مجلة أميركية: باكستان تنسلخ من عباءة السعودية وترفض إملاءاتها

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت مجلة "ذي ديبلومات" الأميركية، أن تصريح وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، أثار غضب المملكة العربية السعودية مؤخرا بتهديده بعقد اجتماع للدول الإسلامية بشأن قضية كشمير خارج نطاق منظمة الدول الإسلامية التي تقودها الرياض.

وانتقد الوزير في بداية أغسطس/آب 2020، -في تصريحات حادة وغير معتادة- عدم اكتراث المنظمة وتأجيلها الدائم عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء من أجل دعم الكشميريين والوقوف على سبل حل قضية الإقليم.

وفي أعقاب المواجهة، حاولت القيادة المدنية والعسكرية الباكستانية احتواء الموقف، وكرست إسلام أباد جهودها الدبلوماسية في هذا الصدد لإرضاء القيادة السعودية وتأكيد ولائها للرياض.

ولم تتفوه إسلام أباد بكلمة واحدة عن الدول الإسلامية الأخرى التي يمكن أن تصبح جزءا من تحالفها الجديد بشأن كشمير، بحسب مجلة "the Diplomat" التي تغطي منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

في الوقت نفسه، لم تتبرأ وزارة الخارجية الباكستانية ولا رئيس الوزراء من تصريح قريشي بل أيدته. 

لكن من ناحية أخرى، حاولت القيادة العسكرية نزع فتيل الأزمة من خلال التمسك بالخطاب المعتاد القائل: إن "مركزية السعودية في العالم الإسلامي أمر لا شك فيه".

سخط باكستاني

وفي باكستان، اشتهر قريشي بكونه سياسيا محنكا. ويحتمل أن تصريحه لم يأت من دون موافقة مسبقة من القيادة العسكرية والمدنية. وبالتالي يعكس هذا التصريح حالة عامة من السخط في إسلام أباد، ويظهر أن الرياض لا يمكنها الاستمرار في اعتبار صداقة باكستان أمرا مسلما به.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، كانت باكستان تحاول الخروج من الفخ الراسخ المتمثل في الاعتماد على الرياض في معظم احتياجاتها الدبلوماسية والمالية ودعمها داخل العالم الإسلامي. 

وبالاستفادة من هذا الضعف، على مدى عقود، أدار السعوديون السياسة الخارجية لباكستان وكان لهم تأثير وحضور بارز في السياسة الداخلية للبلاد. 

وقد نجحت السعودية في كثير من المرات في كسب جيوب من النفوذ في الأحزاب السياسية وتجنيد دعم الإسلاميين لعلامة الرياض التجارية باعتبارها معقلا للعالم الإسلامي، بحسب المجلة.

وأصبحت المملكة العربية السعودية معتادة على تقويض الحكومات الباكستانية من خلال الدعوة إلى دعم الإسلاميين الذين أغدقت عليهم بالأموال، حيث مولت الرياض حوالي 24000 مدرسة دينية في باكستان.

وبعد بيان قريشي المثير للجدل، زار قادة بارزون في الجماعات الإسلامية في باكستان السفارة السعودية. 

وبالنسبة للكثيرين في إسلام أباد، تدل هذه الخطوة على أن المملكة لا تحتاج إلى موافقة الحكومة الباكستانية لتتحرك في البلاد.

وتقول المجلة: "تم التحقق من صحة التصور العام السائد بأن السعودية تشكل فضاء السياسة الداخلية والسياسة الخارجية لباكستان من خلال مقال كتبه مؤخرا سفير المملكة السابق في إسلام أباد".

وكتب الدكتور علي عوض عسيري، رافضا تصريح قريشي، أن العلاقات بين باكستان والمملكة العربية السعودية "من غير المرجح أن تتعثر بسبب هذا التصريح الصادر عن شخص مضلل". 

وقال السفير: "أين يقف وزير الخارجية قريشي بعد هذا التصريح؟ هل سيذكره رئيس الوزراء عمران خان بالحذر في المستقبل؟".

وحذر الدبلوماسي السعودي السابق كذلك من أنه "إذا كانت إسلام أباد تخطط لقمة أخرى على غرار كوالالمبور (ديسمبر/كانون الأول 2019)، فهذا اقتراح خطير"، وهو أمر لا يمكن توقعه من باكستان.

تغيير الحلفاء

وتنظر السعودية إلى احتمال خسارة الشراكة الباكستانية أو دعم إسلام أباد لخصومها في العالم الإسلامي - وخاصة إيران وتركيا - باعتباره انتكاسة لأمنها القومي ودبلوماسيتها. ومن هنا كانت حساسيتها الواضحة لما يقوله أو يفكر فيه قادة باكستان، كما اتضح من حادثة قريشي.

ومع ذلك، ربما تكون عملية انتقال باكستان بعيدا عن المملكة قد بدأت بالفعل، حيث باتت أقرب من أي وقت مضى إلى تركيا. 

وفي العام 2019، فوتت باكستان قمة كوالالمبور تحت ضغط من الرياض، لكن دعمها لتجمع مستقل عن مباركة المملكة يظهر إلى أين تتجه السياسة الخارجية الباكستانية في السنوات المقبلة. 

ومن غير المرجح أن تلتزم باكستان بالقواعد السعودية بعد الآن، في الوقت الذي بدأت فيه في توطيد علاقاتها مع طهران.

 علاوة على ذلك، نظرا لأن الصين توفر مساحة لالتقاط الأنفاس لباكستان في إدارة سياستها الخارجية وشؤونها الاقتصادية، فقد لا تكون إسلام أباد قلقة بشأن تفضيلات الرياض كما كانت في الماضي.

وتشير المجلة إلى أن تصريح قريشي يدل على الاستياء المتزايد من السعودية في دوائر صنع السياسة في إسلام أباد. 

وتوضح حقيقة تعبير قريشي عن رأيه علنا وبقوة أن الرياض لا يمكن أن تتوقع الاستمرار في الأساليب القديمة المتمثلة في الصراخ بتفضيلات السياسة الخارجية لباكستان كما تشاء.

وبينما اعتبرت الرياض تصريح قريشي تصرفا فرديا، تقول المجلة: "من المهم أن نتذكر أن نفس الشخص، قاد وفدا مهما إلى الصين أواخر أغسطس/آب واستضاف أيضا طالبان الأفغانية في إسلام أباد".

ويتبع رد الفعل السعودي على تصريح قريشي نمطا مألوفا في سلوك الرياض، حيث غالبا ما تهدد المملكة العربية السعودية باكستان بتداعيات اقتصادية وسياسية خطيرة من أجل ضمان الامتثال لأوامرها.  

كما اعتادت الرياض أيضا على الوصول إلى قاعدة الدعم المحلية اليمينية في باكستان إذا لم ينجح ابتزازها للحكومة. 

ويعني التهديد بالابتعاد عن فلك الرياض مع استرضاء السعودية رسميا أن شراكة باكستان مع المملكة ليست قوية على الإطلاق، وبعيدة على أن توحدها ما يسمى بالروابط الثقافية والدينية.