صحيفة تركية: هذه خطة روسيا بخصوص سرت والجفرة في ليبيا

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة "يني شفق" التركية، مقالا للكاتب محمد أجيت، تحدث فيه عن أسباب تأخر حسم موضوع مدينتي سرت والجفرة الليبيتين، التي لا تزال تحت سيطرة قوات الجنرال خليفة حفتر، مشيرا إلى مفاوضات بين أنقرة وموسكو لإنهاء الأمر بأقل تكلفة وأكثر سلمية.

وتطرق الكاتب في مستهل مقاله إلى تصريحات وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو عن الاستعدادات لبدء عملية عسكرية جديدة في مدينتي سرت والجفرة، مشيرا إلى أنه تجري قبل ذلك نقاشات على الطاولة مع شركاء آخرين حول ما إذا كان يمكن استبدال العملية العسكرية بحلول أقل تكلفة وأكثر سلمية، إذ تحاول هذه المفاوضات في نتيجتها إجبار حفتر وداعميه على التراجع.

أرض زلقة

وفي تفسير ذلك، توصل الكاتب إلى معلومات جديدة مفادها بأنه إذا لم تحدث تغييرات مفاجئة، سيأتي وفد جديد من روسيا إلى أنقرة الأسبوع المقبل. كما اتضح أن المكالمة الهاتفية الأخيرة بين الرئيسين التركي أردوغان والروسي بوتين، قد اتخذت قرار معالجة ملف ليبيا عن طريق "التفاوض".

وطرح الكاتب جملة من التساؤلات، بالقول: "فماذا يمكن أن يفيد هذا؟ وهل تؤدي محاولة المفاوضات إلى نتيجة؟ يقال إن ثمة هامشا للتفاوض بين الجانبين، فهل هذا الهامش وإلى مدى يمكن أن يكون جيدا؟".

ورأى أن الروس لديهم رغبة في المفاوضات وخاصة فيما يتعلق بمدينتي الجفرة وسرت، فمن أجل قيام قاعدة عسكرية روسية هناك يجب التفاوض على الجفرة وهذا هو الهامش في الحقيقة، ويمكن أن يكون المدخل للوصول إلى حل.

وتابع الكاتب: إذا أسفر استخدام هذا الهامش عن نتيجة، فمن المتوقع أن تنتقل سرت إلى حكومة الوفاق الوطني- المعترف بها دوليا- من دون نزاع وستنسحب قوات حفتر كذلك من هذه المدينة. أمامنا مثل هذا السيناريو، لكن من المهم أن نأخذ في الاعتبار أن ملف ليبيا يسير على أرض زلقة للغاية، حيث وبينما تسير الأمور في هذا الاتجاه من الممكن أن تذهب إلى عكس ذلك تماما في أي لحظة وتحت أي ذريعة.

وتابع: ولا ننسى مثلا أن زيارة وفد برئاسة وزيري الخارجية والدفاع من روسيا قبل بضعة أسابيع تأجلت وربما ألغيت بشكل مفاجئ بسبب أن وفد موسكو كان سيطرح عددا من التوصيات المرفوضة جملة وتفصيلا من قبل أنقرة؛ وعليه من الممكن أن تكرر مثل هذه السيناريوهات في أيام قادمة.

ونوه الكاتب إلى أن الأسباب التي قد تؤدي لنتيجة كهذه متوفرة ومتعددة. أولها الوجود الروسي والتركي في سوريا، إذ إنه يختلف تماما عن الوجود في ليبيا، ومصالح الطرفين متعاكسة للغاية، وهذا الأمر يعقد المسألة وهي كذلك بالفعل.

تفجيرات أذربيجان

على هذا النحو، تساءل الكاتب: هل يهدف إعلان الروس نيتهم "مواصلة المفاوضات" التوصل إلى نتيجة بهذه الطريقة حقا، أم المفاوضات لأجل المفاوضات فقط ولتحقيق هدف آخر ومن أجل حسابات مختلفة؟

وأجاب قائلا: "عندما نصل إلى هذه النقطة ليس من الضروري أن تكون حسابات أخرى في ليبيا، بل ربما هو كسب للوقت من أجل منطقة أخرى بعيدة كل البعد عما يدور حاليا شرقا".

وأوضح: لعلنا نقرأ في الوقت الراهن التطورات العسكرية المحتدة بين أذربيجان وأرمينيا والصراع العسكري الناشب بنيهما بعد سنوات طويلة من الصمت. فجأة شهدنا اعتداءات أرمينية استهدفت أراضي في أذربيجان وبالتالي؛ نعم، لا يمكن النظر إلى مثل هذا التطور مع ليبيا تطور عادي. قد يكون ذلك في الظروف العادية ولا شيء يدعو للشك أو الريبة، لكن في الوقت الحالي الأمر ليس كذلك البتة.

ولفت الكاتب إلى أنه من المعروف أن أرمينيا تتعرض لمضايقات من وقت لآخر على الحدود الأذربيجانية. لكن باكو تلقت هجوما في الأراض التي تؤدي لخط سكة حديد بدايتها نقطة انتقال خط أنابيب الغاز جنوب القوقاز؛ وبعبارة أخرى، فإن الطريق الوحيد الذي يربط تركيا بنقاط أذربيجان يتم استهدافه في هذه الهجمات. ليس فقط أذربيجان، بل رسالة واضحة المعالم إلى تركيا.

في هذه الحالة، يرى الكاتب ضرورة أن تكون ساذجا تماما للاعتقاد بأن روسيا، التي تقول دعونا نتفاوض في ليبيا، وأن هذه الأحداث لا ترتبط ببعضها البعض خاصة بعدما كان هناك رد إيجابي وقبول مبدئي بخصوص التفاوض بين الجانبين. من الواضح أن الهجوم على مدينة توفوز الواقعة في أذربيجان تحت سيادة أرمينيا، كان بتحريض من روسيا وفي هذه البيئة يُفهم على أنه بدأ إيمان بإضعاف أيدي تركيا في ليبيا.

وأردف الكاتب: في بيئة تمت فيها تجربة المفاوضات قبل عملية سرت في ليبيا، فإن الأصوات القادمة من قوى حفتر وشركائه الآخرين مثيرة للاهتمام أيضا، حيث قال المتحدث باسم حفتر في بيان قبل أيام: "سنشهد حربا كبيرة في الجفرة وسرت في الساعات القادمة".

وفي تصريحات مشابهة، ذكر رئيس الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي تصريحات متشابهة، بالقول: إن جيشه يمكنه تغيير المشهد العسكري في ليبيا بسرعة وحسم. وأَضاف: "لن نكون غير مبالين بالتراكم والهجوم العسكريين في سرت".

وخلص الكاتب في ختام مقاله إلى أنه سيكون من المفيد تقييم هذه التفسيرات من خلال وضع سؤال في الاعتبار، ألا وهو: هل روسيا من جعلتهم يتحدثون بهذه الطريقة؟