نجوم هوليوود لم يحتاجوا للتوسل والبكاء مثل شيرين عبد الوهاب!

حسام الغمري | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تُرى ما هو نوع القهر الذي مارسته الأجهزة الأمنية ضد المطربة شيرين عبدالوهاب قبل أن يُسمح لها بمداخلة عبر الهاتف على الهواء مباشرة في برنامج عمرو أديب لتبكي وتعتذر للسيسي وتطلب منه الصفح والغفران أمام الملايين من المشاهدين؟! هل هددوها بمستقبلها في الغناء أم بالسجن والتعذيب أو ربما بما هو أدهى وأمر؟

يعجز خيالي عن وضع تصور لنوعية الحوار الذي دار بين الجنرال الذي تم تكليفه بهذه العملية الخطيرة التي تمس أمن مصر القومي -وفق مفهومهم للأمن القومي- وبين المطربة شيرين حتى نجح ذلك الجنرال الفذ في اخضاعها تماما وإحكام السيطرة عليها بعد تحطيم دفاعاتها وكسر كبريائها الأنثوي والفني، فشيرين التي عُرفت بعفويتها الشديدة في الحديث وزلات لسانها المتكررة، كانت شديدة الانضباط -اسكربتيا- أثناء حوارها عبر الهاتف مع عمرو أديب، ولم تخرج عن النص الموضوع لها ببنت كلمة، ما يثبت نجاح قوات السيسي التام في تركيع شيرين.

لعل حضرات الجنرالات يفضلون تسميتها بمعركة شريين الكبرى، حيث كان النصر المؤزر حليفهم، ترى هل منح السيسي جنراله الذي أخضع شيرين نوط الشجاعة، أم منحه وسام نجمة شيرين من الدرجة الأولى ليزين بزته العسكرية!! 

الشيء المثير للعجب والسخرية أيضا، أن ما فعله هؤلاء الجنرالات في معركة شيرين الكبرى أثبت بما يدع مجالا للشك ما قالته المذكورة أثناء حفلها في البحرين "اللي بيتكلم في مصر بيتحبس"، أي أن سلوكهم معها جاء فقط ليؤكد ويثبت بالدليل ما قالته أو –بلغة موظفي الحكومة– وقع عليه وختمه بختم النسر، ليصبح إرهاب دولة السيسي حقيقة دامغة لا تقبل الشك، وأن مصر في عهده أمست جمهورية للخوف والفزع، ولا يُسمح لكائن من كان ما دام يتمتع بالجنسية المصرية أن يوجه لوم أو عتاب أو حتى نقد رقيق لنظامه، وإذا وسوس لك شيطانك ودفعك لتوجيه نقدا لهذا النظام وأنت في الخارج فمن الأفضل أن تبقى حيث أنت، وأن لا تحلم برؤية نيلها الحبيب مرة أخرى!!

الحق أقول لكم، أن ما قالته المطربة شيرين بالضرورة يعكس الواقع الذي رصدته داخل مصر في محيطها الفني، أو في الأوساط القريبة منه سواء الصحفية أو الإعلامية بالمعنى الواسع، وأن ما رصدته يضغط دون شك على عقلها الباطن وضميرها المرهق بدليل ما قالته على المسرح في البحرين لمجرد شعورها بالابتعاد المكاني ولو قليلا عن المناخ الضاغط على الحريات الأساسية في بلادها.

ولكن ما قيمة ما قالته المطربة شيرين عبد الوهاب إذا ما قورن بما قاله الممثل العالمي روبرت دي نيرو، الذي قال عن الرئيس الأمريكي ترامب عام 2016 "إنه كلب غبي وأريد أن أصفعه". لا أحد في النظام الأمريكي أجبر دي نيرو أن يعتذر من ترامب أو يتوسل له أمام الملايين كي يصفح عنه.

