اتهامات متبادلة.. هل تنهار الشراكة بين الجيش والحكومة بالسودان؟
أثارت حرب التصريحات النارية المشتعلة منذ أيام بين الحكومة الانتقالية بالسودان من جهة، وبين قيادة الجيش من جهة أخرى، بشأن استرداد الشركات التابعة للقوات الأمنية إلى وزارة المالية، موجة غضب واسعة بين الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال رئيس الحكومة عبد الله حمدوك خلال حديثه لبرنامج مؤتمر إذاعي: إن "80 بالمئة من شركات القوات المسلحة والقوات النظامية خارج ولاية وزارة المالية، و18 بالمئة فقط تدخل الوزارة من المال العام" مشيرا إلى أن "هذا واحد من أسباب العجز والتضخم الحاصل في البلاد".
لكن رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، رد على حمدوك ضمنيا باتهام جهات بالعمل على إحداث قطيعة بين القوات المسلحة ومكونات الشعب السوداني، وتعليق إخفاقاتها الاقتصادية على شماعة شركات واستثمارات القوات المسلحة من خلال ترويجها لبعض الأكاذيب حول هذه الشركات واستحواذها على مفاصل الاقتصاد.
وجاءت تصريحات البرهان خلال مخاطبته قادة القوات المسلحة برتبة عميد فما فوق، في الخرطوم، الأحد 23 أغسطس/آب 2020، قائلا: إن "القوات المسلحة مدت يدها لوزارة المالية لبسط يدها على مجموعة مقدرة من تلك الشركات للاستفادة منها في تخفيف حدة الضائقة المعيشية، لكنها لم تستجب".
وتشهد السودان من أيام، حالة من الجدل بخصوص الشركات الاستثمارية التي يديرها الجيش، باعتبارها خارج ولاية المال العام الموكل لوزارة المالية، إذ يطالب السودانيون بعودتها تحت مظلة الدولة حتى تصب عائدتها في ميزانية الدولة.
تمتلك منظومة الصناعات الدفاعية، وهي الذراع الاستثماري للجيش، عشرات الشركات التي تعمل في المجالات الحيوية المدنية مثل التجارة في دقيق الخبز واللحوم والأحذية، دون أن تساهم برفد خزينة الدولة بأرباحها، وفقا لخبراء اقتصاديين.
وبدورهم، طالب ناشطون بإعادة تلك الشركات الأمنية والعسكرية التي يستحوذ عليها المجلس العسكري السوداني إلى وزارة المالية لأنها تكونت من مال الشعب، ولأن عودتها للوزارة يدعم الاقتصاد الوطني متمثلا في خدمات الأمن والتعليم والصحة والبنية التحتية والمواصلات وتطوير الزراعة.
واعتبر رواد "تويتر" خلال مشاركتهم في وسمي #استرداد_الشركات_الأمنية، #ولاية_المالية_على_المال_العام، خطاب البرهان غير مسؤول ويحمل تحديا للشعب السوداني وانعكاسا لفساد المنظومة العسكرية واتهاما صريحا للمدنيين بالفشل في إدارة البلاد، وفضا للشراكة بين المدنيين والعسكر.
حلول عاجلة
واتهم ناشطون البرهان بحماية مصالح قلة من القادة العسكريين من أصحاب الاستثمارات، دون النظر للمصلحة العليا للبلاد، داعين حمدوك إلى التسريع في خطوات حاسمة لإعادة الشركات الخاضعة للجيش إلى عهدة وزارة المالية.
وناشد الناشط ابن عوف، حمدوك قائلا: "يا ريس الليلة جنرال الجيش الأكبر طلع ومسح بالحكومة التنفيذية الأرض، أظن الرد عليه بيكون أنكم تضموا شركات ومؤسسات وامتيازات الجيش لوزارة المالية والمال العام".
يا ريس @SudanPMHamdok الليلة جنرال الجيش الاكبر طلع ومسح بالحكومة التنفيذية الارض..اظن لي الرد عليهو بكون بي انكم تبدو تضموا شركات ومؤسسات وامتيازات الجيش دي لوزارة المالية وتخش تبع المال العام.. وبنفس طريقة الجنرال اي مشكلة تلاقيك اطلع وقولا وخلي الباقي علينا..
— Ibn3uf (@HussamIbnouf) August 24, 2020
وتساءلت هدى العباسي عن أسباب اهتمام المؤسسة العسكرية بالعائد المادي للشركات الأمنية دون فتح التجنيد لدفعات جديدة منذ عام 2008؟ مستطردة: "هل سنحفظ أمن بلادنا بالمال؟ ومن هم الذين تدفع لهم المؤسسة العسكرية ليقوموا بذلك؟". وذكرت بأن هيكلة المؤسسة العسكرية من مهام المرحلة الانتقالية حسب الوثيقة الدستورية.
