العقيق اليماني.. أحجار كريمة متميزة أصابها "كورونا" في مقتل

آدم يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

منذ مئات السنين، اشتهر اليمن بـ"العقيق"، وارتبط اسمه به، وحظي بشهرة واسعة في عدد من دول العالم، لم تخل من المعتقدات والأساطير الغريبة التي ارتبط به وجعلته رائجا للغاية وزادت من حجم الطلب والتنافس عليه.

في اليمن ودول الخليج وعدد من الدول العربية والإسلامية، يحوز العقيق اليماني المرتبة الأولى من بين نظائره من الأحجار الكريمة الأخرى، وذلك لجودته وشدة نقائه، والمعتقدات التي يؤمن بها مقتنوه.

ومثل العقيق رافدا من روافد الاقتصاد في اليمن، حيث كان سوق الأحجار الكريمة مقصد كثير من السياح، الذين يقتنون العقيق، غير أن ذلك تأثر بالحرب الدائرة منذ خمس سنوات، وتوقف حركة السياحة بشكل كامل، بالإضافة إلى توقف صادراته متأثرة بإغلاق الحدود والمنافذ الجوية والبرية والبحرية.

اعتقادات وأساطير 

في حين يقتني البعض العقيق من أجل التزين، يمتلكه آخرون من أجل اعتقادات وأساطير متوارثة ومزايا روحية وطبية، يؤمنون بها ويسعون للحصول عليها.

يعتقد كثيرون أن العقيق اليماني وخاصة الكبدي أو الرماني الأحمر، يرد العين، ويمنع الحسد، ويقي السحر، ويمنح البركة، كما يؤمن آخرون أنه حجر مبارك يساعد على جلب الرزق.

كما يعتقد آخرون أنه يساعد على التأمل والاسترخاء، ويساعد على التوزان، ويمنح النشاط والحيوية، ويحفز القدرات التحليلية لدى الإنسان. وهذه الاعتقادات شائعة في كثير من المجتمعات العربية والإسلامية.

وتعدت تلك الامتيازات الروحية إلى الطبية، فاعتقد البعض أنه يقوي حاسة البصر، ويخفف من الآلام الموجودة في الجسم، وخصوصا في مفاصل الكف، ويطرد الأحلام المزعجة والكوابيس المخيفة.

وقد حاول البعض أن يفسر خصائص حجر العقيق تلك بكونه يمنح إشعاعا غير مرئي يعطيه تلك المزايا، لكنه بالطبع تفسير غير علمي، ومحاولة غير علمية لإثبات المعتقدات الروحية والطبية لحجر العقيق.

وحضر العقيق في كثير من القصص والأساطير القديمة، التي عززت من تلك المعتقدات، كما جاء في عدد من الأحاديث النبوية التي روت أن النبي كان يرتدي خاتما من العقيق اليماني.

وورد العقيق في عدد من القصائد المغناة، من بينها الأبيات الشهيرة للشاعر اليمني الإمام عبد الهادي السودي، من أبناء محافظة الحديدة، الذي كان علما من أعلام القرن التاسع الهجري:

على العقيق اجتمعنا .. نحن وسودُ العيونِ
ما أظن مجنون ليلى.. قد جُنَّ بعض جنوني
فيا عيونا عَيوني.. وجفونا جَفوني
ويا قليبي تصبّر.. على الذي فارقوني

أنواع العقيق

حجر العقيق هو مركب كيميائي مكون من أوكسيد السيليكون، وهو نوع من أنواع الكوارتز غير قابل للخدش، ويتم استخراجه من مناجم جبلية بطريقة بدائية، على شكل أحجار تكونت عناصرها خلال مئات بل آلاف السنوات.

وفي المعامل يتم معالجة تلك الأحجار المتفاوتة الحجم، التي تصل كتلتها لنحو كيلو جرام واحد، ثم تقطيعها وبلورتها وصقلها حتى تبدو بشكل لامع نقي ويزداد جمالا عند تعرضه لأشعة الشمس.

أثناء التقطيع يراعى وجود أشكال ورسومات في قلب العقيق، فيتم تقطيعها بطريقة تحافظ على تلك الرموز، لأنها تعد الأغلى من بين قوالب العقيق الأخرى.

تتعدد أنواعه بحسب الأشكال التي يحويها وبحسب درجة النقاء واللمعان التي يعكسها، وتصل إلى أكثر من 20 نوعا، أبرزها المصور أو المزهر، ثم العقيق الرماني أو الكبدي، ويليها عدة أنواع من بينها عقيق الدم، والجزع، والشمس، والسجين، والنمر، وعقيق أظافر الشيطان والعقيق الفيروزي والسليماني والإسماعيلي وغيره.

