سهى عرفات.. بوق دحلان المروج للتطبيع والمتيمة بعطايا الإمارات

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أنظمة عربية باركت إعلان الإمارات التطبيع مع إسرائيل، وأصوات أخرى لشخصيات معروفة وشهيرة أعلنت تأييد أبوظبي في موقفها المفاجئ ودافعت عنه بشدة.

سهى عرفات، أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات "أبو عمار"، كانت من بين  تلك الأصوات، عندما ظهرت على قناة "كان" الإسرائيلية في 28 أغسطس/آب 2020، لتبارك إعلان الإمارات التطبيع، داعية الآخرين إلى أن يحذوا حذوها.

قبل ظهورها على القناة الإسرائيلية، كتبت سهى عرفات على حسابها بـ"إنستغرام" اعتذارا لأبوظبي وقيادتها عن قيام فلسطينيين بحرق العلم الإماراتي.

اعتذارها للإمارات وتأييدها التطبيع أثار غضب كثير من الفلسطينيين، الذين شنوا حملة انتقاد ضدها، إلا أنها قررت الظهور بالقناة العبرية، مهاجمة السلطة الفلسطينية، كما هددت بكشف المستور إذا لم يتم إيقاف الحملة عليها، قائلة: "سأفتح أبواب الجحيم.. يكفي أن أنشر قليلا مما أعرفه، وسأحرقهم أمام الفلسطينيين".

كما حذرت عرفات في مقابلتها مع القناة الإسرائيلية من قطع مخصصاتها، التي قالت إنها 10 آلاف يورو، تدفعها السلطة الفلسطينية بشكل شهري.

اعتذار وهجوم

كتبت عرفات على حسابها بـ "إنستغرام": "أريد أن اعتذر باسم الشرفاء من الشعب الفلسطيني إلى الشعب الإماراتي وقيادته، عن تدنيس وحرق علم الإمارات في القدس وفلسطين، وعن شتم رموز دولة الإمارات الحبيبة. هذا ليس من  شيمنا وأخلاقنا ولا عاداتنا ولا تقاليدنا".

ذلك الأمر عده مراقبون إساءة بالغة إلى الفلسطينيين الرافضين للتطبيع، كونها اعتبرت الفلسطينيين الذين أحرقوا العلم الإماراتي غير شرفاء، وقدمت اعتذارها للشعب الإماراتي وقيادته، بالنيابة عن بقية الشرفاء، حد قولها.

سهر عرفات اعتبرت التطبيع مع إسرائيل مجرد رأي لا ينبغي أن يفسد للود قضية، قائلة: "الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضية"، لكنها لم تعتبر الذين أحرقوا علم الإمارات يعبرون عن رأيهم من اتفاقية التطبيع، بل هاجمتهم بشدة.

الصحف الإماراتية احتفت باعتذار أرملة عرفات، فنقلت صحيفة "الإمارات اليوم" ما خطته سهى عرفات على حسابها بإنستجرام، وأبرزت صحيفة الاتحاد اعتذار سهى للشعب الإماراتي وقياداته.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

اريد ان اعتذر باسم الشرفاء من الشعب الفلسطيني الى الشعب الاماراتي وقيادته عن عن تدنيس وحرق علم الامارات في القدس وفلسطين وعن شتم رموز دوله الامارات الحبيبه. هذه ليس من شيمنا واخلاقنا ولا عاداتنا ولا تقاليدنا. الاختلاف بالرأي لا يفسد للود قضيه. اقول لاجيالنا ان تقرأ التاريخ جيدا لتعرف كيف كانت الامارات ماضيا وحاضرا تدعم الشعب الفلسطيني والقضيه ولحد الان. اعتذر لشعب وقياده الامارات عن اي ضرر صدر من اي فلسطيني لهذا الشعب المعطاء اللطيف الذي استقبلنا دائما بكل ترحاب. واعتذر من ام الامارات سمو الشيخه فاطمه بنت مبارك عن هذه التصرفات الغير مسؤوله.

A post shared by Suha Arafat سهى ياسر عرفات (@officialsuhayasserarafat) on

قراءة التاريخ

عرفات دعت إلى إعادة قراءة التاريخ، الذي يتحدث عن دعم الإمارات للشعب الفلسطيني، حد قولها، وكتبت: "على أجيالنا أن تقرأ التاريخ جيدا، لتعرف كيف كانت الإمارات ماضيا وحاضرا تدعم الشعب الفلسطيني والقضية، ولحد الآن"، لكنها لم تدع إلى قراءة التاريخ المتعلق بحق الفلسطينيين بالأرض، ولا إلى التاريخ الذي يسرد جرائم إسرائيل.

