صحيفة إسبانية: هكذا أصبح ابن زايد الحاكم الأكثر نفوذا بالعالم العربي

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة ألموندو الإسبانية تقريرا، سلطت فيه الضوء على طبيعة العلاقة بين ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان وملك إسبانيا خوان كارلوس الأول، مشيرة إلى تدخلاته في منطقة الشرق الأوسط وطموحاته إلى أن يقود العالم العربي بطريقته الخاصة.

وقالت الصحيفة الإسبانية: إنه في خريف عام 2011، بعد حضور سباق جائزة أبوظبي الكبرى للفورمولا وان، عاد ملك إسبانيا السابق، خوان كارلوس الأول، بسيارتين من نوع فراري. أما صاحب هذه الهدية السخية، حيث تبلغ قيمة السيارتين 700 ألف يورو، فقد كان محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، الإمارة التي تقود دولة الإمارات العربية المتحدة.

مخالبه ممتدة

وأوضحت أنه تم الكشف عن هذه الهدايا بطريقة لا تستهدف محمد بن زايد بشكل مباشر مؤخرا في إسبانيا. لكن وجود اسمه ليس بالأمر الغريب؛ فمنذ أن أصيب أمير أبوظبي ورئيس الإمارات، الشيخ خليفة بن زايد، بجلطة دماغية في أوائل سنة 2014، أصبح أخوه غير الشقيق محمد بن زايد الحاكم الفعلي للإمارة والاتحاد. علاوة على ذلك، تحول محمد بن زايد منذ تنصيبه إلى عنصر لا يغيب عن أية قضية في الشرق الأوسط وخارجه.

وأوردت الصحيفة أن مخالب محمد بن زايد امتدت من القصر الملكي الإماراتي لتطال جميع الأحداث التي شكلت الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، من الحرب الدموية في اليمن وصولا إلى الوصاية على محمد بن سلمان، ولي العهد الطموح في المملكة العربية السعودية الذي جعله من أبرز تلاميذه.

ونقلت "ألموندو" عن أندرياس كريج، المحلل الأمني البارز في كلية الملك الجامعية بلندن، قوله: "يمكن القول إن محمد بن زايد الحاكم الأكثر نفوذا في العالم العربي، ويقود أكثر الدول ديناميكية وحزما في الشرق الأوسط".

وأضاف كريج أن محمد بن زايد يقود نزاعات ذات مجموع صفري، أي أنه تتساوى فيها الأرباح والخسائر، ابتداء من اليمن والصومال وإريتريا والسودان ومصر وليبيا أو سوريا ووصولا إلى أرمينيا. كما أنه رجل قادر على السيطرة على الآخرين والتلاعب بهم ومراقبتهم؛ ويحكم الإمارات بقبضة حديدية جنبا إلى جنب "دولة عميقة" تم إنشاؤها حول إخوته.

شخص ماكر

ووصفت الصحيفة ولي عهد أبوظبي بأنه "شخص ماكر" في تحقيق أهدافه، انتشرت مخالبه في جميع أنحاء المنطقة وخارجها. كما سعى إلى إغراء أكثر الوجوه غير المشبوهة في العالم. وفي عام 2019، في عملية محسوبة وفعالة لتعزيز علاقاته العامة، أعلن محمد بن زايد في حركة ملفتة للنظر عن "عام التسامح"، وأنشأ "وزارة التسامح". ومن هنا جاءت الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس إلى الإمارات العربية المتحدة، في أول زيارة يؤديها أسقف روما إلى شبه الجزيرة العربية، بهدف تعزيز الحوار بين الأديان.

وذكرت "المونود" أن الزيارة العابرة تلقت انتقادات حادة من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان؛ إذ تحدث البابا عن السلام في دولة أنشأ حاكمها الفعلي، محمد بن زايد، جيشا من المرتزقة يحارب تحت الدرع الإماراتي في مختلف النزاعات التي تتورط فيها البلاد.

وعلق كريج في حديثه للصحيفة أن "محمد بن زايد يملك وجهة نظر مظلمة حول المنطقة. إضافة إلى ذلك، يرى أن الربيع العربي أهم نقطة تحول في التاريخ الإقليمي الحديث، ويعتبر أي شكل من أشكال النشاط المدني الاجتماعي خارج سيطرة الدولة بمثابة تهديد لنظامه".

وواصل قائلا: إن ولي عهد أبوظبي شرع في تنفيذ إستراتيجية تهدف إلى العودة بمكاسب وإنجازات الربيع العربي إلى نقطة الصفر. وبشكل عام، تركز رؤيته حول "الاستقرار الاستبدادي" على بناء دول عسكرية بقيادة رجال أقوياء يمكنهم احتواء المجتمع المدني والتيارات الإسلامية".

بغضه للإخوان

ونوهت الصحيفة إلى أن الانقلاب الذي أطاح بالإخوان المسلمين في مصر قبل سبع سنوات هو أثمن عمل أنجزه ولي عهد أبوظبي، كما أنه الأكثر تكلفة والأكثر نجاحا.

وبينت "ألموندو" أن عبد الفتاح السيسي، الذي تلقى مليارات الدولارات من الخزائن الإماراتية، فرض الرعب في بلاد الفراعنة، من خلال الزج بعشرات الآلاف من المعارضين في السجون، هذا إلى جانب مئات المفقودين وآلاف القتلى. لكن، بينما كتم السيسي أفواه المعارضة ونفى الكثير منهم ودمر جيلا كاملا؛ عجز عن قمع الهجمات التي يقودها تنظيم الدولة في واحدة من معاقله الأكثر نشاطا، وهي جزيرة سيناء.

وحول موقف محمد بن زايد من الإخوان المسلمين، قال ريان بوهل، الباحث في مؤسسة "ستراتفور" في حديثه مع الصحيفة: إن "ولي عهد أبوظبي يعتبره الإخوان المسلمون تهديدا ثوريا للإمارات ويحاول استخدام تحالفاته للحد من نفوذهم على المستوى الإقليمي والعالمي".

وأضاف بوهل: أن "هذا هو السبب الذي دفع محمد بن زايد إلى الترويج لسياسات عسكرية عدوانية للغاية في ليبيا أو اليمن؛ ودعم الحصار المفروض على قطر، ومواجهة تركيا أردوغان".

وأشارت الصحيفة إلى أن محمد بن زايد مهتم الآن بتطبيع العلاقات مع إسرائيل والمشاركة في إعادة بناء سوريا في حكم الأسد، وذلك بعد أن نشط في أواخر سنة 2016 في مشهد خطّه وفقا لأغراضه في المنطقة.

وفي ذلك الوقت، وعلى الرغم من خلافاتهم الصارخة، استجاب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لطلب ولي عهد أبوظبي لمشاركته الغداء في البيت الأبيض، لكن محمد بن زايد ألغى اللقاء عندما اقترب الموعد دون ذكر التفاصيل وغيّر جدول أعماله بالهبوط في نيويورك لمقابلة جاريد كوشنر، صهر ترامب.