3 مرشحين.. الرياض وأبوظبي تنازعان هادي على تسمية رئيس الحكومة

آدم يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

تعقد الحكومة اليمنية المقيمة في الرياض جلساتها واجتماعاتها المغلقة، من أجل التوصل إلى رئيس حكومة توافقي، تنفيذا للشق السياسي من اتفاق الرياض، والذي قضى بتشكيل حكومة مناصفة بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي.

لكن، يبدو أن رئيس الحكومة الجديد سوف يأتي معبرا عن تطلعات النظام السعودي والإماراتي، لا رغبات ومصالح اليمنيين.

ويأمل اليمنيون في تعيين رئيس حكومة يحقق مصالح الشعب وينهي انقلاب كل من جماعة الحوثي في شمال اليمن المدعومين من إيران، وانقلاب المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا في الجنوب، ويضع حدا لأجندة الرياض وأبوظبي في الأراضي اليمنية.

ففي تغريدة لمستشار رئيس الجمهورية نائب رئيس مجلس النواب عبد العزيز جباري، أشار إلى تدخلات الرياض وأبوظبي في فرض رئيس حكومة جديدة، قائلا: "المصلحة الوطنية تقتضي تكليف شخصية وطنيه من إقليم حضرموت لتشكيل حكومة جديدة".

وأضاف جباري في تغريدته التي أثارت جدلا واسعا: "فرض شخصية من قبل جهة غير يمنية يعني أن الشرعية بكل مكوناتها أصبحت لا حول لها ولا قوة، وعلى الشعب اليمني أن يدرك هذه الحقيقة".

كانت تلك الاجتماعات التي انعقدت منذ الأول من يوليو/تموز 2020، وضمت لجنة مشتركة من البرلمان اليمني ومستشاري الرئاسة، قد تم استباقها بجلسة خاصة في 26 يونيو/حزيران، رأسها السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر، في الرياض، دون وجود الرئيس عبد ربه منصور هادي، وسعى من خلالها إلى الضغط على مستشاري الرئيس بقبول الرؤية السعودية في تعيين رئيس الحكومة المقبل.

وسعت الإمارات في بادئ الأمر، إلى فرض خالد بحاح، رئيس الوزراء الأسبق الموالي لها، إلا أنه يواجه رفضا شديدا من قبل هادي، لأسباب شخصية وسياسية، وتعده السعودية في ذات الوقت من رجال ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ومع أنه ما يزال ضمن المرشحين المحتملين لرئاسة الحكومة، فهو الأقل احتمالا، بحسب محللين سياسيين.

ولدورها، مضت الرياض في الدفع برئيس الحكومة الحالي معين عبد الملك، وهو بحسب التقديرات، الرجل الأقرب لتولي الحكومة، لأنه من ناحية يحظى بدعم من النظام السعودي، ومن السفير السعودي في اليمن، ومن ناحية أخرى، فإنه لا يعد خصما حادا لأبوظبي، بل متصالحا معها، لذا فالإمارات لا تمانع في تعيينه رئيسا للوزراء.

تأتي المحاولات السعودية والإماراتية لفرض رئيس حكومة، في وقت يصر الرئيس هادي على تعيين رشاد العليمي رئيسا للوزراء، وهو الأمر الذي قد لا يتم بحسب متابعين، لأن هادي ليس في مركز من يستطيع أن يتخذ القرار.

وكانت مصادر رئاسية صرحت لقناة بلقيس اليمنية في 5 يوليو/تموز 2020، أن السعودية أبلغت الرئيس هادي أنها لا يمكن أن تتعامل مع رئيس وزراء غير معين عبد الملك، وأضافت المصادر التي لم تكشف بلقيس عن هويتها، أن هادي طرح اسم رشاد العليمي، كمرشح بديل لرئاسة الحكومة.

وبحسب متابعين، فإن تلك الاجتماعات ما تزال مستمرة، حتى يتم الموافقة على رئيس الحكومة الجديد من قبل هادي، وهو شرط في أي قرار تعيين.

وكان قد استبعد رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيد بن دغر من المرشحين لرئاسة الحكومة، على خلفية موقفه الحاد من أبوظبي أثناء اقتحامها جزيرة سقطرى، إبان رئاسته السابقة للحكومة اليمنية.

