جمشيد شارمهد.. معارض إيراني بارز ينتظر مصيرا مجهولا بعد اعتقال غامض

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

في الأول من أغسطس/آب 2020، أعلنت وزارة الأمن الإيرانية، توقيف جمشيد شارمهد، الذي تزعم مجموعة "تندر" (الرعد) -المصنفة إرهابية في إيران- ومقرها الولايات المتحدة الأميركية، في عملية أمنية وصفتها طهران بأنها "معقدة" جرت في الأراضي الإيرانية.

وتقول جماعة "تندر" المعارضة- تأسست عام 2004 في كاليفورنيا-: إنها تسعى لاستعادة الملكية الإيرانية التي أطيح بها في "الثورة الإسلامية" عام 1979، فيما أعلنت عبر مواقع التواصل بعد نبأ اختطاف شارمهد، أنها "ستواصل النضال حتى في غياب القائد".

مهندس إلكترونيات

جمشيد شارمهد مهندس إلكترونيات ولد في آذار/مارس 1955، وهو إيراني الأصل ألماني الجنسية عاش في ألمانيا قبل الانتقال إلى لوس أنجلوس الأميركية عام 2003، حسبما أفاد موقع جماعة "تندر" على الإنترنت.

كما ذكرت وسائل إعلام أميركية، تعرض شارمهد لمحاولة اغتيال على يد المخابرات الإيرانية، عام 2010، في لوس أنجلوس.

واختفى عميل للحكومة الإيرانية حاول الاستعانة بقاتل لاغتيال شارمهد في عام 2010، قبل أن يمثل أمام المحكمة في كاليفورنيا، وعلى الأرجح أنه عاد إلى إيران.

تولى شارمهد قيادة "تندر" عقب اختفاء مؤسس الجماعة، فتح الله منوجهري المعروف باسم "فرود فولادوند" في ظروف غامضة عام 2006، لكن وسائل إعلام إيرانية معارضة نقلت عن ابنه أنه اختطف في ولاية هكاري التركية ونُقل بعد ذلك إلى داخل إيران.

وفي حينها، أكدت منظمة العفو الدولية أنه إضافة إلى فرود فولادوند، اختفى ألكساندر ولي زادة أو كورش لَر، وهو مواطن أميركي من أصول إيرانية، وكذلك ناظم اشميت أو سيمرغ (العنقاء) وهو مواطن إيراني يحمل الجنسية الألمانية.

وتتبع مجموعة "توندار" الجمعية الإيرانية الملكية، وتدير قناة "Your TV" المعارضة لنشر أفكار ومواقف الجمعية الملكية، كما أنها تدير محطات إذاعية وتلفزيونية أخرى في الخارج معارضة للنظام الإيراني.

اعتقال غامض

وعن طريقة الاعتقال وملابساتها، أعلن وزير الأمن الإيراني سید محمود علوي في الأول من أغسطس/آب 2020 أن الأمن الإيراني اعتقل زعيم "تندر" داخل الأراضي الإيرانية عبر خطة محكمة، وذلك رغم أن "جمشيد شارمهد خضع لحماية ومراقبة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية".

وقال علوي: إن إيران تمكنت عبر عملية أمنية معقدة من اعتقال زعيم زمرة "تندر" جمشيد شارمهد والتي تتخذ من الولايات المتحدة الأميركية مقرا لها.

وأوضح أن "شارمهد" قال سابقا: إن ايران لن تتمكن من الوصول إليه مهما فعلت لأنه موجود في الطابق السادس من مبنى الـ"إف بي آي" لكن الاستخبارات الإيرانية أطاحت به وألقت القبض عليه.

وأشار الوزير الإيراني إلى أن بعض الأعداء ما زالوا لا يصدقون أن جمشيد شارمهد، قد أعتقل داخل إيران وأنه الآن تحت تصرف جهاز الأمن.

وقبل ذلك، أفاد بيان لوزارة الأمن الإيرانية بأن شارمهد هو الآن في قبضة قوات الأمن المقتدرة التي تمكنت من اعتقاله في إطار "عمليات معقدة".

وفي المقابل، ذكرت صحيفة "جوان"، في تقرير نشر في عددها الصادر 2 أغسطس/آب 2020، أن شارمهد اعتقل في طاجيكستان يوم 31 يوليو/ تموز 2020.

ويشير تقرير الحرس الثوري الإيراني إلى أن جمشيد شارمهد اختطف من قبل قوات الأمن أو أن الحكومة الطاجيكية تعاونت في تسليمه إلى المخابرات الإيرانية.

وعرضت السلطات الإيرانية بعد ذلك، مقطعا مصورا يظهر فيه شارمهد معصوب العينين، وبعدها تحدث عن قيامه بتفجيرات وقعت في إيران، وكانت السلطات الإيرانية قد نسبتها إليه في وقت سابق.

