تحول مفاجئ رسمته أبوظبي والرياض.. ما سر اهتمام مصر بملف اليمن؟

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

باتت مصر من أكثر الدول قلقا تجاه تنامي الدور التركي في المنطقة، وتحقيقه انتصارات سياسية على أكثر من صعيد، فبعد ما حققته أنقرة من توازن في معركة ليبيا، تخشى القاهرة من أن يمتد الدور التركي إلى اليمن.

هذه المخاوف المصرية، عززتها أخبار وتقارير استخباراتية تناقلتها وكالات ومواقع عالمية، من بينها ما ذكره موقع إنتلجنس أونلاين التابع للاستخبارات الفرنسية في 20 يونيو/حزيران 2020 من أن دورا عسكريا تعد له تركيا في جنوب اليمن، من خلال دعم فصائل من الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في قتال مجموعات مسلحة مدعومة من قبل الإمارات.

ورغم أن أنقرة نفت أن يكون لها أي دور عسكري، وأوضحت أنها لن تقوم بأي تحركات عسكرية مستقبلا إلا في إطار من الشرعية الدولية، إلا أن ذلك لم يكن كافيا ببعث تطمينات لمصر وحلفائها، خصوصا أن دورا إغاثيا وإنسانيا نشطا تقوم به تركيا في اليمن من خلال وكالة التعاون والتنسيق الدولي (تيكا)، منذ عدة سنوات وحتى الآن.

ليست القاهرة وحدها هي من تخشى من تحركات أنقرة في اليمن، بل إن حالة من القلق تسود أيضا في كل من الرياض وأبوظبي خوفا من أي ترتيبات لوضع مشابه لما هو عليه الحال في ليبيا، عندما تدخلت أنقرة لدعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا وحققت انتصارات على مليشيا اللواء الانقلابي المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من قبل الإمارات ومصر وفرنسا.

استقبال حافل

عدم اكتراث القاهرة باليمن كان واضحا في استقبال وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ياسمين فهمي لرئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي في فبراير/شباط 2019، في مخالفة للبروتوكولات الرئاسية المعمول بها، وإشارة واضحة على عدم تنامي الشعور بالقلق لدى دول الثورات المضادة من أي دور تركي محتمل في اليمن حتى تلك اللحظة على الأقل.

لكن في 19 يوليو/تموز 2020، حظي رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك باستقبال حافل، من قبل نظيره المصري مصطفى مدبولي خلال زيارته للقاهرة برفقة وفد رفيع.

الاستقبال الذي حظي بحفاوة رسمية وتغطية إعلامية واسعة، كشف حجم الاهتمام المصري بالملف اليمني في اللحظة الراهنة، وهو أمر لم يكن معتادا خلال الخمس سنوات الأخيرة، حيث عانى اليمن من ضعف غير مسبوق نتيجة الحرب  وتقويض السلطة الشرعية من قبل تحالف "الرياض أبوظبي".

كانت الأجندة المعلنة في زيارة رئيس الوزراء اليمني الدكتور معين عبد الملك لمصر، تتعلق ببحث أوجه التعاون العسكري والاقتصادي بين البلدين.

ونقلت صحيفة اليوم السابع المصرية عن السفير اليمني في القاهرة الدكتور محمد مارم أن اللقاءات سوف تتناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر واليمن على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية وعددا من الملفات المشتركة بين البلدين، وآخر التطورات على الساحة اليمنية.

وأضافت الصحيفة نقلا عن مارم: أن "الزيارة تأتي للاستفادة من التجربة المصرية التنموية والاقتصادية الرائدة في مصر".

قطع الطريق

حسب المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، فإن "الأجندة الحقيقية للزيارة تتمثل بمحاولة مصر، مدفوعة بكل من الرياض وأبوظبي، قطع الطريق على تركيا، والحيلولة دون قدرتها على القيام بأي دور في اليمن، سواء كان عسكريا أو اقتصاديا أو حتى تنمويا".

التميمي قال لـ"الاستقلال": "زيارة معين تحقق أهدافا سعودية إماراتية خالصة وأولها: تسويق معين ليبقى رئيسا للوزراء في الحكومة المقبلة التي ربما تشهد تصفية تركة الدولة اليمنية الموحدة، أما الثاني فيتعلق بربط مصر بالمشاريع التي يفترض أن تشهدها اليمن مستقبلا، والمغزى هو قطع الطريق أمام أي طرف إقليمي يمكن أن يدخل إلى اليمن من الباب الاقتصادي والتنموي.

يضيف التميمي: "الزيارة تحمل دلالة رمزية، لكون رئيس الوزراء لا يملك القرار ولا السلطة الشرعية التي يمثلها، لهذا تبقى الزيارة عنوانا مراوغا لاستدعاء مقصود من التحالف السعودي الإماراتي لدور مصري مسيطر عليه يمكن القاهرة من القيام بأدوار تنموية وربما عسكرية تسد الأبواب أمام أي تدخل إقليمي في اليمن خصوصا من النافذة التنموية".

يتابع المحلل السياسي: "بالطبع المقصود هنا هو تركيا وقطر، وقد رأينا كيف استجابت مصر لهذه الزيارة البروتوكولية وأعطتها أهمية زائدة عن الحد لتبدو شكلا من أشكال التخادم بين القاهرة وكل من الرياض وأبوظبي".

عبد الملك الذي تدفع به السعودية لترأس الحكومة الجديدة، أجرى مقابلة مع صحيفة الأهرام المصرية، أثناء زيارته، وأشاد بدور مصر بقيادة السيسي، وأثنى على دور تحالف الرياض أبوظبي في اليمن، وفي المقابل اتهم قطر بزعزعة الاستقرار في اليمن ودعم مليشيات الحوثي.

كشف هذا الموقف وطبيعة التصريحات عن كونها زيارة تأتي استجابة لتطلعات تحالف الرياض وأبوظبي في محاولة الدفع بمصر لتتبنى دورا معينا بالقدر الذي يقطع الطريق أمام الطموح التركي المتنامي في اليمن.

فاقد الشيء

وبالعودة إلى حديث الجانب اليمني عن الاستفادة من التجربة المصرية الاقتصادية أو التنموية أو العسكرية، يتضح أن المراد هو قطع الطريق على تركيا وإعاقة أي تحرك تركي في اليمن، ذلك لأن مصر تعاني أسوأ أحوالها على المستويات الاقتصادية والتنموية، منذ وصول عبدالفتاح السيسي للسلطة إثر انقلاب عسكري نفذه قبل 7 سنوات على الرئيس المنتخب محمد مرسي. 

عجز نظام السيسي عن حل مشاكله الداخلية المتمثلة بملء سد النهضة، وملف العنف في سيناء، كما عجز عن إيقاف مؤشر البطالة المتصاعد في مصر، وإيقاف تدهور الاقتصاد، ما يجعله أكثر عجزا عن القيام بأي دور خارج مصر، وبالتالي غير مؤهل لتصدير تجربة اقتصادية أو تنموية ناجحة.

وفي ظل تلك التحركات، حذر مراقبون من توريط أبوظبي والرياض، مصر في أي صراع مع تركيا باليمن، أيا كانت مستويات ذلك الصراع، خصوصا أن النظامين الخليجيين يحاولان الدفع بالسيسي لخوض صراع مع تركيا في ليبيا بعد أن حققت حكومة السراج المعترف بها دوليا انتصارات عسكرية على مليشيا  حفتر المدعومة من قبل الإمارات.