غارق في الوحل.. هذه الأزمات تُبعد ترامب عن الفوز بالانتخابات

12

طباعة

مشاركة

قبل أربعة أشهر من موعد انطلاق الانتخابات الرئاسية الأميركية، يكافح الرئيس دونالد ترامب لإقناع الناخبين ببرنامجه، في خضم أزمة اقتصادية وصحية تعيشها البلاد.

كلمات تصدرت تقريرا للكاتب أدريان جولم في صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، رأى خلالها أن رغبة ترامب في الخروج من الأزمة الصحية وإنعاش الاقتصاد الوطني لا تتوافق مع الواقع.

وقال جولم: "يمر ترامب بوقت عصيب، حيث يرى أن حجج حملته تتبخر واحدة تلو الأخرى، فالاقتصاد، الذي وصفه بأنه الأفضل في التاريخ وأعلن عن انتعاشه السريع بعد وباء كورونا المستجد (كوفيد-19)، يعاني من ركود تام، فيما لا تزال البطالة تحتفظ بنسب تاريخية".

كما أن الوباء الذي كان ترامب يأمل في انتهائه وقلب صفحته بعد أشهر الربيع، عاد بقوة من جديد، وأصبح يضرب الآن الولايات التي يهيمن عليها الجمهوريون بشكل مباشر، وخاصة فلوريدا وتكساس وأريزونا، التي اعتقد الرئيس أنه يمكن الاعتماد عليها في انتخابات نوفمبر/ تشرين ثاني 2020. 

وأشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة تجاوزت 3.2 مليون حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، بينما عدد الوفيات، الذي بلغ 135000، في ارتفاع.

وأكد أنه بدلا من انتهائهما، تجتمع الآن الأزمتان، الصحية والاقتصادية، حيث أجبرت الأولى السلطات، على النظر مجددا في تدابير إعادة الفتح التي اتخذتها عدة دول.

ومع منع التجمعات الانتخابية، اضطر ترامب إلى إلغاء حملته في عطلة نهاية الأسبوع المخطط لها بولاية نيو هامبشاير، والتي أرجعها رسميا لأسباب الطقس.

ونوه أدريان جولم  بأنه كان من المقرر عقد الحدث في الهواء الطلق، ولكن ربما تم أيضا مراعاة الاعتبارات الصحية والسياسية، فالتجمع السابق للرئيس، الذي عقد في أواخر يونيو/ حزيران بتولسا، في ولاية أوكلاهوما، كان أمام قاعة نصفها فارغة.

تنازل مقلق

وشهدت الدولة منذ ذلك الحين زيادة في عدد حالات فيروس كورونا المستجد بشكل ملحوظ، وإذا استمر الوضع الصحي في التدهور، فمن غير المؤكد إمكانية عقد المؤتمر الجمهوري، الذي انتقل من ولاية كارولينا الشمالية إلى فلوريدا، في نهاية أغسطس/آب 2020، وفقا لكاتب المقال.

وكتنازل بسبب خطورة الوضع، فإن ترامب، الذي تجنب بحرص حتى الآن تصويره وهو يرتدي كمامة، وتم انتقاده لتشجيعه أولئك الذين يقاومون هذا الوسيلة الوقائية، شوهد أخيرا مقنعا أثناء زيارة إلى مستشفى والتر ريد العسكري يوم 11 يوليو/تموز في واشنطن. 

وأكد الرئيس الأميركي أن وضع كمامة لن يكون "مشكلة" بالنسبة إليه، قائلا: "لم أكن أبدا ضد الأقنعة، ولكن أعتقد أنه يجب عليك ارتداؤها وفقا للزمان والمكان"، معربا عن اعتقاده كذلك أن فيروس كورونا "سيختفي" في "لحظة معينة".

غير أن الكاتب يشير إلى أمر أهم من ذلك، وهو أن استطلاعات الرأي ليست في صالح ترامب، إذ يبدو أن العمل التطوعي للرئيس، الذي يرغب في الخروج من فترة كوفيد-19، وتشجيع الانتعاش الاقتصادي، لا يتوافق مع الواقع. 

وبين أن 67٪ من الأميركيين غير مقتنعين بإدارته للأزمة الصحية، إذ لم يعد ترامب يستشير مدير مركز الأمراض المعدية، الدكتور أنتوني فوسي، الذي أصبح في الأشهر الأخيرة من المشاهير الإعلاميين وفي نفس الوقت واحد من أكثر الأصوات المسموعة حول الفيروس التاجي. 

