بعد مقتل الهاشمي.. هل يستطيع الكاظمي إنهاء الاغتيالات بالعراق؟

بغداد - الاستقلال | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

خيم الحزن على مواقع التواصل الاجتماعي بعد اغتيال المحلل السياسي والخبير بالشأن الأمني العراقي هشام الهاشمي، أمام منزله في منطقة زيونة شرق بغداد، حيث نعاه كثيرون ممن قالوا إنه كان صوتا عراقيا يناصر شعبه ويقف ضد العبث الإيراني في العراق.

واغتيل الهاشمي أمس الاثنين 6 يوليو/تموز، على يد ثلاثة مسلحين استقلوا دراجتين ناريتين وأطلقوا النار عليه من مسافة أمتار مما أدى لوفاته.

ويعرف عن الهاشمي (47 عاما) وهو من مواليد بغداد، مناقشته وتحليله للقضايا الأمنية والسياسية، ومناهضة الجماعات الإرهابية بالعراق، وكان من المطالبين بدولة مدنية لا سلاح منفلت فيها.

وحمل ناشطون عبر مشاركتهم في وسوم عدة أبرزها، #هشام_الهاشمي، #هشام_الهاشمي_شهيد_الكلمة، #كتائب_حزب_الله_تغتال_الهاشمي، مسؤولية اغتيال الهاشمي لكتائب حزب الله، داعين الحكومة العراقية إلى محاسبة الجناة.

وتداول ناشطون صورا لعدد من الكتاب والصحفيين اغتيلوا على يد المليشيات المسلحة في العراق، مؤكدين أن تلك الاغتيالات تتم بعلم ودراية الحكومات العراقية المتعاقبة والتي وصفوها بأنها حكومات احتلال.

وأكدوا أن الاغتيالات تثبت أن العراق أصبح رهينة للمليشيات الإيرانية تنشر الموت في مدنه وقراه، محذرين من مخططاتهم لإدخال البلاد في حقبة من الإرهاب المستمر وقتل جميع من يخالفوهم تباعا.

أسباب ودلالات

وعرض كتاب ومحللون سياسيون، الأسباب وراء اغتيال الهاشمي ودلالاتها، إذ قال الدكتور عبد الله الشايجي أستاذ العلوم السياسية بالكويت: إن اغتياله جاء لمواقفه الوطنية الرافضة لتفلت الأمن والتعدي على سيادة الدولة من مليشيات مسلحة ودراسته عن مليشيات الحشد الشعبي-دليل دامغ لهيمنة دويلة على الدولة- هذه حالة كلاسيكية للدولة الهشة التي أجزاؤها أقوى منها".

وأكد أن التحدي الكبير أمام حكومة مصطفى الكاظمي –رئيس وزراء العراق- التي تحدت الحشد الشعبي عن اعتقال بعض قادتهم مؤخرا، هو في فرض هيبة الدولة والقانون والاقتصاص من قتلة #هشام_الهاشمي الذي حظي مقتله بردود فعل غاضبة ومنددة ومطالبة بالقصاص.

ورأى فراس أبو هلال رئيس تحرير صحيفة عربي 21، أن اغتيال #هشام_الهاشمي خبر مؤلم لاعتبارات كثيرة، فهو اغتيال لشخص لا يمتلك سلاحا سوى رأيه وعقله، وهو مؤشر على حالة الفوضى في العراق، وتذكير بحجم الدمار الذي صنعته حكومات الطوائف منذ الاحتلال.

وقال محمد علي الحسيني أمين عام ‎المجلس الإسلامي العربي: إن إسكات الأصوات العربية الشريفية ليس سوى أحد وجوه المعركة التي تخوضها إيران وأذنابها في العراق.

واعتبر اغتيال #هاشم_الهاشمي رسالة إرهابية فارسية واضحة إلى العراقيين بأن نفوذ إيران وأتباعها في البلاد لن يسقط بسهولة وأن مليشيات الحشد ستقاتل حتى النهاية لمنع قيام الدولة في العراق.

وأوضح محمد أن يد الغدر تغتال فقط معارضي إيران، والتصفيات تحصل فقط لمعارضي المليشيات والمطالبين بدولة حرة مستقلة ثائرة على طُغاتها وفاسديها.

تبني تنظيم الدولة

وكانت الأنباء المتداولة بشأن تبني تنظيم الدولة مسؤوليته عن اغتيال الهاشمي مسار حديث وجدل بين الناشطين.

وقال جمال سلطان -ئيس تحرير صحيفة المصريون: إنه إذا صحت الأخبار عن تبني تنظيم الدولة جريمة اغتيال #هشام_الهاشمي، "فسيكون دليلا دامغا على أن داعش العراق هي ذراع للاستخبارات الإيرانية للأعمال القذرة"، وفق قوله.  