لماذا تهتم المؤسسة العسكرية بالعائد المادي للشركات الامنية دون فتح التجنيد لدفعات جديدة منذ عام 2008؟ هل سنحفظ أمن بلادنا بالمال؟
— هدى العباسي (@VrLw2) August 23, 2020
من هم الذين تدفع لهم المؤسسة العسكرية ليقومون بذلك؟ هيكلة المؤسسة العسكرية من مهام المرحلة الإنتقالية حسب الوثيقة الدستورية #استرداد_الشركات_الامنيه
ورأى مغرد آخر أن وجود شركات الجيش، الأمن، والدعم السريع، هو استمرار للفساد و لهدر موارد البلاد، قائلا: إن "تبعية تلك الشركات لولاية وزارة المالية هى الخطوة الأولى لخروج المؤسسات العسكرية من ممارسة التجارة وعودتها لطبيعة عملها، لأن لا يوجد عسكري يشتغل تاجر محاصيل ولا مواشي ولا ذهب".
وجود شركات الجيش، الأمن، الدعم السريع هو إستمرار للفساد و لهدر موارد البلاد.
— BLACKBOY سودانى (@blackboy) August 23, 2020
تبعية تلك الشركات لولاية وزارة المالية هى الخطوة الأولى لخروج المؤسسات العسكرية من ممارسة التجارة و عودتها لطبيعة عملها.
مافى عسكرى بشتغل تاجر محاصيل و لا مواشى و لا دهب.#ولاية_المالية_علي_المال_العام pic.twitter.com/52ezNXJtEi
وأكد ياسين أحمد وجوب تسليم كل الشركات الأمنية وشركات القتل السريع لوزارة المالية، ساخرا من عمل الجيش في تصدير اللحوم والسمسم والفول السوداني والبنزين والدقيق.
جيش شغال في تصدير اللحوم والسمسم والفول السوداني والبنزين والدقيق يجب تسليم كل الشركات الامنية وشركات القتل السريع لوزارة المالية ،،#ولاية_المالية_على_المال_العام
— YASIN AHMED (@yasin123ah) August 24, 2020
تنظيم الصفوف
ودعا ناشطون الشارع الثوري و"لجان المقاومة" إلى تنظيم صفوفها والاصطفاف خلف حمدوك رفضا لتغول العسكر على السلطة ووقف تمدده واستعادة أموال الشعب المنهوبة، لأن المعركة أصبحت معركة وجود دولة مدنية بالسودان.
وحث الناشط سيما كمير، قوى الثورة إلى تنظم صفوفها والاتحاد، لأن الضغط يحرك السكون، مؤكدا أن ظهور البرهان للمرة الثانية وتصريح رئيس لجنة التفكيك وإزالة التمكين في السودان ياسر العطا، برفض تفكيك مؤسسات وشركات الجيش الاستثمارية مؤشران على أن الأيام المقبلة ستكشف الكثير المثير.
الضغط بيحرك السكون..
— سيما كمير (@SIMAKAMEER) August 24, 2020
ظهور البرهان للمرة الثانية وتصريح ياسر العطا.. مؤشران بأن الايام المقبلة ستكشف الكثير المثير.. وقوي الثورة عليها ان تنظم صفوفها وتتحد#تحقيق_اهداف_ثورة_ديسمبر#استرداد_الشركات_الامنيه#تحديات_الفتره_الانتقاليه
وأكد المغرد كمال مكاوي على حسابه في "تويتر" أن "الشارع والمليونيات هو الطريق الوحيد لأن من الواضح أن العسكر لن يتنازلوا وحمدوك ليس لديه سلطات".
وصف ياسر عطا للمنظومة الدفاعية بانها صندوق ضمان اجتماعي للجنود ويستقطع من مرتباتهم لتمويله هذا كلام غير صحيح حسب المرسوم الجمهوري الذي اقره البرلمان في ٢٠١٧ و من الواضح ان العسكر ما حيتنازلو و حمدوك ما عندوا سلطات.. الشارع و المليونيات هو الطريق الوحيد #استرداد_الشركات_الامنيه pic.twitter.com/H1QV4a3b8w
— kamal makawi (@KamalMakawi) August 23, 2020
وخاطبت زاهية باهر، حمدوك، قائلة: "الشعب معك سوف يدعمك إلى أن يتم #استرداد_الشركات_الأمنية و #ولاية_المالية_على_المال_العام"، مضيفة: "فقط ثق بشعبك وما تدي قفاك للعسكر وأتمني أن تكون وعيت الدرس، وأن الدبلوماسية لا تنفع مع العسكر".
الشعب معك د.حمدوك وسوف يدعمك إلي أن يتم #استرداد_الشركات_الامنيه و #ولاية_المالية_علي_المال_العام
— Zahia Bahar (@khafaso2) August 24, 2020
فقط ثق بشعبك وماتدي قفاك للعسكر واتمني ان تكون وعيت الدرس، وأن الدبلوماسيه لا تنفع مع العسكر.
