صحيفة إسبانية: هكذا خسرت أميركا مكانتها عالميا في زمن ترامب

12

طباعة

مشاركة

وصفت صحيفة إسبانية تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنها لا ترتقي إلى مستوى الخطابات التي يجب على رئيس القوة العالمية الأولى الإدلاء بها؛ حيث إنها زادت من مستوى عدم الثقة فيه.

وكان انفجار مرفأ بيروت (4 أغسطس/آب) خير دليل على التصريحات العشوائية لترامب، فبعد ساعات قليلة من حدوثه، عندما كان كل شيء غير مؤكد، غامر ترامب بالقول: إن "بعضا من أكبر جنرالاتنا يعتقدون أن السبب في الانفجار هو قنبلة من نوع ما". 

وقالت صحيفة لافانجوارديا: إن تصريحات رئيس القوة العسكرية الأولى التي لها قدرات رهيبة على التجسس من المفترض أن تطلق جرس الإنذار، لكن ما حدث كان مختلفا تماما، حيث قوبلت تصريحات ترامب بنوع من اللامبالاة الكاملة.  

ونقلت أن الضرر الذي ألحقه ترامب بالقوة العالمية الأولى غير قابل للقياس. وفي هذا الصدد، أوردت مارجريت ماكميلان، الأستاذة في جامعة تورنتو، أن "الولايات المتحدة فقدت الكثير من سلطتها الأخلاقية". 

وأضافت "لافانجوارديا" أن فقدان الولايات المتحدة الأميركية لسلطتها الأخلاقية بدى جليا مؤخرا في الأمم المتحدة.

هزيمة دبلوماسية

وبعد يوم قصير من استفادة ترامب من الإعلان عن إقامة علاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، والذي مهدت له الطريق الكراهية التي يشعر بها كلا البلدين تجاه إيران؛ عانت الولايات المتحدة من هزيمة دبلوماسية من المستوى الرفيع.

وعلى وجه الخصوص، رفض مجلس الأمن، الذراع التنفيذي للأمم المتحدة، اقتراح ترامب بتمديد حظر الأسلحة إلى أجل غير مسمى على نظام طهران. علاوة على ذلك، تظهر هذه الهزيمة عزلة عميقة للولايات المتحدة، حيث عارضت روسيا والصين واشنطن. 

في الآن ذاته، امتنع أصدقاء أميركا - فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة- عن التصويت. وصوتت فقط جمهورية الدومينيكان والولايات المتحدة لصالح الحظر.

ويضاف هذا الإخفاق إلى الصورة السيئة التي تعطيها الولايات المتحدة بعسكرة الشوارع ضد الاحتجاجات المناهضة للعنصرية وفشلها في مواجهة الأزمة الصحية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا.

وذكرت ماكميلان في إشارة إلى الأزمة الصحية التي تعاني منها الولايات المتحدة أن "هذه الحقبة المضطربة ليست خطأ ترامب لوحده، لكنه جعل الأوضاع تسير بنحو أسوأ".

وقالت: "لا يعتبر التملق من قبل الديكتاتوريين أمرا معقولا، خاصة إذا كان مصدره من زعيم أقوى دولة في العالم؛ حيث أنه يغذي الأنانية والكثير من الأطماع". 

وأضافت المحللة: أن "استجابة واشنطن الفوضوية وغير المنتظمة للوباء جعلت سكان أميركا أكثر عرضة للفيروس المستجد".

من ناحية أخرى، جعل تنازل واشنطن عن السيطرة على الأسلحة العالم أكثر خطورة، كما أن مضايقات ترامب لحلفائه وهجماته على حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي أضعفت العلاقات الأميركية التي نجحت على مدار عقود. 

ونقلت الصحيفة عن ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأميركية سابقا، أن "الاضطرابات اليوم أصبحت أكبر بكثير؛ حيث تفاقمت غالبية المشاكل التي ورثها ترامب، خاصة وأنه تجاهل الكثير منها. نتيجة لذلك، لم يكن لهذا الإهمال عواقب حميدة". 

