أحمد الأبارة.. عميد يمني حاول تطوير الجيش فاغتاله تحالف السعودية

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مرت 5 سنوات على رحيل العميد أحمد الأبارة، الذي استهدف من قبل طيران التحالف السعودي الإماراتي مع 70 من جنوده في معسكر العبر بحضرموت شرقي اليمن في مساء 7 يوليو/تموز 2015.

وأحيا عدد من الناشطين الحقوقيين والكتاب الصحفيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، ذكرى رحيل القائد الأبارة، وطالبوا بمحاسبة المرتكبين لجريمة استهدافه ورفاقه. 

كان العميد الأبارة، الذي يتبوأ منصب مستشار هيئة رئاسة الأركان، متواجدا في معسكر اللواء 23 ميكا في العبر بمحافظة حضرموت، أثناء استهدافه.

وكان قد التقى قبل رحيله بضباط سعوديين وإماراتيين في معسكر العبر، وتحدث إليهم، في اجتماع مغلق، عن ضرورة تطوير مؤسسة الجيش اليمني، وعن رؤيته وتصوره الخاص لعمليات التطوير تلك، خصوصا بعد الهيكلة التي تعرضت لها المؤسسة العسكرية عقب المبادرة الخليجية في 2011.

وبعد أسبوع واحد فقط من ذلك الاجتماع، جرى استهدافه في معسكره، على الرغم من وجود المعسكر في منطقة عدم اشتباه بوجود أي قوات أو عناصر لجماعة الحوثيين.

كانت تلك الحادثة من أوائل العمليات التي دشنتها طائرات التحالف ضد الجيش اليمني، عقب إعلانها عاصفة الحزم في 26 مارس/آذار 2015، ومثلت مفتتحا لسلسلة عمليات استهدفت فيها مؤسسات الجيش والدفاع اليمني.

في فيلم وثائقي أنتجته قناة الجزيرة بعنوان "الوصاية"، يقول عبد الرقيب نجل القائد الأبارة: إن الإماراتيين طلبوا من الراحل إرسال خطة مفصلة إليهم بعدما وعدوه بالنظر في محتواها، لكن الوعد جاء بشكل عكسي، حيث جرى قصف مقر القيادة العامة لمعسكر العبر الموالي للشرعية بثلاث غارات جوية بعد اللقاء بأسبوع.

وبحسب ما صرح الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي، في لقائه ضمن فيلم "الوصاية"، فإن الإمارات كان لديها اعتقاد بأن العناصر في معسكر العبر محسوبة على ثورات الربيع العربي، وثورة الـ11 من فبراير/شباط في اليمن، وبالتالي هم ينتمون إلى تيار سياسي معين. 

يضيف التميمي: "الكارثة الحقيقية أن هذا الاعتقاد قاد الإمارات، وربما أطراف أخرى في التحالف، إلى تنفيذ العملية الغادرة، التي استهدفت بطبيعة الحال المئات من الجنود، الذين كانوا يتهيؤون للانتقال إلى الجبهات لمواجهة الانقلابيين".

حياته ومناصبه 

ولد القائد أحمد يحيى الأبارة في قرية الحرف، عزلة الأبارة، محافظة ريمة، في 26 مايو/أيار عام 1952، وعمل في الزراعة في مقتبل عمره.

ويعد علما من أعلام اليمن عامة، وريمة على وجه الخصوص، وشخصية وطنية بارزة، إذ كان سياسيا ومثقفا، إضافة إلى ما عرف به من أدوار نضالية وطنية وقومية، وأدوار اجتماعية استمرت طيلة حياته.

وبالإضافة إلى كونه قائدا عسكريا، فقد كان شخصية اجتماعية تحظى بالقبول لدى المكونات المجتمعية، وكان محل إجماع مختلف القوى السياسية والحزبية، ورجل توازنات داخل المؤسسة العسكرية، بخبرته القتالية والعسكرية وإرثه النضالي وحصيلته المعرفية.

قاد الأبارة الجبهة الوطنية، مطلع الثمانينيات، بمحافظة ريمة وسط اليمن، ضد نظام الرئيس السابق علي صالح، الذي كان يلقى معارضة مصحوبة باعتقاد أنه من دبر اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي.