رشاد العليمي

ينحدر رشاد العليمي من محافظة تعز اليمنية، وهو من مواليد 1954، حصل على ليسانس آداب من قسم علم الاجتماع عام 1978، وعلى الماجستير في علم الاجتماع من جامعة عين شمس بالقاهرة عام 1984، والدكتوراة من نفس الجامعة عام 1988، وعمل عقب ذلك، أستاذا مشاركا في قسم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة صنعاء منذ 1995. 

تلقى العليمي، إلى جانب ذلك، دورات في القانون وعلوم الشرطة، وحصل على دبلوم في هذا المجال، الأمر الذي مكنه لاحقا من تبوء مناصب رفيعة في عدد من الدوائر الأمنية، كان من بينها تعيينه رئيسا لمصلحة الجوازات عام 1994، ثم مديرا لأمن محافظة تعز في عام 2000.

في عام 2001، عين كوزير للداخلية، ومن هذه الفترة بدأ مرحلة جديدة، فأصبح مقربا من الرئيس السابق علي صالح، وتمكن من بناء شبكة مصالح، واستثمارات واسعة.

وفي مايو/أيار 2008 عين نائبا لرئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن مع احتفاظه بحقيبة الداخلية، وفي نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام عين وزيرا للإدارة المحلية، مع احتفاظه بمنصبه كرئيس للوزراء لشؤون الدفاع والأمن.

في عام 2011، ناقش الاتحاد الأوروبي تجميد أرصدة تابعة لمجموعة من أركان نظام علي صالح بعد اندلاع الثورة الشبابية التي طالبت بإسقاط نظامه.

وكان العليمي أحد المسؤولين الذين أدرجت أسماؤهم ضمن دراسة التجميد، وبلغت أرصدته المجمدة في البنوك الألمانية 85 مليون يورو و300 مليون دولار أميركي، بحسب منظمة الشفافية الدولية.

وبعد توقيع المبادرة الخليجية في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، والتي قضت بتنحي صالح عن الحكم مقابل حصوله مع كل أركان نظامه على الحصانة من أي ملاحقة قانونية أو قضائية، تم إيقاف قرار التجميد من قبل البنوك الألمانية، استجابة من تلك القوى السياسية للمبادرة الخليجية.

وكان العليمي من الشخصيات المقربة للرئيس السابق صالح، قبل أن يعلن الانشقاق عنه مع بداية العملية العسكرية لـ”عاصفة الحزم” التي شنتها السعودية في مارس/آذار 2015، وبعد التحاقه بالشرعية في الرياض، أصبح مقربا أكثر من حزب المؤتمر جناح هادي.

بالنسبة لهادي، لا يعد العليمي خيارا مثاليا، إلا أنه الأفضل من بين البدائل المطروحة.

وبحسب متابعين، فإن لدى هادي اعتقادا بأن رجال صالح، وإن كانوا متهمين بالفساد، فإنهم رجال دولة، ولديهم خبرة سياسية وقدرة على المناورة، على نحو أكثر مما هو عليه الحال لدى معين عبد الملك، الذي لم يكن معروفا قبل 2011، ولم يلعب أي دور سياسي سابق.

علاوة على ذلك، فإن معين عبد الملك عرف بولائه المطلق للسعودية، وعدم الاعتراض عليه من قبل الإمارات، وهو الأمر الذي يخشاه هادي، حيث بات قلقا من تكرار تجربة الإمارات الذي سعت في وقت سابق للترتيب مع رئيس الوزراء الأسبق ونائب الرئيس خالد بحاح، لنقل صلاحيات هادي له.

لهذا فإن محاولة هادي الدفع بالعليمي ليكون رئيسا للوزراء يأتي في مقابل محاولة الدفع بمعين عبد الملك.

معين عبد الملك

كان الدكتور معين عبد الملك ناشطا في ثورة الشباب 2011، ولم يكن معروفا بأي أدوار سياسية قبل العام 2013، حتى خاض أول تجربة سياسية ممثلا للشباب المستقبل، في مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في الفترة من مارس/آذار 2013 وحتى يناير/كانون الثاني 2014. 

يعد معين عبد الملك أصغر رئيس وزراء يمني، فهو من مواليد 1976، وينحدر من محافظة تعز اليمنية (جنوب صنعاء).

