انشغال العالم بـ"كورونا".. هكذا تستغله اليونان لإذلال اللاجئين

سليمان حيدر | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تتزايد الاتهامات الموجهة إلى اليونان بانتهاك حقوق اللاجئين وإعادة طالبي اللجوء قسرا إلى خارج حدودها في مخالفة لقانون الاتحاد الأوروبي، مستغلة في ذلك انشغال العالم بمكافحة وباء كورونا.

ويعمد خفر السواحل اليوناني إلى ارتكاب مخالفات ضد المهاجرين في بحر إيجة ترتقي إلى جريمة القتل العمد بعد قيامهم بتخريب قوارب اللاجئين وتركهم في عرض البحر يواجهون الموت. 

يضاف إلى ذلك العديد من الانتهاكات التي نفذتها اليونان ضد اللاجئين المقيمين على أراضيها ما جعل ثلاثة شبان سوريين يحاولون الانتحار في 21 يوليو/ تموز 2020، في جزيرة خيوس بسبب الظروف والإجراءات وإهمال الحكومة اليونانية.

يقول لورينتس وهو متطوع سويسري بمبادرة "هاتف الإنذار": إنه كان في الخدمة في 4 يونيو/ حزيران 2020 وخلال استقباله مكالمة هاتفية من البحر أكد وجود ارتباك داخل قارب بعد قيام رجال ملثمين بتدمير محرك وترك القارب يتمايل وسط الأمواج داخل المياه الإقليمية اليونانية. 

يقول لورينتس في تصريحاته لموقع "دويتشه فيله" الألماني: إن الهجمات التي تنفذها اليونان ضد المهاجرين في البحر بأنها تعكس حجم العنف الكبير المستخدم ضدهم.

وبحسب دويتشه فيله الإنجليزي فإن تقارير عن عمليات صد على حدود نهر إفروس تؤكد شهادات الشهود التي جمعتها منظمات حقوق الإنسان التي تعمل مع شبكة مراقبة العنف الحدودي وهي قاعدة بيانات مستقلة. 

وأشارت التقارير إلى أنه تم تنفيذ ما لا يقل عن خمس غارات للشرطة في مخيم ديافاتا بين 31 مارس/آذار و5 مايو/آيار، مما أدى إلى ترحيل غير قانوني للعشرات وكانت تستهدف الشرطة تقريبا شبانا من أفغانستان وباكستان وشمال إفريقيا.

ويحكي العديد ممن تعرضوا للاحتجاز والإعادة إلى تركيا أنهم حاولوا كثيرا ترتيب أوضاعهم في اليونان إلا أن عمليات الإغلاق التي تسببت فيها أزمة كورونا وإغلاق مكاتب الهجرة في هذه الفترة منعتهم من ذلك. 

ويقول شاب أفغاني: إن ضابط شرطة يوناني طلب منه الحضور في نهاية أبريل/نيسان لاستصدار الأوراق الجديدة إلا أنه فوجئ بوضعه في سيارة ونقله إلى مركز للشرطة في وسط جزيرة تسالونيكي.

وبدلا من الحصول على الأوراق صادرت الشرطة جميع ممتلكاته بما في ذلك هاتفه ونقلته فيما بعد إلى مركز آخر للشرطة حيث تعرض للضرب المبرح من الضباط ووضع على ظهر شاحنة وأعيد إلى تركيا. 

انتقادات دولية

مع تزايد الانتهاكات وورود تقارير تؤكد مقتل شاب سوري يدعى محمد العرب وآخر باكستاني يدعى محمد غولزار تدفقت الطلبات حتى من الاتحاد الأوروبي على اليونان للتحقيق في الحادثة.

ودعا نواب في البرلمان الأوروبي في 7 يوليو/تموز المفوضية الأوروبية إلى إجراء تحقيق جنائي في الواقعة التي جرت أحداثها في مارس/ آذار 2020. 

وقالت يلفا يوهانسون مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي: إن هناك تقارير كثيرة تفيد بإعادة طالبي اللجوء قسرا وتنتهك حقوقهم على الحدود اليونانية مؤكدة أن ذلك يتعارض مع قانون الاتحاد. وأضافت: "لا يمكن حماية حدودنا عبر انتهاك قيمنا". 