تولى بعد ذلك، منصب سكرتير ثاني منظمة الحزب الاشتراكي في محافظة ريمة، وكان ناشطا في الحزب.

خبرته القتالية والقيادية إبان حروب الجبهة في المناطق الوسطى التي استمرت لنحو خمس سنوات، أهّلته لتولي أول مناصبه العسكرية كقائد كتيبة في اللواء الرابع عروبة، لكنه ما لبث أن سافر للعراق للمشاركة في الحرب ضد إيران مطلع الثمانينيات.

تدرج في مناصبه العسكرية عقب ذلك، حتى أصبح عميدا، ومستشارا لهيئة رئيس الأركان السابق، وبمحاذاة ذلك، صعد سياسيا حيث أصبح في عام 2003، عضوا قياديا في المجلس المحلي بمحافظة ريمة.

كان مع عدد من رفاقه، من أوائل من شكلوا الجيش الوطني في منطقة العبر عام 2015، ومن هناك بدأ تشكيل الألوية العسكرية في المحافظة الجنوبية.

قال عنه اللواء محمد علي المقدشي رئيس هيئة الأركان العامة: "عرفت أحمد الأبارة منذ 1984، وقد كان حينها أركان حرب كتيبة، وأنا قائد سرية، وذهبنا إلى العراق مع بعض، وكان قد شارك في بناء اللواء الرابع عروبة، وفي بناء القوات المسلحة، وأحد من أسسوا الجيش الوطني".

يضيف المقدشي: "عندما تولى الأبارة المسؤولية في الملاحيظ (شمال اليمن) كان له دور كبير في مكافحة التهريب والعملة".

أبرز مواقفه

كان القائد الأبارة من أوائل من عارضوا تولي صالح الرئاسة، منذ تنصيبه في يوليو/تموز 1978، واستمر مقاتلا في الجبهة الوطنية ضد صالح، لأكثر من خمس سنوات.

ووقف على الحياد، في حرب الانفصال التي اندلعت في مايو/أيار 1994، والتي سعت لفصل الجنوب عن الشمال، ولم يشارك في المعارك التي حصلت أثناء تلك الفترة.

وكان الأبارة يعتقد بأن خيار الانفصال كان نتيجة تراكمات تسبب بها نظام صالح في الشمال والذي سعى للاستحواذ على الخيرات في الجنوب.

كان موقفه الأبرز في ثورة الشباب في فبراير/شباط 2011، حيث كان من أوائل من خرجوا للمطالبة برحيل صالح، وكان أول عضو قيادي في المجلس المحلي في عموم المحافظات اليمنية يقدم استقالته، وأعلن انضمامه للثورة الشبابية، حيث وأعلن القائد الأبارة تأييده لها في الثامن عشر من نفس الشهر.

وفي ساحة الثورة، عمد إلى تأسيس  العديد من الكيانات الثورية، حيث كان عضوا فاعلا في مجلس شباب الثورة، ومؤسس خيمة 15 يناير، النواة الأولى للثورة، وخيمة رواد المستقبل.

نشط في الفعاليات الثورية، وأسهم في إقامة العديد من الندوات والمشاركات التي كانت تقام في الساحات طوال أيام الثورة، وكان يركز أثناء الحديث في محاضراته وندواته على أهمية الفعل الثوري ضد نظام صالح، ومناديا بضرورة إصلاح مسار الثورة والجمهورية. 

بحسب عضو مجلس النواب مفضل إسماعيل الأبارة، "فإن الشهيد كان أول من نزل إلى الساحة، ومن نصب الخيام في ساحة التغيير بصنعاء، وقد كان بحق أحد مهندسي هذه الثورة، وأحد عقولها المفكرة، وأبرز منظريها".

علاوة على ذلك، فإن الأبارة كان يعد من أشد المناهضين للحوثيين، ومن أوائل المحذرين من الخطر الإيراني في المنطقة العربية، وكثيرا ما كان يحذر من عزل السعودية عن محيطها السني.