حصل على الدكتوراة في الفلسفة بالعمارة ونظريات التصميم، وقد عمل استشاريا في مجال التخطيط والعمران في هيئة تنمية وتطوير الجزر اليمنية في الفترة ما بين 2004 و2005، وعمل محاضرا في مناهج التصميم والتخطيط الإقليمي، في كلية الهندسة بجامعة ذمار وسط اليمن.

عين وزيرا للأشغال العامة في أبريل/نيسان 2018، حتى الأول من أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام. وفي الخامس عشر من نفس الشهر عين رئيسا للوزراء وكلف بتشكيل حكومة من قبل هادي، وما زال يشغل هذا المنصب حتى اليوم.

بحسب متابعين، فإن هذا الشاب قد جرى تعيينه كرئيس للوزراء، بموجب مقترح تقدم به سفير اليمن في الولايات المتحدة أحمد عوض بن مبارك، الرجل المقرب من الرئيس هادي، والمقرب أيضا من السفير الأميركي في اليمن.

أثار معين عبد الملك الجدل منذ اليوم الأول من تعيينه رئيسا للوزراء، حيث صرح بأنه لن يتدخل في الشأن السياسي، وسيركز جهوده على تحسين الوضع الاقتصادي.

ومع أن تلك العبارة أريد بها تبرير عدم اعتراضه على تدخلات التحالف في الأزمة السياسية باليمن، وفق متابعين، إلا أن ذلك التصريح أثار استهجان اليمنيين وسخريتهم، وأصابهم أيضا بالإحباط والخيبة، حيث شهد الاقتصاد انهيارا متسارعا، وشهدت العملة تدهورا مضاعفا.

وكغيره من المسؤولين في الحكومة الشرعية، يمارس عبد الملك مهامه من الرياض، وقد شهدت فترته احتجاج عدد من الوزراء في حكومته بسبب غيابها التام عن المشهد السياسي والاقتصادي، وتخاذلها تجاه سعي التحالف السعودي الإماراتي لتمزيق اليمن، بالإضافة إلى ترهل الأداء العام وانعدام روح المسؤولية، وانعدام الشفافية.

كما شهدت فترته عددا من الاستقالات من بينهم وزير النقل صالح الجبواني الذي علل سبب ذلك بتدخلات عبد الملك في أداء وزارته، وإيقافه عن العمل في الوزارة، وتعديه على صلاحيات رئيس الجمهورية.

وتلتها استقالة وزير الخدمة المدنية والتأمينات نبيل الفقيه، الذي قدم عريضة احتجاج في خطاب وجهه لرئيس الجمهورية هادي، انتقد فيها ما وصفه بالسياسة العقيمة التي تنتهجها الحكومة،  وتحييد القانون في ممارسات رئيس الحكومة.

كما استقال وزير المياه والبيئة العزي هبة الله شريم، الذي بررها بمخالفة رئيس الوزراء للدستور والقانون، وإيقافه له عن العمل في وقت سابق، وتجاوزه لصلاحيات مؤسسة الرئاسة.

وتلتها استقالة رابعة في 22 مايو/أيار 2020، لوزير الصناعة والتجارة محمد الميتمي، عقب سيطرة المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا على أرخبيل سقطرى، احتجاجا على ما سماه موقف الحكومة المتخاذل من سعي دول التحالف لتمزيق اليمن.

وكان عبد الملك قد حضر في التعيين واللجان الحكومية التي ارتبطت بأنشطة تدعمها مشاريع تنموية سعودية، وغاب عن أي إصلاحات سياسية، وعن أي رؤى حقيقية تسعى لحل الأزمة السياسية في اليمن.

ولم تشهد فترته اتخاذ أي إجراء رادع، جراء دعم التحالف للانقلاب العسكري في عدن، ثم إعلان الإدارة الذاتية في الجنوب، ومؤخرا السيطرة على محافظة أرخبيل سقطرى.

وتدعم السعودية حاليا معين عبد الملك رئيسا للحكومة لفترة ثانية، بموجب اتفاق الرياض، وقد أبلغت الرئيس هادي بأنها لن تتعامل إلا معه كرئيس للوزراء.

خالد بحاح

خالد بحاح، من مواليد محافظة حضرموت، شرق اليمن، حاصل على ماجستير من جامعة بونا الهندية في "إدارة أعمال وبنوك ومال" 1990 – 1992.

