بلومبيرج: 3 عوامل رئيسية تذكي الخلاف على ثروات المتوسط

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

تحدث جيمس ستافريديس الأميرال المتقاعد من البحرية الأميركية والقائد السابق في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، عن التنافس القديم على ثروات البحر المتوسط الإستراتيجية والخلافات المتجددة على الحدود البحرية.

وقال ستافريديس وهو كاتب عمود في بلومبيرج في مقال نشرته المجلة الأميركية: إنه وباعتباره يونانيا أميركيا عاش في أثينا لمدة ثلاث سنوات، وبصفته بحارا سابقا، فقد عرف جيدا شرق البحر الأبيض المتوسط، الذي كان مفترق طرق إستراتيجي عبر التاريخ لليونانيين والفرس والمصريين واليهود والفينيقيين والرومان والصليبيين.

وأضاف: "كلما أبحرت في المياه خلال الحرب الباردة وبعدها، كان هناك خلاف شديد حول الحدود البحرية، والمطالبات المتضاربة بالموارد الطبيعية، والضغوط الجيوسياسية الأخرى الناجمة عن العلاقات غير المستقرة بين اليونان وتركيا وإسرائيل وقبرص وسوريا".

وتابع: "لسوء الحظ، لم أر أمورا أكثر تقلبا في شرق البحر المتوسط ​​مما هي عليه الآن، حتى في الفترات التي كانت فيها إسرائيل في قتال ضد جيرانها".

عوامل التوتر

وعن العوامل الدافعة لهذا التوتر، يشير العميد الفخري لكلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تافتس إلى أن الاضطراب الحالي ينبع إلى حد كبير من اكتشاف رواسب كبيرة من النفط والغاز الطبيعي في قاع البحر.

وتقدر الاكتشافات بنحو 2 مليار برميل من النفط و4 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهو ما دفع دول المنطقة للتحرك بقوة لاستغلال هذه الثروة. 

وفي يناير/كانون الثاني 2019، تم تشكيل تحالف لتطوير واستغلال هذه الموارد، يتكون من إسرائيل ومصر وإيطاليا واليونان والأردن دون تركيا.

وقد تسببت هذه الخطوة في غضب الأتراك الذين أرسلوا سفن استكشاف وحفر النفط برفقة سفن أخرى حربية تابعة للبحرية التركية.

ودخلت سفينة الاستكشاف التركية الأولى Oruc Reis، ما تعتبره اليونان مياهها الإقليمية هذا الصيف، مما رفع التوترات إلى مستوى جديد، حيث دان الاتحاد الأوروبي تصرفات أنقرة.

أما ثاني الأسباب فهو أن شرق البحر المتوسط ​​أيضا منطقة عبور للسفن الحربية التركية والروسية التي ترسل أسلحة إلى الأطراف المتصارعة في الحرب الأهلية الليبية.

وتدعم تركيا الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس، بينما تدعم روسيا (إلى جانب مصر والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى) قوات المتمردين التابعة للجنرال خليفة حفتر.

ويحاول الاتحاد الأوروبي فرض حظر أسلحة على أطراف النزاع الليبي، "مثلما فعلت أثناء قيادتي لقوات منظمة حلف شمال الأطلسي خلال الحرب الأهلية عام 2011"، وفق ستافريديس. 

وفي يونيو/حزيران 2020، كادت الأمور أن تتطور إلى مواجهة عسكرية بين السفن الحربية الفرنسية والتركية.

ويدعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مزاعم اليونان وقبرص التي تدعو لوقف الإجراءات التركية في المنطقة التي تعتبر "خطا أحمر".

وقال ماكرون للصحفيين نهاية أغسطس/آب: "عندما يتعلق الأمر بالسيادة على البحر المتوسط​​، يجب أن أكون ثابتا في الأفعال والأقوال، يمكنني أن أخبركم أن الأتراك لا يدركون ولا يحترمون ذلك"، وفق تعبيره.

أما نقطة الخلاف الثالثة فهي الصراع بين اليونان وتركيا حول حدودهما الإقليمية في بحر إيجة، حيث اقترح رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس مؤخرا تمديد حدود بلاده البحرية الإقليمية على جزرها في الجانب الغربي الإيطالي من اليونان من 6 أميال بحرية إلى 12 ميلا بحريا، وهو ما حذرت تركيا، بأنه سيكون سببا في نشوب حرب.

وفيما دعا وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى إجراء محادثات بشأن المسألة، أكد الأميرال البحري الأميركي المتقاعد "أعرف أكار جيدا منذ أيام الناتو، وهو قائد حكيم وعقلاني، سيفعل ما في وسعه لصنع السلام، ولكن لا يبدو أن هناك رغبة كبيرة في التفاوض في الوقت الحالي".

صراع يخدم روسيا

ويخدم السيناريو برمته في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​مصالح روسيا، وفوق كل شيء، يتسبب ذلك في حدوث انقسامات خطيرة في حلف الناتو.

وفيما لم ينسجم الأتراك واليونانيون في المواقف أبدا، فإنه نادرا ما تتطور الخلافات بين البلدين إلى هذا الحد، في ظل اصطفاف فرنسا بقوة وراء أثينا ومحاولة ألمانيا، التوسط دون تحقيق أي نجاح يذكر.

ويقول ستافريديس: "نظرا لأن تركيا تشعر بأنها بعيدة عن كل من الناتو والاتحاد الأوروبي، فإن ذلك يعزز نزعة الرئيس رجب طيب أردوغان في العمل مع روسيا (على الرغم من دعم البلدين لطرفين متناقضين في ليبيا)".

ونظرا لأن تركيا تشعر بأنها أكثر ابتعادا عن هذا التحالف، فقد تكون أكثر ميلا لشراء أسلحة متطورة من موسكو، كما فعلت بالفعل مع نظام الصواريخ الروسي المتقدم S400، وفق الكاتب.

وتزيد هذه التطورات من تأكيد الاعتقاد في أوروبا والشرق الأوسط بأن الولايات المتحدة تحاول فك الارتباط عن المنطقة. وقد غذى هذا الانطباع إعلان واشنطن الأخير عن خططها لسحب القوات من العراق، وكذلك تعليقات إدارة دونالد ترامب بشأن مغادرة سوريا وأفغانستان.

وبدلا من التملص، يجب على الولايات المتحدة أن تحاول العمل كوسيط في الخلاف بين تركيا واليونان وفرنسا وقبرص، وفق ستافريديس.

ويبدو أن واشنطن بدأت العمل في هذا الاتجاه، حيث أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في 2 سبتمبر/أيلول "نحث الجميع على التهدئة لتقليل التوترات والبدء في إجراء مناقشات دبلوماسية".

وفي سياق متصل، دعا الأميرال الأميركي السابق واشنطن إلى إيجاد حل لمشكلة S400 (ربما من خلال حل تقني لمنع النظام الروسي من العمل البيني مع بقية دفاعات الناتو الجوية) والعمل خلف الكواليس مع تركيا لحل المشكلات العالقة في جزيرة قبرص التي تسيطر عليها جزئيا القوات التركية.

وتابع: "أي توتر في هذا البحر قد ينتهي بإطلاق سفن حربية تابعة لحلف الناتو النار على بعضها البعض، وهذه ستكون نتيجة سيئة بشكل لا يمكن تصوره".

وختم بالقول: "يحل شرق البحر الأبيض المتوسط الذي شهد نصيبا وافرا من القتال على مر القرون، محل بحر الصين الجنوبي والخليج العربي باعتباره النقطة البحرية الساخنة البارزة في العالم".