صحيفة إيطالية: هكذا يصعب كورونا طريق السودان نحو الديمقراطية

12

طباعة

مشاركة

نشرت صحيفة إيطالية تقريرا سلطت فيه الضوء على العواقب السياسية والاقتصادية  الناجمة عن تفشي جائحة كورونا في السودان، وآثارها على عملية الانتقال الديمقراطي والتحديات التي ينبغي على حكومة عبد الله حمدوك مجابهتها.

وقالت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو": إن فترة ما بعد الرئيس السابق عمر البشير لا تزال تتميز بعدة تحديات، وفي مقدمتها تفشي جائحة كورونا مما جعل البلد الأكثر تضررا في شرق إفريقيا.

في  الأثناء، تستمر إجراءات احتواء ومجابهة الوباء مع تداعيات اقتصادية كبيرة، إذ يتصاعد التضخم بشكل كبير وتستمر أسعار المواد الغذائية الرئيسية في الارتفاع. 

تدابير الحكومة

ذكرت الصحيفة أن السودان سجل إلى غاية  12 يوليو/تموز 10250 إصابة و 650 حالة وفاة، مما يجعله واحدا من أكثر البلدان تضررا في القارة. 

ويذكر أن الحكومة الانتقالية بقيادة عبد الله حمدوك، كانت قد اتخذت فور تسجيل أول حالة إصابة ووفاة في 13 مارس/آذار، سلسلة من الإجراءات لمجابهة أزمة الوباء. 

في البداية، قررت إغلاق المدارس والجامعات في 15 مارس/آذار، وفي اليوم التالي أعلنت حالة الطوارئ الصحية مع الإغلاق الفوري للحدود الجوية والبحرية والبرية، باستثناء عبور المساعدات الإنسانية. 

ومنذ مارس/آذار، تجري مراقبة عمليات دخول المسافرين القادمين من البلدان المعرضة أكثر لخطر العدوى من أجل التقليل من عددهم. كما شرعت الحكومة في إعادة السودانيين العالقين في الخارج إلى وطنهم مع فرض الحجر الصحي الإلزامي على جميعهم.

وفي 24 من نفس الشهر، فرضت السلطات حظرا جزئيا للتجوال، مددته بعد ذلك ليشمل كامل اليوم في ولاية الخرطوم. 

بالإضافة إلى ذلك، تستمر القيود المفروضة على حركة الأشخاص في المدن والأسواق، وهي التدابير التي يتجاهلها السكان خاصة في الضواحي والمناطق الريفية والتي تعد فيها الحاجة إلى العمل والغذاء مسألة حياة أو موت. وبقيت هذه القيود سارية حتى 7 يوليو/تموز، ثم خفت تدريجيا.

الإرث الكبير

أشارت الصحيفة إلى أن النظام الصحي السوداني يعاني من إهمال ثلاثة عقود ديكتاتورية، تم خلالها تخصيص الأموال العامة للقطاعين العسكري والأمني.

وحتى الآن، تُدفع الأموال من أجل الحصول على الخدمات الأساسية القليلة، كما أن عدد العاملين في القطاع الصحي غير كاف، وبدورها تشكو المنشآت الطبية والأدوية الأساسية نقصا كبيرا. 

وتقترن هذه الهشاشة بميدان سياسي واقتصادي غير مستقر بشكل متزايد، مما يقوض فعالية برامج الوقاية وإمكانية الحصول على الرعاية الطبية الأساسية. 

في المقابل، تتعلق النقطة الإيجابية لهذه الأشهر بمبادرة وزير الصحة، الذي يظهر يوميا في الإعلانات العامة لتقديم معلومات عن انتشار العدوى وتكرار تدابير الوقاية المنزلية. 

ويرى بعض السودانيين في هذه المبادرة قرب الدولة من مواطنيها، التي يمكن أن تتمتع الآن أيضا بالمساعدات الإنسانية الدولية بما في ذلك المساعدات الأوروبية الكبيرة، لاسيما وأن السودان لم يعد مدرجا في قائمة "الدول المارقة". بينما يحتج آخرون، أتباع البشير، بصرخة "كورونا لا يقتل، بل طوابير الخبز تقتل".

كما كان حظر التجمعات الدينية في  13 أبريل/نيسان، الذي تعرض إلى انتهاكات واسعة، محل معارضة إلى حد ما، مما أجبر عبد الله حمدوك على إصدار قانون طوارئ ينص على فرض غرامات وتسليط عقوبة السجن على كل من ينتهك القواعد.

رصاصة الرحمة

أكدت الصحيفة أن الانعكاسات الاقتصادية لتفشي كورونا هي مصدر قلق كبير، خاصة وأن الوباء ينتشر في بلد يشكو ارتفاع سوء التغذية وصعوبة في الحصول على الغذاء مع ارتفاع معدل الوفيات.

كما تطرقت الصحيفة إلى انخفاض العملة الأجنبية وارتفاع التضخم الذي وصل في أبريل/نيسان إلى مستوى قياسي بلغ 98.81 ٪. 

بينما قفزت أسعار الأغذية الأساسية (الذرة والقمح) بأكثر من الضعف منذ العام 2019، حيث ارتفعت من 20 إلى 50 ٪ بين أبريل/نيسان ومايو/أيار 2020. وبنفس الطريقة ترتفع تكلفة الموارد الغذائية الأخرى والطاقية. 

يضاف إلى ذلك، التخفيض في الأجور الذي يعد نتيجة حتمية في بلد يُستمد فيه جزء كبير من الدخل من العمل غير الرسمي الذي يتم في الشوارع من خلال التواصل بين الناس، حيث يكون مفهوم التباعد الاجتماعي غير طبيعي ومستحيل في العديد من السياقات. 

وأوردت الصحيفة أن الحكومة حاولت تعويض الآثار الاجتماعية  الناجمة عن حالة الطوارئ من خلال توزيع أكثر من خمسة آلاف بطاقة لدعم الأسر المتضررة من الإغلاق الشامل.  

لكن يبدو أن الوضع لا يزال معقدا وغير مطمئن في العديد من النواحي، خاصة بسبب الصمت الذي قد يؤدي إلى توسع انتشار الوباء عندما تعود عجلة الاقتصاد إلى الدوران مرة أخرى.

والأمر الوحيد المؤكد بحسب الصحيفة، هو أن الفيروس يجعل عملية استقرار السودان وطريقه نحو الديمقراطية صعبا إلى حد ما.