ترامب يدفع باتجاه امتلاك بن سلمان "النووي".. هذه الأسباب

شدوى الصلاح | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

مساع متتابعة تنتهجها السعودية منذ أعوام لخوض السباق النووي ونقل التكنولوجيا النووية إلى بلاد الحرمين، بخطط سرية وأخرى معلنة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسط تحذيرات متصاعدة من الكونجرس الأمريكي وإعلان قلقه من نوايا الرياض، وتخوف ملحوظ من إيران التي دوما ما تلمح إلى أن بعض دول المنطقة تحاول تنفيذ مشاريع نووية تصفها بـ"المشبوهة"، في إشارة إلى خطوات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في هذا الملف.

فقد تحركت مساع داخل الكونجراس الأمريكي تطالب بوقف التعاون النووي الأمريكي مع السعودية، الأمر الذي قد يدفع المملكة للبحث عن بديل لأمريكا في ملف الطاقة النووية إذا أضطرت لذلك، ربما تكون روسيا التي تعد المصنع الأكبر للطاقة النووية أو الصين والهند وباكستان، بحسب ما أعلنه مراقبون.

فقد طلب سيناتور ديمقراطي وآخر جمهوري بمجلس الشيوخ من الكونغرس، الجمعة الماضية، بمراجعة وفتح التحقيق في المفاوضات التي تجريها إدارة الرئيس الأمريكي، مع السعودية بشأن نقل تكنولوجيا نووية.

ويرغب روبيو ومينينديز، وهما عضوان بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، في التأكد من أن الاتفاق يحتوي على "ضمانات مشددة لمنع الانتشار ومعايير أخرى تضمن ألا يقوض التعاون النووي مع السعودية الأمن الإقليمي والدولي أو يهدده"، وذلك وفقا لرسالة بعثا بها للمكتب.

وستمنع السعودية بموجب القرار ، من تخصيب اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم الذي تنتجه المفاعلات، وهما الوسيلتان المستخدمتان في صنع أسلحة نووية، في أي اتفاق أمريكي يهدف إلى التعاون النووي مدنيا مع الرياض.

الأمر الذي يطرح تساؤلات حول الأسباب التي تدفع إدارة ترامب لوضع النووي بيد بن سلمان، ومن المستفيد الحقيقي من امتلاك المملكة للسلاح النووي؟ وغيرها من التساؤلات الأخرى التي أجاب عليها الكاتب والمحلل السياسي الدكتور نصير العمري، مؤكدا أن "امتلاك السعودية لسلاح نووي يعتبر تهديدا لاستقرار الشرق الأوسط لأن حصول السعودية على سلاح نووي سيقود دولا أخرى لتسريع امتلاكه".

"تهور بن سلمان"

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الاستقلال" أن "محمد بن سلمان أثبت أنه غير متزن وغير أخلاقي في قراراته السياسية ويتحرك بدوافع أقل ما يمكن أن يقال فيها أنها غير محسوبة سياسيا، فضلا عن ميله لاستخدام القوة والعنف يجعل امتلاكه لأسلحة دمار شامل تهديد حقيقي للمنطقة، إلا أن السعودية تحاول أن تبث التطمينات من خلال تصريحات مسؤولين سياسيين، قائلة  إنها تريد تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود النووي، وإنها غير مهتمة بتحويل التكنولوجيا النووية إلى الاستخدام العسكري".

واتفق معه في الرأي المعارض السعودي سلطان العبدلي، مؤكدا أن "بن سلمان كل ما يريده هو أن يظهر للأضواء ويختلط بالكبار ويظهر في الإعلام العالمي ولو بالسوء"، مشيرا إلى أن "ترامب يدرك جيدا، أن بن سلمان لا يتمتع بأي عقلية إستراتيجية، بل برعونة في اتخاذ القرارات".

