة -التي تفرض اليونان عليها سيادتها- على بعد كيلومترين فقط من ساحل بلدة كاش التركية في ولاية أنطاليا، وتبعد عن البر اليوناني أكثر من 580 كيلومترا.

وأعرب الكاتب عن أمنيته العودة إلى الوراء ولو قليلا، بالقول: الكل يتمنى لو أن الولايات المتحدة لو لم تأت من بعيد لتحتل العراق، لو كان ذلك لم يحدث حقا ما قتل نحو مليون عراقي ولم تصبح البلاد مشتتة ومنقسمة. وذات الأمر مع ليبيا التي باتت الآن بلادا تعسة حزينة وهي البلاد الثرية، إذ اتضح أن القذافي كان رجلا حكيما. واتضح أن وحدة أراضي الدولة المسماة ليبيا كانت مرتبطة بخيط من القطن، فهل يملأ الجنرال حفتر الفراغ الذي تركه القذافي؟".

وتابع: نحن نعلم أنه عندما يسود السلام والصداقة بين ضفتي بحر إيجة، يكون هناك بحر من الوفرة والازدهار. لقد أثبت التاريخ القريب والبعيد هذه الحقيقة دائما. عندما تولى السياسيون اليونانيون، أصحاب الرؤية الضيقة والعقل المنغلق والمعرضين للاستفزاز، السلطة في أثينا، غرقت هذه الدولة في أزمات غير متوقعة. فليس ما عاشته اليونان من حرب وانقلابات ولا أزمات بالشيء الجديد عليها؛ فهل ننسى أن انقلاب العقيد الأخير انتهى بالتدخل التركي في قبرص؟

وشدد الكاتب على ضرورة أن تعلم اليونان أن السبب وراء وجود الجزر الـ 12 بين يديها في الوقت الراهن ليس بسبب الانتصار في الحرب العالمية الثانية. ومنذ أن هُزمت إيطاليا، التي لعبت دورا أساسيا في حرب البلقان في عام 1912 واستولت على هذه الجزر، في الحرب العالمية الثانية، مُنحت هذه الجزر لليونان بموجب اتفاقية باريس في عام 1947؛ لذلك يجب ألا تنسى اليونان هذه الحقيقة.

وختم محمد بارلاس مقاله بالقول: مع ذلك دائما الخلاصة "السلام دائما خير من الحرب. ويمكن أيضا العثور على حل داخل السلام".

مناورات تركية

وفي 5 سبتمبر/أيلول 2020، أفادت وزارة الدفاع التركية بأن القوات المسلحة التركية وقيادة قوات السلام في جمهورية قبرص الشمالية تعتزمان إجراء مناورات في البحر المتوسط، في حين تحدثت اليونان عن مؤشرات على دعم أميركي لموقفها في المتوسط.

وقالت وزارة الدفاع التركية: إن المناورات مع قبرص الشمالية ستكون في الفترة ما بين 6 و10 سبتمبر/أيلول الحالي تحت اسم عاصفة البحر الأبيض المتوسط.

وأشارت الوزارة في بيان إلى أن هذه المناورات السنوية بين البلدين تشمل تدريبات للقوات البحرية والجوية تزامنا مع مناورات للقوات البرية.