فايننشال تايمز: هذه مخاطر "النووي السعودي" بوجود بن سلمان

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، مقالا للكاتب نيك بتلر، سلط فيه الضوء على المخاطر التي يثيرها البرنامج النووي السعودي في ظل وجود ولي العهد محمد بن سلمان.

وقال الأستاذ الزائر في معهد السياسات في معهد السياسات في "كينجز كوليدج لندن" البريطانية، إن "قرار أي دولة بتحسين كفاءة امدادات الطاقة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا الجديدة لن يكون جديرا بالاهتمام في الظروف العادية".

وأضاف: "لكن المملكة العربية السعودية ليست دولة طبيعية، وقد أدى الجمع بين الطاقة النووية المدنية، والمخاوف بشأن إستراتيجية ولي العهد محمد بن سلمان إلى جعل الخطوة السعودية سببا للجدل".

لماذا النووي؟

ولفت الكاتب إلى أن "الخطط السعودية لتطوير الأسلحة النووية ليست جديدة. فقبل 8 سنوات، تم الإعلان عن استهداف بناء 16 مفاعلا على مدار 20 عاما".

وأشار إلى أن "ذلك الالتزام تم تكراره بشكل منتظم، ولكن باستهداف إنتاج 17 جيجا واط من الطاقة النووية بحلول عام 2032 أو 2040".

وأكد بتلر أن "المملكة أجرت نقاشات مع عدد من الدول والشركات القادرة على توريد المفاعلات الضرورية"، موضحا أن "من بين هذه الدول كوريا الجنوبية وروسيا وفرنسا والصين، وكذلك الولايات المتحدة من خلال شركة  وستنجهاوس إلكتريك".

وأردف يقول: "بدأت دراسات مختلفة قبل التطوير. ولكن لم تبدأ أي أعمال بناء"، مبينا أن "تلبية الاحتياجات السعودية المتزايدة من الكهرباء بالكامل تقريبا يتم عن طريق النفط والغاز الطبيعي".

وأوضح بتلر أن "استخدام النفط لتوليد الطاقة الكهربائية، إلى جانب الأسعار المنخفضة للغاية للبنزين (54 سنتا فقط للتر)، يعني أن المملكة تستخدم الآن أكثر من ربع إنتاجها الإجمالي البالغ حوالي 10 ملايين برميل يوميا للأغراض المنزلية".

ولفت إلى أن "نتيجة ذلك خسارة عائدات التصدير المحتملة في وقت تكون فيه أسعار النفط منخفضة".

وتابع الكاتب قائلا: "لهذا السبب تسعى السعودية إلى بناء مفاعل كبير بقدرة تتراوح من 1200 جيجا واط إلى 1600 جيجا واط، وعدد من المفاعلات الأصغر ، وذلك لاستخدامها بشكل رئيسي في مشاريع تحلية المياه".

وأردف: "الحجة الاقتصادية للاستثمار في الطاقة النووية، وكذلك الطاقة المتجددة، قوية. واستدرك قائلا: "لكن الاستحواذ على مفاعلات نووية مدنية أمر معقد بسبب السياسة والخوف من أن الطاقة النووية والأسلحة النووية توأم سيامي، وذلك بحسب قول هانز ألفين الحائز على جائزة نوبل".

أسباب المخاوف

وبخصوص المخاوف من امتلاك السعودية للنووي، قال بتلر إن "هذا التخوف تعزز من خلال التعليقات التي أدلى بها ولي العهد في مارس/آذار الماضي، عندما قال إن المملكة لا ترغب في امتلاك أسلحة نووية، لكن إذا حصلت إيران على قنبلة نووية ، فإن السعودية ستفعل ذلك أيضا".

وزاد الكاتب: "نظرا لأن القدرات والمهارات اللازمة لأي برنامج تطوير نووي تستغرق سنوات لوضعها موضع التنفيذ، فإن زيادة الاهتمام بالبرنامج النووي المدني ليست مفاجئة. لكن البعض يخشون أنه بمجرد تطوير السعودية لقدراتها النووية، فإنها في لحظة أزمة يمكن أن تشتري تكنولوجيا الأسلحة النووية من حليفتها الوثيقة باكستان، وهذا سيدفع دول أخرى في المنطقة إلى أن تحذو حذوها باسم الدفاع عن النفس".

ولفت بتلر إلى أن "مخاطر سباق التسلح النووي في المنطقة معروفة جيدا في الولايات المتحدة". وأضاف "في الآونة الأخيرة، تحدث اثنان من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عن معارضتهم لفكرة بيع الولايات المتحدة التكنولوجيا النووية إلى السعودية، وانتقدوا وجود حوار حول هذا الموضوع بين واشنطن والرياض دون الحصول على موافقة الكونجرس الضرورية لأية معاملات نووية، وذلك بموجب القانون الأمريكي".