ولي العهد السعودي تصفه الصحف الغربية بـ"العدواني" و "الانفعالي" و "المتهور"،  وتعتبره أخطر رجل في العالم لأنه يضع أعداءه في الداخل والخارج نصب عينيه ويسعى لأن يكون القائد الأقوى في الشرق الأوسط، حيث هاجمت صحيفة "إندبندنت" البريطانية في تقرير سابق لها، سياسة بن سلمان، منتقدة تصرفاته وتسرعه، مشيرة إلى أنه أغرق بلاده في حرب وحشية في اليمن لا تبدو لها نهاية في الأفق، وأدخل بلاده في مبارزة خطيرة مع إيران، ويبدو أنه على عجلة من أمره كي يصبح القائد الأقوى في الشرق الأوسط.

ضمان أمريكي

وقد شهدت الفترة الأخيرة تحركات سعودية نحو إبرام اتفاقات نووية مع عدد من الدول، وتعلن الرياض أن هدفها في ذلك تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الوقود النووي.

لكن التحركات السعودية رافقتها بواعث قلق بالكونجراس الأمريكي من إمكانية أن تكون هناك نوايا لدى الرياض بتحويل تلك التكنولوجيا النووية المدنية إلى أخرى تنطوي على أبعادٍ غير تقليدية.

إلا أن إدارة ترامب، ترغب في أن تعقد المملكة الاتفاقات النووية معها لأنها ستكون بمثابة نجاح لها على أكثر من مستوى، فسيكون الرئيس الأمريكي حقق وعوده في بالاستيلاء على أموال الخليج، فضلا عن أن توقيع هذه الاتفاقيات مع المملكة ستكون بمثابة تحقيق وعود ترامب الانتخابية بإنقاذ قطاع الطاقة النووية في الولايات المتحدة، الذي يعاني من تدهور كبير، وسوف يمنحه ورقة سيستخدمها بلا شك في إظهار نفسه على أنه بارع في عقد الاتفاقات.

وأوضح العمري في تصريحات خاصة لـ"الاستقلال" أن إدارة ترامب تواجه اتهامات ببيع تكنولوجيا نووية متقدمة للسعودية، مشيرا إلى أن الاتهامات تتركز حول محاولة ترمب مساعدة الشركات الأمريكية المتخصصة بالطاقة النووية الاستفادة من الأموال السعودية التي يبدو أن النظام السعودي يعرضها على الإدارة الأمريكية لضمان التأييد الأمريكي للنظام السعودي الذي يتعرض ولي عهده لانتقادات عالمية بعد اتهامه بإعطاء أوامر باغتيال جمال خاشقجي.

وأضاف، أن رفض الإدارة الأمريكية التصعيد ضد النظام السعودي له جوانب إستراتيجية حيث أن سياسة احتواء إيران وتمكين إسرائيل من إبقاء الهيمنة الإقليمية تعتمدان على إبقاء النظام السعودي متحكما بالمشهد الإقليمي.

تمويل سعودي

وقال الكاتب والمحلل السياسي: "الشركات المتخصصة بالطاقة النووية تحتاج أبحاثها إلى مبالغ طائلة لتطوير الطاقة النووية في سباقها نحو البقاء متفوقة نوويا على أعداء وخصوم الولايات المتحدة، والسعودية تعتبر مصدرا جيدا لتمويل الأبحاث النووية والشركات المتخصصة لأن الحصول على أموال طائلة من السعودية مقابل تزويدها بالتكنولوجيا النووية التي سيكون الإشراف عليها أمريكيا لن تشكل تهديدا لإسرائيل او أي حليف أمريكي".

ويتعامل الرئيس الأمريكي الذي يدعم النووي السعودي مع المملكة السعودية وفق خطة ممنهجة لنهب خيراتها والاستيلاء على أموالها، ويطارد المال السعودي مقابل تسليح المملكة وتثبيت أصغر ولاة العهد سنا وأكثرهم نفوذا.

