معهد خليجي: اعتماد عُمان على الصين يقتل اقتصادها الهش

12

طباعة

مشاركة

حذر تقرير أصدره معهد خليجي في الولايات المتحدة الأميركية، من أن اتّكال سلطنة عمان "المتذبذب" على صادرات الطاقة إلى الصين، وضآلة الاستثمار الصيني في القطاعات غير النفطية في الاقتصاد العماني، يتركان مسقط في وضع واهن عند مواجهة التحديات الاقتصادية الملحة.

وتحدث معهد دول الخليج العربية في واشنطن، في تقريره الصادر بـ21 يوليو/تموز، عن طبيعة العلاقة الاقتصادية التي تجمع سلطنة عمان بالصين والشراكة التجارية غير المتكافئة بين البلدين، وعن كيفية تجاوز عمان اتكالها على صادرات النفط الخام نحو الصين إذا ما أرادت تجاوز الانكماش الاقتصادي الناجم عن انتشار فيروس كورونا. 

وذكر أن لجينة بنت محسن درويش أصبحت مؤخرا رئيسة جمعية الصداقة العمانية الصينية، وذلك بعد وفاة رجل الأعمال البارز والمستشار الحكومي، عمر الزواوي، في أبريل/نيسان.

ويضيف التقرير أن تأسيس جمعية الصداقة العمانية الصينية كان في أكتوبر/تشرين الأول 2010، موضحا أن هدفها هو "تطوير وتمتين العلاقات الودية بين سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية".

يشمل أعضاء الجمعية من الشركات مؤسسة عمر الزواوي OMZEST Group والعمانية للاتصالات OMANTEL وهواوي Huawei. وقد دلّلت هذه الفترة الانتقالية بالنسبة للجمعية والسياسة العمانية، بالإضافة إلى جائحة فيروس كورونا وتدني أسعار النفط، على عدم التوازن في العلاقات بين عمان والصين.

ويقول معد التقرير، الباحث المقيم بالمعهد، روبرت موغيلنيكي: إن "شركة مودي لخدمة المستثمرين خفّضت من التصنيف السيادي لعمان في 23 يونيو/حزيران، وذلك للمرة الثانية في عام 2020، مشيرة إلى ضعف احتمال أن تكون السلطنة قادرة على تعويض خسائر عائدات النفط دون تراكم ديون يتعذر سدادها أو تآكل احتياطاتها المالية المحدودة".

وتسعى الحكومة العمانية تحت حكم السلطان الجديد (هيثم بن طارق) إلى تدعيم الموارد المالية للبلاد، من أجل إعادة هيكلة الدولة وآليات صنع القرار. ويؤكد التقرير أن دعم المقرضين الخارجيين والمستثمرين الأجانب أمر بالغ الأهمية من أجل تعافي عمان اقتصاديا.

تشكيك في الشراكة

يستدرك موغيلينكي أن هناك أسبابا وجيهة للتشكيك في شراكة عمان الاقتصادية مع الصين؛ بالقول: إن اقتران حالة طوارئ صحية عالمية بحالة من الارتباك الشديد في سوق النفط قد دلّل على دور بكين المختلط في الاقتصاد العماني الهش.

إذ تصدر مسقط الكثير من نفطها الخام إلى الصين، بينما تستثمر هذه القوة الآسيوية القليل جدا في الصناعات غير النفطية في السلطنة. ويوضح التقرير أن الطبيعة غير المتوازنة لهذه العلاقة الاقتصادية تضع عمان في موقف هزيل في مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة.

يوفر قطاع النفط والغاز في عمان حوالي 72٪ من الإيرادات الحكومية، رغم عقود من مبادرات التنويع الاقتصادي، وتستهلك الصين الغالبية العظمى من صادرات النفط العماني الخام.

وقد استوردت الصين ما يقارب 90٪ من صادرات عمان من النفط الخام في أبريل/نيسان ومايو/أيار، ولكن لم يكن ذاك هو الحال دائما؛ فبين عامي 2000 و2017، زادت حصة الصين من صادرات مسقط من الخام من 35.2٪ إلى 82.5٪.

وأوضح التقرير أن نمو الواردات الصينية من النفط العماني الخام تزامن مع انخفاض في الأهمية النسبية للمستوردين الآسيويين الآخرين.

إذ حافظت عمان على مجموعة أكثر تنوعا من الشركاء الذين يتم معهم التبادل التجاري فيما يتعلق بالنفط الخام فيما سبق سنة 2012، بما في ذلك الهند وكوريا الجنوبية وتايلاند واليابان التي استوردت نفطا عمانيا خاما أكثر من الصين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

كما أن النفط الخام شكل 92.4٪ من إجمالي صادرات عمان إلى الصين في 2018، فيما مثلت المنتجات الكيميائية من قبيل الهيدروكربونات الحلقية، ثاني أكبر مجموعة مواد مصدرة.

