شانتال بيا.. زوجة رئيس الكاميرون استغلها لتحسين صورته فتطلعت للقيادة

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

"تثير شانتال بيا، السيدة الأولى في الكاميرون منذ أربع وعشرين سنة، مشاعر متضاربة بين الإعجاب والخوف والنبذ" تحت هذه الكلمات نشرت صحيفة "لوتون" السويسرية، تقريرا عن زوجة الرئيس الكاميروني بول بيا، وذلك ضمن ملف خصصته للحديث عن خمسة من زوجات الزعماء المستبدين حول العالم.

وقالت الصحيفة: "يوم 23 أبريل/ نيسان 1994، تعرف الشعب الكاميروني على شانتال بيا، من خلال زواجها ببول بيا، الذي يترأس البلاد لأكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد وفاة زوجته الأولى جين إيرين"

وأوضحت أن السيدة الأولى، واسمها الحقيقي شانتال بولشيري فيجورو، ولدت في مقاطعة ديماكو، شرق البلاد، من أم كاميرونية وأب فرنسي، بعيدا عن البذخ والعائلات الكاميرونية الميسورة، قبل الانتقال إلى ياوندي.

وأشارت إلى أن شانتال عملت نادلة، وعارضة أزياء، وكان لديها أيضا، وفقا لأهل قريتها، روابط مع رجال مؤثرين، كما أن هذه الأم التي تصغر زوجها بـ 38 سنة، والملقبة بـ "شانتو" بين أهل القرية، لم تحظ بتأييد كبير عندما وصلت إلى هذا المستوى الرفيع بالدولة.

ووفقا لما قال عالم الاجتماع والخبير السياسي فريد إيبوكو في مجلة بوليتيك أفريكين (Politique africaine) المكرسة للسيدات الأوائل في القارة السمراء، فإن الشابة شانتال فيجورو، عانت في بداية زواجها كثيرا؛ بسبب عدم حصولها على شهادة عالية تقدرها "النخبة البرجوازية" أو انتمائها إلى عائلة مرموقة.

وتبين "لوتون" أن السيدة الأولى التزمت فيما بعد بالبروتوكول واكتفت بدور المرافقة للرئيس أثناء رحلاته، لكن سلوكها الشاذ وغير العادي لم يمر دون أن يلاحظه أحد، حيث ترتدي أزياء ملونة، تسريحات شعر ضخمة وباهظة، وهو ما يتعارض مع أسلوب بول بيا الصارم.

تزايد شعبيتها

غير أنه في الوقت نفسه، يتحد الشعب الكاميروني مع شانتو، التي كانت في نظره تجسد الصعود الاجتماعي الذي يتطلع إليه الكثير من الكاميرونيين. 

وعن ذلك يقول الصحفي الكاميروني فوتيمواه برادلي رولاند، الذي نشأ في سويسرا: "إنها شخصية متخبطة. لقد استطاعت بطريقتها الخارجة عن البروتوكول أن تربح قلوب بعض الكاميرونيين".

كما أن الالتزامات الإنسانية لحرم الرئيس، وهو اللقب الذي يحب زوجها أن تنادى به، عملت على تحسين صورة الرئاسة.

ففي عام 1994، بعد فترة وجيزة من دخولها المشهد السياسي، افتتحت مؤسسة شانتال بيا، التي تساعد الطبقات الاجتماعية الأكثر حرمانا، ثم المنظمة غير الحكومية Les Synergies Africanaines (التآزر الإفريقي)، والتي تضم سيدات القارة الأوائل، ومهمتها الرئيسة مكافحة عمل الأطفال ووباء فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز (VIH).

كذلك تم تعيينها سفيرة خاصة لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس الإيدز، ثم سفيرة النوايا الحسنة لليونسكو (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة)، وتم إضفاء الشرعية على عملها والإشادة به على الساحة الدولية.

ومع إطلاق اسمها على السباقات الرياضية، وتأليف الأغاني التي تمجدها، استمرت شعبية السيدة الأولى في النمو إلى أن أصبحت شخصية مركزية في الحياة السياسية الكاميرونية، تشير الصحيفة.

