"طفولي شديد التوتر".. ألموندو: هكذا أصبح مضطرب عقليا رئيسا لسوريا

12

طباعة

مشاركة

تسلم بشار الأسد سدة الحكم في سوريا عن طريق الصدفة، بعد وفاة أخيه الأكبر الذي اختاره والده حافظ ليخلفه، وقد ترك دراسته في طب العيون من أجل الحكم؛ لكنه لم يتمكن أبدا من إصلاح بلاد دمرتها اليوم الحرب وحولتها إلى أنقاض.

تكمل صحيفة ألموندو الإسبانية في تقرير لها، أنه قبل عقدين، وصل بشار الأسد إلى الحكم في سوريا عن طريق الصدفة، وقد كان موت أخيه الأكبر خلال سنة 1994، الحدث الذي سمح للابن الذي احتقر منذ طفولته بأن يصبح رئيسا.

وإلى غاية اليوم، ما زالت ظلال حافظ الأسد ممتدة إلى اليوم ومؤثرة في سوريا.

فضلا عن ذلك، ما زال جهاز الدولة الراكد الذي أنشأه حزبه البعثي، ومعاملته غير المتكافئة لأبنائه، وحتى قراره منح السلطة لبشار المنفتح بدلا من ابنه الأصغر منه سنا، ماهر (قائد الفرقة الرابعة النخبوية ورجل المخابرات القوي)؛ تحدد مصير سوريا إلى غاية الوقت الراهن.

ويشرح الصديق السابق لبشار الأسد، الممثل والمدير، همام هوت، أنه "من بعيد يبدو متواضعا، فهو لا يدخل القاعة دون إفساح المجال أمامك أولا، لكنه في نفس الوقت طفولي شديد التوتر، وغير مستقر عقليا".

كما أن بشار عاش مستاء من العالم، ويعتقد هوت أن ذلك يعود "لقسوة والده معه عندما كان صغيرا، فقد كان معزولا، على عكس باسل الأسد الذي كان يحظى بكل الاهتمام. علاوة على ذلك، لم يكن لبشار غرفته الخاصة به في القصر".

التطوير والإصلاح

ونقلت ألموندو عن ديفيد ليش، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة ترينيتي في تكساس ومؤلف كتاب "سوريا: تاريخ حدي"، أن "معرفة الأسد بأنه خيار ثان بالنسبة لأبيه، خلق لديه نوعا من القلق، وحتى انعدام الثقة".

وأضاف: أنه "نظرا لأن بشار ظهر في صورة الرئيس الذي تخلى عن دراسته من أجل إنقاذ البلاد دون حتى التحضير لهذا المنصب، ودون دراية كبيرة بالشعب السوري؛ اعتقد الكثيرون أنه سيكون مختلفا".

وذكرت الصحيفة أنه في كلمات الخطاب الافتتاحي لرئيس النظام الجديد، بشار الأسد، في 17 يوليو/تموز سنة 2000، ورد التالي: "أعتقد أنه من الضروري للغاية دعوة كل مواطن للمشاركة في عملية التطوير والتحديث إذا كانوا صادقين وجادين حقا في الحصول على النتائج المرجوة في المستقبل القريب جدا".

كما أنه خلال ذلك الوقت، اقترح الأسد إصلاح البلاد بشكل جذري. 

وأوردت الصحيفة أن الإصلاح كان يعني بالنسبة للأسد، أولا وقبل كل شيء، اعتماد سياسات رأسمالية نيوليبرالية، وتحسين البيروقراطية وإطلاق الخصخصة.

لكن تسبب ذلك، أولا، في خلافات مع الحرس البعثي القديم، وثانيا، في تطوير رأسمالية المحاسيب التي أدت بدورها إلى مزيد من عدم المساواة الاجتماعية. تبعا لذلك، تراجع الانفتاح الثقافي والسياسي والفكري الخجول بمجرد أن أدرك رئيس النظام آثاره.