اتهامات بالجملة

تتهم السلطات الإيرانية زعيم مجموعة "تندر" بالتخطيط لهجوم وقع قبل 12 عاما استهدف مجلسا دينيا شيعيا بيوم عاشوراء في إحدى حسينيات مدينة شيراز، ما أسفر عن مقتل 14 شخصا وإصابة 215 آخر بجروح.

وتنسب إليه أيضا الوقوف وراء العديد من القنوات الافتراضية لتوجيه التعليمات لمؤيديها خلال أعمال الشغب في البلاد، وكانت هذه السلسلة من التعليمات تبث باسم "فتح طهران" لتضليل الأفراد في الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وحرفهم عن مطالبهم المهنية نحو الإجراءات الأمنية.

بل أبعد من ذلك، فإن إيران تتهم زعيم "تندر" بالتخطيط لشن هجمات كيمياوية وجرثومية في معرض طهران الدولي للكتاب، إضافة إلى التدبير لاستهداف ضد القنصلية الروسية في مدينة رشت شمال إيران، بمساعدة من الأجهزة المخابراتية الغربية.

ومن تلك الاتهامات التي يواجهها شارمهد، هي التخطيط لتفجير خزانات وخطوط نقل النفط في ميناء غناوه جنوبي البلاد وتفجير مرقد "فاطمة المعصومة" في مدينة قم ومبنى مجلس الشورى الإسلامي، إلا أنها فشلت ولم تنفذ.

وخلال الأعوام الأخيرة، اتهمت أيضا "تندر" بمحاولتها تنفيذ عمليات تخريبية كبيرة من ضمنها تفجير سد سيوند في شيراز وتفجير مرقد "الخميني" جنوب العاصمة طهران، إضافة إلى محاولة إشعال النيران وتفجير حوزة "خديجة الكبرى" العلمية في شارع سهروردي.

ومن جملة الاتهامات الموجهة له أيضا، هو تفجير عبوة ناسفة أمام منزل إمام الجمعة في مدينة نهاوند في 14 يناير/كانون الثاني عام 2010. كما كان ضالعا في عملية اغتيال مسعود علي محمدي الذي كان من علماء الصناعة النووية في البلاد، وفق الاتهامات.

ولم تقتصر الاتهامات على ذلك فحسب، بل تطال شارمهد اتهامات بوقوف جماعته وراء اغتيال وقتل الأفراد، إضافة إلى توجيه عناصرها ومؤيديها لحرق المصحف الشريف والإساءة إلى أهل البيت، بحسب السلطات الإيرانية.

وكانت السلطات الإيرانية قد أعلنت، خلال احتجاجات عام 2009، التي أعقبت الإعلان عن انتخابات الرئاسة، اعتقال عدد من أعضاء الجمعية الملكية الإيرانية، لتحاكم خلال صيف العام نفسه شخصين، قالت إنهما منتميان إلى الجمعية، وأعدمتهما بعد إصدار السلطة القضائية حكما بذلك.

واشنطن تدين

في 2 أغسطس/آب 2020 انتقدت وزارة الخارجية الأميركية، إيران بسبب إعلانها توقيف معارض يقيم عادة في الولايات المتحدة. ودعت الخارجية، طهران، إلى احترام "المعايير القانونية الدولية"، بعد إعلانها عن توقيف جمشيد شارمهد.

وقال ناطق باسم الخارجية الأميركية: "أخذنا علما بالمعلومات المتعلقة بشارمهد، النظام الإيراني لديه خبرة طويلة في احتجاز إيرانيين وأجانب بناء على اتهامات خاطئة". وتابع: "نحث إيران على التزام أكبر قدر ممكن من الشفافية وعلى احترام المعايير القانونية الدولية".

وفي المقابل، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي، في الأول من أغسطس/ آب 2020 عن تقديره للخطوة "المقتدرة" لمنتسبي وزارة الأمن في اعتقال جمشيد شارمهد زعيم زمرة إرهابية وتخريبية.

وقال موسوي: إن "النظام الأميركي في الوقت الذي يعرف نفسه بأنه يقف إلى جانب الشعب الإيراني، فإنه يستضيف الإرهابيين المعروفين والمسؤولين عن تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية داخل إيران والذين تلطخت أيديهم بدماء الشعب والمواطنين الإيرانيين الأبرياء وتقدم لهم شتى ألوان الدعم والإسناد".

وسجل موسوي احتجاجه الشديد على الإدارة الاميركية، محملا الولايات المتحدة مسؤولية دعم "تندر وغيره من الذين يقودون العمليات التخريبية والمسلحة والإرهابية ضد الشعب الإيراني من داخل الولايات المتحدة ويسفكون دماء المواطنين الإيرانيين".