هذا الرجل قال عنه ترامب في مقابلة تليفونية أجرتها معه شبكة "فوكس نيوز" مؤخرا: إنه "لطيف ولكنه ارتكب أخطاء"، غير أن العديد من الأميركيين يختلفون معه في هذا الرأي.

علامات التعب

إضافة إلى ذلك يأتي ترامب بشكل مثير للقلق خلف جو بايدن (المرشح الديمقراطي للرئاسة) في استطلاعات الرأي، فبحسب الاستطلاعات الأخيرة يتخلف بعشر نقاط عن خصمه الديمقراطي.

فحتى لو تم ذكر ما حدث معه عام 2016، عندما فاز هذا الجمهوري في الانتخابات رغم تأخره في استطلاعات الرأي طوال الحملة بأكملها تقريبا، فإن تأخره أكثر أهمية هذه المرة من المرشحة السابقة هيلاري كلينتون.

فالأمر يبدو أكثر مثل ما حدث مع الديمقراطي جيمي كارتر عندما حاول إعادة انتخابه عام 1979 لكنه خسر أمام الجمهوري رونالد ريجان بعد عدة أزمات متتالية.

ويقول أدريان جولم: إن الأمر المثير للقلق بنفس القدر هو الشعبية الغريبة لجو بايدن، على الرغم من غيابه عن وسائل الإعلام، أو ربما بسببه، إذ يحظى المرشح الديمقراطي بالدعم، وبدون تجمعات انتخابية أو مظاهر عامة، حيث يستفيد من هذا الغياب، تاركا الرئيس يُغرق نفسه، ويواجه أزمة ذات حجم تاريخي. 

فنائب الرئيس السابق باراك أوباما، السياسي الأكثر كلاسيكية، ليس على غرار هيلاري كلينتون، حيث ينأى بنفسه عن مصايد السخرية وهجمات خصمه الجمهوري.

والأهم من ذلك، وفقا للكاتب، أن آلة ترامب تظهر عليها علامات التعب.

فحتى لو أظهر مرونة هائلة، هناك انطباع بأن الرئيس غارق في مواجهة الأحداث التي لا تؤثر فيها نزواته الساخرة على موقع تويتر واتهاماته الموجهة ضد خصومه، حيث وجد نفسه عدة مرات في موقف دفاعي، حتى أنه نشر رسالة لتبرير جولاته بلعب الجولف في خضم أزمة وطنية.

كذلك فإن قراره بتخفيف حكم السجن على صديقه ومستشاره السابق روجر ستون، الذي أدين بالكذب على المحققين بشأن التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، قوبل ببرودة شديد، حتى في الدوائر الجمهورية. 

صورة مدمرة

ولفت الكاتب إلى أن قرار المحكمة العليا، الذي حكم في يوليو/تموز بأن الرئيس لا يملك الحق في رفض الكشف عن الإقرارات الضريبية التي قدمها إلى النظام القضائي، كان بمثابة انتكاسة خطيرة لدونالد ترامب. 

وبين أن الرئيس، الذي رفض منذ عام 2016 بعناد نشر تفاصيل وضعه الضريبي، رأى قاضيين محافظين هما نيل جورسوش وبريت كافانو، اللذين عينهما بنفسه، يصوتان ضده. 

وقال القاضي كافانو: "في نظام حكمنا، كما قالت هذه المحكمة في كثير من الأحيان، لا أحد فوق القانون، وهذا المبدأ ينطبق بالطبع على الرئيس".

وما يزيد مخاوف الرئيس، يشير كاتب المقال، هو فشل محاولات منع نشر كتاب ماري ترامب، الذي نشر في 14 يوليو/ تموز، ويحمل عنوان أكثر من اللازم دون اكتفاء: "كيف خلقت أسرتي أكثر رجل خطورة في العالم؟". 

فهذا الكتاب الذي كتبته ابنة شقيقه الأكبر، وفقا للصحافة الأميركية، يرسم صورة مدمرة للرئيس، إذ يصور ترامب على أنه محتال ومتنمر، وهو ثاني كتاب يصف ساكن البيت الأبيض بأوصاف غير جذابة، إذ سبقه كتاب مستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون.

وفي ظل هذه الأزمات المتلاحقة، تقول مصادر مجهولة نقلت عنها الصحافة الأميركية: إن ترامب سُمع في الأسابيع الأخيرة كثيرا ما يشكو من سوء الحظ الذي ألم به.