وفي منتصف يوليو/تموز، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش: إن الأدلة المتزايدة على الانتهاكات التي جمعتها المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والتي تشمل اعتراض مئات الأشخاص ودفعهم نحو تركيا من قبل ضباط إنفاذ القانون اليونانيين أو رجال ملثمين مجهولين على مدى الشهرين الماضيين، تنتهك العديد من معايير حقوق الإنسان.

وتقول الباحثة اليونانية في المنظمة إيفا كوسي: "بدلا من حماية الأشخاص الأكثر ضعفا في هذا الوقت من الأزمة العالمية، استهدفتهم السلطات اليونانية في خرق تام للحق في طلب اللجوء وفي تجاهل لصحتهم".

وقالت كوسي في تدوينة لها على موقع تويتر: إن التحقيقات التي أجرتها رايتس ووتش بينت أن الشرطة اليونانية وخفر السواحل أعادوا طالبي اللجوء بقوة إلى تركيا في خرق للقانون الدولي وطالبت الاتحاد الأوروبي بإنهاء عمليات الإعادة الموجزة غير القانونية والطرد الجماعي للاجئين والمهاجرين. 

ويشير تحقيق رايتس ووتش إلى أن ستة ممن أجريت معهم مقابلات وهم من سوريا وفلسطين وإيران، أكدوا قيام ضباط الشرطة اليونانية باعتقال أشخاص في مخيم ديافاتا لطالبي اللجوء في تسالونيكي الواقع على بعد 400 كيلو متر من الحدود البرية مع تركيا، لطردهم عبر نهر إيفروس.

ووقعت ثلاث حوادث أخرى في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2020، حيث نفذ خفر السواحل والشرطة ورجال ملثمون يرتدون ملابس داكنة، عمليات عودة موجزة إلى تركيا من جزر رودس وساموس وسيمي، وهي جزر قريبة من الحدود البحرية التركية.

وبعد القبض عليهم، وضعوهم على قوارب خفر السواحل الكبيرة وبمجرد الاقتراب من الحدود البحرية التركية أجبروهم على ارتداء ملابس الإنقاذ الصغيرة وألقوهم بالقرب من المياه الإقليمية التركية في عرض البحر، لتنتشلهم فيما بعد قوات خفر السواحل التركية. 

واتهمت نادية هاردمان الباحثة والمدافعة عن حقوق اللاجئين في رايتس ووتش، الاتحاد الأوروبي بالاختباء خلف انتهاكات قوات الأمن اليونانية من خلال دعم القوات التي تضرب طالبي اللجوء والمهاجرين وتسرقهم وتعيدهم عبر النهر بدلا من تقديم المساعدة لهم ونقلهم بأمان إلى أماكن أخرى داخلها. 

ويقول أستاذ إدارة الأزمات والاتصال الإستراتيجي، يوكسل سردار أوغوز: إن الإدارة اليونانية تدخلت بقسوة شديدة ضد الكثير من اللاجئين خلال مارس/آذار، وتجاهلت المأساة الإنسانية لنحو عشرة آلاف لاجئ على حدودها. 

وفي تقرير نشرته وكالة الأناضول للأنباء منتصف يونيو/حزيران، قال أوغوز: إن السلطات اليونانية تعتبر اللاجئين مجموعة من "العبيد" من خلال إعطاء مواطنيها أولوية الأمن والصحة والرفاه الاقتصادي بالمقارنة معهم. 

وأضاف أوغوز: "العديد من منظمات حقوق الإنسان، فضلا عن الأمم المتحدة، أبلغت عن محدودية فرص الحصول على المياه النظيفة والنظافة الصحية في المخيمات، ومع ذلك لم تتخذ اليونان بعد خطوة في هذا الصدد".

جرس إنذار

بدورها أطلقت الأمم المتحدة جرس إنذار عبر المنظمة الدولية للهجرة بعد صدور الكثير من التقارير تتحدث عن قيام اليونان بصد المهاجرين وطردهم بشكل جماعي باستخدام أساليب كثيرة يتخللها العنف.

