مرفأ بيروت.. هذه أبرز الفرضيات لأسباب الانفجار الهائل

12

طباعة

مشاركة

سلطت مواقع وصحف دولية الضوء على حجم الدمار والأضرار الناجمة عن كارثة التفجيرات التي هزت العاصمة اللبنانية بيروت وتداعياتها خاصة على الصعيد الاقتصادي. 

وفي 4 أغسطس/آب 2020، قضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية جراء وقوع انفجار ضخم في أحد مستودعات مرفأ بيروت، كان يحوي "موادا شديدة التفجير"، ما أسفر عن وقوع 100 قتيل و4 آلاف جريح، في حصيلة غير نهائية.

وفي عصر ذلك اليوم، وقع انفجار مزدوج في مرفأ بيروت، الرمز والمركز العصبي للبلاد. وبحسب مصادر إعلامية لبنانية، اشتعلت النيران في مستودع يحتوي على مواد كيميائية شديدة الانفجار (نترات الأمونيوم). 

وتسبب الانفجار في تدمير كامل تقريبا لمرافق الميناء، في حين ألحقت الموجة الصادمة أضرارا بالغة بالعديد من المباني على مسافة امتدت من 20-25 كم، بما في ذلك السفارات والمباني الحكومية. 

أضرار وإنقاذ

وتظهر الصور المتداولة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، العديد من الأضرار التي لحقت أيضا بقصر بعبدا الرئاسي والبرلمان. وذكر مرصد الزلازل الأردني أن الانفجار يعادل هزة أرضية بقوة 4.5 درجة على مقياس ريختر.

وأوضح موقع مركز الدراسات الدولية الإيطالي في تقرير له أن الصليب الأحمر اللبناني كان قد وجه جميع سيارات الإسعاف في البلاد إلى العاصمة، وتم استدعاء جميع الأطباء، بمن فيهم الأطباء المتقاعدون. 

وبسبب الضرر الذي لحقه، لا يمكن حاليا استخدام مستشفى الروم، الواقع بالقرب من موقع الانفجار، وقد اضطر إلى إجراء إخلاء تام للمرضى. 

كما أن جميع المرافق الطبية وصلت الآن إلى سعتها القصوى، في حين تخلو الصيدليات حاليا من المعدات الطبية، مع الأخذ في الاعتبار أيضا أن أكثر من 90 ٪ من مخزون الأدوية كان في الميناء.  

وأدى الانفجار أيضا إلى مقتل نزار نجاريان، أمين عام  حزب الكتائب اللبناني، الذي توفي متأثرا بجراح أُصيب بها في الرأس.

ونقل الموقع بأن التفجيرات نتجت عن حريق في مستودع رقم 12 بميناء بيروت، الذي يحتوي على 50 طنا على الأقل من نترات الأمونيوم. 

وبحسب السلطات، تمت مصادرة المواد عام 2014، وذكر مصدر لتلفزيون الميادين، أن إدارة الجمارك كانت على علم بأن محتويات الشحنة خطيرة للغاية.  

ومن جهته، أعلن رئيس الوزراء حسان دياب أن الأربعاء 5 أغسطس/آب، يوم حداد وطني، في حين قام العديد من السياسيين البارزين في المشهد السياسي اللبناني بتعبئة ناخبيهم من خلال صفحاتهم على الشبكات الاجتماعية للتبرع بالدم وتقديم المساعدة للجرحى. 

كما كلف الرئيس ميشال عون الجيش بالمساعدة في عمليات الإغاثة وضمان الأمن بعد أن تحطمت واجهات المناطق التجارية والمالية، بالقرب من منطقة الميناء.

فرضيات الانفجار

ولفت الموقع إلى أن العديد من الفرضيات جرى تناولها حول مصدر الانفجار. وبحسب الشائعات الأولى، يُرجح أن المستودع يحتوي على أسلحة تابعة لحزب الله اللبناني، لذلك قد يكون سبب الانفجار عمل تخريبي إسرائيلي، خاصة في ظل التوترات الأخيرة على الحدود بين البلدين. 

من جانبه، نفى حزب الله على الفور هذه الشائعات، ووصفها بأنها لا أساس لها من الصحة، في محاولة للحد من تصعيد محتمل للتوتر مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. ومن الجانب المقابل، نفى وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي تورط "تل أبيب" المحتمل. 

