توقيف صلاح دياب وفتح ملف شفيق.. هل يخشى السيسي من الدولة العميقة؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تزامن القبض على رجل الأعمال صلاح دياب، صاحب صحيفة "المصري اليوم، مع فتح ملفات فساد للفريق أحمد شفيق، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، وأخرى لجمال وعلاء نجلي الرئيس المخلوع الراحل حسني مبارك.

هل هناك في الأفق ما يخيف نظام عبد الفتاح السيسي من رجال مبارك والدولة العميقة ما جعله يشن هذه الهجمة الممنهجة والمتوازية على كل هؤلاء الأشخاص في آن واحد؟.

هل ظهرت أي علامات أو بوادر من هؤلاء الأشخاص ما يوحي بأنهم يخططون لشيء ما على الصعيد السياسي مستقبلا، وهو ما أشعر السيسي وأجهزته بالقلق والخوف؟.

العشاء الأخير

نشر الحقوقي المصري أحمد سامح، عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قائلا: "الأستاذ صلاح دياب دعا الفريق أحمد شفيق للعشاء ودار بينهما حديث ودي وإنساني وتطرق لبعض الكلام في السياسية.. العشاء كله كان مسجلا صوتا وصورة بدون سابق معرفتهم بهذا.. وحديثهما أغضب سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورجال البلاط الحاكم".

وفق وسائل إعلام محلية بينها صحيفتا "الأهرام" و"الجمهورية" المملوكتان للدولة، فإن القبض على صلاح دياب في 1 سبتمبر/ أيلول 2020، جاء لـ"التحقيق معه في اتهامه بعدة قضايا مالية"، دون تقديم توضيحات أخرى بهذا الخصوص.

بينما أكدت صحيفة "الأخبار" أن دياب يواجه عدة اتهامات أبرزها الاستيلاء على أراضي الدولة" في القضية المعروفة إعلاميا باسم "أراضي شركة نيو جيزة".

دياب، هو أحد المقربين لنظام الرئيس الراحل حسني مبارك، ووفق مراقبين فإن بينه وبين السيسي "ما صنع الحداد"، وهو ما ظهر مبكرا خلال ولاية السيسي الأولى.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، أوقفت السلطات دياب ونجله و12 رجل أعمال آخرين، على خلفية عدة اتهامات بينها "العدوان على المال العام"، وقررت المحكمة آنذاك التحفظ على أمواله.

ثم أحالت النيابة العامة دياب، إلى المحاكمة الجنائية بتهمة حيازة أسلحة وذخيرة، ثم أخلى سبيله بكفالة 50 ألف جنيه، قبل أن يصدر حكم ببراءته في سبتمبر/أيلول 2017.

"المصري اليوم"

دياب، من رجال الأعمال البارزين، وله استثمارات كبيرة في قطاعات عدة، منها "العقارات والبترول والزراعة"، وهو مؤسس جريدة "المصري اليوم"، التي تعد إحدى كبريات الصحف الخاصة.

في خضم هجوم الدولة على دياب عام 2015، سربت مصادر أمنية معلومات نشرتها صحف محلية بأن "السبب الرئيس للحملة ضد رجل الأعمال يتمثل في إجباره على الموافقة على بيع صحيفة المصري اليوم، إلى مؤسسة (إعلام المصريين) التابعة لجهاز المخابرات العامة.

المصادر أكدت رفض دياب 3 عروض لاستحواذ تلك المؤسسة المخابراتية المالكة لصحيفة (اليوم السابع) وقنوات (أون تي في) وصحيفة (صوت الأمة) على معظم أسهم مؤسسة (المصري اليوم) وحق إدارتها أيضا".

فيما أكد دياب لوسطاء عديدين في ذلك الوقت استحالة تخليه عن "المصري اليوم"، واصفا الصحيفة بأنها "مشروع عمره في مجال الإعلام، وأنه يعد نجله لإدارتها بشكل كامل من بعده، وليست لديه أية نية للتخلي عنها"، وأنه في المقابل أكد للوسطاء التزامه بالحدود المتفق عليها مع أجهزة الدولة والمخابرات. 

وفي أبريل/ نيسان 2020، نشر دياب، سلسلة مقالات تطرح أفكارا لتطوير وتنمية سيناء في عموده الخاص "نيوتن"، ما أغضب الأجهزة السيادية، وأدى إلى إحالة صحيفة "المصري اليوم" إلى التحقيق أمام المجلس الأعلى للإعلام، وتم تغريم الصحيفة ربع مليون جنيه، ومنع دياب من كتابة عموده لمدة 3 أشهر.

فضفضة شفيق

الكاتب الصحفي المصري بلال فضل، ربط في تدوينة له على حسابه الشخصي بموقع "فيسبوك" بين اعتقال رجل الأعمال صلاح دياب، وإعادة محاكمة الفريق أحمد شفيق، رئيس وزراء مصر الأسبق، والمرشح السابق لانتخابات رئاسة الجمهورية.

