أسماء الأسد.. "ديانا الشرق" تتحول إلى رفيقة جزار دمشق

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "لوتون" السويسرية ملفا عن أشهر زوجات الزعماء المستبدين حول العالم، ومن بينهم أسماء زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، وشانتال بيا سيدة الكاميرون الأولى، وبينج لي وان، حرم رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جن بينج.

وعن أسماء الأسد، قالت الصحيفة الناطقة بالفرنسية: خلال عشرين سنة، انتقلت السيدة السورية الأولى من مكانة "ليدي دي" (الأميرة ديانا) الشرق إلى رفيقة جزار دمشق، مشيرة إلى أن هذه الشخصية الأربعينية تختبئ وراء حجاب من الظلال والألغاز.

وتساءلت "لوتون" ما هي الأفكار التي كانت تدور بذهن أسماء الأخرس في ديسمبر/كانون أول 2000 حين بدا أن مصيرها سيرتبط بمصير العائلة التي حكمت سوريا منذ ما يقرب من ثلاثين عاما؟

وتابعت: هل كانت تحلم بأن تهب رياح التغيير على نظام يحافظ بالقوة على بقائه في السلطة؟ أم كانت المصرفية السابقة، المولودة في إنجلترا وعملت لوقت قصير في "دويتشه بنك" و"جيه بي مورجان"، تطمح لتحرير اقتصاد مغلق من قبل عائلة الأسد؟

وأشارت إلى أن هذه الفتاة، عندما كانت تبلغ من العمر 25 عاما، من الممكن أنها تخيلت نفسها أميرة إلى جانب الطبيب السابق، الذي قابلته في لندن قبل ثماني سنوات، ولمدة عقد من الزمن، حاولت عمل كل شيء لتحقيق هذا السيناريو.

وأوضحت "لوتون" أن أسماء أنجبت ثلاثة ورثة - صبيان وفتاة - لبشار الذي أصبح رئيسا للجمهورية العربية السورية قبل أقل من ستة أشهر على زواجهما، حيث لم يكن طبيب العيون مرشحا لهذا المنصب إلا بعد وفاة  شقيقه الأكبر باسل في حادث عام 1994.

إصلاحات انتهت بمجازر

وبحسب الصحيفة، لبضعة أشهر، نفذ بشار الأسد محاولات خجولة لانفتاح البلد، غير أنه تم إحباط "ربيع دمشق" بسرعة، ربما بدافع من حاشية والده السابقين.

ويرى ديفيد ليش، الأستاذ في كلية ترينيتي بجامعة تكساس الأميركية والمتخصص في تاريخ الشرق الأوسط، أن تأثير أسماء الأسد ليس بلا شك غريبا عن أجندة الإصلاحات هذه، ذات الطبيعة الاقتصادية بشكل أساسي، إذ عزز ذلك ظهور طبقة وسطى سنية جديدة. 

وأضاف: "كما هو الحال غالبا في الأنظمة الاستبدادية ومثل زوجها، انتهى المطاف بأسماء إلى التوافق مع النظام بدلا من تغييره".

وبسرعة، لم يعد التغيير مطروحا على جدول الأعمال، على الرغم من أن الزوجين خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، صقلا صورتهما على أنهما ثنائي تقدمي غربي، لكن اتضح فيما بعد أن هذا الأمر مجرد أوهام، وتم بناء الأسطورة والحفاظ عليها بمهارة من قبل وكالات العلاقات العامة ذات الأجور العالية.

ووفقا للصحيفة السويسرية، فإن تسليط الضوء على عملية الإغراء هذه، انكشفت خلال مقابلة حصرية نشرت في مارس/آذار 2011 في مجلة "فوج" الأميركية، حيث يكتشف القارئ "وردة الصحراء"، المصنفة بأنها "الأكثر نضارة وجذبا بين السيدات الأوائل". 

