أميركا تسعى لفرضه عالميا.. لهذا تناهض دول غير إسلامية الشذوذ

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

موجة عالمية متصاعدة انطلقت عبر منظمات أممية، ووسائل إعلام عالمية لدعم وترويج الشذوذ الجنسي، ورفع ما يعرف بـ "علم الرينبو" الذي يرمز إلى الشذوذ باعتباره فخرا، ضاربين عرض الحائط بالمجتمعات المحافظة التي ترفض الأمر، وتقف ضده.

أكثر من 70 دولة في العالم تجرم الشذوذ، وتفرض ضد المخالفين عقوبات مختلفة، بحسب منظمة الأمم المتحدة.

ومع أن الدول الإسلامية تعد الأكثر محافظة والتزاما برفض ذلك السلوك، إلا أن دولا غير إسلامية رفضت الانخراط في الموجة العالمية لدعم الشذوذ، أو القبول بها والدعاية لها، معتبرين ذلك الأمر مهددا لوحدتهم وسلامة الأفراد والأسرة على حد سواء.

دول مناهضة

حسب منظمة الأمم المتحدة، هناك نحو 76 بلدا تجرم علاقات الشذوذ، وتتراوح العقوبات فيها ما بين أحكام بالسجن إلى الإعدام. بالإضافة إلى وجود 44 دولة لم تعرب عن أي دعم رسمي ولا معارضة لحقوق الشواذ.

ورغم أن غالبية الدول الإسلامية تجرم وترفض هذه العلاقة دينا وعرفا وقانونا، لكن هناك دولا أخرى على قائمة الأمم المناهضة للشذوذ، ليست إسلامية.

ففي الأميركتين يوجد كل من (أنتيغوا وبربودا - الدومنيكان - جرينادا - غيانا - جاميكا - سانت كيتس - نيفيس - سانت لوسيا - سانت فنس - الغرينادين) يجرمون  الشذوذ، ولا يقبلونها.

وفي أوروبا التي تعد المنطقة الأكثر قبولا للشذوذ، بحسب مؤشر "رينبو يوروب"، لحقوق الشواذ الذي يصدر عن مجموعة (ILGA-Europe)، ويصنف 49 دولة في القارة العجوز حسب قوانين وسياسات المساواة للمثليين.

خلال عام 2018، أورد المؤشر أن دولا مثل أرمينيا وموناكو هي من بين البلدان الأكثر مناهضة للشواذ في زمام أوروبا، أما في الاتحاد الأوروبي، فكانت لاتفيا هي الدولة التي حققت المعدل الأعلى في رفض الشذوذ.

سخرية بوتين

روسيا بلد يكره الشواذ، هذا ما ظهر من خلال القوانين التي تشرعها الدولة للحد من الظاهرة، وتصريحات كبار المسؤولين السياسيين في البلاد. 

في 13 فبراير/ شباط 2020، أدلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتصريح، خلال اجتماع مجموعة العمل المعنية بإدخال التعديلات على الدستور، مشيرا إلى زواج الشواذ بقوله: "العائلة في روسيا لن تتألف من (والد رقم 1) و (والد رقم 2)، بل ستتألف فقط من (الأب والأم) ما دمت رئيسا للبلاد".

وفي 4 يوليو/ تموز 2020، سخر بوتين، من موظفي السفارة الأميركية في موسكو بسبب رفع علم قوس قزح للاحتفاء بحقوق الشواذ، ملمحا إلى أنه يعكس التوجه الجنسي للموظفين فيها.

وقال بوتين نصا بشكل ساخر: "خطوة السفارة الأميركية المتمثلة في رفع علم الشواذ ينم عن شيء ما يتعلق بالأشخاص الذين يعملون هناك".

السفارة أثارت غضب موسكو برفعها علم الشواذ، بالتزامن مع توجه الناخبين للإدلاء بأصواتهم في استفتاء على تعديلات دستورية، ومن المعروف أن روسيا رغم كونها لا تجرم الشذوذ، لكنها تحذر منه، وترفض الدعاية له.

وفي يناير/ كانون الثاني 2014، خلال زيارته لبعض المتطوعين الشباب المشاركين في التحضير للألعاب الأولمبية، عندما سئل بوتين عن سبب اختيار زي الألعاب بألوان قوس القزح المشابه لرمز الشواذ قال: "إذا كنت تعتقدين أنني من اختار هذا الزي بالتحديد فأنت مخطئة. كل ما أرجوه هو أن تتركوا أطفالنا في سلام".

وفي عام 2013 قامت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بتوبيخ روسيا لإصدارها قانونا يحظر انتشار "الدعاية للعلاقات الجنسية غير التقليدية".

أميركا تتحدى

من أكثر الدول التي تروج للشذوذ، وتسعى إلى تقنينه عالميا، الولايات المتحدة الأميركية التي تقود جبهة عالمية، تقف ضد من يسعى إلى تجريم ومناهضة الشذوذ.

في 22 أبريل/ نيسان 2020 أعلن ريتشار غرينيل، مدير إدارة الاستخبارات الوطنية، المسؤول في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن "بلاده تدرس قطع علاقاتها الاستخباراتية مع الدول التي تجرم الشذوذ في محاولة للضغط على تلك الدول لتغيير قوانينها".

وقال غرينيل في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز: إن "محاربة التمييز (ضد الشواذ) هي معركة من أجل حقوق الإنسان الأساسية، هذه هي القيم الأميركية وهذه هي سياسة الولايات المتحدة".

