قرن على الانتداب.. هذا هو البريطاني الذي سلم فلسطين للحركة الصهيونية

12

طباعة

مشاركة

نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" مقالا للكاتبة الفلسطينية المقيمة في بريطانيا جيهان الفرا، تحدثت فيه عن تسليم البريطانيين فلسطين قبل مئة عام إلى الصهاينة، كاشفة عن الشخصية المحورية التي لعبت دورا رئيسا في احتلال الحركة الصهيونية لفلسطين.

وقالت جيهان الفرا: إن القصة بدأت قبل مئة عام تماما، وتحديدا أواخر يونيو/ حزيران 1920، سلمت الحكومة البريطانية أول مفوض سامي لفلسطين، هربرت صموئيل، إدارة البلاد ووقع على إيصال يقر فيه بأنه تلقى "فلسطين واحدة ومكتملة". وكان هذا التسليم قبل ثلاث سنوات من إعطاء عصبة الأمم حق الانتداب لبريطانيا.

هربرت صموئيل

كان هربرت صموئيل سياسي ليبرالي وهو أول يهودي يخدم كوزير في الحكومة ويقود حزبا سياسيا كبيرا في بريطانيا. وعلى الرغم من أنه ليس عضوا في المنظمة الصهيونية العالمية، إلا أنه  في عام 1914 حصل على أحدث منشورات المنظمة الصهيونية. وبعد فترة وجيزة، كان صموئيل يدافع مشروع وطن قومي يهودي في فلسطين و"يتعاون بشكل وثيق"، كما كتب في مذكراته، مع القادة الصهاينة لدعم قضيتهم.

مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، ازدادت علاقة صموئيل بالصهيونية وتوطدت. وفي عام 1915، اقترح فكرة إنشاء حكومة وصاية بريطانية في فلسطين بعد الحرب كما جادل عن إقامة وطن في المنطقة لليهود الذين انتظروا "أكثر من 1800 سنة" للعودة إلى فلسطين، وهي أرض كانت صلتها باليهود، على حد قوله: "قديمة قدم التاريخ نفسه تقريبا". كانت فلسطين في ذلك الوقت جزءا من الإمبراطورية العثمانية، حيث كان غالبية السكان الأصليين المسلمين، تحت الحكم الإسلامي لقرون.

قام صموئيل بصياغة مذكرة وزارية تتضمن: "إقامة تجمع يهودي في فلسطين"، "ليحقق هذا التجمع، قدرا من العظمة الروحية والفكرية لليهود وليرفع شخصية الفرد اليهودي أينما كان. كما رأى صموئيل أن هذا بهذا القرار سوف تتلاشى –إن لم يكن تماما، فبقدر صالح- الصورة الذهنية الاحتقارية التي ارتبطت بالشخصية اليهودية، وسيتم تعزيز قيمة اليهود كعنصر في حضارة الشعوب الأوروبية ".

لقد زادت أفكار صموئيل من حماسة الحكومة البريطانية المؤيدة للصهيونية ومهدت الطريق لإعلان بلفور في عام 1917، الذي أعلن فيه وزير الخارجية البريطاني دعم الحكومة البريطانية لإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي" في فلسطين.

دخل العثمانيون الحرب العالمية الأولى في نوفمبر/ شباط 1914 إلى جانب دول المحور، وتم حل الإمبراطورية العثمانية في عام 1921 بعد هزيمتهم. كما تم تكليف إدارة أراضي فلسطين لبريطانيا من "عصبة الأمم" ودخلت حيز التنفيذ في 29 سبتمبر/ أيلول 1923.

في سلسلة من الرسائل التي تم تبادلها خلال الحرب المعروفة باسم "مراسلات مكماهون وحسين" وافقت الحكومة البريطانية على الاعتراف بالاستقلال العربي بعد الحرب بشرط انتفاض العرب ضد الإمبراطورية العثمانية. بعد الحرب، انقسمت بريطانيا وفرنسا واحتلت الأراضي العثمانية السابقة على النحو المتفق عليه بموجب اتفاقية "سايكس بيكو" لعام 1916 وقبلت نظام الانتداب لحكم فلسطين. كان هذا الفعل طعنة غدر وخيانة للعرب.

