صحيفة بريطانية: لندن تعبث بالقانون لبيع الأسلحة إلى السعودية

12

طباعة

مشاركة

توقعت صحيفة "ميدل إيست آي" أن تتذرع الحكومة البريطانية بالموافقة القانونية في الظاهر لمواصلة بيع الأسلحة للسعودية في حملتها "الوحشية" على اليمن.

وقالت الصحيفة البريطانية في مقال للكاتبة آنا ستافريانكيس: إن إعلان حكومة المملكة المتحدة استئناف إسناد تراخيص تصدير الأسلحة إلى المملكة وحلفائها قد يكون المسمار الأخير الذي يُدَقُّ في نعش آلاف اليمنيين الذين تدخل الحرب في بلادهم عامها السادس.

وأعلنت وزيرة الدولة للتجارة الدولية ليز تروس عن اقتناعها بأن السعودية لديها "النية والقدرة الحقيقية" على الامتثال للقانون الدولي وبالتالي لا يوجد خطر واضح من إساءة استخدام الأسلحة، مصرحة بأن الانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني الدولي من قبل التحالف الذي تقوده المملكة لا تتجاوز حقيقة كونها "حوادث معزولة".

واستنكرت الصحيفة هذا التصريح متسائلة: كيف توصلت الحكومة إلى هذا الاستنتاج في ظل الهجمات المستمرة على الأهداف المدنية والبنية التحتية في الحرب؟

وقالت ليز تروس، في بيان لها في 7 يوليو/تموز: إن الحكومة "أعادت اتخاذ القرارات التي كانت محل المراجعة القضائية على أساس قانوني صحيح، بحسب ما طالب الأمر الصادر عن محكمة الاستئناف العام الماضي (2019)".

وأضافت: "بناء على ما سبق، فالتعهد الذي التزم به للمحكمة وزير الدفاع (ليام فوكس) بأننا لن نمنح أي تراخيص جديدة لتصدير الأسلحة أو المعدات العسكرية للسعودية لإمكانية استخدامها في اليمن، لم يعد قائما".

وتعد بريطانيا سادس أكبر مصدر للسلاح بعد الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا والصين، وفقا لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام. ومثلت مشتريات السعودية 43 في المئة من إجمالي مبيعات السلاح البريطانية خلال العقد الماضي، بحسب تقارير صحفية.

وقالت الصحيفة: إنه "في يونيو/حزيران من العام 2019، أقرت محكمة الاستئناف أن سياسة الحكومة في تصدير الأسلحة غير قانونية لأنها فشلت في تقييم ما إذا كان التحالف بقيادة السعودية قد ارتكب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي باليمن، لتأمر المحكمة الحكومة بإعادة النظر في قراراتها بشكل قانوني هذه المرة".

وأضافت أن الحكومة أعلنت أن منهجها المنقح يأخذ بعين الاعتبار الآن مزاعم الانتهاكات السابقة والمحتملة باعتبارها خروقات فعلية لأغراض تتعلق بالتقييم، وذلك بعد أكثر من عام من التزام الصمت بشأن هذه المسألة.

الأمور جيدة حتى الآن، تواصل الصحيفة إن سياسة المملكة المتحدة تستند إلى خطر إساءة استخدام الأسلحة، وباعتبار أنه يُفترض على التحليل القائم على تقييم المخاطر أن يكون وقائيا، فإن الموقف الذي يعالج الانتهاكات المحتملة على أنها فعلية يعتبر بداية جيدة.

ومع ذلك اعتمدت الحكومة خطوتين من المناورات القانونية والسياسية للتوصل إلى استنتاج مفاده أنه لا يوجد نمط محدد من الانتهاكات المحتملة، وبالتالي لا يوجد خطر واضح، مما يعني أنه يمكن استئناف إسناد تراخيص بيع الأسلحة.

ومن غير الواضح كيف انتقلت الحكومة من نقطة بداية تتعامل فيها مع جميع الانتهاكات المحتملة على أنها فعلية، إلى استنتاج مفاده أنه لا يوجد سوى "عدد صغير" من الخروقات المزعومة.

ما الخرق المحتمل؟

وصرحت وزارة الدفاع في 4 يوليو/تموز 2020 أنه يتوفر لديها تفاصيل أكثر من 500 حالة للخروقات أو الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي في اليمن.

وتقول ميدل إيست آي: "إذا كانت وزارة الدفاع على علم بأكثر من 500 حالة من الخروقات المزعومة، وإذا كانت الحكومة تعامل جميع الخروقات المحتملة على أنها فعلية، فهذا يعني أن الغالبية العظمى من هذه الانتهاكات لم يتم تقييمها على أنها محتملة".

وأضافت: "جرى القيام بأعمال تعريفية مهمة لحصر فئة ما يشكل خرقا محتملا ووضع مسافة بين الادعاءات التي يتم تقييمها على أساس أنه يمكن أن تكون قد حدثت وتلك التي يتم تقييمها على أنها خرق محتمل".

إذا كان ذلك يبدو وكأنه لعب متحذلق بالكلمات، فهو لأنه بالفعل كذلك، وهو أمر له تداعيات خطيرة ومميتة على سكان اليمن.

ولاحظت الصحيفة أن الحكومة أنشأت موقفا يسمح لها بتسهيل عمليات تصدير الأسلحة المستمرة والمطالبة بالامتثال للقانون الدولي في الآن نفسه.

