لبنان الكبير.. حلم انتهى بالفشل بعد مئوية سياسية معقدة

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة فرنسية أن الأزمة السياسية والمالية والأمنية التي تعصف ببيروت، طغت على الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس لبنان الكبير. 

وتشير صحيفة لاكروا في تقرير لها نشرته بـ30 أغسطس/آب، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يرغب في الترحيب بـما وصفه بـ "الكيان السياسي المعقد والنادر والثمين في الشرق الأوسط" وهو لبنان.

وأوضحت أنه في سياق محزن للغاية، يحتفل لبنان هذا العام بالذكرى المئوية لتأسيسه. 

وعانى هذا البلد، كما تشير لاكروا، من أزمة متعددة الوجوه لعدة أشهر، حيث أصيب قلبه النابض، في 4 أغسطس/ آب، بانفجار عدة آلاف من نترات الأمونيوم في ميناء بيروت. 

ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أن اللبنانيين غاضبون بقدر استيائهم من جمود طبقتهم السياسية، وأنه ليس لديهم روح حزبية.

فعلى الرغم من كل الصعاب، حاول إيمانويل ماكرون إحياء ذكرى 1 سبتمبر/أيلول 1920، خلال الزيارة القصيرة التي أجراها إلى بيروت، التي أصابتها المحن والمصائب، في ذات اليوم من عام 2020.

وشدد الإليزيه على أن "الأمر يستحق أن نتذكر كم هو نادر وثمين الكيان السياسي المعقد الذي تأسس في ذلك اليوم، ويمثل شيئا ذا قيمة كبيرة في الشرق الأوسط"، متابعا أنه من الواضح أن الأمر لا يتعلق بالاحتفال بالولاية أو العمل الاستعماري، بل ما يجعل لبنان أكبر، من خلال تجميع سكانه. 

ويضيف بيان الإليزيه، بحسب لاكروا، أنه في ظل وجود الكثير من اليأس، فإن الزيارة تعد فرصة للرئيس الفرنسي ليكرر أن هذا البلد له مستقبل، وأنه رسالة للجميع.

1 سبتمبر 1920

على درجات بيت الصنوبر، الذي أصبح الآن مقر السفارة الفرنسية في لبنان، كان يجلس اللواء غورو، المفوض السامي الفرنسي، في 1 سبتمبر/ أيلول 1920 بين البطريرك الماروني ومفتي بيروت. 

ولفتت الصحيفة إلى أن الثلاثة كانوا محاطين بمسؤولين من طوائف دينية أخرى وجنود وشخصيات فرنسية أو لبنانية يرتدون زيا جميلا.

و"أمام كل الشعب"، أعلن ممثل فرنسا المُنتدِبة في بضع جمل نابضة بالحياة، إنشاء لبنان الكبير "بعظمته وقوته، من نهر الكبير إلى أبواب فلسطين وإلى قمم جبل لبنان".

وبذلك، حسب التقرير يكون قد تحقق حلم الموارنة وفشل مشروع سوريا الكبرى.

قال الجنرال غورو حينذاك أمام الحضور: إن لبنان لن ينحصر بعد الآن في جباله التي "عززت قوة بلدكم من خلال بقائكم الحصن المنيع لإيمانه وحرياته"، بل سيشمل الآن بيروت وطرابلس وسهل البقاع الثمين.

وعلى الفور، تم تعيين "حاكم دولة لبنان الكبير" (فرنسي)، يساعده "مدراء الخدمات العامة" اللبنانيون، و"لجنة إدارية" مكونة من 15 عضوا على أساس مجتمعي.

وتذكر أنه في الأشهر التالية، وقع انتخاب رئيس (ماروني)، وسك عملة وطنية تختلف عن الليرة السورية على غرار تشكيل محكمة النقض والإبرام، وتحديث الشرطة والدرك. وتقول: "وقتها، كانت الأمة الفتية تستعد للانطلاق".

ذكرى مختلف عليها

تقول الصحيفة: إنه في لبنان، هذه الذكرى غير مُرضية. فالأول من سبتمبر/أيلول ليس عطلة وطنية ولا يؤدي إلى أي مظاهرة، على عكس 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1943 تاريخ انتهاء الانتداب الفرنسي (الاستقلال)؟

وتذكر لاكروا أنه في نفس الوقت تقريبا من العام 2019، سن الرئيس ميشال عون سنة من الاحتفال "لتذكر الثمن الباهظ الذي دفعه أجدادنا لهذا التكريم".

وتشير إلى خطابه المتلفز لاقى استقبالا سيئا للغاية في أنقرة، لا سيما عندما زعم أن "إرهاب الدولة العثماني ضد اللبنانيين، خاصة خلال الحرب العالمية الأولى، أودى بحياة مئات الآلاف".

لكن اللبنانيين أنفسهم منقسمون كما يذكر التقرير، حيث اعترفت نايلة حمادة، رئيسة الجمعية اللبنانية للتاريخ، بأن "بعض الناس يأسفون على أن لبنان أنشأه الأوروبيون، في حين أنه، حسب رأيهم ، كان يجب أن يكون جزءا من سوريا".

وأضافت أن هناك آخرين يحاجون بقولهم إنه من المفيد التذكير بالظروف التي تأسس في ظلها البلد، وتركزت على إثره حدوده في حين لا يزال آخرون يأسفون على المشروع الأولي الذي لم ينجح.

تقول الصحيفة: إن الإليزيه يدرك جيدا أنه لا يوجد "إجماع" على التاريخ، لكن إيمانويل ماكرون يستغل المناسبات للتذكير بدعم باريس للبنان.