وقالت المنظمة الدولية: إنها تلقت العديد من التقارير التي تفيد بممارسة العاملين على الحدود العنف ضد المهاجرين وإعادتهم إلى تركيا، داعية السلطات اليونانية إلى التحقيق في هذه الادعاءات. 

كما حثت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليونان على التحقيق في تقارير متعددة عن عمليات رد السلطات اليونانية على الحدود البحرية والبرية للبلاد، وربما عودة المهاجرين وطالبي اللجوء إلى تركيا بعد وصولهم إلى الأراضي اليونانية أو المياه الإقليمية.

وترى المحامية المختصة في القانون الدولي، نيللي ماتس لوك في تصريحات لموقع دويتشه فيله أن إعادة اللاجئين قسرا قد يشكل انتهاكا لاتفاقية الإنقاذ والالتزام بها في حالة إعادة أشخاص إلى منطقة بحرية أخرى وتركهم هناك في حالة طوارئ.

أما أستاذ القانون البحري والدولي ألكسندر برويلس فيؤكد أن الشخص الذي يصل إلى أراضي الاتحاد الأوروبي يحق له التقدم بطلب لجوء ويسقط هذا الحق خارج الأراضي الأوروبية.

 وأوضح برويلس أن البحر الأبيض المتوسط شهد في السابق حوادث مختلفة ووصفها بأنها انتهاك واضح لحقوق الإنسان بعد أن وقفت سفن حكومية خارج المياه الإقليمية ودفعت قوارب اللاجئين إلى الخلف حتى لا تتمكن من دخول مياهها الإقليمية قبل أن يصبح لها الحق في التقدم بطلب لجوء. 

استغلال كورونا

ورغم التعامل اليوناني الجيد مع أزمة كورونا إلا أنها استغلت الجائحة في التعامل بقسوة مع المهاجرين ومددت إجراءات العزل في مخيمات اللاجئين بالفترة من 21 مارس/آذار وحتى 19 يوليو/تموز، وهو ما انتقدته منظمة أطباء بلا حدود واعتبرت أن فرض هذه الإجراءات يهدف إلى الحد من حركة تنقلهم. 

وسجلت اليونان حتى نهاية الأسبوع الثالث من شهر يوليو/تموز أربعة آلاف و77 إصابة بفيروس كورونا ووفاة 200 شخص فقط. 

ووفقا للقرار، لم يسمح لطالبي اللجوء بمغادرة المخيمات بعد التاسعة مساء وحتى السابعة صباحا ولا يسمح لهم أثناء فترة النهار بالحركة ضمن مجموعات تزيد عن عشرة أشخاص وبما لا يزيد عن 150 شخصا في الساعة.

وفي 28 فبراير/شباط 2020، أعلنت السلطات التركية أنها لن تعترض طريق اللاجئين إلى أوروبا من أراضيها وفتحت أمامهم الطرق البرية والبحرية. 

وفي 17 مارس/ آذار، أعلنت ولاية أدرنة غربي تركيا أن عدد طالبي اللجوء ممن عبروا إلى اليونان، بلغ أكثر من 147 ألفا، منذ بدء عملية التدفق الجديدة.

واتهمت قوات الأمن التركية في 10 مارس/آذار اليونان باستخدام القوة والعنف وإطلاق الرصاص ضد المهاجرين ما أسفر عن وقوع 4 قتلى، لكن السلطات اليونانية نفت تلك التصريحات.

وشمل رد الفعل اليوناني القاسي على طالبي اللجوء قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والذخيرة الحية والقنابل الصوتية.

وتفيد تقارير فرونتكس (الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل) بتراجع أعداد المهاجرين إلى أوروبا خلال شهر أبريل/نيسان، معتبرة الطريق عبر تركيا واليونان هو أكثر طرق الهجرة نشاطا إلى أوروبا.

وقالت: إنه خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مايو/أيار تم تسجيل 12 ألفا و700 حالة، وهي أقل بنسبة 28 % مقارنة بتقارير العام 2019.