ورغم إنكار المعنيين المباشرين، يعتقد الموقع أن الانفجار كان مُتعمدا، وقد أدلى رئيس الوزراء حسان دياب، خلال بث مباشر، بالتصريحات التالية: "بيروت ثكلى ولبنان كله منكوب، محنة لا تنفع في مواجهتها إلا الوحدة الوطنية"، مضيفا: أن "ما حدث لن يمر بلا عقاب وسيدفع المسؤولون الثمن". 

علاوة على ذلك، يبدو أن توقيت الانفجار مثير للريبة خاصة وأن المحكمة الخاصة بلبنان التابعة للأمم المتحدة، ستصدر يوم الجمعة (7 أغسطس/آب) الحكم النهائي في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005، بعد أن وُجهت تهمة القتل إلى أربعة أعضاء من حزب الله، الذي نفى دائما أي تورط له.

وأشار الموقع إلى أن رد فعل المجتمع الدولي كان فوريا، حيث عرضت العديد من الدول الشرق أوسطية وغير الشرقية تضامنها ومساعدتها. 

واقترحت قطر بناء مستشفى ميداني يمكنه استيعاب الجرحى في حين عرضت إيران وتركيا المساعدة الطبية. كما أعربت الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي وإيطاليا عن تضامنها مع الشعب اللبناني. 

في الختام، أكد الموقع أن لبنان، الذي يعاني من أزمة مالية حادة ومن حالة طوارئ صحية أدت إلى امتلاء وحدات العناية المركزة بجميع المستشفيات تقريبا، يواجه حدثا مأساويا آخر. 

ويمثل تدمير ميناء بيروت خسارة أحد المنشآت الرئيسية للبلاد خاصة وأن الاعتماد الكبير على الواردات اللبنانية تاريخيا جعل منه مركزا تجاريا رئيسيا لبلد الأرز، الذي يضطر إلى استيراد جميع احتياجات سكانه تقريبا. 

ويُذكر أن 80٪ من القمح المستورد يمر عبر مرفأ بيروت لوحده، بالإضافة إلى العديد من الضروريات الأساسية. ويمثل تدميره ضربة أخرى لقلب الاقتصاد اللبناني، مع خطر جدي في  تفاقم الوضع الاقتصادي المتدهور بالفعل في لبنان، الذي أعلن عجزه عن سداد الديون في مارس/آذار 2020.

كارثة مأساوية

بدورها، تحدثت الصحف الفرنسية عن الانفجار الضخم من جوانب مختلفة رغم إجماعها على هول ما حدث وأنه كارثة على جميع الأصعدة وخاصة الإنساني والمادي.

وقالت صحيفة لاكروا: إن "الذعر الذي عايشه أهل بيروت كان بسبب القوة التدميرية الهائلة لهذا الانفجار الذي وصلت قوته 3.3 حسب هيئة المسح الجيولوجي الأميركية".

فيما تقول صحيفة لوبوان: العاصمة اللبنانية، التي أعلنت مدينة "منكوبة"، استيقظت في حالة من الصدمة على وقع انفجارات بتلك القوة حيث تم تسجيلها من قبل أجهزة استشعار المعهد الأميركي للجيوفيزياء (USGS) على أنها زلزال بقوة 3.3 درجات.

تذكر لوبوان في هذا السياق الذهول والحيرة الذين عاشاهما سكان بيروت منذ ليلة أمس بسبب هول الكارثة التي حلت على عاصمة على وشك الإغلاق بسبب وباء كورونا، وعلى وشك الدخول في سياسة تقشفية ستتبعها الدولة بسبب تأخرها عن سداد ديونها.

من جانبها، وصفت صحيفة لوباريسيان، هذه الكارثة بالمأساة التي جعلت من بيروت شبيهة بمعركة ستالينغراد بسبب المشاهد التي خلفها الانفجار، للخسائر التي طالت الإمدادات الغذائية للبنان والتي كانت مخزنة في المرفأ.

وتقول لوباريسيان: "وحده الدخان من يطل من مرفأ بيروت". يقول توني، وهو يحدق في شاشته: "تبدو كأنها معركة ستالينجراد". إذ حتى الصوامع قد تضررت بينما تمر البلاد بأزمة اقتصادية غير مسبوقة".