وشدد في المقابلة إنه يحظى "بدعم كامل" من ترامب، ورأى أنه "ينبغي على أجهزة الاستخبارات أن تدفع بالقيم الأميركية في الدول التي تعمل معها".

جدير بالذكر أن مدير إدارة الاستخبارات الوطنية الأميركية، يتبنى علنا أنه "شاذ"، ومن أشد المدافعين عن قضايا الشذوذ ووضع مناهضة التمييز، على رأس أولويات جدول أعماله.

 ريتشار غرينيل مدير إدارة الاستخبارات الوطنية بالوكالة الأمريكية

الفطرة السوية

الدكتور ياسر سلامة، أستاذ الفلسفة الإسلامية بالأزهر الشريف، قال: "الناس في العموم يميلون إلى الفطرة، حتى ولو لم يكونوا مسلمين أو أهل كتاب، فالخلق جبلوا على كراهية السلوك الشاذ والأفعال غير الحميدة، من الكذب والعدوان والقتل، إلى الزنا والشذوذ والتحرش والاغتصاب، كلها أفعال منكرة من قبل المجتمعات السوية، والإنسان السليم العاقل الرشيد".

وأضاف لـ"الاستقلال": "في عام 1995 قمت بزيارة ضمن بعثة للأزهر إلى أحد المراكز الإسلامية في أيرلندا الشمالية، ودعيت لإلقاء محاضرة، وكان ضمن الحضور رجل دين مسيحي، وتطرق الأمر إلى المشتركات بين الأديان السماوية، ومن ضمنها تحريم الزنا والشذوذ".

وتابع: "ذكر لي القس المسيحي أن المجتمع الغربي في حاجة ماسة للقيم والأخلاقيات حتى لا يتفكك وينهار، نتيجة انهيار الأسرة، وأعرب عن إعجابه بالقيم الشرقية الإسلامية، والتماسك الشديد بين المجتمع، وإعلاء قيمة الأسرة والأب والأم، وقال إن تلك القيم كانت موجودة في مجتمعاتنا، وكانت الأسرة متماسكة وللجد الأكبر قيمته، قبل أن تتحلل كل هذه القيم".

وأردف العالم الأزهري: "هذه القصة كانت قبل نحو ربع قرن، وبالتالي فإن سلوكيات تلك المجتمعات أصبحت أشد سوءا، والأسرة تفككت، مع انتشار الشذوذ وتقنينه، بل هناك دور عبادة تقوم بعقد زيجات للشواذ!".

واختتم حديثه: "سنن الله الكونية لا تحابي أحدا، لذلك فلو استمر الإنسان بالإفساد في الأرض، وارتكاب الموبقات، وإجازة المحرمات، فسوف يعجل له بالعقوبة، والعقوبة في مخيلتنا قد لا تكون بالإهلاك كما حدث مع قوم لوط وعاد وثمود، بل بالأمراض والكوارث الطبيعية، وقد رأينا مرض الإيدز ككارثة ناجمة عن تحدي الإنسان لربه، وكذلك فيروسات مثل كورونا، التي أصابت ملايين البشر، وأعجزتهم، لذلك فإن الإصرار على إجازة الفاحشة وترويجها، خطر داهم يهدد البشرية جمعاء".

انهيار مجتمعي

أستاذ علم النفس بوزارة التربية والتعليم المصرية، محمد عبد اللطيف، قال لـ"الاستقلال": "هناك محاولات قديمة لفرض الشذوذ الجنسي كواقع بين المجتمعات في ظل العولمة، والحداثة السائلة بين الشعوب والدول، بل وصل الأمر إلى تجاوز فكرة تجريم الشذوذ أو اعتباره مرضا إلى محاربة واضطهاد من يواجهونه".

وأضاف: "سيجموند فرويد، وهو واحد من مؤسسي علم النفس الحديث، ومن أباطرته، اعتبر الشذوذ الجنسي انحرافا في نفسية الإنسان، حتى أنه في نظريته عن التنمية النفسية الجنسية، ذكر أن الأفراد الذين يعانون من ضعف النمو الجنسي، مثل المنحرفين و(الشواذ)، يختارون الأشياء التي يحبونها من خلال جذب نرجسي، وعزا ذلك الأمر إلى تعثر الشخص في المراحل المتوسطة من النمو دون تطوير إمكاناته الجنسية، كما ربط الشذوذ بأمراض نفسية أخرى مثل جنون العظمة والعدوان الكامن".

وأردف: "كان ذلك رأي جمهور علماء النفس، خلال القرون الماضية، بعد دراسات عميقة، والخضوع للتحليل النفسي والتجارب، ومع الوقت بدأت الظاهرة تستفحل، وبدأت آراء معينة تدخل تحت فكرة تجاوز المرض والعرض إلى قبوله ثم الترويج له، بل والافتخار به".

وذكر: "الدول غير المسلمة التي تناهض الشذوذ، لا تقوم على اعتبار الدين، لكن على اعتبار الأمن القومي، وحماية الفرد والمجتمع، فمن المعروف أن الشذوذ يرتبط بالعديد من الأمراض النفسية الأخرى، ويؤدي إلى الاكتئاب وأحيانا الانتحار، نتيجة خضوع الفرد لرغبات غير سوية، وخضوعه جسديا ونفسيا إلى حياة غريبة الأطوار، وبالتالي فإن المجتمع نفسه مهدد على المدى الطويل".