تطورات مهمة.. ما هي رسائل الاتفاق بين إيران ووكالة الطاقة الذرية؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا" تقريرا سلطت فيه الضوء على زيارة الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى طهران، والاتفاق مع السلطات في إيران، على السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية إلى مواقع نووية إيرانية.

وأوضحت الوكالة أن "أميركا قد خسرت لعبتها الرامية لفرض عزلة على إيران بعد رفض مذكرتها المعادية لإيران في مجلس الأمن (تمديد حظر السلاح)، وما زاد الطين بلة على أميركا هو الاتفاق الذي تلى هذا الموقف بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي الأحداث التي أدخلت أميركا في عزلة دولية قبيل الانتخابات الرئاسية هناك".

"خسارة أميركية"

وفي 26 أغسطس/آب 2020، أطلقت كل من إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بيانا مشتركا يؤكد تدعيم التعاون المشترك بينهما، بعد زيارة الأمين العام للوكالة رافائيل غروسي إلى طهران التي استمرت يومين وتخللها مفاوضات على مستويات مختلفة.

وأعلن البيان أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران قد توافقا على تدعيم التعاون المشترك أكثر من أي وقت مضى وتدعيم أطر الثقة المتبادلة لتسهيل وتحسين عملية التنفيذ الكامل لاتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الملحق بها، وهي الاتفاقية التي يتم العمل بها في إيران بشكل مؤقت منذ 16 يناير/ كانون الثاني 2016.

ووفقا للاتفاقية المذكورة، فإن إيران سوف تُسهل بشكل تطوعي وصول الوكالة إلى المكانين المحددين من قِبلها وتسهيل أنشطة التحقق لإنهاء هذه الموضوعات، كما لا يحق للوكالة أن توجه أي أسئلة أخرى لإيران وألا تطلب منها تسهيل الوصول إلى أماكن أكثر من تلك التي وافقت عليها إيران داخل اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الملحق بها.

بحسب "إرنا" الرسمية، فإنه لا يخفى على أحد التعاون البناء المستمر خلال السنوات الأخيرة بين إيران والوكالة، وهو الأمر الذي يؤكده 17 تقريرا أصدرها الأمين العام للوكالة الدولية السابق يوكيا أمانو، حيث أكد في تقاريره على التزام طهران بالاتفاق النووي، وأكد أيضا حُسن نواياها في تنفيذ أنشطة نووية سلمية.

كما تحظى إيران بمرتبة بين الدول الأوائل المتعاونة مع الوكالة، ووفقا لتقرير وكالة الطاقة النووية الإيرانية، فإن 88 بالمئة من عمليات تفتيش الوكالة في عام 2009 كانت في إيران، وقد اختصت إيران بخمس أنشطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأزاد تقرير "إرنا" بالقول: لا شك، أن خفض التعاون بين إيران والوكالة كان رد فعل على تهرب الطرف الأوروبي من تنفيذ تعهداتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي، وأيضا بسبب عدم الالتفات إلى الانسحاب الأميركي الأحادي من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات.

ومن هذا المنطلق فقد أصدر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني قراره بوقف جزء من تعهدات إيران في الاتفاق النووي، وبالفعل تم اتخاذ 5 خطوات متتالية بهدف خلق حالة من التوازن في تعهدات الطرفين في الاتفاق النووي، بحسب التقرير الإيراني.

وفي الوقت الحالي وبعد الاتفاق الذي تم بين إيران و"الطاقة الدولية"، بدأت موجة من رسائل التهنئة من قِبل الدول الفاعلة في الاتفاق النووي وخارجه أيضا، حيث أعربت مساعدة مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي هيلغا اشميت بعد ساعات من نشر البيان عن سعادتها إزاء الاتفاق بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران وتدعيم التعاون الثنائي.

وكتبت هيلغا اشميت على حسابها في "تويتر" قائلة: "أخبار جيدة من طهران حول التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، الاتحاد الأوروبي يثق في الدور الحيادي والمستقل الذي تقوم به الوكالة".

الموقف الدولي

وفي السياق ذاته، كتب المندوب الروسي الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف على حسابه في "تويتر" قائلا: "التقدم الحقيقي! لقد أسفرت زيارة الأمين العام لوكالة الطاقة الذرية رافائيل غروسي إلى إيران عن اتفاقات هامة للغاية تشمل تفتيش مكانين تحددهما الوكالة". ووصف الاتفاق الحاصل بأنه "شهادة أخرى على أهمية التفاوض بدلا من سياسة فرض الضغط".