وفي حين يقول اتحاد مستوردي الحبوب في لبنان: إنه لا يوجد نقص في القمح أو في الخبز، تطرقت الصحيفة إلى النقص الواضح الذي ستشهده لبنان في الأيام القادمة على مستوى التزود بالمواد الغذائية الأولية المتمثلة خاصة في القمح والخبز الذين تعاني البلاد من نقص في كليهما حتى قبل هاته الكارثة.

وأوردت لوباريسيان في هذا السياق تقريرا يتحدث فيه الباحث في المركز الدولي للعلوم السياسية إريك فارديل عن الأزمات السياسية والاقتصادية التي كانت تعيشها البلاد قبيل هذا التفجير بأيام قليلة.

يقول إريك فارديل في تقرير للصحيفة: " إن الانفجار كارثة تضاف لباقي الأزمات، حيث ظل السياق الاقتصادي والسياسي في لبنان حرجا لعدة أشهر".

وتابع: "كانت هناك حركات احتجاج كبيرة دفعت إلى تغيير الحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 2019". وعلى الرغم من هذا التغيير، لا تزال السلطة تواجه تحديا لأنها لم تنه الأزمة. وتغرق البلاد في ديون تعادل حوالي 70٪ من ناتجها المحلي الإجمالي. 

كذلك أشارت لوباريسان للسبب المباشر للانفجار وهو نيترات الأمونيوم والذي كانت 2750 طنا منه مخزنة داخل المرفأ وقد شبهت الصحيفة ذلك بما حصل عام 2001 داخل مؤسسة ألفريدو زوليري بسبب نفس المادة.

وضع متدهور

من جهة أخرى، ركزت لوموند اهتمامها على الوضع المتردي الذي يعيشه لبنان والذي زادت في حدته هذه الكارثة.

وتحدثت عن العملة التي تعيش حالة من السقوط الحر بسبب السياسات الاقتصادية المُتبعة، وعن الطبقة الوسطى التي زادت معاناتها عما قبل، هذا على غرار انهيار مؤسسات الدولة من خلال التجاذبات المتكررة لمختلف الفرقاء السياسيين.

تقول لوموند في هذا السياق: "يعيش لبنان انفجارا مزدوجا يضرب البلاد المتدهورة بعملة وطنية في حالة سقوط حر، وطبقة وسطى قيد الانهيار ومؤسسات دولة تنهار يوما بعد يوم ، يبدو اليوم أن النموذج اللبناني بأكمله قد انفجر".

وتقول الصحيفة صراحة: إن النموذج اللبناني في حالة انفجار بالكامل حتى قبل حدوث الانفجار المأساوي الذي وقع البارحة.

تحدثت لوموند كذلك عن المنافسة المحتدمة بين الدول التي تريد تقديم المساعدة للمدينة المنكوبة وهو ما سيتحول، كما تقول، إلى صراع مستقبلي بين الخصوم الإقليميين. 

تشير أغلب الصحف الفرنسية للمساعدات التي وجهتها العديد من الدول إلى لبنان وتذكر فرنسا التي وجهت معدات صحية للغرض وأخصائيين في الإنقاذ والإغاثة.

في حين تطرقت صحيفة لوريان لوجور لردود الفعل المحلية والدولية مما حدث فتذكر دعوة حزب الله اللبنانيين للوحدة والتماسك في هذه الأزمة التي يمر بها البلد.

وتطرقت إلى دعوة المساعدة التي قدمتها إسرائيل للسلطة اللبنانية بعد تصريحات متكررة حول عدم ضلوعه فيما حصل ليلة البارحة في مرفأ بيروت.

في حديثها عن هذه الأزمة تشير الصحافة الفرنسية لعدم قدرة السلطات اللبنانية على مواجهة الأزمة لوحدها في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يعيشه البلد من٫ سنين بسبب عدم الاستقرار السياسي وعدم تمكن مختلف المسؤولين من رسم سياسات اقتصادية تخرج لبنان من وضعه الحالي.

وترى أن الانفجار الذي حدث ليلة أمس في مرفأ بيروت يعتبر ضربة كبرى لدولة يعتمد اقتصادها في الغالب على الموانئ والتعامل مع الخارج كوسيلة محورية في تدوير عجلة الاقتصاد المُنهك بالأساس. 

