أسقطتها إيران.. 3 أسئلة تبحث عن إجابة في قضية الطائرة الأوكرانية

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قضية الطائرة الأوكرانية التي أسقطتها في إيران مطلع 2020 لم تنته بعد رغم اعتراف طهران بقصفها بصاروخين "عن طريق الخطأ"، وموافقتها على تسليم الصندوقين الأسودين إلى فرنسا لتحليل المعلومات بعد زيادة الضغط الدولي.

في 8 يناير/كانون الأول 2020 تحطمت الطائرة الأوكرانية بوينج (737) بعد وقت قصير من إقلاعها من طهران، ومقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 176 شخصا، وبعد نفي إيران في بادئ الأمر مسؤوليتها عن الحادث، أقرت لاحقا بأنها اُسقطت "عن غير قصد".

رواية أخرى

لا تزال كندا تضغط على إيران من أجل الحصول على مزيد من الإجابات بخصوص إسقاط الطائرة، بعد أن أعلنت إيران، في 23 أغسطس/آب 2020 عن معلومات وصفتها كندا بالـ"المحدودة والمنتقاة".

وقال وزير النقل الكندي مارك جارنو، ووزير الخارجية الكندي فرانسوا فيليب شامبين، خلال بيان في 24 أغسطس/آب 2020: "هذا التقرير الأولي لا يقدم سوى معلومات محدودة ومنتقاة بخصوص هذا الحدث المأساوي".

وفي السياق، قالت مديرة مكتب سلامة النقل في كندا، كايثي فوكس: "هذا التقرير ليس التقرير النهائي لتحقيقات السلامة، لكنه ملخص موجز للمحتويات المستخرجة من الصندوقين الأسودين بباريس في يوليو/ تموز 2020".

وأضافت المسؤولة الكندية: أن التقرير "يتطابق مع المعلومات التي تلقاها خبراء بلادها أثناء مشاركتهم في استخراج بيانات الصندوقين في باريس".

تصريحات المسؤولين الكنديين تأتي ردا على مؤتمر صحفي عقده توراج دهقاني زنغنة، رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية، قال فيه: "19 ثانية من المحادثات سُجلت بين طيارين ومدرب طيار في مقصورة الطائرة بعد سقوط الصاروخ الأول".

وأوضح زنغنة أنه "بعد 25 ثانية أصاب الصاروخ الثاني الطائرة. وكانوا يقودون الطائرة حتى اللحظة الأخيرة". لافتا إلى أن المعلومات التي سجلتها الصناديق السوداء للطائرة، التي تحتوي على بيانات واتصالات أساسية من قمرة القيادة، تشير إلى أن الطائرة كانت "في ممر طيران عادي" قبل انفجار الصاروخ الأول، ما أدى إلى إصابة الطائرة بشظايا.

زنغنة أكد: "في هذه اللحظة، حدثت مشكلة كهربائية في الطائرة وتم تشغيل المولدات الكهربائية المساعدة للطائرة بأمر من مدرب الطيار، وكلا المحركين كانا يعملان في الثواني التي أعقبت الانفجار".

وشدد على أنه "لم يسمع أي صوت من مقصورة الركاب في تلك اللحظة. توقف التسجيل بعد 19 ثانية"، لكن زنغنة أكد أن "تحليل البيانات من الصندوقين الأسودين لا ينبغي تسييسه".

وفي المقابل، نقلت تقارير صحفية في 25 أغسطس/ آب 2020 رواية أخرى عن ذوي الضحايا، إذ يقول أحدهم: "رئيس هيئة الطيران المدني الإيراني أعلن عن التقرير القصير جدا، وكان يهدد ويقول لا تجعلوها قضية سياسية. بلى هي قضية سياسية وليست حادثة عادية".

وتابع: "نحتاج التحرك والضغط على الحكومة الكندية للضغط على النظام الإيراني لنستلم التقرير الصحيح ونعرف من المسؤول عن هذه الكارثة".

ونقل الشخص ذاته عن مصدر أمني في الجيش الإيراني لا يريد الكشف عن هويته، قوله: "3 صواريخ ضربت الطائرة، فالأول لم يصبها، في حين كانت تحاول العودة للمطار، والثاني اتجه نحوها وضربها، والثالث فجرها".

وشدد شخص آخر من ذوي ضحايا الطائرة المنكوبة، بالقول: "نحن كأسر الضحايا لا يوجد شيء لنخسره، بالتالي سنأخذ الجميع للمحاكم الدولية لنحصل على العدالة".

ويمثل إعلان رئيس منظمة الطيران المدني الإيرانية أول تقرير رسمي عن محتويات تسجيلات الصوت والبيانات في قمرة القيادة، والتي تم إرسالها إلى فرنسا لقراءتها في يوليو/تموز 2020.