عقب تخرجه عام 1992، التحق بشركة نكوسن الكندية للبترول، وتولى عدة وظائف ومناصب فيها، حيث تولت الشركة عملية استخراج النفط من حوض المسيلة في حضرموت شرق اليمن، بموجب عقد مع الحكومة اليمنية، انتهى في 2011.

وفي عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، ومنذ عام 2006 حتى 2008، تسلم  بحاح منصب وزارة النفط والمعادن، وأشرف على المشروع اليمني للغاز الطبيعي المسال، ودارت حول الرجل شبهات كثيرة بالفساد، وتلقي رشى.

وكان وزير الخارجية الأميركي الأسبق ريكس تيلرسون قد أفاد في حوار له مع صحيفة ذا نيويوركر أن وزير نفط يمني، لم يسمه، طلب منه رشوة مالية قدرها 5 ملايين دولار، مقابل إبرام صفقة نفطية مع شركة إكسون موبيل التي كان رئيسا تنفيذيا لها. 

وقال تيلرسون للصحيفة: إن الوزير اليمني، وعقب اجتماع لمناقشة إمكانية إبرام صفقة تنقيب نفطية في اليمن، مد له بكرته الخاص مدونا عليه رقم حسابه البنكي بأحد البنوك السويسرية، لكنه أجاب بالرفض قائلا: إن "إكسون لا تفعل ذلك"، وفق قوله.

وقد رجح مراقبون أن يكون الوزير المعني هو خالد بحاح، لأنه كان هو وزير النفط خلال الفترة التي تم تعيين تيلرسون رئيسا تنفيذيا للشركة في عام 2006.

تولى بحاح بعد ذلك منصب سفير اليمن في كندا، منذ 2008 وحتى 2014,

 وفي 11 يونيو/حزيران 2014 جرى تعيينه مندوبا لليمن في الأمم المتحدة، غير أنه لم يلبث نحو 4 أشهر حتى تم تكليفه بتشكيل حكومة التوافق الوطني في 13 أكتوبر/تشرين الأول.

عقب تعيينه رئيسا للحكومة، أصدر الرئيس هادي في أبريل/نيسان 2015 قرارا بتعيينه نائبا للرئيس، مع الاحتفاظ بمنصبه كرئيس للوزراء.

إلا أن الخلافات سرعان ما حدثت بين هادي وبحاح، وذلك عقب محاولة الإمارات نقل صلاحيات الرئيس لرئيس الحكومة، بعد أن كانت الإمارات ذاتها قد أملت، بالتشاور مع السعودية، تعيين بحاح كنائب للرئيس.

بحسب الكاتب والصحفي محمد اللطيفي، فإن هادي اكتشف أن الإمارات قد اتفقت سرا مع بحاح على نقل صلاحيات هادي له، بصفته نائبا للرئيس، الأمر الذي دفع للإطاحة ببحاح، وتعيين علي محسن نائبا له.

ويقول اللطيفي لـ"الاستقلال": "هذا الإجراء أفسد خطة الإمارات، وقطع الطريق عليها، وهو الأمر الذي أثار حنق أبوظبي على هادي منذ تلك اللحظة".

كانت الخطة تقضي أن يتولى بحاح، رجل الإمارات، صلاحيات الرئيس هادي، ومقابل ذلك يوافق على تأجير جزيرة سقطرى للإمارات لمدة 99 عاما.

وكان القيادي السابق في المقاومة الجنوبية بعدن عادل الحسني قد أفاد في تصريح لـ"الاستقلال"، بأن الإمارات كانت تخطط للتخلص من هادي، وتعيين بحاح مكانه.

وأكد الحسني بأن بحاح كان قد اتفق مع الإمارات على تأجير جزيرة سقطرى لمدة 99 عاما، لهذا فإن إقالة هادي له لخبطت أوراق أبوظبي، وشهدت العلاقة توترا منذ ذلك الحين.

حاليا، لا يتولى بحاح أي منصب رسميا منذ الإطاحة به من قبل هادي، ولكن الإمارات تحتفظ برجلها الموالي لها، كورقة تحاول الدفع به أثناء الأزمة اليمنية، من أجل الحصول على مكاسب سياسية وإستراتيجية.