5 محطات تلخص علاقة تركيا وإسرائيل بعهد أردوغان.. تعرف عليها

القدس المحتلة – الاستقلال | 5 years ago

12

طباعة

مشاركة

اتسمت العلاقات التركية الإسرائيلية طوال تاريخها بالتعاون والندّية، فتتطور العلاقة ثم تعصف بها أحداث تخل في توازنها، وتمر الأوقات العصبية وتعود العلاقة إلى سابق عهدها. هذه المعادلة انقلبت مع صعود حزب العدالة والتنمية التركية إلى الحكم، فصارت تركيا تشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل، كما ولم تعد تل أبيب بالدولة الصديقة لأنقرة.

منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم في تركيا عام 2002 شهدت العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل تراجعا ملحوظا، وسنفصّل في التقرير أبرز محطات الخلاف والتوتر بين البلدين.

لا يمكن فهم طبيعة العلاقات التركية الإسرائيلية خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية الذي صعد إلى الحكم في عام 2002، إلا من خلال فهم منطق الذي يقف وراء السياسة الخارجية للجمهورية التركية، في المرحلة الجديدة التي يقودها حزب العدالة والتنمية.

تقوم السياسة الخارجية للحزب بقيادة رجب طيب أردوغان على فكرة تصفير المشاكل، النظرية التي استقاها الحزب من كتاب "العمق الإستراتيجي" للبروفيسور أحمد داوود أوغلو أستاذ العلاقات الدولية، الذي شغل منصب مستشار أردوغان للشؤون الخارجية ومن ثم تحول إلى أن يكون وزيرا للخارجية وبعدها شغل منصب رئيس الوزراء قبل أن يستقيل من منصبه.

من هنا يمكن فهم التوجه العام للسياسة التركية، وما لهذا المنطق من إفرازات على مستوى الممارسة السياسية بما يتعلق في السياسة الخارجة للجمهورية التركية. فإسرائيل بالنسبة لتركيا دولة جوار، وساد بينهما تعاون على مستوى عال في سنوات التسعينيات.

من ناحية أخرى، فحزب العدالة والتنمية يتميز بالانتماء الإسلامي، رغم عدم إقراره الرسمي بذلك، أو كما يرى هو أن توجهه العلماني لا يتعارض مع الانتماء الإسلامي، وهناك أكثر من عامل يحكم هذه العلاقة، بالذات من الطرف التركي.

محددات العلاقة التركية الإسرائيلية بالنسبة لأنقرة:

  • الفكر السياسي لحزب العدالة والتنمية في السياسة الخارجية.
  • تاريخ العلاقة مع إسرائيل والمصالح (الأمنية، الاقتصادية) المشتركة.
  • الميل الإسلامي لحزب العدالة والتنمية.
  • علاقة تركيا بالولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام.

فيما يلي سنقوم بعرض المحطات الرئيسية للتوتر والخلاف بين تركيا وإسرائيل، مع التأكيد أن العلاقة شابها الكثير من التطورات منذ صعود حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا، لكن ارتأينا اختيار هذه الأحداث الخمسة، كأهم محطات في مسيرة العلاقات بين الدولتين خلال فترة العدالة والتنمية. حروب غزة الثلاثة، وأحداث سفينة مرمرة، ومن ثم اتفاق روما.

حروب غزة

أولى محطات الخلاف المركزية بين تركيا وإسرائيل، كانت عقب الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة في أواخر عام 2008، حيث أدت إلى إحداث شرخ في العلاقات بين الجانبين، غير أن هذا الحدث رغم فداحته بالنسبة للأتراك لم يتسبب بقطيعة في العلاقات الدبلوماسية.

وفي ذلك الوقت، قال أردوغان، إن مأساة غزة ستبقى "بقعة سوداء" في تاريخ الإنسانية، فيما أعربت تسيفي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك لنظريها التركي علي باباجان، عن انزعاجها من تصريحات رئيس الوزراء التركي أردوغان.

وقد صرّح وقتها يشير ألبيلغ، الذي شغل منصب السفير الإسرائيلي في أنقرة، إلى أن علاقات تركيا وإسرائيل تقوم على مصالح اقتصادية وسياسية ويستبعد تدهورها لحد القطيعة الدبلوماسية، رغم التعاطف الشعبي الكبير للأتراك مع القضية الفلسطينية.

التصعيد التركي تجلى خلال مؤتمر دافوس الاقتصادي، في يناير/كانون الثاني 2009، عندما انسحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من جلسة النقاش، لأنه لم يُمنح الوقت الكافي للرد على الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الذي أعطاه رئيس الجلسة وقتا مطولا للتعبير عن رأيه، ليعلن بعدها أردوغان مقاطعته لمؤتمر دافوس في سويسرا، وأنه لن يحضره في المستقبل.

في 2009 ذاته، رفضت تركيا مشاركة القوات الإسرائيلية في مناورة عسكرية لحلف شمال الأطلسي "الناتو "، والسبب حسبما أوضحت أنقرة، هو الحرب الإسرائيلية على غزة وقلق الرأي العام التركي بشأن الهجوم الإسرائيلي.

