صحيفة إيطالية: هل تسعى السعودية إلى امتلاك السلاح النووي؟

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة إيطالية تقريرا سلط الضوء على الجدل الحاصل في الولايات المتحدة الأميركية بسبب تقارير مخابراتية حول فرضية سعي السعودية إلى تصنيع السلاح النووي بالتعاون مع الصين. 

وقالت صحيفة ''إيل بوست": إن هذه الفرضية المثيرة للجدل منذ سنوات، توجد في صميم وثائق المخابرات الأميركية التي تم تداولها في الأسابيع الأخيرة، بسبب تورط الصين أيضا. 

وكانت صحيفة نيويورك تايمز أوردت أن وكالات المخابرات الأميركية (CIA)، أولت في الأسابيع الأخيرة، اهتماما خاصا للتطورات في البرنامج النووي السعودي، الذي بات محورا للنقاشات والتكهنات لسنوات. 

ووفقا لمصادر استخباراتية، بدأت الحكومة السعودية تعاونا مثمرا مع الصين يتعلق بمعالجة اليورانيوم في شكل يمكن استخدامه بعد ذلك كوقود للأسلحة النووية.

وفي الوقت الحالي، لا توجد معلومات مؤكدة بشأن البرنامج النووي السعودي، الذي تدعي الحكومة السعودية أنه للأغراض المدنية فقط.

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن السعودية طرف في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية الموقعة عام 1968 من قبل كل دول العالم تقريبا.

وقد منعت الاتفاقية الدول التي لا تمتلك السلاح النووي، وبالتالي جميعها باستثناء تسع، من تصنيعه أو حيازته. وفي الشرق الأوسط، إسرائيل هي الوحيدة التي تمتلك هذا النوع من السلاح، على الرغم من أنها لا تعلن ذلك رسميا.

سلاح نووي

الحكومة السعودية، التي تعاونت منذ فترة طويلة مع الأرجنتين لبناء مفاعل نووي ومع كوريا الجنوبية في تصميم مفاعلات تجارية صغيرة، لم تخف أبدا اهتمامها بتطوير قدرتها على تخصيب اليورانيوم، المادة المستخدمة  في كل من المفاعلات والرؤوس النووية. 

وتطرقت وثيقة نشرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2019، إلى تعاون بين الحكومة السعودية والأردن لإنتاج وتعدين أكسيد اليورانيوم، وهي عملية وسيطة في تخصيب اليورانيوم، الذي يعد بدوره خطوة ضرورية لتصنيع سلاح نووي. 

وفي التسعينيات، ساهم النظام السعودي أيضا في تمويل إنتاج السلاح النووي الباكستاني، ولا يزال من غير الواضح حتى اليوم ما إذا كانت الرياض قد حصلت بفضل مساعدتها على أي حقوق في القنبلة أو التكنولوجيا المستخدمة في إنتاجها.

وأوضحت الصحيفة أن المشكلة تكمن في أن العديد من المنشآت التي حددتها المخابرات الأميركية، والواردة في التقارير الأخيرة، لم يُعلن عنها مطلقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي وكالة مستقلة تتعامل مع منع استخدام الطاقة الذرية للأغراض العسكرية.

وقال روبرت كيلي، مفتش سابق بالوكالة، لصحيفة نيويورك تايمز: "الوكالة ليست سعيدة بالسعودية التي ترفض إعطاء معلومات عن البرنامج (النووي) الحالي والخطط المستقبلية".

ووفقا لمسؤولين غربيين استشهدت بهم صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن شيئا واحدا على وجه الخصوص تسبب في الكثير من القلق هو إنشاء السعودية بالتعاون مع الصين منشأة لإنتاج أكسيد اليورانيوم.

ولم تعلن الحكومة السعودية عن المنشأة رسميا، والتي تقع في منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة في شمال غرب البلاد. 

بدوره، قال فرانك بابيان، محلل صور الأقمار الصناعية السابق في مختبر لوس ألاموس الوطني في نيو مكسيكو: إن الموقع المذكور من صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية قد يكون في منطقة صحراوية بالقرب من مدينة "العلا".