وبحسب الصحفي الكاميروني، تحول الكثير من أبناء الشعب إلى متسولين من قبل نظام بيا، وينتقد الصحفي بشدة السياسة التي يتبعها رئيس الدولة، ولا يرى من خلال المبادرات التي يطلقها سوى عمليات اتصال بسيطة تهدف إلى التوفيق بين الرأي العام والرئاسة، التي يتم انتقادها بشكل خاص بسبب أسلوب العيش غير المتناسب.

ملكة الفخامة

وتقول الصحيفة: إن شانتال بيا وزوجها يقضيان جزءا كبيرا من وقتهما خارج البلاد، إذ كشف تقرير نشره مشروع تتبع الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) في فبراير/شباط 2018 أن الرئيس أمضى أربع سنوات ونصف على الأقل، في زيارات خاصة إلى الخارج، خلال السنوات الخمس والثلاثين التي قضاها بالسلطة.

ونوهت بأنه على الرغم من الانتقادات، استمر الزوجان في أنشطتهما هذه، حتى عندما كانت البلاد تشهد اشتباكات عنيفة، كما حدث في عام 2017، عندما قرر الانفصاليون الناطقون بالإنجليزية حمل السلاح ضد ياوندي، التي ترفض إنشاء دولة مستقلة في المناطق الشمالية الغربية والجنوبية الغربية.

وفي غضون عشرين شهرا، أودى هذا الصراع بحياة 1،850 شخصا، وفقا لمركز التحليل الجيوسياسي لمجموعة الأزمات الدولية.

وأثناء هذا التوقيت كان ساكنا القصر الرئاسي يترددان على الفنادق الأوروبية الفخمة، وخاصة سويسرا، حيث التحق طفلاهما بول بيا جونيور وأناستاسي بريندا، بـ"كوليج دو ليمان"، وهي واحدة من أغلى المدارس في أوروبا.

كذلك، عادة ما كان الزوجان بيا ينزلان في فندق إنتركونتيننتال بجنيف، حيث تبلغ قيمة فاتورة الرحلة 40 ألف دولار يوميا، بحسب "لوتون".

وأكدت أن هذه النفقات لم تحرج السيدة الأولى في ظل إثارتها للجدل، ووفقا للصحفي الكاميروني فإن "شانتال بيا تحب الفخامة وتقطن مثل الملكة، على الرغم من أنها تعيش في بلد تشعر أن الوقت قد توقف فيه، حيث لا توجد طرق، ولا مستشفيات".

النفوذ والمحسوبية

وتقول "لوتون": "مع ذلك تأثير السيدة الأولى في تزايد، حتى أنه أصبح لديها طموحات رئاسية".

وتابعت: "تشتبه المعارضة في أنها تفضل وصول أقاربها إلى مواقع السلطة، والسبب الذي تم الإشارة إليه لفترة طويلة هو تعيين فرديناند نجوه نغوه أمينا عاما للرئاسة، فهذا الأخير، الذي يعتبر تابعا لها، ينحدر من نفس المنطقة التي تنتمي إليها".

لم يعاقب أحد الأمين العام للرئاسة الذي قاد إنشاء مواقع بناء كأس الأمم الإفريقية لعام 2019، وهو العمل الذي تأخر لدرجة أنه في نهاية نوفمبر/ تشرين ثاني 2018، سحب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف" استضافة الكاميرون للمنافسة.

ورغم تكهن الكثيرين بمعاقبة هذا الرجل لم يحدث شيء بل ارتقى أيضا إلى رتبة وزير دولة، وهي ترقية تعود رسميا لبول بيا ولكن الجميع يرى أن من يقف خلفها السيدة الأولى، كما أفادت مجلة "جون أفريك" في فبراير/شباط 2019.

وخلصت "لوتون" إلى أنه من المؤكد حاليا أن "حرم الرئيس" تتعرض للنقد، لكنها لا تنكسر.