ونقلت الصحيفة عن ليش أن "بشار الأسد اصطدم بجمود الدولة، حيث كانت أجهزتها فاسدة ودون أية علامات على الحياة؛ ما يجعل من الصعب تغييره".

تجاه هذا الوضع، أصبح بشار الأسد محبطا، نظرا لعجزه عن تنفيذ العديد من المراسيم والسياسات التي وافق عليها.

فضلا عن ذلك، كانت هناك العديد من العراقيل لإصلاح البلاد؛ ومجموعات قوية قادرة على تقويض موقفه في حال تطبيق إصلاحات حقيقية. وأخيرا، عوض أن يغير الأسد النظام، تمكن النظام الاستبدادي من تغييره.

زمن الثورة

وأشارت الصحيفة إلى أن شعار قوات الأسد منذ اندلاع الثورة السورية سنة 2011، كان "الأسد أو نحرق البلاد"؛ حتى قبل أن ينادي المتظاهرون بإسقاطه من الحكم.

وبالنسبة للكثير من السوريين الذين نادوا بالديمقراطية، كان خطاب الأسد في 30 مارس/آذار من نفس السنة، هو نقطة التحول في الثورة السورية. وبحسب أحد الشباب السوريين: "عوض أن يعترف الأسد بمطالب المتظاهرين، وصفنا بالمحرضين على الفتنة".

ونوه همام هوت بأن "القوات التي قمعت المظاهرات لا تقصد بالأسد بشار فقط. وبشكل خاص، خلف الأبواب المغلقة، تثني عليه دائرته الداخلية وتطالب بالثناء عليه وتقديسه. أما داخل القصر، فيحاول المقربون منه التلاعب به، بما يتماشى مع خدمة مصالحهم".

وأكد أن هذه الدائرة المقربة من الأسد "تتكون من خاله محمد مخلوف، وأبنائه: رامي وحافظ وإياد. وكذلك، أخته بشرى وأخيه ماهر. أما ابن خالته، عاطف نجيب، فقد كان المسؤول عن إطلاق عنان الحرب، عندما أمر بتعذيب بعض الشباب في درعا". 

وبينت الصحيفة أنه بعد تسع سنوات من الحرب، ومقتل ما يقارب نصف مليون شخص، يتناثر رماد المعارضة السورية بين أنقاض بلد دمرته القنابل.

ومنذ بداية الحرب، عمل الأسد على تفعيل آلية العنف القاسية، التي كررها خصومه بفضل البترودولارات ودعم عدد من الدول الغربية؛ الأمر الذي كان بعيدا تماما عن الأحلام الديمقراطية للسوريين. وبشكل عام، كان الهدف من بعض هذه القوى هو تحويل المنطقة إلى مستنقع لمنافسيها. 

وعلى الرغم من أن الأسد يعتبر نفسه الفائز في الحرب، فإن ساحة المعركة في حالة خراب، كما أن الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية، التي فقدت 150 ٪ من قيمتها مقابل الدولار، والتضخم الذي من المتوقع أن يصل إلى 160 ٪ بحلول نهاية العام، قد أثر سلبا على نظام يواجه الآن عقوبات.

وفي هذا الصدد، نقلت ألموندو عن المحلل الإيراني سعد الله زاريا، أن "الولايات المتحدة تفرض عقوبات على نفسها؛ لأن منع الدول الغربية من التعاون مع سوريا يخلق فرصة جديدة لإيران".

ومن جهته، يستبعد المحلل ليش أن تبحث روسيا وإيران عن بديل للأسد، "لأنه لا يوجد شخص آخر يحمي الموقف الإستراتيجي الروسي الجديد في سوريا، بعد الانتصارات التي حققتها".

ووفق دبلوماسي عُماني، فإن "الحروب عبارة عن تجارة وتنتهي عندما تستنتج أطرافها أنها لم تعد أعمالا مربحة. أما سوريا، فما زالت الدول المتدخلة فيها تعتقد أنها تجارة مربحة".