الاختراق الأضخم لـ"تويتر".. لهذا اتجهت أصابع الاتهام إلى ترامب

مهدي القاسمي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تقارير صحفية وصفت ما تعرض له موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" في 15 يوليو/ تموز الجاري بـ"الاختراق الأضخم". هذه المرة لم تتعرض حسابات على الموقع للاختراق، بل جرى اختراق نظامه الداخلي والتغريد عبر حسابات رفيعة المستوى لسياسيين ورجال أعمال وشركات وفنانين.

العملية التي استمرت لأكثر من ساعتين سيطر خلالها القراصنة على حسابات عليها ملايين المتابعين، وروجوا لعملية احتيال بالعملة الرقمية "بتكوين"، وصفها  الرئيس التنفيذي لتويتر، جاك دورسي، في تغريدة، بـ"الحدث المروّع"، وبين أن الأمر أكبر من مجرد عملية احتيال مالي.

وصل الأمر إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي "إف بي آي"، الذي فتح تحقيقا معلنا أنه ليس مجرد اختراق، بل إن العملية "تشكل مخاطر أمنية خطيرة".

من بين الأسماء التي تم اختراق حساباتها، الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما والمرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن، لكن حساب الرئيس الحالي دونالد ترامب لم يتأثر، ما جعل الأصابع تتجه له كمتهم.

الخلاف بين ترامب و"تويتر" لا يخفى على أحد، وتأجج هذا الخلاف منذ أسابيع قليلة، فهل لترامب يد في ضرب سمعة موقع التواصل الاجتماعي الأكثر تأثيرا في أوساط السياسيين عبر العالم؟

تهديد أمني

يشعر مكتب التحقيقات الفدرالي، الذي يواصل تحقيقاته، بالقلق من الهجوم المنسق ونقاط الضعف التي كشف عنها في أنظمة "تويتر".

طلب حاكم ولاية نيويورك، أندرو كومو، من وزارة الخدمات المالية في الولاية التحقيق في الهجوم، وذهب إلى حد القول: "التدخل الأجنبي لا يزال يشكل تهديدا خطيرا على ديمقراطيتنا"، متهما بتورط أياد خارجية في القضية". 

وتابع في تصريح لصحيفة "نيويورك بوست" : "ستواصل نيويورك حماية الديمقراطية ونزاهة انتخاباتها بأي طريقة".

فتحت المدعية العامة في نيويورك، ليتيتيا جيمس، بدورها تحقيقا، وأفادت بأن المشرعين بدؤوا يطالبون "تويتر" بتوفير المزيد من الشفافية حول كيفية تنفيذ الهجوم.

لفتت جيمس إلى أن المنصة عليها عدد لا يحصى من القادة السياسيين والناشطين ورجال الأعمال وغيرهم من المفكرين، ما يثير مخاوف خطيرة بشأن أمن البيانات وكيف يمكن استخدام منصات مثل تويتر لـ"تسميم النقاش العام".

تعرض حسابات على منصات التواصل الاجتماعي أمر معتاد ويحدث كل لحظة، لكن ما تعرضت له حسابات بعض الشخصيات البارزة على تويتر أمر غير مسبوق ويمثل جرس إنذار لا يمكن الاستهانة به، فالاختراق هذه المرة حدث في أنظمة وأدوات المنصة نفسها، وفق مراقبين.

اضطراب تويتر

ما فاقم الأزمة أن "تويتر" رفض أن يحدد ماذا حدث بالضبط، وبعد أزيد من ساعة ونصف من الاختراق، أصدرت الشركة بيانا قالت فيه: إننا "رصدنا ما نعتقد أنه هجوم هندسي منسق نجح من خلاله بعض الناس في استهداف بعض من موظفينا الذين لديهم حسابات دخول إلى أنظمتنا الداخلية وأدواتنا".

وفي اليوم التالي أصدرت بيانا أكثر تفصيلا، أوضحت من خلاله أن "التحقيق المبدئي الذي أجرته الشركة في عملية القرصنة أظهر أن العديد من الموظفين الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الأنظمة الداخلية تعرضوا لعملية اختراق لحساباتهم، وأن هؤلاء الموظفين المستهدفين لديهم إمكانية الوصول إلى الأنظمة الداخلية للموقع".

أعلنت الشركة أنه "حادث أمني"، لكنها قالت: إن التحقيق لا يزال جاريا للوقوف على حجم الاختراق والبيانات الأخرى التي ربما تكون قد أصبحت في أيدي المخترقين. 

الاختراق أظهر شركة "تويتر" في صورة هشة وضعيفة وغير قادرة على حماية بيانات مشتركيها. وللتخفيف من التداعيات في ظل ذلك، لجأت الشركة إلى إغلاق كل الحسابات التي غير أصحابها كلمات المرور، وأغلقت جميع الحسابات التي طالتها عملية الاختراق، وأيضا أخرى لم تكن مستهدفة.

أفاد موقع "مذر بورد" أن مصدرا شارك في الاختراق زعم أن المهاجمين دفعوا رشوة لموظف على تويتر. وقالت الشركة إنها ستنفذ تدريبا إضافيا للحماية من الهندسة الاجتماعية.

دخل المخترقون على حساب المرشح الرئاسي الأميركي جو بايدن، ونجمة تلفزيون الواقع كيم كارداشيان، والرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، والملياردير إيلون ماسك، ومغني الراب الأميركي الشهير كاني ويست، والعديد من الحسابات الأخرى.