ويشير هذا الدبلوماسي الذي عمل في إدارة بوش الابن، إلى أن "مكانة الولايات المتحدة تراجعت في العالم بسبب عجزها في مواجهة الأزمة الصحية، وإنكارها لتغير المناخ ورفض اللاجئين والمهاجرين، بالإضافة إلى مواجهة الاحتجاجات بالعنف والعنصرية المستوطنة في البلاد". 

ويصر هاس على أن "الدولة لا يُنظر إليها على أنها أقل جاذبية وذات قدرات متناقصة فحسب، بل إنها أيضا أقل جدارة بالثقة، بسبب انسحابها من الاتفاقات المتعددة الأطراف ونأيها بنفسها عن حلفائها". 

ويتابع: "إن الحلفاء ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكل مختلف. وعموما، تستند التحالفات على الموثوقية والقدرة على التنبؤ، لكن، زرع ترامب بذور الشك".

وعلى الرغم من أن إطلاق تصريحات مغالطة يمكن أن يحدث مرة، كما يمكن أن يتكرر؛ إلا أنه لا يمكن قبول الشكوك التي يزرعها الرئيس الأميركي، وفق هاس. 

خسرت مكانتها

وفي هذا السياق، نوه "بن رودس"، الذي كان مستشارا للأمن القومي في إدارة الرئيس باراك أوباما، في إحدى مقالاته بأن الولايات المتحدة خسرت مكانتها في العالم، كما أن بوصلة "سفينة الدولة" تشير إلى الاتجاه الخاطئ. 

وواصل: "لا يرتبط القلق العالمي ببساطة بالرئاسة الرهيبة لدونالد ترامب، بل إنه متجذر في حقيقة أن الشعب الأميركي اختار شخصا مثل ترامب".

وبعد أن شهد العالم على هذا الاختيار الأميركي الخاطئ، يتساءل الجميع عما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة أن تفعل ذلك مرة أخرى، لا سيما في ضوء ولاء الكثيرين للحزب الجمهوري، وفق قوله.

ومن جهتها، تؤكد مارجريت ماكميلان أنه "عندما يترك ترامب منصبه في سنة 2021 أو 2025 أو بين هذه الفترة، سيكون العالم في وضع أسوأ مما كان عليه في عام 2016".

وتضيف نادية شادلو، من معهد هدسون، أنه بغض النظر عمن سيكون الرئيس في الولايات المتحدة، "يجب على المشرعين تبني أفكار جديدة لحكم الدولة والتخلي عن الإستراتيجيات السابقة بشأن منافسي الولايات المتحدة مثل الصين أو روسيا، الدول التي تمكنت من التلاعب بقواعد النظام الدولي الليبرالي لمصلحتها". 

وفي ظل تفاقم عدم الثقة الدولي في الولايات المتحدة، يصر ترامب على فكرته حول "استضافة" اجتماع مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، التي كان ينبغي أن ينظمه وترك في طي النسيان.

ومجموعة السبع هي منظمة تتكون من 7 دول صناعية كبرى على مستوى العالم، وهي كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.

في هذا الصدد، أعلن ترامب مؤخرا أنه يأمل في إجراء الاجتماع بعد الانتخابات الرئاسية في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.

لكن، لا يخفى عن الجميع أن هذا الاجتماع قد مر بالعديد من الانتكسات؛ حيث بدأ الأمر باختيار ترامب لمكان عقد الاجتماع. وعندما حاول أن ينظم القمة في نادي مارالارغو، تخلى الرئيس الأميركي عن الفكرة.  

ثم تأجل الاجتماع مرة أخرى بسبب دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث طردت روسيا بسبب ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.

في نفس الوقت، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والكندي جاستن ترودو: إنهما سيستخدمان حق النقض ضد الاجتماع إذا دعي الرئيس الروسي، في حين وجدت الألمانية أنجيلا ميركل طريقا أكثر دبلوماسية، إذ ألغت حضورها بسبب "الأزمة الصحية".