كما له ألوان عدة بين الصافية والمشجرة، وتأخذ أشكالها ألوانا جميلة، تتراوح بين الأحمر والرماني والفيروزي والياقوتي والأبيض والأسود الملكي وغيرها، ويتراوح سعرها بين 10 دولارات و500 دولار أميركي.

أشكال طبيعية 

أغلى أنواع العقيق هو المصور، وهو الذي يحوي صورا وأشكالا في قلب فص العقيق، تشابه بعض الأماكن المقدسة، والأشكال الطبيعية أو الحيوانات كالطيور والأسود، أو تحاكي الشخصيات السياسية.

وتتنوع الأشكال التي يحويها العقيق، فبعضها رموز تشابه أماكن مقدسة. على سبيل المثال هناك عقيق يحوي شكلا يشبه مكة المكرمة، وآخر يحوي رمزا يحاكي مجسم قبة الصخرة، ونوع آخر يشبه مجسم مقام النبي إبراهيم.

وهناك عقيق يحوي أشكالا تحاكي شخصيات سياسية، على سبيل المثال تنافس تجار الأحجار الكريمة في صنعاء القديمة على اقتناء فص عقيق يحوي رمزا يشبه الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية، وبيع بأثمان باهظة، وفص عقيق آخر، حوى شكلا يحاكي صدام حسين الرئيس العراقي الراحل.

وبينما يروج تجار العقيق إلى أن لتلك الرموز دلالات مقصودة، أو إشارات روحية وغيبية، فإنه من المرجح أن تكون تلك الأشكال عفوية وتلقائية تكونت بمرور الزمن، وحاول التجار أن يستفيدوا منها في الحصول على أكبر فائدة من تلك الأحجار الكريمة.

ويلي العقيق المصور، الرماني أو الكبدي، وهو أحمر نقي، يمنح البهاء، وفي بعض المناطق يفضلونه، كالعراق وإيران وبعض دول الخليج، وذلك لاعتقادهم بأن هذا النوع مبارك، يمنع الحسد ويمنح البركة.
  

الغش في العقيق

يقول محمد ناصر وهو تاجر عقيق، يتنقل من بلد إلى آخر بشنطته التي تحوي كميات متنوعة منه: "الكثيرون يحبون العقيق اليماني ويميلون إليه أكثر من الإيراني والهندي، وذلك لنقاء وجمال الأحجار التي تحويها المناجم اليمنية".

يضيف ناصر لـ"الاستقلال": "علاوة على ذلك يعتقد الكثيرون وخاصة أشقاءنا في العراق والبحرين وكذلك إيران، بأن العقيق اليماني فيه بركة ومزايا روحية وصحية، ولدى الشيعة على وجه الخصوص مأثورات عن جميع أئمتهم الاثني عشر عن فضل العقيق ومزاياه".

يتابع ناصر: هناك أيضا مرويات عن النبي عن فضل العقيق في جلب البركة، لكني لا أعلم صحتها، لكن كثيرا من الزبائن يؤمن بها، ولأن النبي كان يرتدي خاتما من عقيق يماني، فقد ساهم هذا في ازدهار سوق العقيق اليماني والإقبال عليه.

وعن أسعار العقيق يقول ناصر: "تختلف الأسعار بشكل كبير، وهناك عدة أنواع وألوان متفاوتة، فهناك الرخيص الذي يبلغ سعره 10 دولارات، من دون الخاتم، وهناك أنواع تصل لـ200 دولار، وأنواع تصل لألف دولار، وكان أصدقاء لنا قد باعوا فص عقيق في 2007 بـ5 آلاف دولار لأمير خليجي، يحمل صورة الملك عبد العزيز".

يستدرك: "حركة تجارة العقيق تأثرت بشكل تدريجي منذ بدء الحرب في اليمن، ضمن تأثرها بالحركة التجارية والسياحية، ولم تعد السوق المحلية تبيع إلا بنحو 20 % من حركتها السابقة".

بالنسبة لي لأنني أتنقل من بلد إلى بلد، فإنني كنت أعمل بشكل جيد، حتى إغلاق الحدود والمطارات بسبب أزمة كورونا، والآن أنا متوقف منذ شهر أبريل/نيسان، ولم أستطع ممارسة عملي ولا حتى بنسبة 5% من الطاقة السابقة، وفق ما يقول.

وعن إمكانية الغش في العقيق، قال ناصر: "هذا ممكن جدا، وفي كثير من الحالات لا يمكن التمييز بين الحجر الطبيعي والصناعي إلا من خلال خبير".

وينصح بالذهاب لخبير مجوهرات وأحجار كريمة، في حال كان العقيق ثمينا، وذلك لفحصه من خلال ملمسه ولونه وخامته، وبين ناصر أن هناك أجهزة إشعاع ليزر أيضا يمكنها فحص الحجر وتمييز الطبيعي من الصناعي.