لم يتغير هذا الاعتماد المفرط على الصادرات القائمة على الهيدروكربونات ضمن التجارة العمانية الثنائية مع الصين إلا قليلا خلال العقد الماضي، مما لم يفسح مجالا واضحا لتنويع الصادرات لهذا الشريك التجاري المهم.

يؤكد موغيلنيكي أن مستوى انخراط الصين في قطاع النفط العماني يتناقض مع النشاط الباهت في المجالات الاقتصادية الأخرى، مشيرا إلى أنه، وعلى الرغم من الآمال الكبيرة المعلقة على الأثر الاقتصادي لمبادرة الحزام والطريق على اقتصادات دول الخليج، فإن الصين ليست من بين أبرز المستثمرين الأجانب المباشرين في عمان.

واستأثرت كل من بريطانيا والإمارات والولايات المتحدة والكويت بحصص أكبر من إجمالي رصيد عمان من الاستثمارات الأجنبية المباشرة مقارنة بالصين بحلول الربع الثالث من عام 2019، كما بلغ  إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد من بكين 1.25 مليار دولار، أي أكثر بقليل مما استثمرته دولة قطر الصغيرة.

انخفاض وانكماش

وتقدمت أشغال إنشاء مجمع صناعي مشترك بقيمة 10 مليار دولار في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ببطء.

كما يواجه صناع السياسات العمانيون معدلات بطالة عالية عصية على الانخفاض، إذ تصرح تقديرات بنسبة توظيف شباب تبلغ 49٪.

ويهدد الانكماش الاقتصادي المرتبط بانتشار فيروس كورونا وتوقعات سوق الطاقة بمزيد من تفاقم ضغوط التوظيف في عمان، وبالتالي، فإن توليد فرص العمل هو عنصر مهم في القيمة المضافة داخل الدولة (المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلد المضيف) فيما يتصل بمقترحات الاستثمار الأجنبي.

ومع ذلك، هنالك مخاوف حاضرة منذ مدة بشأن ميل الشركات الصينية لاستخدام العمالة الصينية بدلا من الموارد البشرية المحلية.

يلفت التقرير النظر إلى أن التحدي الرئيسي يكمن في أن العديد من الاستثمارات الأجنبية يتم توجيهها عبر المناطق الحرة العمانية والمناطق الاقتصادية الخاصة في صحار وصلالة والدقم.

وأضاف: "لا تقتصر سلطات المنطقة على تقديم لوائح عمل متهاونة وشروط تجارية تفضيلية أخرى فحسب، بل غالبا ما تتنافس فيما بينها على الاستثمارات الأجنبية".

ويعترف المسؤولون العمانيون بأن إيران المجاورة تمتلك موانئ ومناطق ملائمة للتجارة الحرة، وهو ما يعني زيادة المنافسة الإقليمية على الاستثمارات المحدودة خاصة في ظلّ الحديث عن اتفاقية التعاون الصيني ـ الإيراني التي تشير إلى أن بكين قد تبدأ في الاستفادة من مراكز الأعمال الإيرانية بدرجة أكبر خلال السنوات القادمة.

وأشار التقرير إلى أن الصين حققت بعض التقدم في الصناعات غير النفطية العمانية والمبادرات التي تقودها.

وجمعت الحكومة العمانية مليار دولار عن طريق بيع حصتها، البالغة 49٪، في شركة نقل الكهرباء العمانية إلى شركة الشبكة الحكومية الصينية.

وفي مارس/آذار 2020، وافق البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية على أن يصبح مقرضا لمشروع الطاقة الشمسية -محطة عبري 2- بقدرة 500 ميغاوات في عمان، ويعتبر هذا الاستثمار الذي تبلغ قيمته 60 مليون دولار أول تمويل لمشروع طاقة متجددة يقدمه البنك الصيني في منطقة الخليج العربية.

وتشارك الشركات الصينية على حد سواء في تطوير البنية التحتية الرقمية في عمان وتوفير التدريب والتكوين فيما يتعلق بالتكنولوجيا.

ومع ذلك، يرى التقرير أن الصين ستظل شريكا تجاريا واستثماريا مهما لسلطنة عمان، إذ ترتبط رفاهية مسقط المالية على المدى القصير ارتباطا وثيقا باستمرار الطلب على النفط الخام من بكين.

ويقول: "يجب أن تبدأ الجهود العمانية لتنويع شراكاتها الاقتصادية بالتعامل مع الموجودين في قطاع الهيدروكربونات ولكنها  بحاجة إلى التعمق أكثر في نهاية المطاف".