وتلخص كلمات ترامب التي يصف بها المملكة دوما منذ أن بدأ حملته الانتخابية وحتى بعد توليه الحكم نظرته إلى المملكة، فتارة يصفها بالبقرة الحلوب في إشارة إلى ثرواتها وتارة أخرى يشير إلى أنها بلد ثري جدا، ويأمل منها أن تعطي الولايات المتحدة بعضا من ثروتها من خلال شراء أفضل المعدات العسكرية في العالم وخلق وظائف جديدة، ويطالبها في مرات أخرى بدفع ثمن الحماية.

صافرة إنذار

وكان العمري، قد غرد عبر حسابه في "تويتر" قائلا إن امتلاك الرياض لسلاح نووي يعني "انطلاق فعاليات يوم القيامة"، مشيرا إلى أنه في حالة الملك سلمان الصحية ووجود نجله "أبو منشار" فإنه لا يمكن ضمان عدم استخدام السعودية لهذا السلاح.

وأضاف: "ما بين سلمان الزهايمر ومحمد بن سلمان ابو منشار، لا ادري كيف يمكن ضمان عدم الضغط على زر إطلاق الرؤوس النووية".

وأكد العمري أن العالم الحر مطالب بـ"مراقبة محاولة محمد بن سلمان شراء سلاح نووي من باكستان. دولة ساقطة اقتصاديا مثل باكستان وأمير أخرق يقتل بالمنشار وصفة لا تبشر بخير أبدا".

استنزاف مالي

وقال المعارض السعودي سلطان العبدلي، إن "وضع ترامب الملف النووي بيد بن سلمان، استنزاف مالي، وتوريط للسعودية في أسلحة مشبوهة كما هي عادة السياسة الأمريكية التي دوما ما تورط حلفائها إذا أحست أنهم أصبحوا مادة منتهية الصلاحية، وما يحصل هو التقاء حماقة ترامب مع حماقة ابن سلمان والنتيجة هي توريط بلاد الحرمين في مشاكل عسكرية واستنزاف مالي رهيب".

ولفت في تصريحات خاصة لـ"الاستقلال" إلى أن الاستخبارات الأمريكية تعلم جيدا أن دخول بن سلمان في حرب مع إيران يعني أنهيار السعودية، مؤكدا أن الشركات المتخصصة في الصناعات النووية هي المستفيد الأول في حال اتمام الصفقة النووية.

وأضاف أن ترامب لا يتوانى في استنزاف أموال الخليج تارة بالترغيب بوصف السعوديين بأنهم حلفاء له، وأخرى بالترهيب والتهزيق والإهانة، مؤكدا أن الرئيس الأمريكي مستعد للتضحية بحليفه بن سلمان تحديد إذا كان في مصلحة أمريكا، كما يريد أن يدخل السعودية في حروب لأمرين الأول تقسيم السعودية وتمزيقها لكي يسهل الاستيلاء على بترولها.

تطوير عسكري

المسؤولون السعوديون والتقارير الإعلامية للجهات التابعة للحكومة السعودية تؤكد في تقاريرها أن المملكة السعودية تستغل الطاقة الذرية لانتاج طاقة "سلمية" أهمها تنويع مصادر الطاقة، ولكن الأوضاع السياسية والأمنية في المنطقة تدعو لتتعامل بحذر وريبة مع هذا الشأن، خاصة أن منطق التنافس بين اللاعبين في  المنطقة سيقود المملكة إلى تطوير قدراتها العسكرية.

وقال عبد الله الجنيد الكاتب البحريني، إن المملكة العربية السعودية عنوان دائم في السياسة الأمريكية الداخلية، لكنه يتصاعد من حيث حيز الإشغال السياسي، عندما يكون للأمر علاقة بالأمن القومي من المنظور الإسرائيلي، أو كتل الضغط السياسي الأمريكية المدافعة عن المصالح الإسرائيلية في الكونغرس.

وأضاف أن الملف النووي السعودي، يتم تناوله من ثلاثة أبعاد، البعد الأول هو كون المملكة دولة تختزن أراضيها قرابة ٦ بالمئة من المخزون العالمي من معدن اليورانيوم، وأنها تخطط لأن يكون تعدين وتصنيع الوقود النووي جزء من استراتيجيتها الوطنية، إلا أن الولايات المتحدة لها تحفظات حول ذلك الأمر، بحسب تصريحاته لـ"سبوتنيك".