وفي سياق اعتذارها، ركزت عرفات على العطاء الذي تقدمه الإمارات وكتبت: "أعتذر لشعب وقيادة الإمارات عن أي ضرر صدر من أي فلسطيني لهذا الشعب المعطاء اللطيف الذي استقبلنا دائما بكل ترحاب".

ولم تنس في السياق الاعتذار من الشيخة فاطمة، والدة محمد بن زايد، فكتبت: "وأعتذر من أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك عن هذه التصرفات غير المسؤولة".
 

ويبدو أن عرفات تقصد العطاء الذي تقدمه الإمارات لها ولمن هم على شاكلتها، لأن السلطة الفلسطينية لم تعد تتلقى أي دعم مالي من الإمارات منذ أكثر من 6 سنوات.

وحسب صحيفة لوفيغارو الفرنسية في تقريرها بتاريخ  18 أغسطس/آب 2020، فإن الإمارات كانت قد قطعت الدعم المالي عن السلطة الفلسطينية عقب خروج دحلان من فلسطين وإقامته في الإمارات.

ورغم أن الدول العربية أقرت في قمة الكويت المنعقدة في 2010، بتوفير شبكة أمان مالية للسلطة الفلسطينية بقيمة 100 مليون دولار، لتوفير المرتبات وتغطية نفقات الدولة، إلا أن الإمارات كانت من أوائل الدول التي تخلت عن تعهداتها وقطعت دعمها عن السلطة الفلسطينية.

قطع الإمارات الدعم المالي، جاء عقب قطع الولايات المتحدة الدعم المالي المقدر بـ300 إلى 350 مليون دولار سنويا للسلطة الفلسطينية، على خلفية تحركات الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأمم المتحدة نهاية 2012، والتي أفضت إلى حصول فلسطين على العضوية غير الكاملة في الأمم المتحدة، حسب الناطق السابق باسم حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، إيهاب بسيسو.

لسان واحد

اللهجة التي تبنتها عرفات، هي ذاتها التي تتبناها الأجهزة الإماراتية، ويطلقها محمد دحلان مستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، سواء في الهجوم على السلطة الفلسطينية أو في تخوين القيادات الفلسطينية الرافضة للتطبيع.

وحسب متابعين، فإن الموقف الذي تتبناه عرفات يخدم دحلان في صراعه مع  السلطة الفلسطينية وقيادات حركة فتح، الخصوم التقليديين لدحلان، في وقت تسعى فيه أطراف دولية وإقليمية إلى الدفع بدحلان ليخلف محمود عباس في رئاسة السلطة.

سهى عرفات عُرفت خلال السنوات الأخيرة، بتبنيها الموقف الإماراتي وموقف دحلان على وجه الخصوص، في الهجوم على حركات المقاومة في فلسطين، وعلى رأسها حركة حماس.

وفي مقابلة سابقة لها نقلتها صحيفة القدس العربي، شنت سهى عرفات هجوما أيضا على ثورات الربيع العربي، بحجة إن هذه الثورات سوف تنشئ ديكتاتوريات جديدة.

تلك المواقف المؤيدة للإمارات وسياستها تجاه القضية الفلسطينية أتت بعد لقاءات جمعت دحلان وعرفات في الإمارات، وكشفت تقارير صحفية عن صور استضافة دحلان لسهى عرفات وابنتها "زهوة" في أبوظبي، في ظل مزاعم بأن أبوظبي دفعت دحلان لاستخدام عرفات كورقة لخدمة مشروعها في المنطقة.

قاتل زوجها

حسب القيادي في منظمة التحرير الفلسطينية، بسام أبو شريف، وأحد مستشاري الراحل ياسر عرفات، فإن "عرفات مات مسموما عبر دس إسرائيل السم إلى معجون الأسنان الذي كان عرفات يستخدمه بشكل يومي".

