"إلموندو": اليمن بانتظار كارثة أشد فتكا من تفجير ميناء بيروت

12

طباعة

مشاركة

تحمل ناقلة "صافر" أكثر من مليون برميل من النفط الخام، وهي مهجورة في مياه البحر الأحمر باليمن منذ خمس سنوات من دون أن تتلقى أي صيانة، حيث إنها تهدد بالتسبب في كارثة مثل التي شهدها لبنان نتيجة الانفجار الذي حصل ميناء بيروت في 4 أغسطس/آب 2020.

وقالت صحيفة "إلموندو" الإسبانية: إن الخراب الذي تسبب فيه 2750 طنا من نترات الأمونيوم المخزنة لمدة ست سنوات في ميناء بيروت أدى إلى إزالة الغبار عن المخاوف في أماكن أخرى من الشرق الأوسط. وتحديدا في اليمن، إذ تم التخلي عن ناقلة نفط، تحمل أكثر من مليون برميل من الذهب الأسود الخام، منذ خمس سنوات على سواحل مدينة الحديدة، والتي أصبحت محاصرة بسبب حرب أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف.

كارثة وشيكة

ونقلت الصحيفة عن الصحفي اليمني، مصطفى جولز، قوله: إن "الانفجار في مرفأ بيروت ذكرنا بكارثة أخرى وشيكة تهدد اليمن والعالم بأسره". وأضاف: أن "ناقلة النفط صافر مهددة بتسرب النفط منها والتسبب في انفجار".

ومثلما حدث في لبنان، طالبت الجمارك مرات عديدة بالحصول على موافقة من محاكم البلاد لنقل البضائع التي تركتها سفينة شحن روسية خلفها. لكن في كل مرة، رافق حالة التدهور التي تعاني منها ناقلة "صافر"، نوع من الصمت وعدم وجود حلول حتى الآن.

وأشارت الصحيفة إلى أن السفينة، التي بنيت في اليابان عام 1976، استخدمت كمستودع عائم ومحطة لتصدير النفط الخام. ومنذ سنة 1988، رست على بعد كيلومترات قليلة من ميناء رأس عيسى، شمال مدينة الحديدة الإستراتيجية. لكن، منذ بدء قصف التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس/آذار 2015، تقطعت السبل بالسفينة دون أن تتلقى أي صيانة.

وفي يوليو/ تموز 2020، وبعد شهور من التحذير من خطر الناقلة الراسية، سمحت جماعة الحوثيين بإرسال فريق من مفتشي الأمم المتحدة لتقييم درجة تدهور السفينة بعد ورود أنباء عن وصول المياه إلى غرفة المحرك في أواخر أيار/ مايو من العام نفسه.

وجرى التحذير من خطر تقويض سلامة الخزان وتحريك حطامها. بعد ذلك، تمكن الغواصون التابعون للشركة اليمنية من إصلاح الشق الذي يهدد سلامة الناقلة. لكن وفقا للأمم المتحدة، فإنه "من المستحيل التنبؤ بالمدة التي تستطيع خلالها الناقلة المقاومة".

وبينت الصحيفة أن "الإذن الرسمي لبدء فحص السفينة ما زال لم يعلن عنه بعد؛ وتعقده مرة أخرى مخاوف الصراع الذي حوّل البلاد إلى مسرح لأكبر أزمة إنسانية على هذا الكوكب".

جدير بالتذكير أنه خلال شهر أغسطس/آب 2019، عُرقلت عملية إنقاذ السفينة عندما ألغى الحوثيون التصريح الأولي في اليوم السابق لإرسال الفريق المخصص لهذه العملية.

وفي هذا السياق، اعترف مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، قبل أيام قليلة، قائلا: "ما زلنا ننتظر الإذن اللازم ليبدأ الفريق عمله".

ويقر الدبلوماسي الذي يحاول تعزيز عملية سلام غير مؤكدة بأن "التقييم المستقل بقيادة الخبراء أمر ضروري لفهم نطاق وحجم وتهديد هذه القضية والحلول الممكنة لها". وعموما، يتمثل الخيار الأكثر قابلية للتطبيق في استخراج النفط.

تحذيرات بيئية

وأفادت الصحيفة بأن التحذيرات من الكارثة البيئية التي يمكن أن تسببها الناقلة، لم تنجح في انتزاع أي التزام من الحوثيين وبقية الجهات الفاعلة في المعركة لإنقاذ اليمن من الكارثة التي تحدق به. وفي هذا الصدد، تقدر بعض الجهات أن يكون تسرب ناقلة "صافر" أكبر بأربع مرات من تسرب إكسون فالديز النفطي؛ الذي صبغ ساحل ألاسكا باللون الأسود قبل ثلاثة عقود.

وبحسب توقعات "الحلم الأخضر"، وهي مجموعة ناشطين محليين يدافعون عن البيئة، فإنه "إذا حدث تسرب، فقد تفقد ما لا يقل عن 115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر تنوعها البيولوجي. في الآن ذاته، يمكن ترك نحو 126 ألف صياد يمني دون مصدر دخل".

وذكرت الصحيفة أن "مياه البحر الأحمر تعتبر موطنا لنحو 850 ألف طن من الأسماك من 969 نوعا مختلفا، وهي جنة من الشعاب المرجانية أيضا؛ جميعها مهددة الآن من قبل الناقلة الراسية على البحر الأحمر.

من جانبها، تحذر الأمم المتحدة من أنه حسب الفصل والتيارات البحرية، يمكن أن يصل التسرب من باب المندب إلى قناة السويس التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط.

يشار إلى أن محركات السفينة لم تعمل منذ خمس سنوات، كما أن هيكلها يتدهور بلا مبالاة، بسبب الرطوبة والتآكل، في حين ترسو الناقلة في أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما على هذا الكوكب.

وبينت الصحيفة أن ناقلة "صافر" يمكن أن تنفجر أيضا في الهواء، بسبب تراكم الغازات في صهاريج التخزين أو نتيجة هجوم عرضي أو متعمد. ومثلما حدث في بيروت، فإن أحد الأسباب التي غذت إهمال الناقلة حتى الآن هو الخلاف حول بيع الحمولة التي يمكن أن تدر أرباحا تزيد عن 35 مليون يورو.

من جانب آخر، يؤكد مارك لوكوك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، قائلا: "إن مخاطر ناقلة صافر الراسية على سواحل اليمن، ليست بيئية بحتة، نظرا للخطر الفظيع الذي تمثله. كما أنها تشكل تهديدا مباشرا وخطيرا لرفاهية وربما بقاء ملايين اليمنيين".

ويصر المدافعون على حماية البيئة على أنه "بعد انتهاء الكارثة، فسوف يستغرق اليمن وقتا طويلا للتعامل مع عواقب التلوث البحري. وسيستغرق النظام البيئي للبحر الأحمر أكثر من 30 عاما للتعافي". ويضم المدافعون على حماية البيئة أصواتهم إلى أصوات الصيادين والناشطين والعاملين في المجال الإنساني، وكلهم ثقة في أن يسمع صراخهم أخيرا بالتزامن مع أصداء كارثة بيروت الدرامية.