فضل قال: "قراءة خبر إعادة اعتقال رجل الأعمال صلاح دياب ما تنفعش في رأيي من غير قراءة خبر فتح التحقيق في قضية فساد قديمة لأحمد شفيق، وواضح إن في حد متضايق من قعدات الصيف في البلكونات وما فيها من فضفضة ورحرحة، بس أيا كانت التفاصيل، المضحك إن لسه في ناس عاقلة وكاملة مصممة تندهش وتجيب سيرة العدالة والقانون والمؤسسات والكلام الكسكسي على حمصي ده".

في 30 أغسطس/ أب 2020، حددت محكمة الاستئناف، يوم 5 سبتمبر/أيلول 2020، لإعادة محاكمة شفيق، بعد قبول طعن النيابة العامة على براءته واثنين من قيادات وزارة الطيران المدني السابقين في قضية فساد مالي بالوزارة، وتسهيل الاستيلاء على المال العام، والتي تعود إلى عام 2012.

ورغم أن الفريق شفيق كان من رموز الثورة المضادة، ومن قادة الحملة التي مهدت للإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي، عندما غادر البلاد ليستقر في الإمارات، لكنه بعد ذلك أعلن اعتزامه منافسة السيسي في انتخابات الرئاسة 2018، قبل أن يعاد إلى مصر قسرا في ظروف غامضة، ويلزم الصمت، حتى إعلان محاكمته مؤخرا.

آل مبارك 

في 30 أغسطس/ أب 2020، حصل أحد المواقع الإخبارية العربية، على وثائق ملف فساد ضخم يجري التحقيق فيه حاليا من قبل جهاز الكسب غير المشروع المصري التابع لوزارة العدل.

وفق المنشور، فإن الملف أثبت تورط عائلة الرئيس المخلوع ( علاء وجمال وسوزان) مبارك، ووزراء سابقين، في قضايا فساد، وتربح بمبلغ 250 مليون جنيه، وإهدار الملايين الأخرى، كما كشف عن وجود بيزنس ثلاثي الأطراف جمع بين سوزان ثابت أرملة مبارك وبين وزيري الإسكان السابقين محمد إبراهيم سليمان، وأحمد المغربي.

كما أنه وفي إطار الاعتقالات الأخيرة، تم اعتقال رجل الأعمال محمود الجمال، وهو والد زوجة جمال مبارك، والمثير للتساؤل حول هذا الشخص تحديدا، أن وسائل الإعلام المصرية التابعة لنظام السيسي لم تذكره، وجاء ذكر اعتقاله في موقع "سكاي نيوز" الإماراتي.

وسبق للصحفي ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، والمقرب من السيسي، أن ذكر في مقاله في سبتمبر/ أيلول 2018: أنه يعلم ما يريده جمال مبارك في الوقت الحالي، ملمحا إلى "وجود صفقة مع الإخوان لاستغلال خصومتهما مع النظام الحالي".

وأشار إلى التحركات الأخيرة للثنائي، كونهما يسعيان لاستقطاب الجماهير إليهما من جديد بعد سنوات من الإطاحة بوالدهما من الحكم، كنوع من جس النبض لاختبار رغبة الشارع في التصالح مع نظام المخلوع في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية الحالية.

وقتها رد علاء مبارك عبر تويتر: "تخاريف، هرتلة  تدل على سطحية وفقر في التحليل وقراءة الأحداث وعلى شخصية ضعيفة قابلة للتحول في أقل من الفيمتو ثانية. شفاه الله". 

وفي 11 فبراير/ شباط 2019، اشتعلت مبارزة كلامية بين علاء مبارك، والإعلامي عمرو أديب، على خلفية نشر الأول مقطعا يسخر من تحول الإعلامي الشهير بين تأييد مبارك والثناء عليه عندما كان رئيسا، والهجوم الحاد عليه حاليا.

وقتها قال أديب موجها كلامه لأبناء مبارك: "مينفعش جمال بيه يحكمنا، وإذا كان مبارك قائد تاريخى يكمل لكن محدش يجي بعده، يعني اعملولنا تداول للسلطة، امال أنا قعدت فى البيت ليه". 

وأردف أديب :"علاء بيه انتهى، لا أنت ولا جمال بيه هترجعوا تاني، مش هتحكموا تاني".

وبموجب القانون يحرم علاء وجمال مبارك من ممارسة حقوقهما السياسية حتى عام 2021، بسبب إدانتهما مع والدهما في قضية فساد القصور الرئاسية، إلا أن الثنائي انخرطا في الحياة العامة خلال السنوات السابقة من خلال الظهور في المناسبات العامة كحفلات الزفاف وتقديم واجب العزاء، والتجمعات الكروية. 

ومع اقتراب انتهاء فترة المنع من ممارسة الحقوق السياسية، يخشى السيسي من عودة جمال وعلاء بدعم من رجال الأعمال، وأقطاب الدولة العميقة، للعب دور أكبر خلال المرحلة المقبلة.