كما طال الاختراق أيضا جيف بيزوس مؤسس أمازون، ورجل الأعمال وارن بافيت، وكذلك بيل غيتس المؤسس المشارك لمايكروسوفت، وحسابات شركتي أوبر وأبل، وحسابات هيئات تعتمد على العملة الرقمية.

نشر القراصنة تغريدات متطابقة عن العملة الرقمية "بتكوين"، وقالت التغريدة: "يطالبني الجميع بأن أعطي للمجتمع وقد حان الوقت. من يرسل لي مبلغا عبر هذا العنوان سأرده مضاعفا خلال نصف ساعة".

ترجح الفرضيات أن يكون المخترقون قد تمكنوا من الوصول إلى البنية التحتية الداخلية لتويتر، بحسب  شبكة "سي إن إن" الأميركية.

صحة هذا الاحتمال، في حال ثبتت صحته، قادرة على ضرب سمعة الموقع، وهو ما كان ترامب يحاول فعله خلال أزمته الأخيرة معه، عندما رأت الشركة أن الرئيس يهدد ريادتها بالقانون التنفيذي الجديد الذي وقع عليه.

شكوك حول ترامب

استضاف راديو "بي بي سي 4"، أحد أشهر المخترقين السابقين عبر العالم، كيفن ميتنيك، وهو مخترع أسلوب القرصنة باستخدام "الهندسة الاجتماعية" وخبير أمن معلوماتي حاليا.

وأوضح ميتنيك أن هذا الأسلوب "يعتمد على التلاعب بالضحية عن طريق إقناعه بعمل شيء المفترض ألا يقوم به بدون علمه، ومن أشهر هذه الأساليب رسائل التصيد الاحتيالي التي تطلب منك الضغط على زر ما أو تنزيل ملف لا يبدو أنه ضار".

رجح الهاكر السابق أن المخترقين قد يكونون قد وصلوا للرسائل الخاصة لهؤلاء المشاهير مما يعني أنه ربما تكون هناك محاولات ابتزاز أو تشويه سمعة ستظهر لاحقا.

رأى الخبير في مروره الإذاعي، أن اختراق 130 حسابا مرة واحدة، يدعو تويتر للتفكير فيما بعد هذه العملية وتحديدا نقطة تأمين الحسابات.

من غير الواضح ما إذا كان حساب ترامب يتمتع بحماية خاصة، لكن ميتنيك تساءل عن عدم قيام المخترقين باستخدام حساب ترامب في العملية مع قدرتهم على ذلك؟ ولم يجد المخترق السابق أي تفسير، ولكنه قال: إن على تويتر إيضاح هذا الأمر.

حاول الهاكر السابق من خلال سؤاله الاستنكاري توجيه أصابع الاتهام تجاه ترامب، مشيرا إلى أن تويتر لديه بدون شك نفس الشكوك، إلا أن الأخير صرح أنه ينتظر نتائج التحقيقات.

"قرصة أذن"

يستمر مسلسل الشد والجذب بين تويتر والرئيس، أياما بعد الاختراق، صنفت الموقع مقطع فيديو نشره ترامب بأنه "إعلام متلاعب فيه". ليكون هذا هو الإجراء الثالث الذي تتخذه الشركة ضد الرئيس خلال شهر واحد.

وبدأ تويتر في تحدي تغريدات ترامب في مايو/ أيار الماضي، واشتبك معه مرارا وتكرارا منذ ذلك الحين. وقامت الشركة بتعطيل التغريدات أو التعليق عليها من قبل الرئيس عدة مرات بسبب ما قيل إنها شكاوى تتعلق بحقوق النشر أو انتهاكات لسياسة ضد التهديد بالعنف 

أزال تويتر صورة قام الرئيس بتغريدها في 30 يونيو/ حزيران المنقضي، والتي تضمنت صورة لترامب، بسبب شكوى من صحيفة "نيويورك تايمز"، التي صور مصورها الصورة.

كما وضعت الشركة تغريدة من الرئيس وراء علامة تحذير في أواخر مايو/ أيار، قائلة: إنه انتهك قواعدها لـ"الحد من العنف" عندما دعا إلى أن تكون سلطات مينيابوليس صارمة في الرد على الاحتجاجات على وفاة جورج فلويد.

المتخصص في الإعلام الجديد، هيثم سعد، رجح بشكل كبير احتمال أن يكون لترامب يد فيما حدث، واصفا الاختراق بـ: "الضخم".

هيثم في تصريح لصحيفة "الاستقلال"، قال: "الاختراق طال لوحة التحكم الداخلية لتويتر، لتحقيق اختراق بهذا الحجم يشترط توفر إمكانيات عالية جدا، غير متاحة للجميع، عدا إذا كان المخترق بحجم إدارة ترامب. تزامن ذلك مع الانخفاض الواضح في أسهم تويتر في البورصة".

الخبير في الإعلام الجديد أفاد بأنها قد تكون "قرصة أذن" من إدارة ترامب لتويتر خصوصا بعد توتر العلاقة بين الموقع والرئيس في الفترة الأخيرة.

أما عن إمكانية تمادي إدارة ترامب بعد الواقعة الأخيرة، بحذف تويتر فيديو جديد، توقع سعد أن "يتوقف الأمر عند هذا الحد، خصوصا وأنه ليس من مصلحة ترامب التمادي قبل الانتخابات في ظل حالة السخط المتنامية ضده".