ونوهت "لوتون" بأن نشر المقابلة جاءت في خضم أحداث الربيع العربي، ووسط غضب جزء من السوريين كرد فعل على اعتقال وتعذيب مجموعة من أطفال المدارس الذين طالبوا بالإطاحة بـ"الدكتور" بشار، حيث أثار المقال ضجة كبيرة، أجبرت المجلة على إزالته لاحقا من موقعها على الإنترنت.

وفي ظل القمع الوحشي، تحولت الحركة الاحتجاجية إلى صراع مسلح، أغرق سوريا ببطء في حرب أهلية مميتة، وتصدعت الصورة المثالية لأسماء الأسد، لدرجة أن بقاءها مع زوجها، الملطخة يداه بالدماء، أصبح موضع تساؤل. 

وبينما كانت البلاد تغرق في الفوضى، تقول لوتون: أصبحت رفيقة جزار دمشق موضوع للتكهنات والتساؤلات، هل ستنأى طالبة "كينجز لندن" أو كلية الملك السابقة، عن الأعمال الهمجية المسؤول عنها زوجها؟ هل ستقف مع رجل متهم باستخدام أسلحة كيماوية ضد شعبه؟

ماري أنطوانيت الشرق

لكن أسماء الأسد لم تنشق عن زوجها، بل كانت بطلة فضيحة صحفية، عندما كشفت "الجارديان" البريطانية أنها أنفقت مئات الآلاف من الدولارات في التسوق عبر الإنترنت من عدة دول أوروبية، لشراء ملابس ومنتجات صحية باهظة الثمن وأطعمة في الوقت الذي يفترش فيه السوريون الأرض في بلاد اللجوء بسبب العمليات العسكرية المتواصلة في سوريا. 

وأكدت أنه بمرور الأيام، فإن السيدة التي قارنتها الصحافة البريطانية بالأميرة ديانا، يتم تشبيهها الآن بماري أنطوانيت، ملكة فرنسا وزوجة الملك لويس السادس عشر التي يُقال إنها كانت من أكبر دوافع انطلاق الثورة الفرنسية عام 1789 بسبب تهورها وإسرافها. 

حاولت أسماء الأسد بعد ذلك، بناء صورة لها كأم للشعب، تضامنا مع زوجها، وهذا من خلال مؤسستها، الأمانة السورية للتنمية، أو من خلال حضورها البسيط، لمواساة الضحايا، بعيدا عن صورة اللامبالاة أو عدم الإحساس التي استمرت عليها في بداية الثورة، لكنها لم تزل قريبة من عدسة المصورين، تشير "لوتون".

وبينت أنه في عام 2017، أعلنت قرينة الأسد أنها كانت تعاني من سرطان الثدي الذي قالت إنها تغلبت عليه بعد ذلك بعام، عندما ظهرت بشعر قصير.

واليوم، يشتبه في أن المرأة التي ازداد نفوذها بشكل أكبر منذ وفاة والدة زوجها عام 2016، وراء ما حدث من خلافات بين بشار الأسد وابن خاله الملياردير رامي مخلوف.

وتساءلت الصحيفة السويسرية "هل أسماء الأسد شخصية قاسية أم بطلة وطنية يساء فهمها؟"، لافتة إلى أنه حتى الخبير ديفيد ليش لا يستطيع الإجابة على هذا السؤال.

ويرى ليش أن المؤرخين سيستغرقون سنوات لتحديد الدور الذي لعبته خلال الحرب السورية في ظل "نقص المعلومات المتداخلة مع سيل من أخرى كاذبة"، لكنه حذر من أن "الحقيقة قد تكون أكثر دقة مما نعتقد". 

ومع ذلك، تخلص لوتون، لا تستطيع أسماء تجاهل فظاعات زوجها المتهم بارتكاب جرائم حرب، وهذا يكفي بالفعل لحرمانها من الجنسية البريطانية التي لا تزال تتمتع بها، كما تقول العديد من وسائل الإعلام منذ عدة سنوات.