صحيفة إسبانية: الإمارات تحقق مصالحها دون اعتبار للقضية الفلسطينية

12

طباعة

مشاركة

رأت صحيفة إسبانية أن الاتفاق مع إسرائيل يسمح للحاكم "الفعلي" للإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد بترسيخ مكانة بلاده وجعلها مرجعا للعالم العربي.

في هذا الصدد، وصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى الإمارات 26 أغسطس/آب، ضمن جولة بدأها في الثالث والعشرين من ذات الشهر، ضمت كلا من إسرائيل والسودان والبحرين.

وأوضحت صحيفة البايس أن زيارة بومبيو للإمارات لها هدفان: أولا، إظهار دعم واشنطن لاتفاق تطبيع العلاقات بين الدولة الخليجية وإسرائيل، وثانيا، محاولة إقناع جيران آخرين بالانضمام إلى الاتفاقية، لكن المهمة لا تبدو سهلة. 

وأوضحت أن "الخطوة التي اتخذتها الإمارات هي نتيجة سياسة خارجية مستقلة وجريئة تكسر الحاجز العربي الضيق والراكد"، وفق وصفها.

بالنسبة للزعماء العرب، فإن القضية الفلسطينية هي عامل ثانوي، وفي الحقيقة، هم يسعون إلى دعم تحالفاتهم، في المنطقة ومع الولايات المتحدة، من أجل تعزيز نفوذهم وتأمين اقتصادهم في مواجهة لانخفاض قيمة النفط. 

الشكوك التشاركي

وذكرت الصحيفة أن الإمارات ليست الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي تشارك إسرائيل شكوكها تجاه إيران و"الإسلام السياسي" بشكل عام؛ أو أنها أقامت اتصالات تجارية سرية مع الدولة اليهودية على مدى العقدين الماضيين. 

ومع ذلك، فقد كانت الدولة الأولى والوحيدة حتى الآن، التي تجرأت على كسر الإجماع العربي الذي يقضي بأن "العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل تعتمد على صيغة حل الدولتين، وفقا للمبادرة السعودية لسنة 2002". وعموما، فإن هذا القرار يخدم قبل كل شيء مصالح الإمارات. 

وأشارت الصحيفة إلى قول وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش: إن "بلاده تدعم حل الدولتين في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي". لكن، يشكك بعض المحللين في هذه النقطة الأخيرة. 

في هذا الصدد، يقول سفير غربي عمل في أبو ظبي: "من المتوقع أن تمارس الإمارات المزيد من الضغط على إسرائيل للتفاوض بجدية مع الفلسطينيين لإنشاء دولتهم، لكن القضية الفلسطينية ثانوية بالنسبة لهم". 

ويؤكد الاتفاق الأخير الكراهية المشتركة تجاه التحالف الإسلامي السني الذي تروج له تركيا وقطر، وفق تعبير الصحيفة. ونوهت بأن الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، يسعى  إلى جعل بلاده مرجعا للعالم العربي وحتى خارج المنطقة. 

ومنذ أن تولى مقاليد السلطة، شجع على نوع من القومية الذي يعوض افتقار البلاد إلى الحريات السياسية، مع تعزيز التنوع العرقي والتسامح الديني والروابط الاقتصادية والثقافية.

 ويتطلع محمد بن زايد، إلى جعل الإمارات مركزا إقليميا للتطور العلمي والتكنولوجي. 

خطوات بطيئة

وأوردت الصحيفة أن هذا هو الإطار الذي مهد الطريق للتطبيع مع إسرائيل، بخطوات قليلة تراوحت بين مشاركة رياضيين إسرائيليين في المسابقات الرياضية الدولية المقامة في الإمارات، وافتتاح كنيس ومطعم كوشير (إسرائيلي) في دبي.

في غضون ذلك، وبطريقة أكثر تكتما، أقامت الإمارات علاقات مع الشركات الإسرائيلية التي ساعدت في تطوير نظام أمني؛ تصفه المنظمات الحقوقية الدولية بأنه دولة بوليسية.

ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية أوروبية أن "الإمارات ترى إسرائيل كدولة صغيرة ذات عدد سكان صغير تمكنت من الازدهار في بيئة صعبة من خلال المراهنة على التكنولوجيا وترى فيها إلى حد كبير نموذجا لما تريد تحقيقه". 

وأضافوا: أن "خطة جاريد كوشنر (مستشار الرئيس الأميركي) تناسب الإماراتيين بشكل مثالي".   

وبينت "البايس" أن الفوائد التي تعود على الإمارات، إلى جانب التعاون التكنولوجي والتجاري الذي يتم الإعلان عنه هذه الأيام في الصحافة المحلية، هي في الحقيقة مكاسب سياسية. 

وعلى الرغم من أن البلد الخليجي قد سمح للرئيس دونالد ترامب بتحقيق هدف قبل شهرين من الانتخابات الأميركية، فإن الخطوة التي اتخذتها أبو ظبي ترضي الديمقراطيين وتساعد أيضا في تحسين العلاقات مع المشرعين المنتقدين للتدخل العسكري الإماراتي في اليمن أو ليبيا. 

فضلا عن ذلك، طالب قرقاش إسرائيل بإزالة "أي عقبة" أمام الولايات المتحدة لبيعها طائرات مقاتلة من طراز إف 35، وهو أمر منعه حتى الآن التزام واشنطن بالحفاظ على "الميزة العسكرية" لتل أبيب.

بالإضافة إلى حقيقة أن المفاوضات النهائية لبيعها وتسليمها قد تستغرق سنوات، لا يبدو أنها قضية مركزية في الاتفاقية. ويتساءل مراقب أوروبي متشكك قائلا: "هل ستستخدم الإمارات طائرات إف-35 في مواجهة إيران؟".

وحسب رأيه، تمكن محمد بن زايد من جعل الولايات المتحدة تتوقف عن الضغط عليه فيما يتعلق بقطر، حيث إن العداء مع آل ثاني عميق ولا يمكن إصلاحه". من ناحية أخرى، سيكون "ابن زايد قادرا على إدارة علاقته مع إيران بشكل مستقل".

في الواقع، بدأت أبوظبي بالفعل في إعادة ضبط إستراتيجيتها الأمنية في العام 2019 بعد رد الفعل الأميركي الضعيف على الهجمات على العديد من الناقلات الراسية قبالة الساحل الإماراتي وضد منشآت النفط السعودية. ومنذ ذلك الحين، فتحت الإمارات قنوات حوار مع طهران لتجنب التصعيد. 

ويشير المراقب الأوروبي إلى أنه "رغم القلق من طموحات إيران النووية والإقليمية، إلا أن الإمارات تعتبرها جارة لا تريد أن تواجه معها مشاكل تعيق ازدهارها".