يقاتلون مع الأسد.. ما حقيقة إرسال السيسي قوات مصرية إلى سوريا؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

قبل أعوام وتحديدا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، أدلى السيسي على هامش زيارته للبرتغال، بتصريحات أكد فيها أن "الأولوية الأولى لنا أن ندعم الجيش الوطني في سوريا (قوات الأسد)".

تصريحات السيسي وقتها لاقت انتقادات لاذعة، خاصة وأن النظام السوري الذي ولج في دماء شعبه، وقتل مئات الآلاف، متورط في جرائم حرب.

دعم السيسي اللفظي لبشار الأسد امتزج بدعم على الأرض، وهو ما كشفته عنه تقارير دولية وتسريبات أكدت إرسال السيسي فرقة عسكرية إلى الداخل السوري لمساندة نظام بشار، ودعمه في العمليات التي يخوضها.

إرسال الجنود

في 30 يوليو/ تموز 2020، أعلنت وكالة الأناضول التركية (حكومية) بحسب مصادر خاصة، أن "نظام السيسي أرسل قوات مسلحة مؤخرا إلى ريف حلب ومحيط إدلب شمالي سوريا، بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني". 

الوكالة كشفت عن وجود نحو 150 جنديا مصريا دخلوا سوريا قبل أيام عبر مطار حماة العسكري، وانتشروا في ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي.

كما أشارت المصادر إلى أن "المنطقتين الرئيسيتين اللتين انتشرت فيهما تلك القوات هما: بلدة خان العسل بريف حلب الغربي، ومحيط مدينة سراقب بريف إدلب الجنوبي". 

وبينت مصادر الأناضول أن "الجنود المصريين يتحركون في المناطق المذكورة إلى جانب المجموعات الإرهابية التابعة لإيران وبالتنسيق معها، وينتشرون  بأسلحتهم الخفيفة على خطوط الجبهة في محيط مدينة سراقب ضد فصائل المعارضة السورية".

وجاء وصول الجنود المصريين تزامنا مع حشود للمجموعات التابعة لإيران وقوات النظام على خطوط التماس مع فصائل المعارضة المعتدلة في منطقة خفض التصعيد، حيث ازدادت مؤخرا انتهاكات مجموعات إيران وقوات النظام لوقف إطلاق النار".

تسريب خطير

ما عضد من خبر إرسال الجنود المصريين للقتال بجانب قوات بشار الأسد، ما كشفه الرائد يوسف حمود، القيادي الكبير في الجيش الوطني السوري المعارض، الذي يعد أبرز المتحدثين العسكريين للمعارضة السورية في شمال سوريا، لبعض المواقع العربية.

حمود أرسل تسجيلات صوتية تثبت وجود جنود مصريين في الشمال السوري، على جبهات قتال ضد المعارضة السورية.

وأكد القيادي في الجيش الوطني السوري المعارض أن التسجيلات صحيحة بما لا يقبل الشك، وشدد أنه تم اعتراض المحادثات في ريف حلب الغربي، وأنها وصلته مباشرة من الجهات المعنية في المعارضة التي قامت باعتراض المكالمات.

وفي المكالمة التي تم اعتراضها في ريف حلب الغربي، يقول أحد الجنود المصريين لآخر يدعى "يوسف" عبر اللاسلكي بموجة مشفرة، إنه بحاجة إلى رقم معين للتواصل، وأن على أحدهما الحديث مع صاحبه، الذي يبدو وأنه أعلى رتبة.

وكشف الرائد السوري المعارض أن الضباط المصريين اجتمعوا في حلب مع الروس والإيرانيين، قبل نحو شهر، تمهيدا لوصول القوات الخاصة المصرية إلى الجبهات.

وقال: إن "نحو 148 عنصرا من القوات الخاصة المصرية، جرى نقلهم عبر ثلاث دفعات من مدينة الإسماعيلية إلى مطار حماة العسكري، وتم نقلهم إلى مدينة حلب، حيث تمركزوا في خان العسل، على مشارف حلب الغربية، وفي مدينة سراقب في ريف إدلب".

جولات استطلاعية

لم تكن هذه هي المرة الأولى، فقبل سنوات، تم رصد مجموعة طيارين مصريين مقاتلين إلى جانب جيش بشار الأسد.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، كشفت صحيفة "السفير" اللبنانية المقربة من حزب الله أن "18 طيارا مصريا، انضموا مؤخرا إلى قاعدة حماة الجوية السورية، وأنه لم يعرف إن كان هؤلاء الطيارون قد شاركوا بالفعل في عمليات عسكرية".