وفي رد فعل مشابه، ثمنت الصين وفرنسا الدولتان الفاعلتان في الاتفاق النووي الاتفاق الذي تم بين إيران والوكالة وأعربتا عن أملهم في مستقبل هذا الاتفاق، أما عن الداخل الإيراني نفسه فقد أشار رئيس إيران حسن روحاني إلى النتائج والإنجازات الماضية للتعاون بين إيران والوكالة.

وأكد روحاني أهمية الحفاظ على هذه الإنجازات، قائلا: "لقد تم اتفاق جيد في هذه الزيارة أيضا، وهو اتفاق بإمكانه أن يساعد على الحركة في المسار الصحيح من أجل إنهاء جميع المشاكل".

ووصفت "إرنا" البيان المشترك بين إيران والوكالة بأنه باعث على الأمل، وذلك في ظل انتظار حدث آخر سيحدث خلال الأسبوع المقبل وهو الاجتماع المزمع انعقاده لـ"اللجنة المشتركة للاتفاق النووي" من أجل تقييم عملية سير وتقدم الاتفاق والعوائق الموجودة في طريقه، وهو الاجتماع الذي ستترأسه اشميت، أيضا بدلا من مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بورل، وبدعم منه للاتفاق المذكور الذي تم خلال الأيام الماضية، كما أن فرص إنتاجية اللجنة المشتركة للاتفاق النووي سوف تكون مرتفعة.

إخماد الضغوط

ولكن التقرير الصحفي يرى أن الهدف الأهم ورسالة البيان المشترك بين إيران والوكالة الدولية هو إنهاء التآمر الأميركي مع حلفائه الإسرائيليين والعرب في المنطقة، وهناك لاعبون أيضا بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي يسعون إلى القضاء على الاتفاق، ومؤخرا وجهوا خطابا إلى الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتريش" بإيعاز أميركي طالبوا فيه بتمديد الحظر على التسلح المفروض على إيران.

يأتي هذا في الوقت الذي تحولت فيه الدول العربية في المنطقة إلى مخزن للبارود والأسلحة الأميركية، كما خصصت ميزانيات كبرى لبرامجها النووية أيضا، ومن ناحية أخرى فقد أبطل الاتفاق بين إيران و"وكالة الطاقة" تلك التقارير التي ادعاها الكيان الصهيوني، ليخرج رئيس وزراء هذا الكيان خالي الوفاض كالعادة دون استفادة من خطبه الرنانة التي يقوم بها مرة كل عدة أشهر ويتهم فيها إيران بأنشطة نووية غير سلمية، وفقا للتقرير.

وبالاتفاق الجديد بين إيران و"وكالة الطاقة" والسماح للأخيرة بتفتيش الموقعين التي تشك فيهما، فمن المحتمل بشكل كبير أن يخرج علينا نتنياهو في أواخر الشهر المقبل ليكيل ادعاءات واتهامات واهية جديدة لإيران، وفقا للوكالة الرسمية الإيرانية.

وذكرت يقول الكثيرون إنه خلال أقل من شهر وكعادة السنوات الماضية، سوف يوجد نتنياهو على منبر الأمم المتحدة وبيده صورا مختلفة يتهم فيها إيران بأنشطة نووية خفية غير سلمية، كما حدث في موضوع "تورقوزآباد" المكان المخصص لغسيل السجاد والذي ادعى نتنياهو أن به أنشطة سرية وأصبح أضحوكة للعامة والخاصة لفترة طويلة.

ورأت "إرنا" أنه بشكل إجمالي، تسبب الاتفاق بين إيران و"وكالة الطاقة" في إخماد الادعاءات والضغوط الأميركية والمحور العبري العربي، وأظهر أن أعضاء الاتفاق النووي والوكالة مصممون على إنقاذ الاتفاق النووي واستمرار التعاون.

وأنهت الوكالة الإيرانية الرسمية تقريرها التحليلي، بالقول: إن "أميركا أيضا التي سعت حتى الآن إلى توجيه ضربات إلى إيران عبر قنوات مختلفة مثل مجلس محافظي الوكالة وحتى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قد فشلت في النهاية، ومن المتوقع أن تصبح أميركا في موقف أضعف بعد الاتفاق بين إيران والوكالة وإصرار البيت الأبيض على الاستمرار في ممارسة الحد الأقصى من الضغط على طهران سيؤدي إلى مزيد انتقاص اعتبار شخص ترامب في الفترة التي تسبق انتخابات 2020".