وتُظهر صور الأقمار الصناعية بنية متوافقة مع عملية إنتاج أكسيد اليورانيوم ونقطة تفتيش عسكرية وسياج عال جدا. 

ووفقا لمسؤولين تحدثا إلى وول ستريت جورنال، تم بناء المنشأة بمساعدة شركتين صينيتين لم يعرف اسمهما.

لكن في السنوات الأخيرة، وقعت الرياض مذكرة تفاهم مع المؤسسة النووية الوطنية الصينية بهدف استكشاف رواسب اليورانيوم في البلاد، واتفاقية ثانية مع شركة مجموعة الهندسة النووية الصينية. وفي عام 2012، وقعت الحكومتان السعودية والصينية اتفاقية تعاون حول الاستخدام السلمي للطاقة النووية. 

قلق أميركي

وأوردت الصحيفة الإيطالية أن الولايات المتحدة، حليفة الرياض، أبدت قلقا كبيرا بشأن آخر المعلومات المتوفرة حول البرنامج النووي السعودي.

وطلبت لجنة المخابرات في مجلس النواب الأميركي بداية أغسطس/آب 2020، من الحكومة تقديم تقرير يصف الجهود السعودية بشأن البرنامج النووي من عام 2015 إلى الوقت الحاضر. 

وأجابت وزارة الخارجية الأميركية على طلب من صحيفة نيويورك تايمز قائلة: إنها لن تعلق على الأخبار التي كشفت عنها المخابرات، لكنها أضافت : "نحذر بشكل منتظم جميع شركائنا من مخاطر التورط مع الصين في قضايا الطاقة النووية".

وفي الآونة الأخيرة، أصبحت هذه التحذيرات ملحة بشكل متزايد، لا سيما بسبب الأزمة العميقة التي تمر بها الصين والولايات المتحدة.

وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أنه قبل سنوات عديدة، أبدت حكومة الولايات المتحدة، وكذلك العديد من دول الشرق الأوسط وإسرائيل أيضا، خشيتها من أن يبدأ السعوديون عملية تصنيع سلاح نووي.

وتزايدت المخاوف خلال رئاسة باراك أوباما، عندما نأت الولايات المتحدة تدريجيا بنفسها عن حلفائها السعوديين ووقعت الاتفاق النووي الإيراني المهم. وكانت الصفقة قد أبطأت عملية إنتاج سلاح نووي من قبل إيران، العدو الرئيسي للرياض، لكنها لم تمنعها تماما.

وكان يُعتقد في ذلك الوقت أن النظام السعودي، الذي يشعر بأنه لا يتمتع بالحماية الكافية من قبل الأميركيين، بإمكانه اللجوء إلى جهة أخرى لإيجاد طريقة لتصنيع سلاح نووي.

وفي عام 2018، قال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان: إن بلاده ستواصل تطوير أو السعي لامتلاك أسلحة نووية إذا واصلت إيران برنامجها العسكري النووي.

ولهذا السبب، بدأ دونالد ترامب منذ بداية ولايته الرئاسية مفاوضات جديدة مع الرياض للتعاون في البرنامج النووي المدني السعودي.

لكن منذ عام تقريبا، توقفت المفاوضات بسبب رفض السعوديين قبول بعض القيود التي فرضتها الولايات المتحدة في منع استخدام المعرفة المكتسبة لإنتاج سلاح نووي.

ويظهر تعاون الرياض مع الصين كيف تخلى السعوديون عن المفاوضات مع الولايات المتحدة، وتحولوا بدلا من ذلك إلى بكين لبناء البنية التحتية بمليارات الدولارات اللازمة لإنتاج الوقود النووي بشكل مستقل.

ومن جهته نفى وزير الطاقة السعودي، إقامة منشأة لإنتاج أكسيد اليورانيوم في شمال غرب البلاد. ولم يسبق له أن ادعى علانية الشروع في برنامج نووي عسكري، وفي الوقت الحالي لا توجد معلومات عن وجود مفاعلات نووية في البلاد، ولا عن بلوغ القدرة على تخصيب اليورانيوم.