وعلى مستوى ثان، فإنه من غير الواضح كيف جرى التوصل إلى استنتاج مفاده أن هذه الخروقات المحتملة تشكل "حوادث معزولة"، حيث طلبت محكمة الاستئناف من الحكومة تقييم ما إذا كانت الحوادث السابقة جزءا من نمط.

وخلصت الحكومة إلى أن الانتهاكات كانت حوادث معزولة مستندة إلى أنها وقعت في أوقات وظروف ولأسباب مختلفة، ولكن يمكن للمرء أن يستنتج بسهولة، وبشكل أكثر إقناعا في الحقيقة، أن هذا دليل على هجمات واسعة النطاق ومنتظمة تمت على مدى فترة طويلة من الزمن.

أدلة وافرة

يبرز المقال أن هنالك مجموعة كبيرة من الأدلة في المجال العام تشير إلى هجمات واسعة النطاق ومستمرة على الأهداف المدنية والبنية التحتية.

وذكر كمثال أحدث التقارير التي مثلت جهدا تعاونيا بين منظمة مواطنة اليمنية لحقوق الإنسان، وشبكة الإجراءات القانونية العالمية، ويهدف إلى "منح الحكومة كل ما تحتاجه لتقييم خطر الانتهاكات المستقبلية بدقة".

ومع ذلك، فشلت الحكومة بشكل روتيني في التفاعل بطريقة هادفة مع الأدلة المقدمة من الجهات الفاعلة في المجتمع المدني.

وتقول الصحيفة: "تبرز تحديات في تحديد الأنماط واتخاذ القرارات بشأن ما إذا كانت الهجمات منهجية أم عشوائية، وكان من الممكن أن تقدم المنظمات، التي لا تُعد ولا تحصى، العاملة على إيذاء المدنيين دروسا في كيفية تحديد الأنماط إذا كانت الحكومة متنبهة بما فيه الكفاية".

خلاصة القول تكمن في أن الحكومة لم ترغب في العثور على نمط، لأن هذا يعني أنه كان يتعين عليها تعليق مبيعات الأسلحة، ولذلك أحجموا عن ذلك، وفق المقال.

وبدلا من ذلك، أعلنوا عن رضاهم من أنه "لا يوجد خطر واضح من أن تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى السعودية قد يوظف في ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي" وأصدروا بيانا شاملا حول استئناف الترخيص، الذي يتعارض مع الالتزام بإجراء تقييم لكل حالة على حدة.

يضيف المقال أن هذه المكائد تتراكم بفعل الاعتماد المستمر على السرية، حيث يبدو أن وزير الخارجية أخذ بالحسبان "النطاق الكامل للمعلومات التي يكون بعضها حساسا وسريا بالضرورة"، مبينا أن "هذه الحجة قديمة وكانت ركن أساس في دفاع الحكومة خلال الدعاوي القانونية".

تبييض المملكة

"لم تكن مقنعة آنذاك، وليست مقنعة الآن"، هكذا علقت كاتبة المقال على سياسة الحكومة التي تستند إلى تقييم المخاطر، الذي من المفترض أن يكون وقائيا، لذلك إذا كان هناك دليل يشير إلى حدوث اختراق محتمل، فيجب أخذه بعين الاعتبار بطريقة وقائية.

ورفضت الحكومة التعامل، ناهيك عن دحض، مجموعة واسعة من الادعاءات ذات المصداقية في المجال العام والتي تشير إلى انتهاكات للقانون الدولي.

وبدلا من ذلك تعتمد على معلومات عليا يبدو أنها سرية لا يحق للجمهور العلم بها. وهي ترفض الآن نشر المعلومات التي استندت إليها في منهجيتها المنقحة - مشيرة إلى أنها نشرت معايير اتخاذ القرار والقوائم الفصلية للتراخيص الممنوحة.

مع ذلك، ما هو مفقود هو أي تفسير جوهري للأساس المنطقي للقرارات المتخذة فعليا، حيث إنه غالبا ما تكون هنالك فجوة صارخة بين موقف الحكومة المصرح به علنا وممارسات الترخيص الفعلية، وهي فجوة لا تعالجها سمعة المملكة المتحدة كـ"واحدة من أكثر أنظمة التحكم القوية في العالم".

وبينما توفر القوائم الفصلية بيانات حول التراخيص الممنوحة، فإن الرموز لا تتطابق مع تلك المستخدمة من قبل شركة ايتش ام للعائدات والجمارك البريطانية HM Revenue and Customs للإبلاغ عن عمليات التسليم الفعلية، وهي تقارير لا تغطي في كل الأحوال إلا مجموعة فرعية فقط من مجموع صادرات الأسلحة.

يضيف المقال أن إعلان الحكومة عن استئناف ترخيص بيع الأسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية يُسقط الدعوى القانونية. وأوضح: "ستتذرع الحكومة، بدون أدنى شك، بالموافقة القانونية في الظاهر لمواصلة بتبييض سمعة المملكة ومحاولة تجنب الانتقاد المستمر".

يورد المقال في خاتمته إعلانا حديثا بأنه سيتم إعادة إنشاء اللجان المعنية بالرقابة على تصدير الأسلحة برئاسة النائب مارك غارنييه، ويتمحور دور اللجان حول التدقيق في سياسة الحكومة وممارساتها، رغم أنها لم تنشر تقريرا في العامين الماضيين.

ومع اندماج وزارة التنمية الدولية في وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث (رابطة الشعوب البريطانية)، تقل احتمالية سماع أصوات الجهات الفاعلة في التنمية على الطاولة، كما ستتم عرقلة عمل أعضاء اللجنة الجدد.