وبحسب الكاتب، فإنه برغم من أن الرئيس دونالد ترامب قد يرغب في دعم القطاع النووي الأمريكي المتعثر، إلا أن معارضة الكونجرس تبدو قوية بما يكفي لمنع أي مبيعات من الولايات المتحدة للسعودية، طالما بقي ولي العهد في منصبه.

بدائل السعودية

وحول ما إذا كانت لدى السعودية بدائل في حال امتنعت واشنطن عن تزويدها بالطاقة النووية، أوضح بتلر أن "لدى السعودية خيارات عدة"، مشيرا إلى أنه "من خلال شركة كيبكو النووية، أقامت كوريا الجنوبية علاقات جيدة مع الرياض ولديها المهارات والتكنولوجيا اللازمتين".

كما أشار إلى أن من بين الخيارات أيضا شركة  (روساتوم) الروسية، التي هي الآن واحدة من أنجح الشركات النووية، حيث لديها 36 مشروعا قيد التنفيذ في جميع أنحاء العالم.

وأردف: "لقد عرضت روساتوم بالفعل تزويد المملكة بالوقود النووي وتطوير سلسلة ومهارات الإمداد المحلية".

ونوه الكاتب إلى أن "قدرة الرياض على التفكير في مثل هذا الاختيار يوضح مدى التغيير الذي حدث في بلد كان مصمما على تجنب المخاطر وتعزيز الاستقرار في منطقة متقلبة".

وتثير محاولات السعودية للحصول على التكنولوجيا النووية، جدلا واسعا داخل الولايات المتحدة، بعدما كشفت الصحف عن مغازلة الشركات الأمريكية لحكومة الرياض من أجل الحصول على عقود بناء المنشآت النووية و تزويدها بتكنولوجيا نووية، بدعم قوي من البيت الأبيض.

وتقاوم الرياض بشدة فكرة إبرام صفقة نووية مع واشنطن شريطة الالتزام بالضوابط التي تصر الولايات المتحدة عليها عادة في أي صفقة للطاقة النووية.

وهذه الضوابط مذكورة في المادة (123) من قانون الطاقة الذرية لعام 1954. وتقيد هذه المادة قدرة الرياض على تعدين وتخصيب احتياطياتها من اليورانيوم وإعادة معالجة قضبان الوقود المستهلك.

وتثير المقاومة السعودية للمادة القانونية، قلقا كبيرا في واشنطن، ويحذر عدد من كبار السياسيين، البيت الأبيض من السماح بتصدير التكنولوجيا النووية الأمريكية إلى السعودية دون وجود ضوابط مناسبة.

ومنذ فترة طويلة كانت هناك شائعات بأن السعودية لديها تفاهم مع باكستان لتزويدها بالأسلحة النووية، ويتساءل البعض الآن ما إذا كانت الرياض قد ترغب في تطوير قنابلها الذرية؟

وفي الشهر الماضي، قدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في واشنطن قرارا يهدف إلى حمل الرياض على الالتزام باتفاقية 123.

وقال أحد مقدمي مشروع القرار ، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ، جيف ميركلي: "لقد أظهرت السعودية مرارا أنه لا يمكن الوثوق بها كشريك مسؤول في المجتمع العالمي. إذا أرادت السعودية استخدام التكنولوجيا النووية، فمن الأهمية بمكان حملها على التمسك بالمعايير الذهبية لمنع الانتشار النووي".

وكان تقرير للكونجرس أصدره إيليا كامينغز، رئيس لجنة الرقابة والإصلاح بمجلس النواب، عبر فيه عن مخاوفه من سعي شخصيات داخل أو بالقرب من إدارة الرئيس ترامب إلى إبرام صفقة بشأن التكنولوجيا النووية مع السعودية منذ سنوات عدة.

ويعتبر تقرير لجنة الرقابة والإصلاح داخل مجلس النواب الأميركي رؤية البيت الأبيض التي تقوم على تشجيع بناء عشرات محطّات الطاقة النووية في السعودية والمنطقة، وهو ما يمكن وصفه بزيت يُصب في منطقة مُشتعلة بالأساس، نظرا إلى ما يشكّله هذا التوسّع في إنشاء محطّات للطاقة النووية من تحدّيات أمنية جدّية، ولا سيّما إذا كان نقل المعرفة والتكنولوجيا النووية غير مُقيّد ومُراقب.

ويلمح إلى إمكانية وجود صفقة بين واشنطن والرياض، تُمنح بموجبها السعودية ما تريده نوويا، كجزء من خطّة السلام الشاملة التي يُروج لها حاليا، ويشارك فيها جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي وزوج ابنته.