الأمر الغريب، أن تركيا شاركت كل من أمريكا وإسرائيل في مناورات عسكرية في أغسطس/آب، قبل تدريب الناتو الذي رفضت تركيا مشاركة إسرائيل فيه، حيث أقيمت مناورة عسكرية أمريكية، تركية، وإسرائيلية تحت عنوان: "عروس البحر الآمنة".

خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 2012، قال أردوغان بأن إسرائيل دولة إرهابية، حيث جاءت هذه التصريحات بعد الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية.

أما في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فقد صرّح أردوغان قائلا: "إن ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة تجاوز فطائع هتلر".

"مافي مرمرة" 2010

تعتبر أحداث سفينة "مافي مرمرة" النقطة الأهم في تاريخ العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل، حيث ساد التوتر طيلة السنوات السابقة منذ تطبيع العلاقات، والاعتراف التركي بدولة إسرائيل. كانت شهدت العلاقات مرحلة ذهبية، بعد اتفاق أوسلو 1993، وتعاون الجانبين في المناورات العسكرية المشتركة.

لكن هذه العلاقة انقلبت، حين جاء العدالة والتنمية للسلطة، فكل ما مضى لم يصل إلى مواجهة مباشرة بين الطرفين، حيث شكّل الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية وسفينة مرمرة المواجهة المباشرة الأولى.

نظمت جمعيات ومؤسسات مدنية وحقوقية أسطول الحرية الأول لكسر الحصار عن غزة، من أهم هذه المنظمات هي جمعية "إي ها ها" التركية، ولقد شاركت العديد من الشخصيات البارزة في هذه الأسطول. منهم الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني.

انطلق أسطول الحرية محملا بمواد إغاثية إلى قطاع غزة بهد كسر الحصار الإسرائيلي، كان ذلك 29 مايو/أيار 2010، لكن الأسطول الذي يضم قرابة 750 ناشط لم يصل إلى القطاع المحاصر بعد تعرض سفينة "مافي مرمرة" التركية إلى هجوم إسرائيلي، خلّف 9 قتلى والعديد من الجرحى، وتم احتجاز السفن واعتقال المتضامين.

انقطعت العلاقات الدبلوماسية التركية الإسرائيلية، واعتبر أردوغان أن هذا الاعتداء كان سببا كافيا لاندلاع حرب بين البلدين.

الاعتذار الإسرائيلي

بذل الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، جهودا حثيثة لإعادة العلاقة بين البلدين، وتكللت جهوده بنجاح نسبي، فخلال عام 2013 هاتف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نظيره التركي رجب طيب أردوغان، واعتذر له عن أحداث سفينة مرمرة التي وقعت 2010، وأعرب عن أسفه لوقوع ضحايا في العملية. من جهته قبل أردوغان الاعتذار الإسرائيلي نيابة عن الشعب التركي.

تعتبر هذه الخطوة الأولى نحو إعادة تطبيع العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل، وإن كان هذا الاعتذار يحمل في طياته العديد من الشروط التي اشترطها أنقرة وقبلت بها تل أبيب. لكن العلاقة لم تلتئم بتلك السرعة، إلا في عام 2016 بعد الاتفاق الذي أُبرم بين الطرفين في روما.

في يونيو/حزيران 2016، تول الجانبان التركي والإسرائيلي إلى اتفاق يفضي إلى إعادة تطبيع العلاقات بعد قطيعة رسمية امتدت 6 سنوات، وشملت المصالحة دفع تعويضات مالية لأهالي ضحايا "مافي مرمرة"، وشروط تركية في رفع الحصار عن غزة.

تعتبر تركيا أنها استطاع كسب العديد من النقاط في هذا الاتفاق، الأول هو إرغام إسرائيل على الاعتراف بفعلتها ضد أسطول الحرية وسفينة "مافي مرمرة"، الأمر الآخر هو تحصيل تعويض لعائلات الضحايا. والأمر الثالث هو انتزاع بعض الحقوق، في تخفيف الحصار عن قطاع غزة.

مستقبل العلاقة

على ما يبدو، فإن عملية المد والجز التي تحدثنا عنها في بداية الدراسة ستسيطر على المشهد السياسي بين البلدين إلى حين غير معلوم، فحتى بعد تطبيع العلاقات، لا تزال هناك تصريحات سياسية من هنا وهناك، إضافة إلى عرض مقترح قانون يعترف بجرائم الدولة العثمانية ضد الأرمن في البرلمان الإسرائيلي خلال عام 2018.

من مصلحة إسرائيل الحفاظ على علاقة دبلوماسية مع تركيا، فتركيا دولة إقليمية قوية. كما أن لها نفوذا في العالم الإسلامي، وبالنسبة لإسرائيل توفر هذه المزايا في دولة صديقة أمر في الغاية الأهمية والفائدة.

على مستوى القضية الفلسطينية، الموقف التركي منحاز إلى الطرف الفلسطيني، لكن هذا الانحياز لا يخرج عن السياسة المقبولة بين الدول، فمثلًا في مسألة الحل المطروح ما تزال تركيا تدعم حل الدولتين، الذي لا يشكل أي تهديد حقيقي على مصير دولة إسرائيل.

من جهة أخرى، فالقيادات الإسرائيلية أعربت في مرات عدة عن توجسها من العدالة والتنمية، وميله الإسلامي، واحتضانه "الإخوان المسلمين" وحماس وغيرها من التنظيمات المحظورة إسرائيليا.