وتابع أن الأمر الآخر، يكمن في المواصفات التقنية للمفاعلات التي حددتها السعودية، وأن "اللوبي الإسرائيلي يحاول ثني إدارة ترمب من الموافقة عليها، وأن الإعلام الأمريكي المتعاطف مع إسرائيل، يزعم أنها قادرة على إنتاج يورانيوم مخصب، قابل للاستخدام في برامج عسكرية، وفي ذلك تعارض مع ضمانات الأمن القومي الإسرائيلي الذي تتعهد به الولايات المتحدة لإسرائيل".

"خطة سرية"

وكان تقرير أمريكي نشرته شبكة "إن. بي. سي. نيوز" الامريكية، قد نشرتفاصيل التقرير الذي أصدرته لجنة الرقابة بمجلس النواب الأمريكي، حول وجود خطة سرية من قبل ترامب، لتزويد السعودية بتقنيات حساسة، مشيرا إلى أن ترامب وفريقه الرئاسي دفعوا عددا من الشركات التابعة لهم، لنقل تكنولوجيا نوية حساسة إلى السعودية.

وأكد التقرير أن مساعي ترامب لنقل تلك التكنولوجيا النووية إلى السعودية لا تزال مستمرة.

وكانت المفاوضات السابقة بين السعودية وشركات الطاقة النووية الأمريكية، قد انتهت برفض الرياض، تقديم موافقة رسمية وضمانات كافية، بعدم استخدام هذه التكنولوجيا لبناء أسلحة نووية.

طلبات مراقبة

وتحدثت صحيفة إسرائيلية، عن وجود تحركات دولية تتعلق بإمكانية فرض رقابة على المفاعل النووي الأول، الذي قد تنشئه السعودية قريبا.

وقالت صحيفة "مكور ريشون" العبرية في مقال نشرته للكاتب إلحان شفايزر" إن "الوكالة الدولية للطاقة الذرية طلبت أن يتم تعميم البروتوكول المطبق على إيران، باتجاه السعودية التي تقيم مفاعلا نوويا لإنتاج الكهرباء"، مضيفا أن "مراقبين دوليين أبلغوا الرياض بأنها قبيل أن تبدأ بتشغيل هذا المفاعل النووي، الكفيل بتغيير سوق الطاقة في المملكة، فإن عليها مهمة لا بد من القيام بها تتعلق بالرقابة والتفتيش"، بحسب ترجمة صحيفة "عربي 21".

وأشار إلى أن "مستوى المتابعة الدولية لهذا المشروع السعودي حظي بنسبة متزايدة عقب تحقيق شرع به الكونغرس الأمريكي، بزعم أن التكنولوجيا النووية وصلت الرياض بطريقة غير قانونية، وأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لن تتساهل إزاء محاولات السعودية الحصول على المعدات اللازمة لإنتاج سلاح نووي، ما دفعها لأن تعلن هذا الأسبوع عن توجهها بإرسال مراقبين من قبلها لمتابعة الأمر ميدانيا".

نووي صيني

يشار إلى أن المملكة العربية السعودية لا تملك برنامج أسلحة نووية، لكن كثير من السياسيين وعسكريين أكدوا أن السعودية تملك أسلحة نووية صينية وتمول برنامج أسلحة نووية في باكستان، وتحاول ان تبني برنامج نووي سعودي على أراضيها.

وأعلن رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل بأنه إذا امتلكت إيران أسلحة نووية، فإن السعودية سوف تمتلك أسلحة نووية.

وفي عام 2003 خرجت مصادر تؤكد أن السعودية تملك ثلاثة خيارات حول الأسلحة النووية الأول ان تتحالف مع دولة تملك أسلحة نووية لكي تحميها، الخيار الثاني التخلص من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، أما خيارها الثالث، فهو بامتلاك برنامج نووي سعودي وهو ما تسعى إليه المملكة حاليا.