وتقول لوريان لو جور حسب أحد مصادرها: إن "مرفأ بيروت لم يعد يعمل ولن يكون كذلك لفترة"، مضيفا: أن "الأضرار لا تزال قيد التقييم لكن الدمار هائل سواء على الرصيف أو على مستوى المباني أو على مستوى نظام الكمبيوتر، وخلاصة القول إن إدارة المرفأ مرهقة بالكامل".

ولادة جديدة

وفي خضم المأساة والمجزرة التي تسبب فيها الانفجار، تقول صحيفة كلارين الأرجنتينية: إنه يمكن للبنان الخروج من وضع الدولة الفاشلة للبدء من جديد؛ وذلك بفضل الأوجاع والوحدة التي تعم الجو العام في بلاد الأرز في كل مرة تعاني فيها من الأزمات.

وأوضحت الصحيفة أن لبنان كان مشتعلا؛ في ظل تحطم اقتصاده وانهيار مجتمعه الممزق ومستقبله الأسود وبسبب زعمائه السياسيين الذين وصلوا إلى أقصى درجات الخصام بينهم إلى حد التفكك. في الآن ذاته، دمرت البطالة والتضخم الطبقة الوسطى المختنقة، هذا فضلا عن معاناة السكان من عدم توفر الكهرباء. 

وأوردت أن هذه البانوراما المروعة كانت سائدة في البلاد إلى غاية الساعة السادسة والنصف أمس، عندما نشب انفجار هائل بقوة قنبلة ذرية ودمر جزءا من مدينة بيروت، بشكل أسوأ مما كان عليه في جميع حروبها.

وأضافت "كلارين" أن لبنان أصبح مرة أخرى في حالة خراب، يوحده الرعب والمعاناة. وفي هذه اللحظات، ينسى اللبنانيون خلافاتهم ويولدون من جديد من صلب تاريخهم الدموي المؤلم، مثل طائر الفينيق.

وفي ظل هذا الوضع، تعيد الشهادة والموت مرة أخرى لبنان إلى حياة مأساوية، ويستمر هذا الوضع حتى يتحد الشتات اللبناني.  

ونوهت الصحيفة بأن الانفجار يمكن أن يكون فرصة جديدة للوحدة الوطنية في هذه الفترة التي أصبح فيها اللبنانيون يبيعون الذهب من أجل البقاء على قيد الحياة، وأصبحت الطبقات الوسطى فقيرة وخسرت أسلوب حياتها الحي نوعا ما. في الآن ذاته، تعاني البلاد من تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وغياب إجماع سياسي للمضي قدما بالبلاد.

عموما، سيوحد الدمار الذي حل ببيروت، المدينة الفينيقية، جميع أولئك المنقسمين والمنفصلين اليوم؛ حيث جعل ذلك الانفجار الوحشي وغير المعروف جميع اللبنانيين متساوين وفي حالة من الانهيار والعجز خلال أسبوع صعب للغاية بالنسبة للبلاد، وفق تقدير الصحيفة.

وقالت: إنه أثناء الحرب (2006)، عندما دمرت الطائرات والقذائف الإسرائيلية المنازل، هب اللبنانيون لإعادة بنائها في اليوم التالي.

وفي ذلك الوقت، كانت طريقة المقاومة بين صفوف اللبنانيين لا مثيل لها، كما لو أنهم يسعوون لمواصلة حياتهم بين القنابل والتفجيرات. وعموما، هذه هي الروح اللبنانية خلال فترة ما بعد الأزمة.

وفي ظل هذه الأجواء، وقبل الانفجار بيوم واحد، استقال وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي من منصبه للتوقف عن الانتماء "لدولة حزب الله العميلة" التي لا ترتبط مصالحها بلبنان، بل بإيران وخلافاتها الإقليمية. 

ودعا في خطابه الأخير الحكومة وأولئك الذين يديرون شؤون الدولة إلى مراجعة العديد من السياسات والسلوكيات للاتفاق على أولوية المواطنين والبلاد. 

ونوهت الصحيفة بأن خطاب وزير الخارجية المستقيل كان بمثابة قصيدة لبلد منفتح على العالم، تميزه التعددية الدينية والثقافية، ويحترم الحريات العامة والفردية، والاقتصاد الحر والحوار والتبادل بين الأديان والحضارات؛ والذي هو على وشك الانهيار.