مساع أميركية

وفي السياق ذاته، نشر موقع "قدس أونلاين" الإيراني، مقالا للكاتب سيد جلال فياضي، قال فيه: إنه بعد 6 أيام من الرسالة الرسمية الأميركية إلى مجلس الأمن والتي أعلنت فيها نيتها تفعيل آلية الزناد (سناب باك) وفقا للبندين الحادي عشر والثاني عشر من قرار مجلس الأمن رقم 2231، أعلن الرئيس الإندونيسي في اجتماع للمجلس عبر تقنية فيديو "كنفرانس" قائلا: "بالنظر إلى مخالفة أعضاء مجلس الأمن، فلن يتم إصدار أي قرارات ولا يمكن للمجلس أن ينفذ أي إقدامات أخرى في هذا الصدد".

وأكمل الكاتب حديثا عن تصريحات الرئيس الحالي لمجلس الأمن حول القضية ذاتها قائلا: " وفي الوقت الذي أثارت فيه تصريحات رئيس الدورة الحالية لمجلس الأمن ديان ديجاني غضب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة كلي كرافت، وصف السفير الأميركي بقية أعضاء مجلس الأمن بـ"داعمي الإرهاب".

وتابع: قبل ذلك وبعد المعارضة الصريحة من الصين وروسيا والثلاث الدول الأوروبية الكبرى، فقد اعتبرت بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن وحتى إندونيسيا الرئيس الحالي للمجلس والنيجر التي ستصبح رئيسا لهذا المجلس خلال الأيام القليلة المقبلة وباستثناء الدومنيكان، أن أميركا غير مشاركة في الاتفاق النووي والقرار رقم 2231 بسبب انسحابها من الاتفاق النووي عام 2018، لذا فإن البيت الأبيض ليس مخولا بتفعيل آلية الزناد (سناب باك)، ولم يعد هناك أمل لدى أميركا لتنفيذ إجراء آخر سوى النيجر التي سوف تترأس مجلس الأمن خلال الأيام القليلة المقبلة.

تأثيرات ترامب

وأسرد فياضي قائلا: "يبدو أن ترامب -كما كتبتها منذ ثلاثة سنوات- وضع أميركا أمام إحدى أكثر الظروف الانتخابية الترامبية حساسية وجعل أميركا في حالة من العزلة الدولية، وأصبحت الدولة التي تدعي قيادة العالم منعزلة ووحيدة أكثر من أي وقت مضى أمام المواجهة العالمية".

ونوه إلى أنه في الوقت الحالي هناك احتمالان أمام مجلس الأمن، الاحتمال الأول هو أن تقدم إحدى الدول الأعضاء مذكرة قرار باستمرار تعليق العقوبات واستمرار القرار 2231 بعد 10 أيام من الخطاب الأميركي، ولكن بسبب أن هناك 13 عضوا معارضا لأميركا فهم يعلمون أنها تعلق آمالها على الفيتو لوقف هذا القرار، لذا فمن وجهة نظر المراقبين الدوليين، لن تُقدم أي دولة من الدول الأعضاء على عرض مذكرة قرار كهذه.

أما الاحتمال الثاني، يضيف الكاتب: فإنه "وفي حالة عدم تقديم مذكرة قرار من الدول الأعضاء، يجب على رؤساء الدورة الحالية لمجلس الأمن -الإندونيسي حاليا والنيجري في شهر سبتمبر/أيلول 2020- أن يُعدوا مذكرة قرار للعرض على المجلس قبل 30 يوما من التصويت، وعلى الأرجح فإن هذه الدول -لأن الغالبية العظمى من الأعضاء تعتبر أن الإجراء الأميركي في تفعيل آلية الزناد (سناب باك) غير قانوني ولا يعترفون به رسميا- لن تقدم مذكرة كهذه، وسوف تتجاهل الإجراء الأميركي غير القانوني.

وتابع الكاتب: في هذه الحالة فإن الحل الوحيد أمام البيت الأبيض أن تقوم أميركا نفسها – أو الدومينكان- بإصدار مذكرة قرار ينص على استمرار تعليق الحظر -على عكس مذكرة القرار الذي أصدرتها الأسبوع الماضي- ومن ثم تقوم باستخدام حق الفيتو في إلغائها! ولن يكن لهذا الإجراء معنى سوى أنها عملية بهلوانية سياسية تحمل السخرية من مجلس الأمن.

وتحدث فياضي حول استخدام الاحتمال الأخير للولايات المتحدة وموقفها في مجلس الأمن وسبيل خروج ترامب من هذه الأزمة، قائلا: وقد يضع هذا التحدي مجلس الأمن في معرض الخطر والانهيار الهيكلي، كما سيفضح حقيقة حق الفيتو أكثر من أي وقت مضى، ما يمكن أن يحافظ على مكانة أميركا الدولية في مقامرة دونالد ترامب الانتخابية الكبرى هو القبول الحافظ لماء الوجه لرأي رئيس مجلس الأمن الإندونيسي ديان ديجاني وهو: "لا تنفذ أي إجراءات، ويؤرشف".