وكشفت تحقيقات استقصائية عن تورط محمد دحلان بالإشراف على عملية التسميم تلك، بطلب من إسرائيل وأميركا، وكشف الكاتب الفرنسي الإعلامي "إيمانويل فو" في كتابه "قضية عرفات، الموت الغريب للزعيم الفلسطيني"، أن اغتيال عرفات تم بتخطيط من رئيس جهاز الأمن الوقائي حينها محمد دحلان في 2004، وأن ذلك تم بناء على طلب إسرائيلي أميركي.

ورغم ذلك، تجاهلت سهى عرفات تلك الاتهامات، ولم تدع إلى التحقيق مع تل أبيب، كما لم تدع إلى التحقق من تورط دحلان، واكتفت في رسالتها الأخيرة التي كتبتها في أغسطس/آب 2020، بمناسبة ذكرى ميلاد ياسر عرفات، بترديد (اللهم لا اعتراض على مشيئتك)، بل على العكس، وطدت عرفات علاقتها بدحلان، وأيدت قرار التطبيع مع الكيان المتهم بقتل زوجها.

استثمار النضال

سهى عرفات التي تقيم في مالطا منذ سنوات، تتعمد، في كل مرة، المتاجرة بموقف زوجها الراحل، واستثمار تاريخه النضالي وتطويعه لخدمة مواقفها المهادنة للكيان الصهيوني والموالية للأجهزة الإماراتية.

في كل مرة تظهر عرفات مدعية تمثيل زوجها الراحل في المواقف التي تتخذها، ومتحدثة باسمه، مدعية أن عرفات كان سيعمل نفس العمل ويتخذ نفس الموقف  الذي تتخذه لو كان حيا.

في مقابلتها مع قناة كان الإسرائيلية قالت: "لو كان عرفات على قيد الحياة، لما تصرف مع الإمارات كما تفعل السلطة الفلسطينية. كان عرفات سيذهب إلى ابن زايد ويطلب مساعدته ضد نتنياهو، ويطلب منه العمل من أجل إطلاق سراح الأسرى وتغيير صفقة القرن".

ورغم أن مواقف عرفات كانت واضحة للجميع في رفض كل أشكال التطبيع، إلا أن أبوظبي تمكنت من استخدام أرملته كورقة لشرعنة أجندتها، بغية الحصول على تأييد شعبي في المواقف التي تتبناها وتعبر عن طموح الإمارات، ولا تلبي آمال الفلسطينيين.

شعور بالندم

سهى داوود الطويل ولدت عام 1963، في الضفة الغربية لأسرة مسيحية كاثوليكية، والتقت بالرئيس الفلسطيني الراحل، لأول مرة، عام 1985 في باريس حيث كانت تقيم.

وفي عام 1989، عملت معه كمترجم أثناء لقاءاته مع أعضاء الحكومة الفرنسية، وطلب منها، عقب ذلك، العمل معه في مقر منظمة التحرير الفلسطينية بتونس.

لم يدم الأمر طويلا، حتى طلبها للزواج، وفي 17 يوليو/تموز 1990 تزوجا وكانت تبلغ من العمر 27 عاما، غير أن الزواج لم يعلن إلا بعد مرور نحو عامين على زواجهما، وأعلنت اعتناقها الإسلام.

أنجبت سهى عرفات ابنة وحيدة هي زهوة التي ولدت عام 1995، وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، غادرت سهى عرفات فلسطين باتجاه القاهرة ثم باريس.

سهى كانت تعتبر زواجها من عرفات عبئا أعاق حياتها، وفي 2013، اعترفت في مقابلة مع وكالة الأناضول، بأنها نادمة على الزواج منه، وأنها حاولت الانفصال عنه مرارا، غير أنها لم تستطع".

سهى عزت ذلك إلى الانتفاضة التي أطلقها عرفات ضد الإسرائيليين، وقالت: إن (عرفات) كان يواجه أعتى دولة، تملك أضخم مجموعات الضغط، وتسيطر على أقوى وسائل الإعلام، وتساءلت: هل سأكون بعيدة عن مرماهم؟ أنا الحلقة الأضعف".

وعقب وفاة ياسر عرفات أقامت في تونس لفترة، ثم انتقلت للإقامة في مالطا مع ابنتها، ومنذ طرد دحلان من فلسطين وانتقاله للإمارات في 2011، تتردد بين حين وآخر على الإمارات التي قالت، في معرض اعتذارها للإماراتيين: إنهم "يحسنون الترحيب بها على الدوام، ويكرمونها بالعطايا والهبات".