كيف تقوض الصين جهود واشنطن في فرض العقوبات على إيران؟

قسم الترجمة - الاستقلال | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة ملييت التركية الضوء على الشراكة الأمنية والاقتصادية الجديدة المرتقب توقيعها بين إيران والصين، والتي من شأنها أن تمهد الطريق لمليارات الدولارات من الاستثمارات الصينية في الطاقة وقطاعات أخرى، مما قد يقوض جهود الولايات المتحدة في فرض العقوبات على طهران بسبب طموحاتها النووية والعسكرية.

ومن شأن الشراكة، المقترحة في اتفاقية مكونة من 18 صفحة حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز ونشرت عنها في 11 يوليو/تموز 2020، أن توسع إلى حد كبير الوجود الصيني في البنوك والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية وعشرات المشاريع الأخرى الإيرانية، كما ستحصل على إمدادات منتظمة مخفضة للغاية من النفط الإيراني على مدى السنوات الـ25 المقبلة.

وقال الكاتب في صحيفة "ملييت" نهاد علي أوزجان: "نشر خبر صحفي في صحيفة نيويورك تايمز قبل بضعة أيام، جاء فيه أن الصين ستستثمر 400 مليار دولار في إيران على مدى السنوات المقبلة، بعد مفاوضات استمرت وقتا طويلا أعلن عن انتهائها ووصلت إلى مرحلة التوقيع".

طبيعة الاتفاقية

هذه الاتفاقية ستغطي مناحي مختلفة مثل التجارة والاقتصاد والسياسة والثقافة والأمن ومساحة واسعة من بناء خط القطار عالي السرعة على الطرق السريعة، وإنشاء مناطق التجارة الحرة والموانئ والاتصالات والفضاء السيبراني وإنشاء البنية التحتية للإنترنت الجيل الخامس 5G، وتوسيع خدمة تحديد المواقع الجغرافية في الصين Beidou.

وأكدت الصحيفة الأميركية أن الوثيقة تعمق التعاون العسكري بين الدولتين، مما يمنح الصين موطئ قدم في منطقة كانت تشغل بال الولايات المتحدة إستراتيجيا منذ عقود، كما تتضمن تدريبات وتمارين مشتركة، وتطوير الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخبارية.

وأوضح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في يوليو/تموز أن الشراكة، التي اقترحها الزعيم الصيني شي جين بينغ لأول مرة خلال زيارة لإيران عام 2016، وافقت عليها حكومة الرئيس حسن روحاني في يونيو/حزيران 2020.

وتقول الوثيقة في الجملة الافتتاحية: "ثقافتان آسيويتان قديمتان، وشريكان في قطاعات التجارة والاقتصاد والسياسة والثقافة والأمن مع نظرة متشابهة والعديد من المصالح الثنائية والمتعددة الأطراف سوف ينظران إلى شركاء إستراتيجيين آخرين".

وعلق الكاتب: "العديد من الدول تبرم اتفاقيات تعاون مماثلة، والصين وإيران من هؤلاء، لكن هذه الاتفاقية خاصة جدا، ويتضح ذلك من خلال النظر إلى سياق الوقت وطبيعة العلاقات بين بكين وواشنطن وطهران".

وقال: "تجلس الصين على عتبة حرجة مع إيران التي طغت عليها العقوبات الاقتصادية الأميركية وتم جرها إلى العزلة ولكن في المقابل أصبحت طهران بجغرافيتها السياسية، جزءا مهما من مشروع -الحزام والطريق- الصيني الطموح".

ويتطلب هذا الوضع من بكين أن تتعاون مع طهران على المدى الطويل، سياسيا وعسكريا وأمنيا، وتسعى من أجل "إيران مستقرة" وأن تبذل جهدا حقيقا في هذا الصدد.

علاوة على ذلك، تأمل الصين التي تستورد 75٪ من احتياجاتها من النفط والغاز الطبيعي، في التغلب على مشاكل الإمداد المستقبلية بهذه الاتفاقية.

والواقع أن التطورات السياسية والاقتصادية وتقلب الأسعار لأسباب غير متوقعة مثل تفشي فيروس كورونا، والتغلب على صعوبات العرض، قد يشكل مشكلة لدى البلدين، يقول الكاتب، مشيرا إلى أن هذا يأتي في وقت تنخفض فيه أسعار النفط وتتزايد المنافسة على الطلب.

سياسات متضررة

من وجهة نظر إستراتيجية، فإن توقيع الصين لاتفاقية مع إيران يعني أن السياسات الأميركية تجاه طهران قد تضررت وأن جميع المعادلات في المنطقة تتغير.

وكتبت متحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية ردا على أسئلة حول مسودة الاتفاقية: "ستواصل الولايات المتحدة فرض عقوبات على الشركات الصينية التي تساعد إيران أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم".

وأضافت: "بالسماح للشركات الصينية أو تشجيعها على القيام بأنشطة خاضعة للعقوبات مع النظام الإيراني، تقوض بكين هدفها المعلن المتمثل في تعزيز الاستقرار والسلام".

يتابع الكاتب: "نتيجة لهذا التطور، قد يتحول نجاح الصين في تقديم الإغاثة لإيران إلى تحد خطير للولايات المتحدة، وليس فقط في الشرق الأوسط".

أبسط مثال على ذلك هو ما جلبته اتفاقية الصين للتعاون الدفاعي والعسكري الموقعة مع إيران في عام 2016 إلى طهران، ليس فقط على مستوى الأسلحة الصغيرة، ولكن أنظمة الصواريخ البالستية والبحرية التكتيكية، والصواريخ قصيرة المدى، وتكنولوجيا الطائرات بدون طيار التي كانت جزءا من هذه الاتفاقية.

كان من الممكن رؤية أثر بناء القدرات هذا في لبنان، في الحرب المستمرة حاليا في سوريا واليمن، في الهجمات التي تشن على السعودية، يقول الكاتب.

وأضاف: "أثناء محاولة التنبؤ بالآثار المحتملة لتوسيع العلاقات الصينية الإيرانية وتعميقها، من الضروري مراعاة النتائج المحتملة للانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020".

فأثناء مناقشة صعوبة اختيار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من الواضح أن الصورة الجديدة المحتملة ستعني مخاطر وفرصا جديدة ليس فقط لإيران، ولكن لجميع دول المنطقة.

لهذا السبب، من المفيد أحيانا تجاوز المناقشات الحالية قصيرة العمر والنظر بهدوء وبشكل أعمق حيث العالم يتغير بشكل جذري وحقيقي، وفق تقدير الكاتب.