كما كان بمثابة رسالة للإدلاء بشهادته للتاريخ، عندما سعت الحكومة إلى استبداله بسرعة لتجنب شائعات حول سقوط وشيك للحكومة. في الأثناء، يروج في بلاد الأرز إلى إمكانية عودة رئيس الوزراء السابق، سعد الحريري، إلى الحكومة. 

لكن، جاء الانفجار الذي لم يكن في الحسبان. وفي ظل هذه الظروف، ينبغي على رئيس الوزراء، حسان دياب، والحديث للصحيفة، أن يكف عن التصريح باتهاماته لفرنسا، وهي أول من مد يد المساعدات التضامنية لبلاده، والتوقف عن إهانته لوزير الخارجية جان إيف لو دريان.

وفي الوقت الراهن، تقول: "سيبقى حزب الله بلا هامش لمواصلة عزل البلاد عن العالم، ولن تتمكن إيران، المثقلة بالعقوبات والأزمة الصحية، من المساعدة في إعادة إعمار لبنان كما فعلت خلال حرب 2006 ضد إسرائيل، عندما مولت البلاد بآلاف الدولارات".

وأوردت الصحيفة أن لبنان بقي دون هامش للمناورة في الصراع بين إيران والولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنه مغمور في قلب معركة أكبر منه بكثير، إلا أن وزراءه كانوا بطيئين ولم يتمكنوا من الاستجابة للأزمة الحالية بسبب حالة الانقسام التي تمزقهم.

وفي خضم المأساة والمجزرة التي سببها الانفجار، يمكن للبنان أن يخرج من وضع "الدولة الفاشلة" ليولد من جديد، وذلك بفضل الآلام والوحدة المصاحبة له في كل مرة يواجه فيها الأزمات.

فساد وجشع 

وأشار المصدر ذاته إلى أنه إلى جانب التضخم المفرط والفقر والجوع، أصبح لبنان غارقا في أزمة ضخمة، كما أنه ينتقل من كارثة إلى أخرى وفي طريقه إلى الهاوية.

ونقلت الصحيفة أنه حتى الانفجار، كان لبنان يعيش صيفا قياسيا على غرار العادة، في دولة اعتادت على مواجهة البنية التحتية المتداعية وتمر من كارثة إلى أخرى.

لكن هذه المرة مختلفة، حيث أن كل يوم يحمل إشارات أكثر قتامة لم يشهدها لبنان في الأزمات السابقة، ابتداء من عمليات التسريح الجماعي للعمال، والمستشفيات المهددة بالإغلاق، والمحلات التجارية والمطاعم المغلقة، والجرائم التي يغذيها اليأس، وصولا إلى الجيش الذي لم يعد بإمكانه تحمل إطعام جنوده اللحوم، والمتاجر التي تبيع الطعام منتهي الصلاحية.

ونوهت الصحيفة بأن لبنان يندفع نحو نقطة حرجة بسرعة مقلقة، يغذيها الخراب المالي، وانهيار المؤسسات، والتضخم المفرط، والزيادة السريعة في الفقر، هذا إلى جانب تفشي الوباء.

وبشكل عام، يهدد الانهيار بكسر أمة ينظر إليها على أنها نموذج للتنوع والمرونة في العالم العربي ومن المحتمل أن يفتح الباب أمام الفوضى.

تبعا لذلك، يراود اللبنانيون مخاوف من خطر تدهور حاد في بلاد الأرز من شأنه أن يغير إلى الأبد هوية وروح المبادرة للدولة المتوسطية الصغيرة، التي لا مثيل لها في الشرق الأوسط. 

وأوردت الصحيفة أن الأزمة الحالية هي من صنع لبناني بحت، حيث أنه تعد تتويجا لعقود من الفساد والجشع من قبل طبقة سياسية نهبت كل قطاعات الاقتصاد تقريبا. 

ولسنوات، تحركت البلاد متجنبة الانهيار بأعجوبة، حتى عندما أصبح لديها واحدة من أثقل أعباء الدين العام في العالم. في الآن ذاته، سمح نظام كان فيه تقاسم السلطة على أساس طائفي للسياسيين بالبقاء في السلطة بفضل المحسوبية ورعاية مجتمعاتهم.

وعموما، إذا تُرك لبنان بمفرده فإنه قد يصل في غضون أشهر إلى العجز عن تلبية احتياجات مواطنيه، مثل الوقود والكهرباء والإنترنت أو حتى الغذاء الأساسي.