توترات شرق المتوسط.. ما احتمال تأثر حوار أوروبا مع تركيا بأزمة ليبيا؟

12

طباعة

مشاركة

اندلع توتر جديد نهاية يوليو/تموز، بعد الإعلان عن بدء سفينة أبحاث الزلازل أوروتش ريس التركية، بعمل بحث سيزمي (بالموجات الزلزالية) في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث قالت اليونان: إن هذه المنطقة من البحر تخضع لها سياديا.

وتعتبر السفينة واحدة من بين 5 أو 6 سفن أبحاث متعددة الأغراض في العالم، وهي مجهزة بكافة الإمكانيات. وسبق لها أن أجرت أنشطة بحث سيزمي في البحر الأسود، وبحر مرمرة.

وكانت السفينة، التي بدأت عملها في 15 أغسطس/آب 2017، قد نفذت مؤخرا أنشطة المسح السيزمي في منطقة "غوزل يورت" الغربية. وقبل إبحارها إلى شرق المتوسط، رست السفينة لفترة في الرصيف خارج منطقة حاجز الأمواج في ميناء أنطاليا التركي.

عروج ريّس

وتقول صحيفة يني شفق التركية: "أثينا هي جزء من فتيل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يعمل ليل نهار لتأليب أوروبا ضد تركيا، في وقت طلبت فيه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تأجيل الأنشطة البحثية من أجل نزع فتيل التوتر عبر اتصال هاتفي جرى بينهما".

وبالفعل، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن: إن بلاده مستعدة لإجراء محادثات مع اليونان دون شروط مسبقة في كافة القضايا الثنائية.

وأضاف في تصريح في 27 يوليو/تموز: أن الرئيس أردوغان وجه بوقف الأنشطة التنقيبية لسفينة "عروج ريّس" بالبحر المتوسط مدة من الزمن حتى تظهر ثمار المفاوضات بين الجانبين.

ورحبت أثينا بقرار أنقرة تعليق أنشطة تنقيب سفينة "عروج ريّس"، التركية في شرق المتوسط لمدة زمنية، تمهيدا لاستئناف حوار مع اليونان، واصفة القرار بـ"التطور الإيجابي". وأبدى وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، استعداد بلاده للحوار مع تركيا دون ضغوط أو تهديدات.

وتوضح يني شفق أن "أنقرة تسعى بالفعل للتجاوب مع أطروحات برلين لتهدئة الأوضاع وعدم الانجرار إلى بيئة الصراع".

وردا على أسئلة على قناة CNN التركية، قال إبراهيم قالن: إن الرئيس أردوغان أعرب عن استعداد بلاده، دون قيد ولا شرط مسبق، للعمل من أجل أن يعود شرقي المتوسط من كونه ساحة صراع إلى بحر للسلام.

ولفت إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في وجود فجوات في المنطقة الاقتصادية الخالصة المتعلقة بالجرف القاري لبحر إيجة والجزر وشرقي المتوسط. واستطرد: "لا يوجد تعريف قانوني بهذا الخصوص، حيث ينص القانون البحري الدولي على حل القضايا المتنازع عليها بشكل ثنائي بين الدول".

وأوضحت الصحيفة أنه "من الواضح أن الخطوة الأخيرة التي تراجعت فيها عن الحفريات أو أوقفت الأنشطة مؤقتا يدلل على أهمية هذه الجزيرة. اليونان بالفعل قد تقدم على حرب مع تركيا بشأنها وهذا ما أدركته أنقرة بالفعل وعليه ثمة خطوط أخرى ستدخل على الخط وقد تزيد المسألة تعقيدا".

أزمة ليبيا

من هذه الجوانب ما يحدث على الأرض الليبية، فالأمور هناك توقفت عند خطي الجفرة- سرت وهي من المناطق الغنية بالنفط والتي يسيطر عليها اللواء المنقلب خليفة حفتر بقوة السلاح في وقت تدعم فيه أنقرة حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

حتى اللحظة، ثمة هدوء إلى حد ما على الأرض مع بعض المناوشات الخفيفة بدون الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين. وتوضح يني شفق: "من الواضح أن كل طرف يترقب الخطوة المقبلة من الآخر والجميع غير متيقن تماما من النتيجة".

وميدانيا تدعم موسكو حفتر لكن عندما يتم الوصول للمفاوضات هي تسعى لأن يكون هناك وقف لإطلاق النار، فهل هذا هو الدور الحقيقي للروس في ليبيا؟ بالطبع لا. ويبقى السؤال هل هذا الهدوء حقيقي في ليبيا ومستمر؟!

من الواضح أن الأمور معقدة أكثر مما ينبغي هناك، حيث جاء مؤخرا وفد مكون من نواب وزراء روس إلى أنقرة، وبعد المفاوضات، تم نشر بيان مشترك جعل الجميع يندهش مما فيه.

وأتم وفد وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين المشترك، برئاسة نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، مشاورات استمرت يومين في أنقرة بشأن الوضع في ليبيا.

وقد اتفق الطرفان على مواصلة الضغط على المشاركين في الصراع الليبي من أجل تهيئة الظروف لوقف إطلاق نار مستدام، وكذلك تعزيز الحوار السياسي بين الليبيين بالتنسيق مع الأمم المتحدة وتقرر إجراء الجولة التالية من المشاورات في موسكو، في المستقبل القريب.

لذا لا يوجد اتفاق مع روسيا خاصة بليبيا بل كما تقول الصحيفة: "مجموعة من الآراء المشتركة ونقاط عمل جرى تشكيلها من أجل استكمال هذه المفاوضات في موسكو، ومع ذلك، لا ينبغي النظر إلى هذا الوضع على أنه غير ذي أهمية".

وعلى الأقل، مع إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، فإن الإرادة المتبادلة لمواصلة المفاوضات يمكن أن تؤدي إلى نتيجة بأن حالة الهدوء الفعلية لا ينبغي أن تفسد حتى الآن، ولا يمكن أن يغيب عن البال أن الاجابة على سؤال "من يعمل ضد من وأي طرف يقاتل الآخر" صعبة وقد تكون مستحيلة.