وصل استلام

وبحسب جيهان الفرا، فقد عُين هربرت صموئيل كأول مفوض سام لفلسطين من رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد جورج. في 30 يونيو/حزيران 1920، وقع  صموئيل على "وصل استلام" وجهه إليه رئيس الإدارة العسكرية البريطانية في فلسطين، اللواء السير لويس بولز، معترفا بأنه حصل على "فلسطين واحدة ومكتملة". كان وصل الاستلام يعبّر عن تسليم أرض فلسطين من الجيش البريطاني إلى إدارة مدنية.

وأشارت الكاتبة إلى أنه بالنسبة لسكان فلسطين الأصليين الذين كانوا يسعون لاستقلالهم وحقهم في تقرير المصير لم يلقوا أي استجابة لمطالبهم، وبدلا من هذا قامت بريطانيا بتسليم البلاد إلى الصهاينة الاستعماريين المدعومين من صموئيل، الذي كان حاكما للأرض حتى عام 1925.

بحسب صموئيل في خطاب ألقاه في القدس في يونيو/حزيران 1921، فإن كلمات وعد بلفور، "تعني أنه يجب تمكين اليهود، الشعب المتناثر في جميع أنحاء العالم  مع توجه قلوبهم دائما إلى فلسطين، من إيجاد وطنهم في فلسطين. وأن على بعضهم- ضمن الحدود التي تحددها أعداد ومصالح السكان الحاليين- القدوم إلى فلسطين للمساعدة بمواردهم وجهودهم لتنمية البلاد لصالح جميع سكانها ".

ولفتت الكاتبة إلى أنه بعد ذلك بشهرين، قال صموئيل في تقرير حول عامه الأول كمفوض سام: إن الصهاينة "ينسون أو يتجاهلون أحيانا السكان الحاليين لفلسطين".

وأشارت إلى أن "سياسة بريطانيا سهلت الهجرة اليهودية إلى فلسطين بهدف معلن هو إقامة وطن قومي لليهود، وتجاهل السكان الأصليين وتطلعاتهم الوطنية، إلى الثورة الكبرى عام 1936، وهي انتفاضة قومية من الفلسطينيين ضد الإدارة البريطانية، والحضور اليهودي في فلسطين".

قررت بريطانيا إنهاء انتدابها في فلسطين في 15 مايو/أيار 1948 وسلمتها إلى ديفيد بن غوريون، الرئيس التنفيذي للمنظمة الصهيونية العالمية في ذلك الوقت، وبعدها أصبح أول رئيس وزراء لإسرائيل. الذي قرأ "إعلان الاستقلال" لتأسيس دولة إسرائيل قبل يوم واحد من انتهاء التفويض.

الشتات الفلسطيني

الكاتبة، أكدت أن المليشيات الصهيونية والعصابات الإرهابية كانت ترتكب فظائع ضد شعب فلسطين، مما أدى إلى إجبار حوالي 750 ألف فلسطيني على الخروج من الدولة الناشئة. تم إخلاء وتدمير أكثر من 400 قرية وبلدة فلسطينية؛ يصل الرقم الآن إلى 530. أصبح هذا "التطهير العرقي" يُعرف بالنكبة الفلسطينية.

تواصل إسرائيل تجاهل الحق المشروع في عودة اللاجئين على النحو المنصوص عليه في قرار الأمم المتحدة رقم (194) الصادر في عام 1948 والذي يتم إعادة تأكيده كل عام منذ ذلك الحين.

ونوهت إلى أنه بعد أقل من عقدين من النكبة، في عام 1967، احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة خلال حرب الأيام الستة وبدأت في بناء مستوطنات غير قانونية عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة. وخلافا للرواية الصهيونية، بدأت إسرائيل فعليا الأعمال العدائية بقصف وتدمير سلاح الجو المصري على الأرض.

وختمت الكاتبة مقالها بالقول: "اليوم، مازالت إسرائيل تواصل ممارسة السيطرة العسكرية على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ويوجد الآن ما يقدر بنحو 6.5 مليون لاجئ فلسطيني حول العالم".