3 أسئلة

إصرار كندا على رفض التقارير الإيرانية ينطوي على مطالبتها بالإجابة على 3 أسئلة، تعتقد أنها بالغة الأهمية، إذ قالت مديرة مكتب سلامة النقل في كندا، كايثي فوكس: "التحقيق ما زال بعيدا عن نقطة النهاية لأن هناك العديد من الأسئلة الرئيسية التي تحتاج إلى إجابة".

ودعت فوكس، طهران إلى "تحقيق كامل وشفاف وذي مصداقية" للإجابة عن 3 أسئلة، الأول: "ما السياق والعوامل البشرية أو المؤسسية الكامنة وراء كل إجراء أو قرار في تسلسل الأحداث التي أدت إلى إطلاق الصاروخ (الصواريخ) الذي أدى إلى سقوط الطائرة؟".

أما السؤال الثاني الذي سعى مكتب سلامة النقل في كندا للحصول على إجابة عنه فيتعلق بالسبب وراء إبقاء المجال الجوي مفتوحا رغم إطلاق طهران صواريخ على قاعدة عسكرية في بغداد.

والسؤال الثالث الذي طرحه المكتب هو: "كيف قررت الطائرات المدنية (بما في ذلك الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية) مواصلة العمل في المنطقة المتوترة؟ خاصة بعد أن أطلقت طهران صواريخ على قاعدة عسكرية في بغداد".

ويرى مراقبون أن تهرب إيران من الإجابة على هذه التساؤلات يثير علامات استفهام حول ما إذا كان بالفعل قوات الحرس الثوري أطلقت بالخطأ صواريخها تجاه الطائرة المدنية من عدمه، خصوصا مع محاولة طهران الشديدة في بداية الأمر نفي الاستهداف.

وتزامن إسقاط الطائرة مع توتر حاد بين إيران والولايات المتحدة، على خلفية اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني بضربة أميركية قرب مطار بغداد الدولي.

وبموجب قواعد الأمم المتحدة، تحتفظ إيران بالسيطرة على التحقيق بشكل عام بينما تشارك الولايات المتحدة باعتبارها الدولة التي صنعت الطائرة وأوكرانيا بصفتها دولة تشغيلها، كما تلعب كندا أيضا دورا باعتبارها موطن العديد من ضحايا الطائرة المنكوبة.

أزمة التعويضات

وبخصوص تعويض أسر الضحايا، أجرى مسؤولون إيرانيون وأوكرانيون محادثات حولها، ومن المقرر عقد جولة أخرى من المحادثات في أكتوبر/تشرين الأول 2020.

وبينما أكد زنغنة أن "دفع التعويضات سيتم وفق القوانين الدولية، ومن دون تمييز، وسيشمل أي مجموعة أصيبت في حادث إسقاط الطائرة"، فإن غلام رضا سليماني، المدير العام لشركة التأمين المركزي الإيرانية، طالب شركات التأمين الأوروبية بدفع تعويضات عن الأضرار.

وخلال مؤتمر صحفي عقده سليماني في 10 أغسطس/ آب 2020، قال: "الطائرة الأوكرانية مغطاة بشركات تأمين أوروبية في أوكرانيا، ولا تغطيها الشركات الإيرانية. يجب أن تُدفع تعويضات الطائرة من قبل شركات التأمين التي تغطيها".

وفي وقت سابق، قال محسن بهاروند، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون القانونية، حول التعويضات، خلال محادثاته في كييف: إن أساس إيران في هذا الصدد هو "العرف الموجود في النظام الدولي".

وصرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن بلاده غير راضية عن مبلغ التعويض الذي اقترحته إيران، فيما حذر وزير الخارجية دميترو كوليبا من أن بلاده مستعدة لرفع دعوى أمام المحاكم الدولية إذا فشلت المحادثات مع طهران، وأنها ستبذل قصارى جهدها للحصول على أكبر قدر من التعويضات.

وعلى نحو مماثل، أعلن إيفين ينين، نائب وزير الخارجية في يوليو/تموز 2020، أن طهران رفضت التفاوض بشأن التعويضات.

وفي يونيو/ حزيران 2020، أعلنت طهران، القبض على 6 أشخاص في قضية إسقاط الطائرة، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية "إرنا" عن المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين إسماعيلي، قوله: إن "المؤسسة القضائية للقوات المسلحة أوقفت 6 أشخاص في إطار التحقيقات حول حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية، لكنه أُفرج عن 3 منهم بكفالات، وما زال 3 آخرون موقوفين".

وأعلن إسماعيلي أن "أهالي الضحايا يمكنهم التقدم بشكاوى إلى القضاء"، لافتا إلى أن "70 عائلة من أقرباء ضحايا إسقاط الطائرة شاركوا في التحقيقات".

وكان على متن الطائرة الأوكرانية 82 إيرانيا و57 كنديا و11 أوكرانيا و10 سويديين و4 أفغان و3 ألمان و3 بريطانيين، إضافة إلى طاقم الطائرة.