وتساءل سيف الدين فاضل: "هل يستقيل السيد حمدوك بعد تصريحات البرهان والعطا ردا على تصريحه الجمعة بشأن #استرداد_الشركات_الأمنية و#ولاية_المالية_على_المال_العام؟"، مشيرا إلى أن الصراع كان خفي وحمدوك تعمد عدم إظهاره للجماهير حكمة منه ولكن عندما أصر العسكر على عدم تسليم الشركات للمالية باغت العسكر وأعلن الصراع بدبلوماسية.
هل يستقيل السيد حمدوك بعد تصريحات البرهان والعطا ردا على تصريحة الجمعة بشأن #استرداد_الشركات_الامنية ل #ولاية_المالية_علي_المال_العام الصراع كان خفى وحمدوك تعمد عدم اظهاره للجماهير حكمة منه ولكن عندما اصر العسكر على عدم تسليم الشركات للمالية باغت العسكر واعلن الصراع بدبلوماسية
— SaifEldin Fadl (@Saif2fadlgmail1) August 24, 2020
خيانة البرهان
وصب ناشطون جام غضبهم على البرهان، وتحدثوا عن تبعات سيطرته على اقتصاد الدولة وانشغاله بجني الثروات والاستثمار، إذ دعاه الناشط ثائر الحسن إلى "تسليم شركات الوطن لوزارة المالية فورا".
#استرداد_الشركات_الامنيه
— ثائر الحسن (@maa_wia2020) August 23, 2020
يجب علي البرهان تسليم شركات الوطن لي وزارة المالية فورا
ورأت مغردة أخرى أن البرهان قال للسودانيين: "الحسو كوعكم بطريقة مختلفة"، ساخرة بالقول: "نفس المدرسة ونفس الأستاذ حيتخرج منها ملاك مثلا؟".
البرهان قال لينا الحسو كوعكم بطريقه مختلفه
— ��كنداكه�� (@kando200) August 23, 2020
نفس المدرسه ونفس الاستاذ حيتخرج منها ملاك مثلا؟#استرداد_الشركات_الامنيه
وعقب مغرد آخر على قول البرهان بأن الضائقة الاقتصادية ناتجة عن سوء تخطيط واضح وسوء إدارة لموارد الدولة، قائلا: "سوء الادارة والتخطيط موجود لكن ليس هو السبب الأساسي والوحيد للضائقة المعيشية".
وأكد الناشط أن السبب هو تشوه الاقتصاد واستحواذ الشركات الأمنية على أغلب موارد البلد، بعيدا عن سيطرة الدولة وتمكن رموز النظام السابق بما فيه الشركات الأمنية على السوق والتوزيع والتصدير.
سوء الادارة والتخطيط موجود لكن ليس هو السبب الاساسي والوحيد للضائقة المعيشية.
— Demahom (@am_demahom) August 24, 2020
تشوه الاقتصاد واستحواذ الشركات الأمنية على أغلب موارد البلد بعيدا عن سيطرة الدولة وتمكن رموز النظام السابق بما فيه الشركات الامنية على السوق والتوزيع والتصدير ..الخ هو السبب#استرداد_الشركات_الامنية https://t.co/b3ygijAd4s
وأوضح "التلوبي" أن قوات الشعب المسلحة وجدت لتأمين الشعب وليس للإثراء تطفلا على ثرواته وامتلاك المؤسسات التجارية ليست شأنا عسكريا، بل شأن مدني، والدولة المدنية لا تخضع للموسسة العسكرية بل العكس هو الصحيح.
قوات الشعب المسلحة أوجدت لتأمين الشعب
— Al Tilooby (@altilooby) August 23, 2020
وليس للإثراء تطفلاً على ثرواته
وإمتلاك المؤسسات التجارية ليست شأنا عسكرياً
بل شأنا مدنياً
والدولة المدنية لا تخضع للموسسة العسكرية
بل العكس هو الصحيح
وأكد منتصر الأمين أن دخول الجيش والمؤسسات الأمنية في مجال الاقتصاد بهذا الحجم وبهذه المميزات والإعفاءات، تأثيره سلبا على الاستثمار المحلي والأجنبي، ويعكس صورة سلبية عن اقتصاد الدولة وأنه لا يمكن لأي مستثمر تحقيق أرباح إلا من خلال العمل مع الجيش.
دخول الجيش والمؤسسات الأمنية في مجال الاقتصاد بهذا الحجم وبهذه المميزات والإعفاءات تأثيره سلبا على الاستثمار المحلي والأجنبي.
— ����Montaser Elamin���� (@Montii_Montee) August 23, 2020
ويعكس صورة سلبية عن اقتصاد الدولة وأنه لا يمكن لأي مستثمر تحقيق أرباح إلا من خلال العمل مع الجيش#ولاية_المالية_علي_المال_العام#استرداد_الشركات_الامنيه