ورأى الكاتب السوري قتيبة ياسين بأن الكواتم و"التقرب من الله" بقتل من يخالفك الرأي هو من اختصاص حزب الله بشقيه اللبناني والعراقي قبل أن يوجد تنظيم الدولة بالأصل.

وتساءل الصحفي إياد أبو شقرا قائلا: "أليس غريبا تبني #داعش قتل كل من ينتقد أو يهاجم #إيران -أو أدواتها- في #العراق؟ أليس غريبا ظهور داعش فجأة لارتكاب فظائع تصرف الأنظار عن  جرائم نظام #الأسد في #سوريا، وتبرير إجراءات تخدم #حزب_الله في #لبنان؟ ألا يذكرنا هذا باتهام #إسرائيل بقتل خصوم طهران في لبنان؟".

عباءة الحكومة

وصب ناشطون غضبهم على حكومة مصطفى الكاظمي وطالبوه برد فعل إزاء من اغتالوا الهاشمي، مستنكرين الصمت الذي ساد الحكومات المتعاقبة أمام الاغتيالات والدماء التي ما زالت تسيل بلا هوادة. 

وقال شاهو القرة داغي وهو كاتب من كردستان العراق: إن الكاظمي يتحدث منذ اليوم الأول لوظيفته عن هيبة الدولة وقطع يد المتجاوزين على القانون وملاحقة المجرمين، مشيرا إلى أن هذه الشعارات الضخمة تخدع المواطن وتجعله يثق بالدولة ويتورط لاحقا ويصطدم بالمليشيات الإرهابية ويدفع ثمن تصديقه لشعارات الحكومة.

ونشر سلام مسافر  كبير المذيعين في قناة روسيا اليوم، صورة تجمع نجوما من كوكبة الكتاب والصحفيين المقتولين على يد المليشيات في العراق، مشيرا إلى أن المجرمين لم يكشف عنهم لأنهم في عباءة حكومات الفساد والاستبداد المتعاقبة.

ولفت إلى أن آلاف من أساتذة الجامعات والعسكريين والموظفين المخلصين تم اغتيالهم وسجلت الجرائم ضد مجهول، قائلا: إن #هشام_الهاشمي لن يكون الأخير.

وذكر الصحفي العراقي سيف صلاح الهيتي، بعدد من الأسماء التي اغتيلت قائلا: "من صفاء السراي إلى أحمد عبد الصمد مرورا بحسين وسارة وأحمد المهنا، واليوم #هشام_الهاشمي، والقائمة طويلة ويبدو أنها ستتسع لآخرين! كل هذا بسبب كلمة حق أو كشف مستور أو إخبار عن جريمة".

وأضاف أن العراق صار مرتعا لتكميم الأفواه، وقطع الألسن التي تتحدث ولو عن لون حذاء المسلحين.

ولفت المحلل العراقي هيو عثمان، إلى أن القناص الذي قتل سبعمائة منتفض على طغمة الفساد وتجار الحروب في أكتوبر/تشرين الأول 2019، قتل اليوم #هشام_الهاشمي، مؤكدا أن الأنظار كلها اليوم على حكومة الكاظمي.

وتساءل محمد السلمي: "هل سيفعلها الكاظمي ويقدم للعدالة من قتل #شهيد_الكلمة_هشام؟"، مؤكدا أن "الحل الواضح والمبدئي هو حصر السلاح في يد الدولة".

وفشلت الحكومات المتعاقبة في حسم الملف، إلا أن اغتيال "الهاشمي" أثار ردود فعل قوية دفعت مجلس القضاء الأعلى اليوم الثلاثاء، لإعلان تشكيل هيئة تحقيقية قضائية تختص بالتحقيق في جرائم الاغتيالات.

وبحسب المعلومات المتداولة، فقد سبق للهاشمي أن تلقى تهديدات بالقتل من قبل عناصر منتسبة لكتائب حزب الله وتوعدوه بقتله في منزله، وذلك على خلفية مواقفه المعارضة لأنشطتهم وللنفوذ الإيراني في البلاد.

والهاشمي من مواليد 1973 وحاصل على شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة بغداد.

وعمل "الهاشمي" مستشارا وباحثا في عدد من المراكز والمعاهد البحثية، وله أكثر من 500 بحث منجز حول الإرهاب والجماعات المسلحة والمليشيات في العراق، وتحكم عليه الجماعات المتطرفة بأحكام مختلفة، منها الردة والعمالة بسبب مواقفه المناهضة لهم.

ومن مؤلفاته "عالم داعش، نبذة عن تاريخ القاعدة في العراق، تنظيم داعش من الداخل".