وأكدت الصحيفة اللبنانية أنه "في مقر الأركان السورية في دمشق، يعمل منذ شهر ضابطان مصريان برتبة لواء، على مقربة من غرف العمليات ويقومان بجولات استطلاعية على الجبهات السورية، منذ وصولهما إلى دمشق".

وفي 28 فبراير/ شباط 2017، حصل موقع "أورينت نت" السوري المعارض، على تسجيلات صوتية مسربة تؤكد مشاركة طيارين مصريين في عمليات القصف الجوي التي تستهدف مناطق في سوريا، ولا سيما في ريف دمشق ودرعا، وذلك في تأكيد جديد على وجود عسكريين مصريين لدعم نظام الأسد.

ووثق "مرصد الجنوب" العامل في درعا مؤخرا، محادثات صوتية مقتضبة باللهجة المصرية، حيث كان قائد الطائرة (مصري) يتلقى تعليماته من مركز قيادة الملاحة الجوية في مطار السين بريف دمشق، لاستهداف مناطق في ريف دمشق ودرعا.

الغريب أن المادة 152 من الدستور المصري تنص على أن "رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يعلن الحرب، ولا يرسل القوات المسلحة فى مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، إلا بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطني، وموافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء".

وهو ما لم يحدث في الحالة السورية القائمة، مع التعتيم السياسي والإعلامي المصري على خبر وجود قوات مصرية في سوريا.

التيار القومي

فرضية وجود مقاتلين مصريين بجوار بشار، أكدها باسل الخراط، المسؤول السياسي للحرس القومي العربي، والمتورط في تجنيد آلاف المقاتلين العرب الذين يحاربون إلى جوار الجيش النظامي السوري في حواره مع صحيفة "الوطن" المصرية في 26 يناير/ كانون الثاني 2017.

الخراط قال: إنهم "قاموا بتشكيل معسكر تدريب خاص، مكون من كتيبتين من الشباب وصل تعدادهم فى البداية إلى 330 شابا كانوا من مختلف الجنسيات، منهم مصريون وفلسطينيون وتونسيون ولبنانيون ويمنيون وأردنيون وسعوديون".

وأضاف: "بدأت مرحلة التدريب العسكرى الشاقة، ببساطة فنحن مقاتلون عرب إلى جوار الجيش السورى".

ومما ذكره مسؤول الحرس القومي العربي، أنه "وصل عدد مقاتلينا إلى 1500 مقاتل، واستشهد منا نحو 52، وكان أول شهيد (بحسب وصفه) مصريا كنيته (أبو بكر المصرى)، وقد اختار هذه الكنية لتقابل كنية أبو بكر البغدادى".

وتأسست مليشيا الحرس القومي العربي، أواخر عام 2012 بقيادة اللبناني أسعد حمود المعروف باسم: الحاج ذو الفقار العاملي، وهو ابن حيدر العاملي (قيادي قومي لبناني)، وضمت تحت رايتها شبابا ينتمون للتيار القومي والناصري من دول عربية، منها تونس والجزائر ومصر والأردن ولبنان وفلسطين المحتلة والعراق.

وفي 21 ديسمبر/ كانون الأول 2020، نشرت صحيفة "الاستقلال" تقريرا بعنوان "أجندات خارجية على حساب تونس.. ماذا تخبئ حقيبة التيار القومي؟" حيث كشف عن وجود كتيبة ضمن الحرس القومي العربي تحمل اسم "الشهيد محمد البراهمي" والتي تقاتل في سوريا منذ العام 2013 إلى جانب قوات بشار.

حيث أكد "وجود مقاتلين تونسيين ضمن الكتيبة، وأن محمد العماري الملقب بـ (الجنرال) هو تونسي الجنسية، ويعتبر أحد أبرز قيادات ميليشيا الحرس القومي، الذين يقاتلون في سوريا".

ورغم أن هذه المجموعات القومية التي تسافر إلى سوريا خارج نطاق القوات المسلحة المصرية، لكن نظام السيسي يغض الطرف عنها مثلما يسمح للتيارات الناصرية بتنظيم فعاليات مساندة لنظام بشار، وبعضهم ينظم زيارات لدمشق ومظاهرات تأييد.

سياسة غض الطرف التي يتبناها نظام السيسي تجاه هذه المجموعات شجعت العديد من الشباب المنتمين للتيار القومي بالانخراط في القتال ضمن قوات الحرس القومي العربي في سوريا، مع غيرهم من سائر الجنسيات مثل تونس والجزائر وفلسطين وغيرهم.