كما وصفت المطربة الكولومبية شاكيرا، التي تقيم إقامة شبة دائمة في الولايات المتحدة خطابات ترامب بالعنصرية، وأنها تهدف لتقسيم الدولة التي لطالما روجت للتنوع والديمقراطية، ورغم عبارات شاكيرا القوية المباشرة، لم يعتبر يفكر أحدهم في الـCIA مثلا أن تصريحات المطربة الكولومبية الأصل خطر على الأمن القومي الأمريكي!

وفي عام 2018، وأثناء حفل توزيع جوائز الأوسكار عبر مطرب الراب "كومون"، عن مدى استياءه من الرئيس ترامب بأغنية تقول بعض كلماتها "نحن نرقص في هذه الأيام بين الحب والكراهية، إن الرئيس الذي اختار أن يقف في جانب الكراهية لا يتحكم في مصيرنا، لأن الله عظيم، وعندما يحبطوننا فإننا نبقى في الأعالي، وأنا أقف مع السلام والحب وحقوق المرأة"، والخبر الجيد أنه لم يصدر قرار بإيقاف "كومون" عن الغناء في الولايات المتحدة الأمريكية، كما لم تصدر توجيهات لأي إذاعة أو محطة تلفزة بمنع بث أغانية للجمهور !! 

وفي نوفمبر من نفس العام، وبعد اندلاع حرائق التهمت منازل بعض نجوم هوليوود في كاليفورنيا، كتب ترامب على تويتر : "شكر لرجال الإطفاء"، ثم شن هجوما على إدارة الغابات فى ولاية كاليفورنيا قائلا: "لا يوجد سبب لهذه الحرائق الضخمة سوى أن إدارة الغابات سيئة للغاية، مليارات من الدولارات يتم إعطائها سنويا للإدارة ومع ذلك يفقد الكثيرون حياتهم، وكل هذا بسبب الإدارة السيئة،  أصلحوا هذا الآن وإلا لن يكون هناك أموال من الحكومة". فردت عليه المطربة الأمريكية كيتي بيري قائلة: "هذا الرد بلا قلب، كثير من العائلات الأمريكية الطيبة فقدت منازلها بينما أنت تكتب هذه التغريدة"، فيما قالت المخرجة أفا دوفيرنى معقبة على تغريدة ترامب "هذا الرجل متخلف لن أتوقف عن قول هذا"، أما المطرب نيل يونج، الذي فقد منزله فى الحرائق، نشر بيانا على موقعه الخاص ينفى فيه اتهامات ترامب لإدارة الغابات، وقال إنه أيضا يتمنى للحزب الديمقراطي الذي فاز بمجلس النواب، وأنه يقوم بعمل اللازم لإيقاف ترامب!! 

بالطبع لا يمكن مقارنة ما قالته المطربة المصرية شيرين عبدالوهاب من حيث حدة النقد بتعليقات نجوم هوليوود ضد ترامب، بل يجب أن نؤكد أن شيرين لم تشر إلى السيسي بالاسم، ومع ذلك تم إرهابها وتركيعها لتخرج إلى العامة بالصورة التي سمعها ملايين المصريين في برنامج عمرو أديب باكية معتذرة متوسلة!!

أسد علي وفي الحروب نعامة
ربداء تجفل من صفير الصافر
هلا برزت الى غزالة في الوغى
بل كان قلبك في جناحي طائر

لعل هذه الأبيات لشاعر الخوارج عمران بن حطان هي خير وصف لهذا النظام الذي عرف كيف يستأسد على امرأة ويدفعها للبكاء والتوسل على الهواء وأمام ملايين من البشر، في الوقت الذي نراه منبطحا أمام الأجندة الصهيونية في المنطقة، ولم يجرؤ على رد الإهانة التي وجهتها له السفيرة الأمريكية السابقة في مصر آن باتريسون، حين وصفت الجيش المصري بأنه غير مهني فشل في مواجهة 1000 متمرد مسلح في سيناء. 

فهلا برزت أيها الحجاج الجديد الذي قهرت المطربة شيرين إلى آن باتريسون في الوغى أم أنك تستأسد فقط على المصريين وفي الحروب نعامة!!