في أزمة أذربيجان وأرمينيا.. هل تكون الغلبة لحلف الناتو أم روسيا؟

12

طباعة

مشاركة

تطرقت صحيفة تركية إلى تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان بشأن الأراضي الأذرية الواقعة تحت سيادة أرمينيا، والتي قال إن بلاده لن تتردد في التصدي للاعتداءات عليها.

وفي 14 يوليو/تموز، أدان أردوغان، بشدة الهجمات التي شنتها أرمينيا ضد أذربيجان، خلال نفس الشهر، موضحا أن الاعتداء على حدود أذربيجان بالأسلحة الثقيلة هو مؤشر على أنها تتعرض لهجوم متعمد.

وأشار أن هجمات أرمينيا ضد أذربيجان تتجاوز الحدود بهدف إطالة أزمة إقليم "قره باغ" الأذري وخلق منطقة صراع جديدة، مؤكدا أن تركيا ستستمر في واجب الدفاع عن أذربيجان الذي بدأ به أجداده لعدة قرون في منطقة القوقاز.

وعلق الكاتب بولانت أوراك أوغلو أن "الأراضي الأذرية الواقعة تحت سيادة أرمينيا هي محتلة ومتروكة دون حل جذري لفترة تتراوح بين 20-30 سنة".

ولفت في مقالة بصحيفة يني شفق أن الأمر ما زال كذلك، دون أن تستطيع أي من الأطراف التوصل إلى فكرة ما ترضي الجميع. وبناء على ما تقدم؛ من الطبيعي أن تصل الأمور لهذه الدرجة وأن تتعرض الأراضي للنيران من الجانبين.

موجة جديدة

وبدأت الموجة الجديدة من القتال على الحدود يوم 12 يوليو/تموز، وقتل فيها 12 جنديا، وتبادل الطرفان الاتهامات بخرق وقف إطلاق النار وافتعال التصعيد. 

وتحتل أرمينيا منذ عام 1992، نحو 20% من الأراضي الأذرية، التي تضم إقليم "قره باغ" (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي "آغدام"، و"فضولي". 

وذكرت أرمينيا أن سيارة عسكرية أذربيجانية تقدمت نحو مواقع لجنود أرمن أطلقوا عيارات تحذيرية، خرج بعدها الطاقم الأذربيجاني من السيارة وعاد أدراجه نحو الجهة الثانية من الحدود، وبعد ساعة استهدفت المدفعية الأذربيجانية الأراضي الأرمينية.  

في المقابل، تؤكد باكو أن الجانب الأرميني هو من بدأ القصف المدفعي بطريقة "خشنة ومن دون أي سبب" في خرق لنظام وقف إطلاق النار. 

وعن احتمالات نشوب مواجهة، يقول الكاتب: "الظروف في المنطقة وحسابات روسيا الحساسة وموقف الفاعلين الدوليين تقلل من إمكانية الحرب".

وما أن أدانت مجموعة مينسك (روسيا والولايات المتحدة وفرنسا)، الملزمة بحل مشكلة الأرمن والأذريين، ووقف انتهاكات الهدنة، اقترحت موسكو وإيران الوساطة على الفور. 

بعد حرب روسيا وجورجيا في أغسطس/آب 2008، عانت الولايات المتحدة من خسارة كبيرة بمكانتها في منطقة القوقاز، ولذلك ضغطت واشنطن والاتحاد الأوروبي على تركيا لفتح الحدود مع أرمينيا عن طريق تفعيل قضية الشتات وذلك من أجل التخلص تماما من سيطرة روسيا.

والشتات، مصطلح يطلق على أماكن وجود شعوب مهاجرة من أوطانها في مناطق مختلفة من العالم ليصبحوا مشتتين فيها كمجموعات متباعدة، ويتفاعلون فيما بينهم بمختلف الوسائل للتنسيق لمحاولة العودة إلى أوطانهم. 

وبسبب سياقاتها الداخلية والخارجية المختلفة للغاية، لا تستطيع الولايات المتحدة الدخول في حساب مع الروس من خلال التحيز في الاشتباك الأرميني الأذربيجاني، كما كان الحال مع أوكرانيا وجورجيا وهذا هو السبب في أن موقف روسيا يكتسب أهمية، يقول الكاتب.

ويتابع: "وعليه سيكون الفاعل الأكثر أهمية هنا تركيا وهي من تعول عليها الولايات المتحدة".

ويؤكد أن منطقة توفوز (التي حدثت فيها الاشتباكات الأخيرة) تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لأذربيجان وتركيا معا، لأنها تدخل ضمن مسارات خطوط الطاقة والنقل ويتضح ذلك من رغبة أرمينيا في السيطرة على بعض المرتفعات الإستراتيجية والتحكم في تلك الخطوط كأحد أسباب الهجوم.

ومن المعروف أن خط أنابيب النفط باكو - تبليسي - جيهان وخط أنابيب غاز جنوب القوقاز الذي كان أوله يتماشى مع أذربيجان إلى تركيا عبر جورجيا يسير على الطريق الذي يربط توفوز.

لماذا هذه المنطقة؟

لماذا استهدفت أرمينيا هذه المرة المناطق الحدودية بدلا من خط الجبهة المعتاد؟، وفقا للخبراء، كانت روسيا وفرنسا وإيران هي الأطراف المحرضة على ذلك، إضافة إلى إستراتيجية أرمينيا لوضع الأزمات السياسية والاقتصادية في الخلفية.

وتحاول أرمينيا جعل "منظمة معاهدة الأمن الجماعي" لصالح روسيا في الصراعات؛ لأنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تألف أعضاء المنظمة الروسية (RUS NATOSU) من كومنولث الدول المستقلة تشمل روسيا البيضاء وأرمينيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وموسكو. 

لاحقا أضحت منظمة عسكرية حكومية دولية تأسست في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2002. وفقا للاتفاق ، تحمي الدول الأعضاء أمنها بشكل جماعي.

إذا كانت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) مهددة في سياق الأمن والسلامة الإقليمية والسيادة، كما هو الحال فعلا، فإن الدول الأعضاء ستكون قادرة على اتخاذ إجراءات معا للقضاء على هذه التهديدات وبهذه الاتفاقية، منعت روسيا أذربيجان من استعادة أراضيها المحتلة وأجبرتها على العيش معتمدة على الروس. 

وبالمثل، جعلت أرمينيا تعتمد على روسيا لأنها تحمي منظمة معاهدة الأمن الجماعي من الهجمات الأذربيجانية.

ويقول الكاتب التركي: "إن صناعتنا الدفاعية تحت تصرف أذربيجان دائما بكل خبرتها وتقنياتها وقدراتها، من الطائرات بدون طيار إلى ذخائرنا وصواريخنا، إلى أنظمة الحرب الإلكترونية المتوافرة لدينا".

 بالإضافة إلى إدخال أنظمة جديدة للجيش الأذربيجاني، سيتم العمل معا على تحديث الأنظمة الحالية وأنشطة الصيانة والإصلاح والتدريب معا، وهي نفس التصريحات التي أطلقها مسؤولون أتراك.

وبحسب الكاتب، فإن تركيا تنظر إلى ما حدث مؤخرا على أنه هجوم على شعب واحد ولكن موجود في دولتين، مضيفا: "لا شك أن الطلعات الجماعية لطائرات بايرقدار TB2 المسلحة بدون طيار  التابعة للقوات المسلحة التركية على الحدود مع أرمينيا هي بمثابة تحذير وترهيب للدول التي تقف وراء هذا الهجوم".